HossamElAgamy

شارك على مواقع التواصل

المواجهة
على حدود مصر

توقف ركب الناصر يوسف الذى استطاع اللحاق بأهله فباتوا ليلتهم على حدود مصر انتظارا لحضور قطز و الذي وصل صباح اليوم التالي مستدعيا  الناصر وأهله إلى خيمته.

 

دخل الناصر مبتسما : السلطان سيف الدين قطز ،أشكركم على حسن استقبالكم لنا والأمان الذي منحتموني إياه و أهلي وأعدكم أن أكون خير معين لكم في جهادكم للمغول

قطز:قاطبا حاحبيه مرحبا بأهلك أيها الناصر... أهلك فقط

الناصر متلجلجا :ماذا أهلى، أهلى فقط وأنا... وأنا يا سلطان مصر

قطز : لا مكان لك عندى ..

الناصر : لكن...لكن.. أين أذهب ؟  لم يعد لي ملجأ سوى مصر

قطز بهدؤ : أعلم

الناصر بصوت قارب علي البكاء : وعلى الرغم من هذا تتخلى عنى

قطز :أنت من تخليت عن نفسك حين خنت دينك وقومك أعطاك ربك أمانه فبددتها و أضاعتها بعنجهيتك و طمعك

الناصر بتضرع :اعلم، لكن الله يغفر أعطني فرصة أخرى أجرني أيها السلطان أم تراك تحاسبني على ما كان بيني وبين الراحل أيبك وبينك

 

وقف قطز و بدأ يدور من حول الناصر

قطز : لا أيها الناصر علي الرغم أنني الآن أحوج لكل رجلا فى حربى مع المغول لكن أنت بالذات لا ، يا من استعنت بالصليبيين فى حربك ضدنا, أتذكر الملك لويس التاسع  الذى أرسلت تطلب الإتحاد معه علينا , فأرسل يقايض الراحل أيبك إما أن نحرر له أسرى المنصورة دون دفع فديتهم أو سيتحد معك , فوافق أيبك على خسارة الفدية و رفض لويس أن يتعامل معك بعدها ..أتذكر

الناصر خجلا : نعم

 

قطز : ألم تتجاهل الملك الكامل فى حصار المغول له حين طلب النجدة منك ؟ ألم تمتنع عن نصرة الخليفة العباسي حين استغاث بك هو أيضا قبل سقوط بغداد؟

الناصر صارخا : قطز أنا ...أنا حفيد صلاح الدين كيف تفعل معي ذلك

قطز مشيرا له بيده : إهدأ،  إهدأ ،أنا ما أتيت بنفسي للقائك إلا لسببين أولهما احترامي واجلالي لجدك صلاح الدين والذي لا شك أنه قد تبرأ منك الآن , ثانيهما لكي أرى حالك فاتعظ و اتعلم أن أمان الدنيا فى طاعة الله وأن أخذ منك العبرة فاتقي الله في نفسي و في أهلي وشعبي

الناصر باكيا

 

قطز :والآن إليك قراري ,أهلك على الرحب والسعة بمصر أما أنت فلا ولتعلم أن بمصر حملة للتبرع لتجييش جيشها بالرجال والعتاد لذا فكل مجوهراتهم وأموالهم ستصادر ولن يتبقى لهم سوى القليل من المال يعيشون به إلا أنني سأدبر لهم قصرا يقيمون فيه طوال فترة إقامتهم بمصر والآن سأترككم تباحثوا و تتخذوا قراركم،  أما أنت أيها الناصر فنصيحتي لك لقد عشت خائنا فمت كالرجال 

مادت الأرض تحت قدمي الناصر الذي سقط علي اقرب كرسي له لا يصدق ما سمعه من قطز وهو لا يدري  ماذا يفعل ولا الي اين سيذهب

 

فى الخان

صقر : لماذا يا معلمي ..لماذا؟

المعلم مخرجا سيفه ومتقدما نحوه من خلف فرسانه

المعلم :أن تضرب كل العصافير بسهم واحد , الشيخ وقاسم وأنت فأصبح أنا الآمر الناهي للجماعة بخلاف ما سأكسبه من الحافظى هيا ادخل ودعنا نتقاتل

