ودارت رحي الأيام في محاولة لتفتيت حزن "كرم" دون جدوي ؛ ولاحظ المقربون منه بأنه يجيد أدعاء القوة وعدم الأكتراث لما حدث خاصة بعدما تلاشي خبر هروب العروس الفاتنة من عرسها علي مواقع التواصل الأجتماعي ليعتلي موجة لفضيحة آخري تتغذي وتقتات المواقع عليها مثل دودة الأرض ؛ وأنغمس "كرم" في عمله وشركته التي أصبحت بأجتهاده من أنجح شركات الأستثمار العقاري بمصر لما تميزت به من أنشاء مشاريع أنشائية حصدت جوائز عديدة عالمية لحسن التخطيط وتكامل الخدمات وأعتمادها علي موارد موفرة للطاقة وصديقة للبيئة مما جعل مشاريعه مميزة وتحظي بأستحسان وتقدير ليس بمصر فقط ولكن تخطي ذلك للبلدان العربية والأجنبية .
وجاء يوم مشرق يحمل بشائر الخير ل "كرم" الذي أكرمه الله من أسمه حيث تم أختياره لأسناد أحد أهم المشاريع العقارية بدولة الأمارات تحديدا بأمارة "دبي" ليضاف لسجله الناجح حلقة جديدة في سلاسل النجاح المتتالية وكأنه يتخطي ألمه بالنجاح والمثابرة والأجتهاد ؛ مما أستدعي أن يجعل أقامته لفترة طويلة بأمارة "دبي" للوقوف علي كل تفاصيل المشروع وتوجيه مهندسي الشركة الأكفاء في وصل النهار بالليل لأعداد الرسومات الخاصة بالمشروع والذي تحمس له كل من يعمل بالشركة فهي نقلة ناجحة جديدة يتمتعون بها جميعا .
وصدح صوت بالمذياع الداخلي للمطار :" علي السيدات والسادة التوجه إلي طائرة دبي وسرعة أنهاء المعاملات والتوجه لبوابة ٩ رحلة سعيدة مع خطوط طيران الأمارات "
وقف "كرم" ليتوجه لبوابة ٩ حتي يستقل طائرته المتجهة لمقر عمله ومعيشته الجديد واهتدي لمقعده بسهولة بعد أن وضع أمتعته الخفيفة في المكان المخصص لها ؛ وقرر أن يستمتع برحلته لوجهته الجديدة وأن يعتبر هذا المشروع هو بوابة زمنية يلج منها لحياة جديدة ويدمر ما مضي من حياته للأبد فلا يتذكره ولا يسمح أن يؤلمه مجددا .
وبينما هو مستغرق في أفكاره وجد صخب مدوي بجواره وأنتبه من غفلته علي فتاة تصيح وهي تتشابك بالحديث مع أحد الركاب لأحتلاله مقعدها ولولا تدخل المضيفة لتوضح لها بأنها تقرأ رقم المقعد خطأ لتعتذر بأندفاعية مفرطة ؛ وتلك الفتاة أقل ما يقال عنها بالفوضوية ترتدي ألبسة ذات ألوان مختلطة توحي بالمرح ولكنها تناسب طفلة تحمل من العمر خمس سنوات فهي ألوان تنتمي لألوان الباستيل التي ندر أن ترتديها من هي في عمرها وعندما تفحصها وجدها بتلك الألبسة لن تتجاوز عمر العشرون عاما أو يزيد قليلا ليس أكثر ؛ ولسوء حظه كانت تلك الفتاة ذات الألوان المبهرجة مقعدها بجواره فتنفس بعمق وزفر زفرة عميقة تدل علي الحنق والضيق ؛ لتنتبه عليه رفيقة مقعده وتنطلق مندفعة كمظهرها قائلة :" أهلا ... أنا "حلا" وآسفة للدوشة اللي عملتها لحضرتك" وأبتسمت أبتسامة طفولية وهي تمد يدها اليمني إليه لتصافحه ونظر "كرم" ليدها الممدودة بإستهجان مما زادها أحراجا وأستياءا.