اسمه علي يوسف احمد حسنين
رجل معتدل في كل شيء، وهو مثلي ومثلك، مؤمن وموحد بالله، يحيا حياته في هدوء، ويرعى في تصرفاته أحكام الدين والمجتمع. لا يطلب من الدنيا سوى الستر، ويؤمن تمامًا بالحكمة القائلة إن حب الناس من حب الله… وهو حقًّا يحب الله ويسعى لحبه ما وسعه السعي إلى ذلك، يسترضيه آناء الليل وأطراف النهار، ويؤدي فروض دينه، ويصلي كل وقت في وقته… وقد يفوته فرض أو اثنان، ويصبح في عنقه دين، سرعان ما يؤديه بفوائده من الركعات الصالحات طالبًا الصفح والغفران.
وهو مثلي ومثلك قانع بما قسم له، يؤمن بأن بعضنا فوق بعض درجات وطبقات، وأن العين لا تعلو على الحاجب… فعرف قدر نفسه، وعرف أنه موظف في الدرجة الخامسة بعد خدمة عشر سنوات في دواوين الحكومة… ولقد سعى جهد طاقته حتى علم أنه لم يتبقى أمامه سوى ألف وخمسمئة وستة وخمسين موظفًا حتى يأتي دوره وينال الدرجة الرابعة
على أن مرتبه - وإن كان ضئيلًا - فإنه كان يكفيه ويزيد منه ما استطاع أن يدخر به خمسين جنيهًا كاملة، يضعها له أبوه في مكان أمين لا يعلم علي عنه شيئًا
وعلي لا يدخن، ولا يسهر بعد العاشرة مساءً بحال من الأحوال، فصحته عنده غالية، وهو مثلي ومثلك في هذا أيضًا، يؤمن بأن الصحة هي عماد الحياة، وأن السهر والعبث مضر بها
أقصى ما كان يفعله علي عندما كان يريد الترويح عن نفسه، أن يتمشى قليلًا على كُورنيش النيل مقزقزًا اللب والترمس، وقد يفجر فيشتري زجاجة كوكاكولا
وكان علي ابنًا بارًّا مطيعًا، وقد لا يكون في ذلك مثلي أو مثلك! ما من مرة في حياته رفض طلبًا لأمه أو أبيه، وما من مرة صنع شيئًا دون أن يستأذنهما… عندما قال له أبوه: شرب السجاير مضر بالصحة، لم يقرب في حياته سيجارة، ومنذ عشر سنوات قال له أبوه عندما عين في القاهرة: خلي بالك يا علي من الحرام، مفيش في الدنيا أوحش من الحرام. وهز علي يومها رأسه… وفعلًا، لم يقرب الحرام
لذلك… فعندما قالت له أمه: مش ناوي تتجوز يا ابني؟!… رفع علي حاجبيه دهشة، وتلعثم واضطرب قلبه بشدة، وزاغت نظراته، وابتسم في خجل كعذراء… ورغم أنه كان في الثامنة والعشرين وقتها، فإنه لم يفكر في موضوع كهذا إطلاقًا… بل لم يخطر بباله أنه سيتزوج ذات يوم… وقد يبدو ذلك غريبًا، ولكن كيف يفكر علي في أمر لم يفاتحه فيه أحد
حقًّا قد يكون خياله قد شطح يومًا هنا أو هناك، ولكنه كان دائمًا ينسى تلك الشطحات، وكانت تكفي آية صغيرة يتمتم بها لسانه وهو يدفن رأسه في الوسادة، لكي تختفي تلك الخيالات من حياته تمامًا
وككل الأبناء الطيبين المطيعين، عندما أرسل له أبوه خطابًا يقول له فيه