أجلس صقر شيخه مشهرا سيفه الثاني وتقدم من معلمه الذى ما أن وقف صقر أمامه حتى ارتد خلف رجاله مرة أخرى صارخا فيهم

المعلم : اهجموا عليه و  اقتلوه

 

أكثر من ثلاثة عشر فارسا تحفزت أطرافهم للهجوم علي صقر الذى قرر أن يقاتلهم دون استسلام بل وسيقاتلهم بكل قسوة ولن يرحم أحدا ....

فبادر بمهاجمة الأربعة الذين يحرسون الباب ,فصد بسيفه ضربة من أولهم وعاجله بضربة قدم في صدره ألقته للخلف ثم  طعن بطن الثاني ومال بجزعه متفاديا ضريه من الثالث الذى تلقى منه طعنة نجلاء في كتفه أما الرابع فكان نصيبه ضربة بترت ذراعه عن جسد صاحبه للأبد ثم عاجل صقر أولهم بضربة سيف عميقة اخترقت عظام فخذه  فغامت الدنيا في عينيه من كثرة الدماء التي فقدها حتي فقد القدرة على الوقوف و المقاومة .

 

أمسك صقر بتلابيبه جاعلا منه درعا يحميه من هجوم بقيه زملائه داخل الخان وقد صار الرجل كالخرقة البالية بين يديه.

فخفف زملائه من هجومهم على صقر خوفا أن يقتلوا زميلهم الذى بين يديه.

انتهز صقر الفرصة فأخذ يهاجمهم أكثر وأقوى فأصاب أحدهم وقتل آخر.

 

من بعيد لمح المعلم ما يقوم به صقر فما كان منه إلا أن شد قوسه مسددا سهمين أصابا ظهر درع صقر الآدمي فقتله, ليتحول الفارس بين يدى صقر الى عبئا ثقيلا فتخلى عنه  .

عاود الفرسان تشديد هجومهم علي صقر الذي أيقن أنه ميت لا محالة إلا أنه قرر الصمود لآخر رمق واضعا صورة حبيبته التي تنتظره أمام عينيه فأردي منهم إثنين جديدين.

 

مع مرور الوقت، تكالب عليه الفرسان الخمسة المتبقون وقد بدأ يتملكه الإرهاق فتراجع شيئا فشيئا الى الوراء حتى حاصروه بأحد أركان الخان وعلى الرغم من إصابة ذراعه بطعنتين إلا أنه استمر في المقاومة فقتل إثنين آخرين منهم.

المعلم صارخا :صقر, لقد  إنتهي أمرك اقتلوه بضربة واحدة 

 

وقف الفرسان بجوار بعضهم وتأهبوا للهجوم عليه معا بضربه واحده كأمر معلمهما وتأهب صقر لهما ناطقا بالشهادتين في سره.

فجأة شقت حفنة من السهام السماء لتنغرس في ظهريهما و أرجلهما بإصابات مباشرة و بمنتهى الدقة

ارتعب المعلم وهو يرى سقوط رجاله صرعي على الأرض واكتملت المفاجأة باقتحام قلاوون ورجليه للخان بخيلهم  فى الوقت المناسب .

 

توجه قلاوون  الى صقر : أنت بخير؟ والله لو لم ألحق بك لكان هذا آخر يوم فى حياتي وما رحمني بيبرس(ثم أبلغه برسالة بيبرس)

صقر :حمدا لله, أريد حصانا لا لحق بالأمير (ودون انتظار لرد من قلاوون توجه إلى شيخه ) حمدا لله على سلامتك ستلحق بي مع الأمير قلاوون أستأذنك الي حيث أذهب

 

وقبل ان يتحرك , اذا بذلك الفارس الذي خلف الباب عند دخول صقر عائدا بقاسم , يخرج من مكمنه  مناديا : صقر، أخي... صقر

