Rashasalem

شارك على مواقع التواصل

وفي أحدي الأيام النادرة الممطرة بغزارة في أمارة دبي؛ وبينما يستقل "كرم" سيارته الرياضية المستأجرة وألتزاما منه بأتباع القواعد المرورية توقف عند أشارة مرورية لتقاطع محورين رئيسين ولم يدري ما حدث في ثواني فلقد هناك كان فتي متهور يسير بأقصي سرعة غير عابئ باللافتة التحذيرية بتهدئة السرعة وأنطلق كالسهام ليفاجيء بتوقف سيارة "كرم" ليصطدم بها ويدوي صوت كالأنفجار وتخطي ذلك بأن سرعته العالية لم تهديء بالأصطدام بل أجبر سيارة "كرم" علي الأنطلاق نحو التقاطع لتصطدم به سيارة من جانبه ليغرق "كرم" في غيبوبة حالكة الظلمة ؛ وتم نقله للمشفي بعد أن تم أبلاغ "شريف" لكونه الرقم الوحيد في دبي لأبلاغه بما حدث من قبل الحادث الأليم ليتصادف أن يكون " شريف" لدي شقة البنات "نرمين" و"حلا" وليتلقي الخبر بصدمة رهيبة ويهرع مغادرا وتهرع معه "حلا" دون أي جدال أو نقاش.
وهرع الأثنان حيث المسشفي الذي يرقد فيه "كرم" يصارع الغيبوبة فالأرتطام كان شديد وقوي مما عرض المخ لنزيف نتيجة أرتطام السيارة الآخري من جانبه ؛ ونزيف داخلي نتيجة فتح "الأيرباج" وأحداثها أصابة في الضلوع؛ فكانت حالته خطيرة ويبذل الأطباء قصاري جهدهم لأنقاذه.
وظل "كرم" في غيبوبة لعدة أيام ولم تفارقه "حلا" بالرغم من "شريف" ألح عليها أن أستمرارها في البقاء بالمشفي فهو لا يدرك شيء لكونه في غيبوبة عميقة ولا يدري الأطباء متي يفيق أو ما حجم الضرر الذي أصاب المخ فلن يظهر ذلك سوي بأفاقته ورجوعه للوعي؛ ولم تكل أو تمل عزيمتها أن تبقي بجواره تحدثه عن يومها بالعمل والمغامرات العديدة التي خاضتها منذ وطأت قدماها لأمارة "دبي" وكانت الممرضة الأنجليزية تدهش لأصرارها علي البقاء بجواره وحديثها الذي لا ينقطع وتشفق عليها لأنها تعلم بأن هناك حالات ظلت بالغيبوبة لسنوات طوال ؛ وكانت تلاحظ "حلا" أستجابة "كرم" عندما تحتضن يده لتطمئنه لوجودها فكانت أصابعه تقبض علي أصابعها وكانت تهرع جزلة للممرضة تفرح كعادتها الطفولية ؛ لتربت علي كتفها مبتسمة دون تعليق فهو طبيا قد تصدر منه حركات لا أرادية ولكنها لا تدل علي شيء أو أنه أستعاد وعيه ؛ وأستمرت غيبوبة "كرم" لستة أشهر كاملين دون تحسن أو تغير ملحوظ ؛ ولكن لم يقلل طول المدة من عزيمة وأصرار "حلا" علي المداومة بالبقاء لجواره لاستشعارها بأنه عائلتها الوليدة هو و"شريف"و"نرمين" التي كونتها لها الظروف من بعد وفاة جدتها؛ ولما يضع مجهودها سدي ففي أحدي الأيام وبينما هي تقص عليه قصة من كتاب ألف ليلة وليلة وجدته يحرك أصابعه الساكنة في جنبات يدها وأخذت تحدق بأصابعه آملة أن تكون تلك الحركات ليست نتيجة تشنجات كالسابق وبأنها حقيقية ؛ لتجده يستعيد وعيه بالفعل ويفتح عينيه المغلقتين لشهور وتصدر عنه آهات ؛ لتهلل "حلا" فرحة جزلة وتحمد الله وتطمئنه لوجودها وهو يتساءل أين هو وماذا حدث وبأنه يشعر بصداع بالرأس غير عادي لتجيبه :" أكيد الصداع ده مني علشان رغيي الكتير معاك وأنت نايم" ؛ وكأنه أحس بوجودها عندما تحدثت ويتساءل :" أنتي هنا ليه؟! وأيه حصل؟! "
فشرحت له ما حدث له باختصار وأستأذنته أن تخبر الممرضة لأستدعاء الطبيب لمناظرته ؛ وتحولت غرفته إلي خلية نحل من كثرة أندفاع طاقم الأطباء والممرضات والممرضين وأستأذنوها بأن تنتظر بالخارج وبأن أفاقته وحديثه معها خير .
وأسرعت بمهاتفة "شريف" و"نرمين" لتبشرهم برجوع "كرم" للوعي والحياة؛ ليحضروا سريعا للأطمئنان عليه وبينما يدخلون له ثلاثتهم صدر من "كرم" شيء صادم لم يكن في الحسبان.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.