ولدنا العزيز علي أفندي… تحية طيبة من عند الله العلي القدير وبعد… مرادنا وأملنا أنا والست والدتك، أن تحضر إلينا يوم الخميس القادم لترى العروسة التي اختارتها لك الست والدتك بمعرفتها الخاصة وبعد المعاينة والتأكد من أنها بنت حلال، وإننا لمنتظرينكم بفارغ الصبر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتبر علي هذا الخطاب أمرًا واجب التنفيذ. فشد رحاله يوم الخميس بلا تفكير… وليلتها رأى العروسة لأول مرة في حياته. واضطرب قلبه كثيرًا يومها وتلعثم، ولم يستطع أن يرفع إليها عينيه في البداية ولا في النهاية. واحمر وجهه واضطرب كثيرًا عندما ربتت حماته على كتفه وقالت عنه إنه يشبه القمر… ومر الوقت غريبًا كأنه حلم. وكاد كوب الشربات الذي قدمتها له العروس أن يندلق عليه لولا ستر ربنا
المهم أن علي خرج يومها وكأنه لم يدخل، وعندما سأله أبوه عن رأيه في العروسة ابتسم وتلعثم وتمتم: أمرك… اللي تقوله ماشي… وانتهى الأمر عند صاحب الأمر الذي هو والده
وفي الأسبوع التالي مكث عشر دقائق كاملة، مرت كأنها عشر سنوات، وهو يحاول إدخال الدبلة في إصبع منى، وإلباسها الإسورة الذهبية التي اشترتها أمه بعشرين جنيهًا كاملة حسب الاتفاق على الشبكة، والتي خصمها أبوه من الخمسين جنيهًا التي له عنده… وأضحك عليه ليلتها الجميع، وضحك هو كثيرًا على خيبته… والغريب، الذي تعجب له فيما بعد، أن منى أدخلت الدبلة في إصبعه بسهولة، ولم تستغرق سوى جزء صغير من الدقيقة
ومنذ ذلك اليوم وعلي سعيد حقًّا… أصبح يسافر كل يوم خميس إلى البلدة ليزور منى، كان ذلك في البداية، ولكن أمه في الخميس الرابع زامت وهي تقول له: على إيه يا بني المصاريف دي كلها.. كفاية كل شهر مرة… وهز علي رأسه واقتنع برأي أمه… ولكن أبوه بعد الشهر الثاني قال له: مفيش لزوم تيجي غير في المواسم… وطبعًا كان أبوه على حق
وقد يكون ذلك قد ضايق علي بعض الشيء، قد يكون قد حرك في صدره كوامن المعصية وارتكاب الكبيرة بمخالفة الوالدين
ولكن كل ذلك كان كفقاعات صغيرة لم تلبث أن فجرتها ريح الإخلاص، فذابت في زوابع إيمانه وقلبه التقي
وكان أباه رحيمًا لم يمنعه من التفكير في منى… وكان التفكير نافذة لذيذة حلوة، أطل منها على عالم غريب
عالم جعله لأول مرة يفكر في الحب.
ورغم أن علي لم يرى منى سوى ست أو سبع مرات، ورغم أنه لم يجلس معها منفردًا ولا مرة، فإنه أحبها فعلًا بكل قلبه ووجدانه
والحقيقة أن حياته منذ أن خطب منى، انقلبت رأسًا على عقب، ذلك أنه وجد نفسه فجأة موفور النشاط والحيوية، أصبح لا ينام قبل منتصف الليل، وإن كان يأوي إلى الفراش في العاشرة، على الأكثر… والواقع أنه لم يدري تمامًا ما الذي كان يفكر فيه، كان يتخيل منى وحديثه معها وحديثها معه، وصوتها الرنان ذا البحة التي تهز أوتار الركب… ذلك الصوت الذي كان ينفذ إلى قلبه، لم يفارقه إطلاقًا… وطالما تصورها فاتنة رائعة الحسن، طالما تخيل وجسَّد وصنع وخلق أشياء وأشياء، كانت كلها تبدو تافهة وعاجزة عندما يجلس مع منى
وكان للأمر الذي صدر له من أبيه بألا يسافر إلا في المواسم أشد الأثر، فلقد وجد نفسه ذات يوم وقد تألبت عليه أفكاره، يقدم على مغامرة جنونية، وجد نفسه يكتب لها خطابًا… ظل يكتب فيه ست ساعات كاملة… وفي النهاية رأى أنه لم يكتب شيئًا على الإطلاق
