HossamElAgamy

شارك على مواقع التواصل

إعدادات
الفصل

الثانى

                 

                 مرت الأيام الأولى على (علي) فلم يكن يصحو خلالها إلا بالتوبيخ أو بالمقرعة حتى آعتاد بصعوبة على الاستيقاظ مع أذان الفجر مثل زملائه القدامي  .

 

فكان يبدأ يومه بصلاة الفجر جماعة يلى ذلك ساعة من التمرينات الرياضية حتى شروق الشمس يتناول بعدها وجبة الإفطار لينخرط فى دراساته ما بين حفظ القرآن والأحاديث النبوية إلى اللغة العربية مع مواد أخرى كالرياضيات والعلوم وبالأخص الكيميائية وتركيباتها  المتنوعة.

 

بعد صلاة الظهر ينتقل إلى التدريبات الرياضية والقائمة على التحمل و تقوية العضلات كالمصارعة وتسلق الجبال وركوب الخيل والنوق

تليها التدريبات القتالية بأنواعها باستخدام أسلحة مصنوعة من الخشب ضمانا لسلامه المتدربين صغار السن ثم يتوجه إلى النوم بعد أداء صلاة العشاء.

 

بعد مرور شهرعلى دخوله الخان استدعاه الشيخ للمثول أمامه.

الشيخ : أى بنى...هنيئا لك لقد صرت منذ اليوم إبنا لهذا الدار واصبح اسمك صقرا .

الطفل باكيا : لكن على هو إسمى...وأحبه

الشيخ : يا ولدى هذا عرف الخان فمن يستمر معنا يتم تسميته بإسم وصفه جديدين ..لا وجود لعلى بعد الآن وعليك أن تنساه للابد...ومن الآن نحن عائلتك الجديدة وأهلك .

على : لكن ...

الشيخ محتضنا إياه : يا ولدى ...الناس ما هى بأسمائها ..الناس بأفعالها ...هيا تشجع ...كن رجلا ...فارسا.

 

مرت السنوات على صقر, لم يكن يشغله باله فيها شيئا سوى تحصيل العلوم وإتقان التدريبات المفروضة عليه وكأنه قد قررإفراغ طاقته فى كل ما يطلب منه .

في سن السادسة عشر بلغ الفتى مرحلة كبيرة من التفوق في كافة العلوم التي يدرسها و امتلك مهارة وبراعة في كل ما يتم تدريبه عليه فصار مثلا الوحيد بالخان الذى يستخدم السيف بكلتا يديه و بنفس البراعة.

كما أصبح فارسا لا يشق له غبار في ركوب الخيل ودائم التحقيق لأعلى الدرجات كلما اشترك  بمسابقة ما أو بمبارزة تدريبية حتى فاقت مهارته بعض أساتذته.أما عن مسابقات التصويب سواء باستخدام الخناجر أو السهام فالعلامة الكاملة كانت ملكا له.

كل ذلك خلاف براعته  فى منافسات القنص والصيد و التخفي والهرب من المراقبة ونتيجة لكل ما سبق فقد إمتلك جسدا رياضيا يجمع ما بين القوة والصلابة لكن لا يخلو من المرونة وأصبح مقدما عند كل معلمينه الذين توقعوا له مكانة رفيعة وشأننا عظيما بجماعتهم في المستقبل.

 

 ذات يوم أرسل  له شيخه يستدعيه

الشيخ : صقر ...لما كل هذا الغضب الذى تتنافس به مع زملائك ...يا ولدى لا تجعل من الغضب عنوان حياتك ...فاليوم تتنافس مع زملائك ..أما غدا فستقاتل عدوا ...فإن تحكم فيك الغضب يعميك و يشوش ذهنك عن اتخاذ القرار السليم وعندها ستكون النتيجة هلاكك.

 

نظر صقر إليه حزينا دون أن يرد .

الشيخ :و ما هذا الحزن الدائم ...لم لا تتداخل مع زملائك فى الحديث رغم محبتهم وتقديرهم لك حتى صاروا يتحاشون الجلوس معك.

صقر بحزن : كيف لمثلي أن يضحك ...وما أنا إلا عبدا ...عليه تنفيذ الأوامر...فقط لا غير 

 

دنا الشيخ منه ممسكا بيده : بنى ...أنت تظلمنى هكذا...فمنذ وطأت قدماى الخان ولم يعامل أحد هنا كالعبيد وبالأخص أنت .

صقر: لا تغضب منى يا شيخى ...لكننى لا أرى لى مستقبلا فمن هم بعمرى خارج الخان لهم عائله وبيت وعمل ...سيحبون , يتزوجون ....أما هنا ...فنحن بمعسكر دائم كالجنود..بل أن الجنود بجيش الدولة لهم عائلات ومنازل يعودون إليها يوما ما ... أما نحن...

