HossamElAgamy

Share to Social Media

صقر بيبرس
قصر الناصر يوسف

مع آذان الفجر وعلى أبواب قصر الناصر أعلنت حالة الطوارئ لصد هجوما من فرسان ملثمين فتكالب حرس القصر عليهم وقاموا بردهم بعد ما أسقطوا منهم الكثير من القتلى و فر من بقى حيا

استيقظ الناصر مرتعبا وأرسل يستدعي أخيه الظاهر الذى كان على رأس الحرس المقاوم للمعتدين ليطمئنه وإن هي إلا دقائق قليلة حتى دخل الوزير الحافظي إلى قاعة الحكم بعدما بلغه خبر الهجوم وصده ثم لحق به الظاهر

الظاهر : مولاي أنهم بعض مماليك البحرية
الناصر متفاجئ و بحزن : بيبرس ؟ أيكون هو ?
الظاهر : لم نلمحه بينهم وأغلب الظن أنه لم يكن معهم أو حتى يعلم بما فعلوه بيبرس ليس بخائن (ناظرا للوزير)
الحافظى معترضا : لا أظن مماليك البحرية تقوم بهجوم كهذا دون إذن منه (بخبث ) فهو كبيرهم الذى علمهم السحر
الظاهر : إهدأ قليلا يا حافظى ولا تدع كرهك له يتحكم فيك إن كان هو من أمرهم بتلك الهجمه فما كان ليتركهم
الحافظى غاضبا متجاهلا غازى: مولاى إلى متى سنصبر على هذا ال بيبرس ورجاله ؟ هاهو يحاول اغتيالك.

الناصر مرتجفا :دعك منه الآن فأنا أميل الى قول غازى حقا لقد أصبح الوضع شائكا
الحافظى : مولاى لكنه أراد اغتيالك و..
قاطعه الناصر وكأنه لم يكن يستمع إليه :دعنا ننقذ أنفسنا أولا عليك أن ترسل الى قطز والمغيث مرة أخرى كما قال بيبرس
غضب الحافظى : لكن مولاى هكذا
الناصر صارخا فيه :صها أيها الوزير ودعني أنهي كلامي - متنهدا - و عليك بإرسال أهلي وأبنائي إلى مصر اليوم وليس غدا و محملين بكل الأموال أسمعت على الفور
الحافظى: أمر مولاى
الناصر : وسترسل أيضا إلى هولاكو
برقت عينا الحافظى (هامسا لنفسه) يا لك من ذئب عجوز( ثم الى الناصر) : نعم الرأي يا مولاى و سأذهب من فورى

استدعى الحافظى حاجبه فور خروجه وأسر له بأمر ما ليقوم به علي وجه السرعه.
الظاهر : ما الذي تفعله أيها الناصر؟ أهذا ما تفكر فيه نخون أو نهرب بئس ما تقوم به
الناصر : لم يعد لدينا إختيار يا أخى دعنا نكسب وقتا لعل الله يمد لنا في أعمارنا ونعوض ما خسرناه
الظاهر : أي عمر هذا الذي تبحث عنه , أتريد أن تعيش المتبقي من عمرك مكللا بالخزي و العار موصوما بالخيانة
الناصر باكيا : يمكنك الرحيل مع أهلنا إن أردت فنضم الى قطز أو حتى بيبرس

الظاهر حزينا : للأسف لن أستطيع أن أتركك فأنت من ربيتني وبمكانه أبى لذا سأظل بجانبك لعلي أساعدك وليفعل الله أمرا كان مفعولا وليغفر لك ولي
الناصر : إذن تجهز للرحيل في أي وقت فلعلنا نلحق بأهلنا أن رفض هولاكو طلبنا .

فى نفس الوقت بالخان
اقتحم قاسم صومعة الشيخ : أين ذهب صقر؟
الشيخ : ذهب فى شأن يخصه وسيعود خلال ساعتين
قاسم غاضبا : كيف يخرج دون إذن منى وأنا قائده
الشيخ : وأنا شيخه و أميركم ...