التفت الجميع و تحفزوا للقادم

التفت صقر فإذا بغسان زميله يصل إليه ضاحكا: أخي صقر، أوحشتني

احتضن صقر غسان : وأنت أيضا وأشكرك عاي تحذيرك لي

حاول غسان أن يرد إلا أن صقر أكمل حديثه : أعذرني يا أخي فيجب أن أرحل علي فور و إلحق بي مع الأمير قلاوون

 

ما إن التفت صقر ليتوجه لركوب جواده حتى عاود غسان الواقف خلفه الصراخ بإسمه مرة أخرى

غسان: صقر ، احترس ....احترس

فإذا بغسان يطرحه أرضا صارخا ألما بعد تلقيه سهما بصدره 

أخذ قلاوون يتلفت باحثا عن صاحب هذا السهم فلمح المعلم الذي أراد قتل صقر وهو يسرع صاعدا الى الأدوار العليا بالخان طلبا للهرب بعدما تلقي غسان السهم عن صديقه.

قلاوون مشيرا عليه : ها هو ذا بأعلى الخان

سدد أحد رجليه سهما بإتجاه المعلم إلا أنه تفاداه وأفلت منه مستكملا طريقه للهروب من فوق سطح الخان. 

 

قلاوون هاتفا : لا تطارداه و قيدوا من بقي على قيد الحياة منهم

مال صقر محتضنا زميله وعيناه دامعتان : غسان صديقي، لما فعلت ذلك؟

غسان بضعف: لا عليك يا اخي انا فدائك

صقر: أنقذت حياتي مرتين (تسقط دموعه) وها أنت تموت بسببى

غسان متألما : أسرع لما كنت منطلقا لأجله و لا تقلق على سأعيش إن هو إلا…

ثم صمت وأغلق عينيه اللتان فرت منهما دمعتين أحداهما ألما من السهم  و الأخرى حزنا علي فراق الدنيا

اسبل صقر عينا صديقه

 

صقر مقبلا رأسه : سامحني يا صديقي، علي أن أرحل الآن لكن أعاهدك أن أنتقم لك من هذا المجرم – ثم رفع رأسه - أمير قلاوون ارجو أن توكل دفن صديقي لأحد رجالك وسأكون ممتنا لك شيخي آلا صليت عليه قبل اللحاق بنا.

قلاوون : لا عليك ..اذهب الي بيبرس و سأحاول اللحاق بكما

 

انطلق صقر  إلى عسقلان بفرسه ينهب به الأرض نهبا وقلبه ينفطر حزنا علي زميله غسان ويحترق هلعا وخوفا أن يفشل في انقاذ حبيبته فمن المؤكد أنه لن يتحمل فكرة أن يعيش من غيرها او أن يصيبها مكروه بسببه .

صلي الشيخ علي غسان ثم انطلق برفقه قلاوون للحاق بصقر بعدما تركا الفارسين ليتما دفن غسان علي أن يلحقا بهما و بصحبتهما أسرى الخان المصابون بعدها .

 

على أطراف مدينة عسقلان ,تخفي بيبرس عن الأنظار منذ وصوله انتظارا لقدوم صقر الذي وصل أخيرا وقد وصل الى حافة الانفجار من القلق على محبوبته .

بيبرس :  حمدا لله على سلامتك ,كيف حال شيخك هل أنقذته؟

صقر برد مقتضب : بخير ,هل نهجم الآن(وبدأ يشد لجام فرسه)

بيبرس رافعا يده :انتظر... التهور حماقة ,عليك بدراسة ميدان معركتك قبل أن تهجم والا ستصبح خسائرك كبيرة حتى وإن فزت بالمعركة و لقد أرسلت الجنديين اللذين معي للاستطلاع و استكشاف منزل عروسك

 

بعد قليل، عاد فارسي الاستطلاع مع اقتراب قلاوون ومن معه نفس الوقت من مكان بيبرس 

وبدأ الجميع في الاستماع  لشرحهما والذي كان ملخصه أن بالبيت أربعة فرسان  ثلاثة منهم بداخله أما رابعهم فهو بالخارج يراقب الطريق  .