 

الشيخ مقاطعا بحزن: يا ولدى ..هكذا هم أصحاب الرسالات يفنون حياتهم في سبيلها و في سبيل مبادئهم ...ليس معنى كلامى أنك لا تستطيع تكوين عائله يوما ما ...لكن كل شئ بأوان .

صقر: وهل نحن حقا أصحاب رسالة ؟؟

الشيخ بجزع : نعم  ...وحتى أن لم تكن رسالتنا تكفيك فأخلق لنفسك رساله ...ساعد الضعيف و أنصره ...احفظ دينك وعرضك ..ركز فى تقدمك...أجعل من الخان عائلتك ...ومن زملائك أخوه لك  ..

 

صقر حزينا  : سأحاول ..

وتغيرت نبره الشيخ الى الصرامة والقوة : استمع الى يا ولد... لا أريد منك محاولات بل وعدا ...أخرج من سجنك هذا .. تعامل مع حياتك التي تعيشها بالخان حتى و إن كانت مفروضه عليك...لا تستسلم لظروفك....فإن كنت ترى نفسك اليوم عبدا...فأعمل ...حارب ...حتى تصير حرا ...أميرا أو لربما ملكا ذات يوم...نبي الله يوسف كان عبدا لسنين ثم سجينا لسنين وبصبره وعلمه وإيمانه ...و بكرما من الله ....صار عزيز مصر...فامتلك الدنيا كلها .. أنظر  لحال المماليك بمصر الآن فهم قادتها وأمراءها… كن  كأيبك...أو ..أقطاي…أو حتى بيبرس

 

ظل الشيخ يحكي و يحكي حتى خرج صقر من عنده منشرح القلب متخذا قرارا بالخروج من قمقمه وأن يصبح فارس الخان الأول وفارسا كبيرا ذو سمعة طيبة و يشار إليه بالبنان .

 

تغير أسلوب الفتى مع الجميع فأصبح أكثر حيوية ونشاطا...وارتسمت على شفتيه ابتسامه دائمه , فلم يتأخر يوما فى مساعدة زملائه أو يتبرم من معاونتهم بل كان يمد يد العون لهم  دون حتى أن يطلبوا منه فأحبه زملائه وتقربوا منه أكثر لما لاقوه  من دماثة خلقه واحساسهم بمحبته لهم .

كما أقبل صقر علي القراءة وجذبه كثيرا علم الأديان وطوائفها.

مرت السنوات وطبقا لخطة الخان التدريبية فما إن بلغ صقر سن الشباب حتى التحق بندوات أسبوعية تثقيفية يتم عقدها بعد تناول الشباب وجبة العشاء .

 

هدفها المعلن هو شرح الأهداف الرئيسية لجماعتهم طبقا لمقررا محدد مسبقا من ولاه الجماعه، فكان الشيوخ يقصون عليهم تاريخها وكيف تأسست على يد حسن الصباح وما تقوم به الجماعة من مهمات كانوا يصفونها للفتيه بأنها مقدسة , تحت مسمى رفع راية الدين , مقاومة ظلم الولاة الفاسدين , مقاومة الصليبيين وما تواجهه الجماعة من أخطار.

 

اما هدفها الرئيسى, فكان الوصول بهم إلى حالة من إيقاف العقل فى كل امر يصدر إليهم مغ تدريبهم على الطاعة العمياء لأميرهم أيا كان أمره إليهم ومهما كان ما يطلبه منهم فعليهم التنفيذ دون مراجعة وبأن يؤمنوا بأن أميرهم هو خليفة الله فى الأرض .

 

وذات مرة بإحدى الجلسات

صقر: طاعة دون مراجعه يا معلمى ؟

المعلم : نعم ...منزله أئمتنا تفوق سائر البشر

صقر : حتى وإن كانت من المحرمات ...كالقتل ..والسرقة؟

المعلم : الغاية تبرر الوسيلة يا هذا

صقر : عذرا فالغاية لا تبررالوسيلة أبدا إن كانت ضد شرع الله ...فالقتل له مبرراته وشروطه الشرعية ...فهو إما لقصاص أو لحماية المقدسات والأعراض وإلا تحولت الحياة إلى غابة

 

المعلم محتدا :خليفتنا وأميرنا يرى ما لا نراه و يعلم من الغيب ما لا نعلمه.

صقر معترضا(موجها كلامه إلى الشيخ ) : كيف هذا يا شيخنا ...لا يعلم الغيب إلا الله.

المعلم غاضبا : أن لله عبادا يهبهم هذه الصفة وأئمتنا منهم ولا تتجاهلني يا عديم الأدب

صقر : لكن...

المعلم مقاطعا غاضبا :أصمت يا فتى ... واكفنا من جدالك العقيم هذا....يبدوأنك بحاجة إلى عقاب يعلمك آداب الحديث مع معلمك
تدخل الشيخ ملطفا الحديث : أهدأ يا معلم سأوضح الأمر له.
2 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.