أمسك المعلم بيد قاسم ساحبا اياه حتى لا يتفاقم الأمر
قاسم وهو يتمتم سرا مع معلمه : والله لأروين سيفى من دمائهما
المعلم :إلتزم يا قاسم أنا لا أسمح بمثل هذا الحديث عن شيخنا ثم ما الذي يغضبك هكذا هذه ليست أول مرة يخرج فيها صقر دون الرجوع إليك
قاسم : أنت على حق لكن حين يخرج قبل آذان الفجر متخفيا ثم أستعلم عنه فأجد أن حاجب الأمير بيبرس قد أتى وقابله على انفراد ثم خرجا معا...فما رأيك ؟
المعلم مندهشا : حقا شيئا يدعو الى الريبة والشك
قاسم معترضا :فقط!! بل إن هناك أمرا خطيرا يدبر من وراء ظهورنا يا(مستهزئا ) يا كبير معلمينا
المعلم متجاهلا سخريته: وماذا سنفعل ؟
قاسم :ننتظر عودته وعندها نجلس معه ليوضح لنا ما يحدث
المعلم : و إن لم يعد ؟؟

قبل أن يجيب دخل عليهما حاجب الوزير الحافظى مقاطعا حديثهما طالبا من قاسم سرعه المثول أمام الوزير فورا.
نظر قاسم إلى معلمه :حدسي يقول أن الأمر يخص صقر أرى الخطر يلوح حولنا فى الأفق
وانطلق مع الحاجب

قصر بيبرس
مرت ساعة من الزمن , أنهى صقر فيها سرد قصة حياته
بيبرس : قصه حياتك بها شبها كبير من قصة حياتى بل لعلها تماثلها فى الكثير من الآراء والمواقف وهو ما يجعلني أثق بك أكثر وبحسن اختيارى لك والآن استمع إلى لديك مهمه خطيره لا أستطيع أن أتأمن عليها سوى شخص مثلك...

ارتبك صقر مما سمعه : شرف كبير أن يقع اختيارك على شخصى وساقوم بأدائها طالما هى فى صالح أمتنا ولا تغضب الله ورسوله
أمسك بيبرس بذراعه : بالتأكيد هى لا تغضب الله هلم معي إلى شرفة القصر فلا أريد لأحد أن يستمع إلينا

داخل شرفة القصر
بيبرس :لتقسم لى بأن يظل كل ما سأقوله لك سرا وألا تبوح به إلا للشخص الذي سأبعث بك إليه .
بدأ صقر بتلاوة القسم إلا أنه أضاف له جملة : إلا إذا كان هذا الأمر ضد الله ورسوله أو من وراءه إهدارا لدماء المسلمين وبني عمومتي من العرب
ابتسم بيبرس : الحمد لله فما اضفته طمأن قلبى بأن الله قد هداني إلى الشخص المناسب أولا سأحكى لك عما يحوم حول أمتنا من أخطار حتى نصل الى المطلوب منك تنفيذه .

فى قصر الوزير
حث قاسم الخطا الى قصر الوزير متوترا يريد أن يصل سريعا ليعرف ما هو هذا الشئ الذي أرسل يستدعيه بسببه في هذا الوقت وبهذا الشكل العاجل فالوزير دائما ما كان يرسل له طلباته مكتوبة دون أن يقابله.
و قد تملكته فكرة أن لصقر ضلعا فيما سيحدثه فيه الوزير الذي كان يتعاون معه بشكل سري من وراء الجماعة في تنفيذ الكثير من المهمات المدفوعة الأجر ، فكثيرا ما قتل له منافسين أو مناهضين لحكمه أو نفوذه بخلاف الاغارات التي كان يكلفه بها على بعض القوافل.

الحافظى لقاسم : لديك مهمه جديده ستقوم باغتيال الأمير بيبرس اليوم وليس الغد وسأدفع ضعف ما أدفعه لك كل مره.

قاسم مندهشا : الأمير بيبرس( نظر ساهما فى الأرض ثم تمتم ) غريب
الحافظى : هل هناك شئ ما لا أعلمه
قاسم: نعم يا سيدي أرسل الأمير اليوم الى أحد فرساننا وطلب لقاءه سرا وإلى الآن لا ندرى ما الهدف
فكر الحافظى قليلا فيما يقوله قاسم : ولم أختاره ولم يتصل بك وأنت قائدهم ؟ ( لم يجب قاسم وبعد ثوان من الصمت) قل لى ما يميز صاحبكم هذا عنكم ؟
قاسم :أفكاره تخالف عقيدتنا و استراتيجيتنا

الحافظى: إذن إستمع إلى ستنطلق الأن الى قصر هذا بيبرس وارقب خروج صاحبكم منه وإلى أين ينطلق فإن لم يعد إلى الخان فهذا معناه أنه يحمل رسالة ما فاتبعه أينما يذهب وأقتله وأحضر لى ما يحمله فورا أما ان عاد إلى الخان فأقبض عليه وأحضره على الفور.