 

 غزة   

انصاع الناصر لقرار قطز و ترك أهله بين يديه ورحل عن حدود مصر حتي وصل إلى مشارف غزة حيث توقف شاردا ليلتقط أنفاسه هو وأخيه الظاهر الذي قرر عدم التخلي عنه ومصاحبته

الظاهر : أرأيت نهايتنا, تيه وتشتت بصحراء سيناء كتيه بني إسرائيل

الناصر لا يرد

الظاهر حزينا : هذه نهاية الظلم و معصية الله

 

الناصر صارخا :ماذا بك؟ يمكنك البقاء بمصر , أنا لم أطلب أن تخرج معي , أنت من أردت مرافقتي

الظاهر : لديك كل الحق لكن كما قلت لك سابقا فأنا لا أستطيع تركك, فأنت بالنسبة لي كوالدي

الناصر: إذن أصمت ودعنا نرى ما نحن فاعلون فعلينا الاختباء بغزه و التنكر بأي صوره الى أن نلجأ الى أى قلعة صليبية

الظاهر  متفاجئا : قلعة صليبية !!! آلا تذكرت وصية قطز

الناصر : آلا صمت

 

ثم أمر الناصر أحد مرافقيهما من الجنود بالذهاب لإحضار طعام يأكلونه علي ان ينتظرونه بجوار شجرة كبيرة سيستظلون تحتها الي حين عودته

وما أن وصل الجندي إلى المدينة حتى لمح أحد جنود الوزير الحافظي يسير برفقة بعض جنود المغول فاتجه إليه  وبعد سلام بينهما

جندي الوزير : اين كنت ? واين الناصر ? ألم تهرب معه ...لما عدت

مال جندي الملك علي اذنه  : أعرف أن هناك مكافأة لمن يدل على الناصر يوسف

جندى الوزير ناظرا إليه بدهشة  : نعم وهي كبيرة

جندى الناصر: إذن هلم معى فأنا أعلم مكانه

جندى الوزير : حقا

 

أسرع به جندي الوزير  إلى قائده المغولي الذي يرافقه مخبرا اياه بالمعلومة التي عرفها فألقى القائد المغولي كيسا من المال الى جندى الناصر وأمر جنده بالذهاب معه واقتياد الناصر الى هولاكو على الفور.

 

فى عسقلان

انطلق بيبرس وصقر يتبعهما فارسين نحو بيت العروس وما ان لمحهم مراقب الطريق من رجال جقمق المتواجد خارج البيت حتى أبلغ قائده ليتأهب ثم أسرع مختفيا خلف البيت كتأمين خارجي لزملائه.

 

وقف بيبرس خلف صقر أثناء طرقه لباب البيت متظاهرا بالفرح

بيبرس بصوتا مسموعا: هنيئا لك يا صقر و لتسرع بإحضار المأذون فعلينا الرحيل من فورنا

صقر بفرجة : على الفور يا أميري ...لن تتأخر

فتح أحد رجال جقمق متنكرا بهيئة واحدا من خدم البيت مرحبا بهما .

 

دخل صقر و بيبرس وبقي الفارسين المصاحبين لهما بالخارج للحراسة.

صقر مفتعلا الإندهاش : من أنت ? هذه اول مرة اراك

الفارس بإبتسامة : هذا اول يوم لي سيدي

هز صقر رأسه مبتسما

بيبرس متلفتا معاينا البيت : يا له من بيت بديع منسق وجميل( ثم إلتفت الى صقر) أين العروس ؟

 

إن هى إلا ثوانى حتى دخل عليهما جقمق محييا ومرحبا وقد التمعت عيناه بنشوة الفوز , أخيرا هاهو غريمه يقف أمامه , هذا الذي كان السبب فيما آل إليه حاله الآن....

