HossamElAgamy

Share to Social Media

تائه في الغرام
دون تفكير أو وعى وكأنه مخدرا  ما إن خرج من قلعة الحكم حتي توجه صقر من فوره إلى بيت عم سمر ليبلغها بانتهاء مهمته بمصر و بالتجهز للرحيل معه .

ما إن فتحت سمر الباب ورآها حتى فتح فمه علي آخره ، فهاهي تقف أمامه وقد خلعت عنها ملابس البحارة و ارتدت فستانا جميلا متعدد الألوان  وانسدل شعرها الأسود كظلام الليل بخصلاته الطويلة على كتفيها وقد تزينت ببعض الحلى لا أكثر.

فتجمد مكانه كتمثال صامت لا يفعل شيئا سوى النظر إليها.

 

أما هى فما إن رأته حتى انشرح قلبها فرحا بعودته بعدما تملك منها شيئا من الخوف و الذى لم تكن تدرى له نوعا هل  كان خوفا من عدم عودته أم خوفا عليه من مهمته الغامضة تلك التي تشعر بخطورتها علي الرغم أنه لم يحك لها عنها

 سمر بلهفه : صقر ...

ظل صقر واقفا كالتمثال ساهما فيها وفى عينيها دون أن يرد , فهزت سمر كتفيه

سمر مكرره : صقر ...أين أنت؟

انتفض صقر كالمستيقظ من غيبوبة أو من نوم عميق

سمر مبتسمه : إيه ...ما بك ؟

صقر خجلا : معك ...

جذبته سمر إلى داخل البيت : حمدا لله على سلامتك

دخل صقر دون أن ينزل عيناه عنها وبعد التحيات مع عمها .

صقر متهتها : لقد , لقد أنهيت مهمتي بالقاهرة فإن كنتم راحلون معى فهلموا وتجهزوا، فعلى أن أرحل بأسرع وقت وسنتخذ نفس الطريقة التي أتينا بها للعودة إلى الشام .

 

هبت سمر فرحه : هلم يا عمى ...

العم مترددا : كنت أريد أن أقول ...

سمر بقوه قاطبة عينيها : هلم يا عم ، إن كنت آتيا معنا

عندها لم يجد العم بدا من الموافقة بعد ما رأى الإصرار على الرحيل  وقد تملك من عينى إبنة أخيه .

العم : هلم يا حسان، لله الأمر من قبل ومن بعد.

 

جلس صقر محدثا نفسه وهي تجيبه أثناء متابعته لسمر والتي تملك منها الحماس والفرحة الغامرة وهي تتجهز للرحيل

صقر: ما الذي أفعله ؟ أخاف أن تؤخرني مرافقتهم  

نفسه : لا تقلق لن تتأخر فقد اختصرت الكثير من الوقت

صقر: وجودها قد يضيف خطرا عليهم و على مهمتي 

نفسه :ما بك يا صقر ؟هل ستتركها وترحل ؟ هل ستأمن عليها الطريق أن هى رحلت بمفردها ؟

صقر : كلا .....لكن

نفسه : أتتركها و هي من جعلتك تعرف أن للحياة وجه آخر جميل بخلاف ما تعيش فيه ,تعقل

 

صقر وكأنه يفيق نفسه : صقر، آلا تماسكت ,ما بك حكم عقلك قليلا ؟( ثم أصابته رعشة فهب من مكانه) لا لن أخطئ التقدير سأجعلها تبقى ولن ترافقني وسأعود إليها مرة أخرى بعد ما أنهى مهمتي بالشام لأصحبها

توجه صقر بكل إصرار حيث تقف سمر ليبلغها قراره فالتفت إليه مبتسمه وقبل أن ينطق حرفا إذا بها تمسك يديه..

صقر بجديه : سمر أريد أن

سمر مقاطعة :انتظر فأنا اريد أن اشكرك يا صقر(تنظر فى عينيه)

 

صقر متعجبا :على ماذا ؟ استمعي إلي، لقد وعدتك أن أرافقك و أساعدك, لكن أنا لا أست...