كان كلما كتب شيئًا بدا له تافهًا لا قيمة له… كتب لها يا حبيبتي ونور عيني ومهجة فؤادي، ولكنها لم تعجبه ووجد أنها كلمات مبتذلة… وبعد ذلك لم يستطع أن يخط كلمة، لم يكن يدري ماذا يقول لها، بل ماذا يريد أن يقول لها بالضبط
وأضناه الأمر طويلًا، وفكر فيه أيامًا، حتى وجد الحل فجأة ودون مقدمات
ولا يدري ما الذي جعله يقول لحسين زميله ما قاله في ذلك الصباح، لم يكن له أصدقاء… فلقد كان يعلم أن الوحدة خير من جليس السوء، وهو قد اكتشف منذ زمن طويل أن كل الجلساء جلساء سوء. ولكنه في ذلك اليوم كان يشعر بأن الأمر أكبر من أن يحتمله وحده، وبلا تفكير، وجد نفسه يحكي لحسين قصة الخطاب الذي يؤرق باله… واكتشف علي لأول مرة منذ سنوات، أن حسين شهم، وأنه رجل ولا كل الرجال. ودهش وهو يرى زميله يجلس ببساطة ويكتب خطابًا طويلًا عريضًا قدمه لعلي وهو يقول: خد يا عم حلال عليك…. وكان علي يعلم أن هذا حلال عليه حقًّا، أليست منى خطيبته
وفي فورة حماسه وانفعاله… وضع فوق الخطاب طابع البريد، وعندما ألقاه في صندوق البريد، شعر لأول مرة من زمن طويل بالراحة تغزو كيانه كله. ولكنه ليلتها لم يستطع النوم إطلاقًا، فلقد كان عليه أن يعد الساعات والدقائق في انتظار الرد
وبعد ثلاثة أيام وصله خطاب من منى تقول فيه: خطيبي العزيز الأستاذ علي أفندي يوسف… دمت لنا. بعد التحية والسلام والسؤال عن صحتكم الغالية، أخبركم بأنه قد وصلني عزيز خطابكم، وأحمد الله على سلامتكم
وصحتكم الغالية، وبعد… فإنني أرجو منك ألا ترسل لي خطابات بهذا الشكل لأجل أن بابا صعب وكذلك ماما، وأحمد الله أنني تسلمت الخطاب من ساعي البريد ولم يكن أحد في البيت، وختامًا سلامًا ويرعاكم الله من كل سوء… خطيبتكم المخلصة.
منى أحمد محسن
ولم يعرف علي ما الذي يفعله حقًّا عندما وصله الخطاب… كان سروره كبيرًا حتى إن أصابعه كانت ترتعد وهو يفض الغلاف… وأخذت عيناه تلتهمان الكلمات التهامًا، ولكنه لم يفهم شيئًا في البداية، ولما أخذت نفسه تهدأ رويدًا رويدًا، قرأ الخطاب مرة أخرى، وثالثة ورابعة… وعاشرة، وانتابته حيرة رهيبة، ولكنه عاد فابتسم في رضاء، فلقد اتضح له أن أمه عرفت كيف تختار له بنتًا مؤدبة وابنة ناس طيبين حقًّا، ولذلك لم تقبل منه هذا الغزل الذي كتب لها.
وما كاد يصل إلى هذا التفسير حتى أحس راحة غريبة للغاية، ونام ليلتها ملء جفونه
ولكنه في الصباح وجد نفسه أمام مشكلة محيرة، ذلك أنه أراد أن يكتب لها خطابًا آخر… الخاطر العربيد أخذ بمجامع قلبه، والمغامرة مهما ارتجفت لها القلوب لذيذة… وأمسك علي القلم وكتب… خطيبتنا العزيزة الآنسة المبجلة منى هانم أحمد محسن، تحية وسلامًا من عند الله العلي القدير وبعد… وتوقف القلم في يده
وعبثًا حاول علي أن يخط كلمة بعد ذلك، وانتابه الضيق، ولم يجد مفرًّا في النهاية من أن يلتجئ إلى حسين من جديد.