نظر له بيبرس مبتسما وهو يقترب منه مسلما عليه

 

بيبرس :لابد وأنك عم العروس , تمم الله بخير

اقترب جقمق متظاهرا بالفرح : سيتمم ...سيتمم

وقف صقر بين الاثنين وبقلق : أين سمر ؟

جقمق موجها أمره الى من فتح الباب : احضر سمر يا برقوق

صقر ناظرا إلى برقوق :الكل يا برقوق , أحضر الكل 

نظر برقوق إلى جقمق فأومأ له بالموافقة .

بيبرس مفتعلا الاندهاش : برقوق اسم غريب ,لا يطلق إلا على المماليك بمصر

جقمق مبتسما : يا لفراسة الأمير, هو فعلا مملوك

بيبرس لصقر : ما الأمر يا صقر لما صرت قلقا متوترا هكذا

جقمق ضاحكا : سيدي الأمير الزواج ليس سهلا علي شباب هذه الأيام

بيبرس قاطبا حاجبيه مشيرا اليه : لما اشعر و كأني رأيتك سابقا

جقمق : بالشام

بيبرس : كلا ...بمصر

جقمق : مؤكد صقر أخبرك أني تاجرا من مصر و اعيش بها منذ أكثر من عشرين عاما

بيبرس مبتسما : صحيح ...صحيح ...انا من نسيت

ثم اخذ يتحدث معه عن احوال مصر و ان هي إلا دقائق حتى قطع حضور سمر برفقة عمها وحسان وقد تملك الإعياء والرعب منهم و ما إن لمحت صقر حتي انطلقت مرتميه بين ذراعيه وقد أخذ يدقق النظر فيها وكأنه يتفحصها.

 

صقر ممسكا بخديها بكلتا يديه:أنتى بخير؟

فأومأت سمر له برأسها باكية .

نظر صقر الى عمها وأخيها حسان اللذان وقفا بجانبها يرتجفان مسلما عليهما .

بيبرس متجاهلا حالتهم : جميله بحق يا صقر, هنيئا لك يا أخي والآن لننهى ما جئنا من أجله (وبصوت مرتفع)  قلاووووووون

ما إن سمع قلاوون المتخفي بهيئة أحد الحارسين خارج باب البيت إسمه حتى هجم على فارس جقمق المختبئ خلف البيت .

 

أما بالداخل فقد أصابت المفاجأة جقمق بالشلل , ففي أقل من نصف دقيقة كان الفارسين اللذان معه مكومان أرضا بعد ما جندلهما صقر و بيبرس بضربتين من سيفيهما.

 

أما هو فقد جمد مكانه لا يصدق ما يحدث مذهولا لكن لمسه من سيف بيبرس على عنقه كانت كافية كي يفيق من غيبوبته

بيبرس مبتسما : جقمق , أفق يا رجل

جقمق : كيف ...كيف هذا ؟ أنا لم أرفع سيفا حتى

بيبرس ضاحكا : لا تسأل , قلاوون قيده

قلاوون : لما لا تقتله

بيبرس : لا 

قلاوون : لقد كان يريد قتلك

بيبرس :إن هي إلا فورة ورغبة فى الانتقام جراء ما حدث له

قلاوون : لكن

 

جقمق مقاطعا : تعفو عنى ؟

بيبرس : أنت رجل شجاع وذكي , مصر أولى بك

جقمق مندهشا : ماذا

بيبرس : نحن نحتاج كل فارس في حربنا مع المغول و انا لن اساعد التتار بقتلك بل سأرميهم بك

أخذ جقمق يتلفت حوله ناظرا في وجوه الجميع ثم ارتد في مواجهة بيبرس :  وأنا رهن أمر مصر و أمرك

بيبرس :بل أمر مصر وأمر السلطان

جقمق :و لك عندي عهدا بالأمان والإخلاص أيها الأمير

دنا قلاوون من اذن بيبرس هامسا : هل ستأمن له هكذا

ابتسم بيبرس له وهو يستدير به مبتعدا خطوتين عن الموجودين : ستري ان لم يفعل ما سأطلبه منه ...اقتله في الحال

 

ارتد بيبرس نحو جقمق مربتا علي كتفه : مرحبا بك بين صفوفنا و بالنسبة لكل ما حدث ها هنا فلا أحد بمصر و لا حتي السلطان سيعلم به ... لكن هناك أمرا ما وجب عليك فعله

جقمق : وما هو ?