تقاطعه سمر :لا  لا , لا أقصد عن مرافقتك لي

صقر : هلا اوضحتي؟

سمر بنعومة : أريد أن أشكرك على هذا الإحساس الذي غمرتني به (نظر صقر لها مستفهما)

أكملت سمر : إحساس الأمان الذى أعدته إلى نفسى وإلى قلبي هذا الاحساس الذى فقدته منذ وفاة والدي

 

أحس صقر أن الأرض تدور به وكأنه تلقى لكمة شديدة وقبل أن يستوعب ما قالته , اقتربت سمر منه أكثر وقد أسبلت عينيها اللتان اقتحمتا أعماق صقر فغزتا قلبه ومشاعره

سمر: إحساس أن هناك من يرعاك يخاف عليك ويح… ( بترت الكلمة ولم تكملها)

 

صقر متنحنحا , متلفتا حوله وقد شعر بأنه قد انفصل عن دنياه فوجد نفسه وكأن قلبه قد سلبه إرادته بل واحتل مكان عقله أيضا وما بين بروده أطرافه وتصبب عرقه و جفاف حلقه , اقترب صقر منها أكثر مبتلعا ريقه

صقر متهتها : هل انهيتي تجهيزاتك , لقد  لقد تأخرنا و علينا الرحيل

سمر بابتسامتها الساحرة وحماسها المشتعل :عشر دقائق فقط(تركت يده ) سأذهب لأتعجل عمي وأخي.

 

عاد صقر الى جلسته وقد أحس أن ما يدفعه لأخذها معه احساسا أقوى من نزعته الأمنيه و من خوفه على مهمته احساسا لا يستوعبه احساسا يغزو قلبه ,بل وطغى على كل خطر يخشاه وهي بجملتها الأخيرة هذه قضت على كل مقاومة أمنية داخله….

فما أجمل أن يكون مسؤولا عن هذا الملاك الجميل  ...

ماأجمل أن يصبح سببا فى راحتها وأمانها, لقد تمكنت مشاعره منه لأول مره وصار يسأل نفسه سؤالا لا يجد له جوابا :  لماذا؟ لماذا صرت ضعيفا هكذا أمامها؟!!  

 

بعد دقائق

سمر بنعومة وحنان : صقر  يا صقر أين ذهبت ؟ مالى أحسك تائها... صقر

 

انتفض صقر حين هزته متفاجئا بوجودها أمامه وهو من كان يشعر برنه النمل كما يقال

سمر : ما بك ...فيما تفكر ؟؟

دون ترتيب أو قدرة على المنع , إنفجر فمه  بشلال من الكلمات بلا أى سلطان منه عليه , تقوده مشاعره التي هزمت كل منطق  داخله فانطلقت أحاسيسه دون أن تتدفق علي لسانه ...

صقر: أفكر فيكي , فقط أنتي و دون أن أدرى سببا لما أعيشه وأشعر به  أحس إنى أتغير نعم أتغير  و على الرغم من قلقي من هذا التغيير الذي لا ادري كيف او سببا له ...إلا أنني أحس أنه إلى الأجمل ..

تستمع سمر اليه مبتسمة

 

صقر مكملا : ماذا فعلتي بى؟ لاأعلم , فى أربعا وعشرين ساعة منذ رأيتك وأنا  وأنا ( ثم توقف ) حقا لا أعلم

سمر وقد تمكن منها الخجل متنهدة : هيا لقد تجهزنا دعنا نؤجل حديثنا فى هذا الموضوع الأن .

 

تحرك الجميع إلي دمياط ومن بعيد كان هناك ركبا يتبعهم مكونا من أربعة رجال ملثمين على رأسهم جقمق.

طوال الطريق لم ينقطع الحديث بين سمر و صقر مع تداخل عمها فى بعض الأحيان معهما .

مرت الساعات ووصلوا إلى الميناء، بدأ بعدها صقر بالبحث عن أقرب سفينة مبحرة إلى عسقلان ولحسن حظهم وجدوا احدى سفن الركاب تستعد للرحيل فصعدوا إليها يتبعهم مراقبوهم.

فى قمرتهم اجتمع جقمق مع رجاله : أمامنا اثنتي عشر ساعة حتى نصل إلى عسقلان فسنتناوب على مراقبة هذا الملثم وسأبدأ أنا بالمناوبة الأولى.

 

على سطح السفينة

بعد ذهاب العم وحسان للنوم جلس صقر وسمر على حافة السفينة يراقبان اختفاء مدينة دمياط.

صقر : أتعلمين , أنك أول فتاة أتحدث إليها ولا أدرى حتى الآن ما سبب انجذابي إليك

سمر: أعلم لكن لما لا تقول.... حبا

نظر اليها متعجبا من جرأتها: دعيني أوضح لك شيئا،  أنا لا أعلم ما هو الحب وكيف نشعر به وما هي دلالاته وإشاراته

سمر  : ألم تحب أحدا من قبل

صقر : بلا ,أحببت شيخي وإخوتي بالخان كما أني  لا أحمل كرها لأحد وأحب مساعدة الناس

سمر ضاحكة : كل ذلك من أنواع الحب ,لكن الحب بين الرجل والمرأة شئ آخر  إذ تزيد عليه مشاعر أخرى كالاهتمام , الاشتياق , القلق والرغبة بالبقاء قريبا من حبيبك  ...