وعندما أنَّب حسين على ما كتبه في الخطاب السابق، ضحك هذا منه وأفهمه أن هذه أمور بنات، وأنها لا تعني حقًّا ما تقول، وأنه لا يجب أن يتراجع أو يتوقف عن إرسال الخطابات… وقال حسين في النهاية: يا أخي هي مش خطيبتك
وقال علي مؤمنًا: آه
- ومش هاتبقى مراتك على سنة الله ورسوله
ورد علي بحماس: آه
طيب خلاص فيها إيه بقى! اسمع كلامي يا عبيط… اسأل مجرب
ثلاثة أيام وهو واقع في هذه الحيرة، ثلاثة أيام لا يكاد ينام أو يأكل أو يشرب، امتصته المشكلة تمامًا… ولم يجرؤ على أن يفاتح أحدًا… وأخيرًا سمع كلام حسين وذهب إليه يطلب معونته
المهم أن حسين كتب له خطابًا آخر أشد غرامًا من الأول، ورغم أن الخطاب قد أرضاه حقًّا، فإنه تضايق مما فيه من كلام لا يصح أن يعرفه سوى زوج وزوجته… ولكنه عندما ناقش الأمر، وجد أنه من الممكن أن يحدث هذا ما دام أن نيته طيبة وسليمة… أليست الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى
الغريب الذي جعله - ولأول مرة في حياته - يرقص طربًا، أن منى أرسلت له ردًّا تقول فيه… ما دمت مصممًا على أن ترسل هذه الخطابات فلا ترسلها إلى البيت، بل أرسلها إلى صديقتي وأختي الوفية دعاء جمال عبد التواب المدرسة بمدرسة المعلمات الاعدادية
وكانت مغامرة لذيذة حقًّا، وكاد يطير من الفرح وهو يقبل حسين ويخبره بالأمر كله، وابتسم له حسين يومها وقال: مش قلت لك
علي بعد هذا كان في غاية السعادة… أصبح حسين يكتب كل يوم خطابًا، يضع عليه علي ورقة الطابع ويرسلها باسم الآنسة المحترمة المبجلة دعاء جمال عبد التواب المدرسة بمدرسة المعلمات الاعدادية… ومنها ليد الآنسة منى
ومرت الأيام كالعسل، كل يوم يحمل سعادة جديدة، ويوم أن كتب حسين في بداية أحد الخطابات حبيبتي نونة، رفض علي أن يصل الأمر إلى هذا الحد الفاحش من التدليل والإباحية… ولكن نظرة واحدة من عيني حسين الماكرتين أقنعته بأن يوغل في المغامرة حتى آخرها… ولكنه عندما تسلم خطابها التالي وقرأ فيه: لما أنت بتكتب كلام بالشكل ده يا عفريت، أمال عامل نفسك خام ليه… يا لهوي من الرجالة…، عندما قرأ تلك الكلمات، بلغت سعادته القمة، وكاد من فرط سروره أن يأكل الخطاب أكلًا، وبالذات كلمة يا عفريت اللذيذة هذه… وزادت سعادته عندما قرأ في نهاية الخطاب، حبيبتك المخلصة إلى الأبد.. نونة..، وكان ذلك فوق كل ما تصور من أحلام، وظل يحتضن الخطاب طيلة اليوم.. ونام وهو يضمه إلى صدره.