اشار بيبرس برأسه الي سمر و أهلها فالتفت جقمق اليهم و بلا تفكير تقدم منهم خطوتين حتي بات واقفا أمام العم

جقمق : أعذرني يا عم ...لقد ساقني الحقد لفعل ما فعلت – ملتفتا الي صقر – و أنت أيضا ارجو ان تقبل اعتذاري و أتمني لك زواجا سعيدا

صقر : لا عليك

اومأ بيبرس برأسه مبتسما الي قلاوون الذي وضع سيفه في غمده ثم توجه بعدها إلي سمر محافظا علي إبتسامته :كيف حال عروسنا؟

سمر وقد بدا الارهاق على وجهها : أشكرك يا مولاي الأمير ( ثم التفتت الى صقر ) أحقا عدت (تملأ الدموع عينيها) أنا لا أصدق

صقر مبتسما وهو يمسح دموعها : أكنتي تشكين فى ذلك ؟

سمر :كلا, لكن خفت.... خفت أن يقتلني هذا الرجل قبل أن أراك...

 

صقر: وأنت لا تدرين كم كنت قلقا عليكي ولم أكن لأسامح نفسي إن حدث لكى أى مكروه( أمسك بيدها ) سمر أحبك

سمر: حقا أم لازلت تشك في الأمر

صقر: حقا أحبك فلا هو بحرمان ولا بتجربة

تورد خداها خجلا و نظرت إلي الأرض وبصوت هادئ

سمر : وأنا أيضا ....أحبك...

صقر:  أتتزوجينني؟

سمر متورده : نعم ...

توجه صقر علي الفور فرحا مبتسما الى العم الجالس بجوار حسان 

صقر : يا عم ,هل لى أن أطلب يد ابنة أخيك , سمر

ابتسم العم ونظر إليها فإذا بها تبتسم .

العم : صقر, لا شك أنك رجلا شهما وذا مرؤه لكن هلا قلت لي من أنت ؟من أهلك ؟مما تتكسب قوت يومك ؟ أين ستعيش ؟هناك الكثير يجب أن أعلمه قبل أن أوافق أو أرفض

أرادت سمر مقاطعته فأشار لها بالصمت وأكمل

 

العم : ماذا تعمل؟

صقر لا يرد

العم بغضب : دعني أجيب أنا عنك, حشاش( انتفض صقر ) قاتل ,تتكسب قوت يومك من دماء الناس

أصاب الذهول سمر وبرقت عيناها

أكمل العم : سمر ( مشيرا على صقر) كنتي قد سألتني عن معني حشاش.. هي جماعة من القتلة التى لا ترعى حقوق الله وهو احد افرادها

سمر: صقر , ما الذى يقوله؟

صقر لا يرد 

العم : لا يستطيع أن يرد

تساقطت الدموع من عيني سمر واسرع صقر ليخرج فأمسك بيبرس بذراعه موقفا اياه : انتظر

ثم سحب صقر مقتربا من العم

 

بيبرس : توجه أنت يا قلاوون إلي الميناء ورتب لرحيلنا على أى سفينه إلى مصر  سفينه خاصة يا قلاوون لا يركب بها معنا أحدا ( ثم نظر الى العم مبتسما ) استمع إلي أيها العم الطيب , كل ما قلته صحيح , لكن تنقصك تفصيله مهمة أن صقر هذا لم يكن أبدا حشاشا قد يكون من أعضائها إلا أنه لم يشارك فى أى من جرائمها المعروفة بل إن كل ما شارك فيه كان لخدمة الله والوطن والا ما كنت اخترته رسولا لسلطان مصر .

