بعد أن قامت بالأطمئنان علي رضاء "نزار" ومدير أعماله " ماجد" علي أقامتهم في أحدي الفنادق المطلة علي النيل والتي تم تبكير الحجز لهما سلفا ؛ توجهت لمنزلها بالزمالك لتسقط بملابسها علي فراشها الوثير كم كان عجيب هذا اليوم ومليء بكل أوجهه المغامرات ولحظات الدراما والأكشن ؛ لم تنسي في ضبط المنبه فجرا لأداء صلاة الفجر وأصطحاب ضيفيها للمحطة المقبلة .
وبالفعل وجدتهما في وضع أستعداد رغم حضورها المبكر تحسبا لأي طاريء ولكونها ملتزمة في دقة المواعيد ليستقلوا الطائرة متجهين نحو أسوان حيث اللحاق بجولات ممتعة في معابدها الساحرة كمعبد أبو سمبل حيث يقع غرب بحيرة ناصر والاي تعد أكبر بحيرة صناعية بالعالم ولهذا المعبد قصة مملوءة بالصعاب حيث تم نقله من مكانه الأصلي بعد أن غمر النيل المعبد أثناء أنشاء السد العالي وتحويل مسار نهر النيل مما أستوجب فكه وأعادة تركيبه في موقعه الحالي ؛ وكم كان شرح " بتول " رائع ومحبب للنفس كأنها جنية تحكي الأساطير وحكايات ألف ليلة وليلة خاصة مع أنسدال شعرها الحالك الظلمة والسواد والذي يلامس أسفل ظهرها فهي محيرة بملامحها المصرية الأصيلة وأنسدال شعرها الأسود الكثيف كالهنديات وارتداءها لطاقم سفاري من بنطال باللون الفاتح ووسترة جلدية بنية تتناسب مع لونه وحذاء كالجنود بني اللون ليعطي مزيج ساحر من الأناقة ؛ ولاحظ " نزار" نظرات " ماجد" المطولة والموجه نحو " بتول" فالبداية أغفل تلك النظرات لكن عندما تأكد فتحدث معه بشدة ولوم شديد وعنيف علي تلك النظرات وأن يكف عن التحديق بها ليواجهه " ماجد " بحديث صادم قائلا: " ليش كل هذا الحديث معي وكأنك صاروخ واندفع نحوي أيش فيك يا رجل ليش هذه البنت بالذات تتهاوش معي عليها ؛ أنا لا أنكر أعجابي بيها فليش توجفني بالله عليك " ليجيب "نزار": " هايدا البنت غير اخوي وأخاف تتأذي لأني اعرفك زين أنت تعشق العلاقات الطياري وهذه البنت مش من هادول النسوان اللي بتعرفهم " ورد عليه " ماجد" قائلا :" لتكون مغروم فيها يا رجل وحطمت أسوار حصون جلبك العتيدة هاه " وتجمد " نزار" من تلك الكلمات لينفي بعدها بصوت مرتعش ما يقوله وكم لعنه الف مرة في سره محدثا نفسه :" تبا لك جمدتني بمكاني وعذبتني بشرودي وأفكاري لأرسو علي مرفأ الشك والحيرة "
وأصطحبتهم لمعبد فيلة علي جزيرة أجليكا وشرحت المعبد بطريقة ممتعة يسودها صمت من الأثنين دون تعقيب مملوء بالتشويق وكأنما ألقي عليهم تعويذة تصيبهم بالصمت والأمتناع عن التحدث أو الكلام ؛ ورددت روح التحدي بداخلها :" صمتكم العجيب حيتفتت قدام جمال مناظر جزيرة النباتات اللي حتسحركم وتبدد عنكم الصمت المريب ده " وكما كانت هدهدة المراكب الشراعية للنيل حانية كهدهدة أم مكتملة الحنان والوداعة تهدهد طفلها في وداعة لينام قرير العين وهو يحضن سكينة قلبه وآيات الأطمئنان ليصلوا إلي وجهتهم جزيرة النباتات حيث المناظر الخلابة والنباتات الساحرة النادرة وكم كان وصف " بتول" للاصناف النباتية ممتع فهي تتحدث بطلاقة تنم عن ثقافة متسعة الأركان وليست كأي مرشدة سياحية تقليدية والعجيب أن الكثير من أهل أسوان يعرفها ويلقي عليها السلام سواء بالمعابد أو علي مرسي المراكب الشراعية فلديها شعبية مهيبة وظل الأثنان غارقان في صمت وحديث سري يدور بداخلهم عن هل أنا مغروم بالبنت أم هايدا مجرد أعجاب والسلام " وأنتهي يومهم الحافل ليستقلا باخرة نيلية ليلحقوا بالأقصر ومعالمها الساحرة مودعين أهل أسوان الطيبين والذين أهدوا تذكارات لهم جميعا كتحية محبة وود بكرم منقطع النظير ؛ أنبهر الأثنان بالرحلة النيلية والمعالم وكم الآثار التي أن وزعت علي العالم بأكمله لأكملته ثم تفيض وأستكملت "بتول" شرحها الشيق لكل معلم يرونه من بعيد وأقترحت عليهم ملء زجاجات من مياه النيل البكر لقدسيتها لدي أهل اسوان والأقصر والنوبة فهم كأجدادهم لا يلوثون مياهه العذبة المقدسة فلقد منح الله للنيل مصر كهبة وعطية له ؛ وكم كانت أشعة الشمس حانية تشع الدفء في أوصالهم؛ وتزاحمت الأفكاربذهن "نزار " كملحن لألحان جديدة لمشاريع غنائية قادمة حتي تم الوصول بسلام وأمان لأرض الأقصر لتحتضنهم كأحتضانها للعديد من المعابد الساحرة علي أرضها الطاهرة موطيء الأجداد منذ الالاف السنين كمعبد الأقصر والكرنك والدير البحري ووادي الملكات ونظرا لضيق الوقت وتعدد المعابد التي يستغرق زيارتها شهور وليست أيام كانت تصحبهم بجولات سريعة بالحنطور كأشهر معلم من معالم الأقصر وهي تسرد حكايتها المشوقة وهم يمرون علي المعابد بطريقهم نحو وجهتهم الدير البحري ووداي الملكات لسحرهم الخلاب وما بين ضحكات وصمت وطيبة أهل الأقصر ومداعباتهم للزوار بلهجتهم المحببة للقلب وأهداؤهم تذكارات ليعودوا مرة آخري أنتهي اليوم المليء بالمغامرات لينبض قلبين بدقات مليئة حيرة وشك لتدور في فلك التساؤلات لكلا منهما هل ما ينمو بداخلي شعور بأني مغروم بالجنية المصرية أم أنا فقط أدور في مدارات الأعجاب ؛ وكل ذلك في يدور في غفلة عن " بتول" المصدر الأول والأساسي لكل تلك الحيرة والشك .