Rashasalem

Share to Social Media

ومرت الأيام متعاقبة لتمضي إلي أسابيع فشهور عدة و "بتول" تعمل بجد ونشاط وحيوية ونجاح وتألق لكل مهمة توكل إليها لتزداد قائمة أصدقائها لأشخاص تحولوا من عملاء لأصدقاء مبهجين وحقيقيين ؛ ولكن لاحظ الجميع أن هناك تغيير ألم بها ؛ فهي دائمة الشرود وتجنح للسكوت وهذا ضد طبيعتها المتحاورة التي تملأ أي مكان صخبا من ضحكاتها وحديثها الممتع وتسأل الجميع عن سبب التغير ولكن كان ردها الأوحد "مافيش مجرد أرهاق بالشغل الظاهر العضمة كبرت يا مينز أنا زي الفل وما أحلاني أكشفوا نظر لعيونكم " والكثيرين لم يقتنعوا بتلك الأجابات ؛ وعندما تختلي "بتول" بنفسها يظل السؤال حائرا بذهنها ماذا فعلت لينهي تلك المهاتفة سريعا هكذا ؛ ولم تحاول أن تتواصل مرة آخري بحجة أنشغاله لكن في حقيقة الأمر كان بسبب موقفه الغريب وأهماله لها بتقديم التفسير ؛ بينما " ماجد" يتسم بالوضوح ويتزاصل معها بصفة دائمة وتستشعر بداخله الكثير من الحنان والأهتمام دائما يقدمه لها ؛ فلماذا أتصف بالبلاهة وأظل حائرة لموقف "نزار" الأخير خصوصا مع مرور الشهور العديدة أتراه نساني ولا يتذكرني وتلك عقوبة خفية لجرم لم أرتكبه؟!! ؛ يكاد رأسي يوشك علي الأنفجار بكل تأكيد.
وكانت المفاجأة المدوية .....
بينما هي مستغرقة في كتابة ملاحظتها لمهمتها القادمة ؛ أرهفت أذناها السمع لتتحقق من أنها تعيش حقيقة أم أنها غلبها النعاس وتلك ما هي إلا أضغاث أحلام؟؟!!
لتجد ذلك الصوت يقول :" ماكو أهلا مرحبا وأنا توي جي من سفر بعيد أيش هذا الأستقبال لا يليق فيني لا يليق " وأعقب ذلك الحوار ضحكة لتتسع مقلتيها دهشة وتصرخ :" معقول ماجد ده أنت بجد ولا بأحلم أنت أخر مكالمة قولتلي أنك لسه واصل أمريكا في جولة جديدة ل .. وتوقفت عند ما كان لسانها سينزلق وينطق بأسم محيرها ومعذبها بكثرة التفكير فيه .. أنت عملتها أزاي ؟!! جالكم شغل في القاهرة وبتتفق عليه " ليضحك :" الله يهديك يا الله عليكي أعطيني فرصة أتحدث توي واصل للحين من المطار لهنيي يا بنت الحلال هدي شوي الله يهديك وش فيك كالصاروخ تندفعين " وأكمل ضحكته التي أتسعت لرؤية ملامحها الطفولية وقد قامت بتجعيد شفتيها كطفلة تم توبيخها " يا مهلكتي كم أحبك ولم أطق أن تفصلنا البحور والمحيطات آآه لو تعلمين كم أشتقت إليكي يا محبوبتي الصغيرة وكم تمايل فؤادي شوقا لسماع صوتك ورؤيتك فقطعت الالاف الأميال لكي أراكي وأقر عيناي برؤيتك يا مهجة فؤادي" وطال الصمت في حديث النفس الخفي لتتبدل ملامحها لملامح بالغة الأنوثة وهي ترفع حاجبيها دلالة علي أنها سئمت هذا الصمت وتريد منه أن يجيب ولم يقاوم أستكماله للحديث الخفي ليستطرد فيه " آآه لو تعلمين زخم الكلمات التي حادثت نفسي دونك عنك يا مهجتي وتنفسي الذي يطيل بقائي وأحيا به " ولم يرد أن يعذب محبوبته بطول الصمت بينهما فلقد أشتاق لرؤيتها تتحدث وتبدل ملامحها مع كل حرف تنطق به .. ليقول :" بصي يا ستي وتاج رأسي أنتي أولا أنا مش جي للأتفاق علي شغل ولا حاجة أنا علشان شربت من نيلها وجربت أغنيلها فنيلها اللي شربته رجعني ليكم بسحره .. هي دي كل القصة حلو كده ولا نقول كمان" أجابت بذهول :" وووواااووو أنت مين علمك تتكلم مصري أوي كده لو وكمان تقول أفيهات " ثم ضحكت ضحكة من أحدي ضحكاتها المحببة للنفس ضحكة طفلة جزلة بنكتة ألقاها علي مسامعها أحداهما :" ما أنا ذكرت أفلام في الشهور اللي فاتت دول أوماال ده أنا أعجبك جدي" فتسرع قائلة :" وكمان بتقول جدي لااا انت تقولي أتفرجت علي أفلام إيه لأنك مش بتنافس في الأيفيهات لا وكمان اللزمات ... بس عارف أنت فرحتني أوي وعاوزة أشكر النيل اللي أنت شربته وشبه خلصته وغنيتله وسحره جابك لحد هنا " ليغرد فرحا:" بجد فرحتي يا تولا أيه رأيك في التدليل ده أسمك حلو بس بيحلي تدليله " وكطفلة صغيرة قامت بهز رأسها بتحمسها الخجول للتأكيد علي فرحتها به ؛ وأستطرد :" باقولك أيه أنا جعان جدا وأستأذنت حضرة المدير أني أخطفك لباقي اليوم ووافق والمفاجاة انا مذاكر كمان مش اللهجة المصرية هووهووه لا كمان حابهرك أني حافسحك كمان وعارف حافسحك فين كمان ونتغدي فين أيه رأيك؟" لتجيب :" سيدي يا سيدي أخطفني أنا موافقة بس أجمع أشيائي الثمينة وننزل في الحاال " وضمت أوراقها في مفكرتها المصاحبة لها دائما ؛ وكم كان قدوم "ماجد" مبهج وأدخل البهجة والسرور إلي روحها وكأنما ضغط علي زر وداعا للتفكير والحيرة فأصطحبها في شرفة أحد المطاعم بداخل فندق شهير علي نيل الزمالك وكم كان مشهد النيل خلاب ياللروعة لرؤية هذا النهر العظيم الخالد من خلال عيون مغترب عن الأوطان سحره جمال النيل فأتبع سحره ؛ وتجاذبا أطراف الحديث وضحكاتهما تصدح بالشرفة والمكان ليرقبهما كل من بالمطعم أما حاسدا لهذين الحبيبين أو فرحا بهما ولهما ؛ ولم يدري أيا منهما عن تلك النظرات شيئا فلقد أنخرطا في حديث مفعم بالضحك غلفهما بأسوار مخملية تفصلهم عن أيا من كان بالمكان ؛ ياللروعة فلقد بعث الله لها "ماجد" لينسيها همومها ثم يصطحبها في نزهة نيلية بأحد اليخوت ليبهرها بقيادته لليخت الصغير مداعبا أمواج النيل بقيادته الهادئة لتنتهي النزهة النيلية ليصطحبها بعدها لأحدي المولات الشهيرة معللا ذلك بأنه يريد عونها في أختيار الكثير من الهدايا للأهل والأحباب وخانها ذكاءها للفهم الحقيقي للأحداث لكونها فرحة برؤيته وهدهدته لها في وداعة حانية أفتقدتها مع أرتحال والدها لعمله كسفير لمصر غي سنغافورة ؛ وأختارت معه أحدي ساعات اليد وكذا عطر نسائي خلاب أحبه لأنه عطرها المفضلة وعشق رائحته عليها ثم أختتم ذلك بفستان سهرة رائع الجمال أعجبها كثيرا لتتوقف في منتصف المتجر قائلة : " تعال هنا أنت كل الهدايا دي أكيد مش لوالدتك وأنت معندكش أخوات بنات ووحيد أعترف ليك حبيبة سرية ولا أيه " ولدهشتها تلعثم وأضطرب تنفسه فاستشعرت بأنها قد أصابت وتر حساس لديه ولمعالجة الموقف تداركت قائلة: " مالك أنا بأهزر علي فكرة قلبتها دارما كوين ليه وعقدت الحواجبين؟!!!" وعقدت حاجبيها مما جعل "ماجد" يخر ضاحكا مما تفعله وليصطحبها إلي منزلها لكي تقوم بتغيير ملابسها للعشاء فأجابت "وأنت حتروح فين لحد ما ابدل هدومي ؟!!" ليجيب :" حاستناكي هنا " لترد بذهول:" أنت عارف أي بنوتة علشان تبدل هدومها للعشا برا تاخد وقت اد ايه وبين تختار بين كذا طقم وفستان وبعدين تعيط انها معندهاش حاجة تلبسها ويبوظ المكياج وتعيده تاني وحكاية كبيرة جدا" ليصدمها بقوله:" أنا راضي أني أستناكي العمر كله " وبريق عينيه يلامس عيونها لتصيبها الرجفة لقوة اللمسة بالعيون سواء أرسالا أو أستقبالا؛ وأسرع ليقوم بفتح باب السيارة التي أستأجرها وأندهشت لأنه أصطحابها حتي مدخل البناية التي تقطن بها ليس هذا فقط ولكن المثير للدهشة أكثر هو حمله للهدايا للمرأة المجهولة لتتسائل :" أنت جايب الحاجات دي ليه معانا؟!!!" فيجيب بصوت أقرب للهمس:" لأن كل ده ليكي أنتي أسمح لي ينالوا منك شرف أرتداؤهم أنا عالفكرة كنت حاجزهم مخصوص ليكي وعملت موضوع انك تختاريهم لأني حفظت طريقة لبسك وأيه اللي بتحبيه " فانعقد لسانها من الدهشة ليتخطي هذا الحديث لأحمرار وجنتيها خجلا ليهمس :" أنا في أنتظارك وخدي راحتك ووقتك أنا صبور جدا خاصة معاكي انتي بالذات حاستناكي يا تولا " وتجمدت للحظات ثم اندفعت حاملة مقتنياتها المستجدة لارتدائها وهي متحمسة لرؤيتهم عليها ؛ وكانت "تولا" كما يطلق عليها "ماجد" تمتاز بدقة صنعها وسرعتها في أنجازه حتي فيما يخص تجهيزاتها لأرتداء ما يليق بحدث مثل هذا مهم فأسرعت بالأستحمام السريع لتضع لمسات من مساحيق التجميل الخفيفة لتبرز جمال ملامحها الربانية خصوصا عيونها المكحلة طبيعيا وسوادهما يخطف العين لتنتهي من تجهيز نفسها في وقت ليس بطويل .
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.