العم : عذرا يا أمير لكنك لم تعاشره أوتعرفه عن قرب

 

بيبرس : لست أحتاج المعاشرة حتى أتعرف على الناس يكفيني منهم فعلا واحدا لأعرف نوعهم وهو بمنزلة أخي فإن كنت تريد من عاشره فهذا شيخه يمكنك سؤاله عن كل احواله فهو من رباه و علمه

العم ناظرا للشيخ :  انت ...ظننتك مأذونا

بيبرس مقاطعا  :إن كنت تبحث عن عائلته فها أنا أمامك أخيه الأكبر و هاك مهر العروس(أعطاه صرة كبيرة من النقود)  وولي أمره، أما إن كنت تبحث عن رجل يصونها فأظنك قد رأيت منه ما يجعلك تطمئن علي إبنه أخيك

العم مبتسما: حتى وإن وافقت فلن نستطيع إتمام هذا الزواج فهو شيعي ونحن سنة

تدخل هنا شيخ الخان : كلا هو سنى وأنا أشهد الله بذلك، هو سني الأصل و لم يقتنع يوما بتعاليمنا

انتبه الجميع بما فيهم بيبرس وقد ألجمتهم تلك العبارة التي ألقاها الشيخ

 

الشيخ: عذرا هي قصه طويله ليس وقتها الآن لكن أقسم أنه سني  

العم متلجلجا : يبدو أنني قد حوصرت , يا سادة , أنا لا أستطيع انتقاص كل ما فعله مع ابنه أخي منذ هروبها حتى الساعة لكن اعذروا قلقي فهي أمانه عندي 

رنت هذه الجملة داخل أذن صقر فقد سمعها منذ سنين عديدة علي لسان عمه  لكن  كانت بهدف بيعه.

اقترب صقر من العم : سواء قبلت بي أم لم تقبل فأنا أرجو أن تقبلني إبنا لك

بيبرس ضاحكا: سيقبل لا تقلق ,بل وسأرسل في إحضار المأذون على الفور

أحس العم بالحرج لثوان ثم نظر إلى الجميع وابتسم : على بركة الله مبارك زواجكما( محتضنا إبنه أخيه)

أسرع صقر شاكرا و محتضنا إياه ومقبلا يداه وبدات العروس بالبكاء مجددا لكن من الفرحة هذه المرة.

جلس العروسان فوق أريكة موضوعة بجوار باب المنزل انتظارا لحضور المأذون وبديا كأنهما قد انفصلا عن كل ما حولهما أو صارا بجزيرة منعزلة عن العالم... لا يسمعان ولا يشعران بأحد..

 

سمر: قل لي , ألم تنته مهمتك ( أومأ لها برأسه ) أمط اللثام عن وجهك و دعني أراك فقد أوحشتني

ما إن رفع قناعه حتى انفرجت أساريرها من الفرحة

سمر: والآن أعلم أن لديك الكثير والكثير عن حياتك لتقصه لكن مبدئيا قل لي ما سبب عدم إماطة لثامك منذ خروجنا من مصر

 

ابتسم صقر لها ودون أن يرد عليها توجه ليقف بجانب بيبرس

شهقت سمر : يا إلهي كأنكما أخين أو توأمين فما بينكما من اختلاف لن يلحظه إلا من يعرفكما حق المعرفة

صقر : لذا خفت أن أكشف عن وجهي فيهاجمني جقمق قبل أن أنهي مأموريتي.

سمر : ولما؟

صقر : جقمق من مماليك مصر ويعرف الأمير بيبرس وخروجه خلفي جعلني أحس أن هدفه بيبرس لا أنا خاصة وأن السلطان قطز كان قد وافقنى على الرحيل دون حرس أو جند من طرفه

سمر مقتربة منه: الحمد لله الذي وهبني رجلا فارسا,شجاعا وذكيا مثلك ....

صقر: بل الفضل والنعمة أن وهبني اياك يا من وهبتني السكينة والعائلة التي أبحث عنها ...

سمر: حبيبى .. 

بيبرس متنحنحا مقاطعا إياهما :عذرا لقد حضر المأذون .
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.