ومرت أيام كثيرة، ما إن يتسلم خطابها ويقرأه حتى يعطيه لحسين ليرد عليه ردًّا مناسبًا… وبدأ يعيش حياة أخرى، حياة حافلة بالمباهج والملذات، ولكنها على أية حال مباهج وملذات لم تتعد ذهنه وخياله وجدران رأسه الأربع
ورغم أن علي أفندي يوسف كان مؤمنًا بالقضاء والقدر، فإنه كاد أن يجن عندما انقطعت فجأة خطابات منى، وأصبح يستكتب حسين كل يوم خطابًا، وفي أحيان كثيرة خطابين… وضايقه أن حسين لم يعد يرحب بالفكرة، وأصبح يتثاقل ويتعلل، ولكنه كان يلح عليه ساعات وساعات حتى يسترضيه
وكاد أن يجن أكثر عندما وصله خطاب من والده يقول له فيه: ولدنا العزيز علي أفندي، تحية مباركة من عند الله العلي القدير وبعد… نفيدكم علمًا بأننا نحمل لكم أخبارًا لا تسر عدو ولا حبيب بخصوص خطيبتكم السابقة منى وأهلها، ونرجو منكم الحضور يوم الخميس والسلام ختام
ابوك يوسف أحمد حسنين
وطار عقل علي… ووقع في حيرة أليمة ألزمته الصلاة حتى جاء يوم الخميس، وطار إلى البلد
ورغم أنه عاد في اليوم التالي إلى القاهرة، وقد خلع الدبلة واسترد الشبكة. فإنه لم يستطع أن يفهم سبب ما حدث… والذي لم يكن له فيه يد
وما إن سمع ثورة أبيه وأمه، حتى اقتنع بأن منى لا تصلح… وما إن قال له أبوه إن أهل منى طلبوا تأجيل الزفاف وعقد القران عن الموعد الذي حدد من قبل، والذي لم يكن علي يعلم عنه شيئًا… وإن والده أصر على أن يعقد القران في الموعد المحدد بالضبط، وإن أهل البنت تمسكوا ورفضوا، وكلمة من هنا وكلمة من هناك، ودخلت البنت مقصوفة الرقبة وخلعت الدبلة من إصبعها والإسورة الذهبية من معصمها ووضعتهما أمام الرجل وهي تقول: بصراحة دي حجة… أنا مش عاوزة ابنك
ما إن سمع علي كل هذا، وما إن وصل أبوه إلى هذا الحد من الحديث، حتى كانت دهشته قد بلغت أقصاها… وما كاد يفتح فمه حتى أغلقه من جديد… فلقد كان والداه يتناقشان في أمر العروسة الجديدة، كان أبوه يقترح أن يزوجه من سناء ابنة الحاج محمود، وكانت أمه تصر على أن لمياء ابنة الست أمينة أحسن وأفضل ألف مرة… وعندما سألاه أيهما يختار، نهض من مكانه وهو يقول: اللي تختاروه انتم
وقد ظل علي فترة طويلة متأثرًا بما حدث، ولكنه كان - والحق يقال - مؤمنًا أشد الإيمان، والمؤمن يعلم أن كل شيء قسمة ونصيب… وسرعان ما طردت الآيات والركعات حزنه، وعاد إليه إيمانه واطمئنانه، خاصة عندما رأى لمياء خطيبته الجديدة، وتخيلها، ووجدها أحلى من خياله، وأحبها، وذهب إليها كل خميس، ثم كل أول شهر، ثم انقطع للذهاب في المواسم فقط… وقد أخذ خياله يعربد أخيرًا، وفكر في المغامرة… وأمسك القلم ليكتب لها خطابًا
ولقد اشتد إيمانه بالقسمة والنصيب عندما رأى حسين ذات يوم يسير في الطريق وقد تعلقت منى بذراعه… وانتابته وقتها رعدة سرت في كل جسده، ثم دهشة بالغة… وذهل وهو يبحلق فيهما للحظات… ولكنه سرعان ما عاد إلى نفسه - كأي مؤمن شديد الإيمان - ومصمص بشفتيه عجبًا لتصاريف القدر… وهمس لنفسه وهو يمضي في طريقه مطمئن النفس راضي البال: كل شيء قسمة ونصيب..