 

صقر مفكرا لثوان : هل يمكن لشخص أن يحب هكذا بين ليلة وضحاها؟

سمر: بل لعله لا يحتاجها ...بضع ثوان قد تكفيه فالحب كالهواء لا ينتظر أمرا أو موعدا أو مكانا فهو كالقدر، كالموت، هو سهما ينطلق من قلب شخص فيصيب قلبا آخر دون أى إنذار 

 

صقر: قد يكون كما تقولين لكن بالنسبة لى فالموقف مختلف فأنا أخاف أن يكون ما أشعر به ما هو إلا نوعا من الحرمان أو الرغبة في تجربة شئ جديدا جميلا لم أعرفه من قبل وغريبا على

سمر مبتسمه : لا تقلق فالحب لن يتركك تعانى من هذا الشك بل سيساعدك كى تتأكد أن كنت تحب أم لا ...

صقر : وما هي أماراته ؟

سمر :الحب ينمو و يكبر بعذاب العاشق يتغذى على آلامه، بسهده وطول سهره ,الحب سجنا للمحب يسجنه داخل زنزانة رحبة بإسم محبوبه وهي مفتوحة طول الوقت يدخلها المحب برغبته واختياره إن كان حبه صادقا .

 

صقر: أهكذا هو الحب عذاب ألم ضعف..

سمر مبتسمة :كلا ، الحب كالجنة تملأها الأماني والأحلام حين ترى حبيبك أوتكون معه و كالجحيم في بعده عنك.

فإن أحسست يوما أنك تعانى بكل ما سبق أو بشئ منه فأعلم أنه قد تمكن منك لكن لا تقلق فما إن تتيقن من مشاعرك ومشاعر محبوبك حتى يقويك على تخطى ما يواجهك بل و سيدعمك ويعطيك الأمل  و يحببك فى كل شئ حتى أعدائك.

صقر مندهشا ناظرا إليها مليا : من أين عرفتي كل ذلك

سمر تتنهد : لا أعلم، قد يكون نتاج كل ما قرأت من شعر أبي الذي كان شاعرا مفوها وكثيرا ما جلسنا نحلل ما يكتب بل ونقارنه بأشعار الآخرين و قد تكون مشاعرى و أحلامي هى ما تجعلني أفكر هكذا(نظرت إلى عينيه بعمق ) أو قد يكون  قد يكون (ثم أخذت نفسا عميقا وصمتت كأنها تسجن كلمة داخلها )

 

فأكمل صقر بدلا منها وهو ينظر إليها مليا : قد تكون عيناك , قد يكون جمالك , قد يكون عقلك , قد تكون شجاعتك

اقتربت سمر منه ومدت اصابعها فوق شفتيه تمنعه من الاسترسال

سمر محدثه نفسها : وقد تكون شهامتك , رجولتك و شجاعتك قد تكون أنت ..حقا لا أعلم

صقر وقد سبل عيناه دون أن يدرى أو يتحكم فيهما

صقر : لولا خوفي أن أكون متسرعا لقلت أحبك , أحبك يا سمر

 

سمر محملقه به وملامح وجهها تائهة ما بين الابتسام والخجل فأجابته لكن بصوت مكتوم داخل أعماقها لم ولن يسمعه إذ منعها عدم تأكده من مشاعره تجاهها و حيائها  من أن تصرخ فيه

سمر :صقر وأنا أيضا أحبك ....أحبك

 

خمس دقائق مرت عليهما وهما صامتان, ينظران الى البحر يحاولان أن يتمالكا مشاعر هما من الإبحار أكثر 

سمر: منذ خروجنا من القاهره وأنت تضن علي بشيء أحبه

صقر: ما هو

سمر: وجهك فمنذ خروجنا و لم تمط لثامك؟ أريد أن أراك (تمد يدها لترفع لثامه)

انتبه جقمق فى مكمنه فكم كان يتوق لرؤيته

أمسك صقر بيدها بحنان : كم أنتي رقيقة لكن سامحيني فلن أستطيع

سمر: لما ؟

صقر: أنا بمأمورية عمل ( تنظر سمر وهي لا تفهم فيكمل) ما إن أنهي مهمتي حتى أشرح لك كل شئ

 

صمت الإثنين تاركين لعينيهما الحرية باستكمال الحديث بينهما

ومن بعيد ارتسمت على وجه جقمق ابتسامه خبيثه محدثا نفسه

جقمق : أهلا بكما
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.