قاسم : لكن فارسنا هذا يعد من أقوى فرساننا
الحافظى:خذ ما تريد معك من فرسان شخصا يثق به بيبرس لابد وأن يكون خطرا مثله إن لم يكن أخطر منه هيا افعل ما أمرتك به
خرج قاسم بعدما أمر الحافظى حاجبه بإعطائه ما يريد من مال واستدعاء كبير حراسى
الحافظى لرئيس حرسه : جهز عددا من فرسانك, ليتابعوا هذا الحشاش وما أن يقتل الفارس الذى سيقوم بمراقبته حتى يقبضون عليه و يحضرونه
كبير الحراس : وإن قاوم
الحافظى : يقتل على الفور بشرط أن يأخذوا كل ما معه
كبير الحراس بعد تفكير: سيدى لدى شخص ذو ثقة يستطيع القيام بهذه المهمة دون أن نتورط فيها (قبل أن يعترض الوزير) وسأرسل وراءهما من يراقبهما .

الوزير:حسنا استمع إلى فلديك مهمة أخرى خطيرة
رئيس الحرس : انا أم أى فرد
الوزير : بل أنت و وحدك مثل كل مره
رئيس الحرس : إلي صديقنا
ارتسمت على شفا الوزير ابتسامه مكر
الوزير :نعم، أخبره أن كل شئ معد لاستقباله على أكمل وجه

على طريق الخان

قام قاسم بربط الأحداث منذ طلب بيبرس لقاء صقر سرا ثم ما طلبه الوزير منه فأيقن بأن أمرا جللا يجرى الترتيب له وكسبا للوقت فقد أرسل مهدي إلي قصر بيبرس ليرقب خروج صقر على أن يرسل إليه من يساعده.

في الصباح الباكر مع وصوله للخان،اقتحم قاسم صحنه كالثور الهائج مناديا بصوت مرتفع على أسماء خمسة من فرسانه ليتجمعوا أمامه على الفور طالبا منهم الاستعداد بكل عتادهم للخروج بمهمة جديدة ثم أكمل انطلاقته حتى وصل لغرفة الشيخ .

اقتحم قاسم غرفه الشيخ هاجما عليه ممسكا بتلابيبه أثناء جلوسه أرضا قارئا من مصحفا كبير.
قاسم بصرامة : أين ذهب صاحبك ؟ انطق
لحق المعلم الأكبر بقاسم محاولا تحرير الشيخ :دع الرجل لا يجوز ما تفعله يا قاسم.
أخرج قاسم سيفه رافعا اياه أمام وجهه
قاسم :إياك أن تتدخل بيني وبين هذا المخرف ( ثم نظر الى زميل له) أقبض على هذا الرجل (مشيرا للمعلم ) إن قاطعني مرة أخرى والآن أيها العجوز تحدث وإلا قتلتك.
ابتسم الشيخ : موتى ليس بيدك أيها الأحمق ما أنت إلا الوسيله التى حددها الله لى ليس إلا

قاسم: ارحم نفسك اذا و اجعل نهايتك سريعه وسهله
الشيخ : اسمع يا هذا ما الحياه الا نعمة من الله هو مالكها الوحيد وما نحن إلا وعاء نحفظها بطاعتنا أو نلوثها بعصياننا فبيد الله المحيا وبيده الممات
قاسم وهو يخنقه : لسنا فى درس للوعظ هنا انطق يا رجل أين ذهب صقر؟

ثم سدد له ضربة قوية بقبضة يده حاول المعلم أن يتدخل الا أن قاسم نظر إليه شذرا ورفع إصبعه في وجهه محذرا إياه من التدخل.
حاول الشيخ الوقوف الا أن جسده لم يسعفه فظل مكانه يتألم ويمسح خيطا من الدماء يسيل من فمه .
الشيخ بهدؤ : لن تجد الإجابه التي تريدها (يسعل )وإن كنت أملكها فوالله لا أبوح بها أبدا والآن آلا تركتني اصلى صلاتى الأخيره قبل أن تقتلني
رفع قاسم سيفه :عليك اللعنة انطق بما تعلمه أو اتل شهادتك
الشيخ:( أن الروح من أمر ربى ) أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
رفع قاسم سيفه :عليك اللعنة

فى قصر بيبرس
بيبرس :أعد على ما قلته لك...
صقر : سأرحل من فوري إلى مصر لمقابلة سلطانها لأخبره برسالتك على أن أعود بعلامة منه فى حال قبوله رسالتك والأن أين هى الرسالة ؟

بيبرس: رسالتي سيحملها لسانك فاستمع (ثم اقترب من أذنه يتلوها عليه) إلى قطز فقط ياصقر وأمسك كيس المال هذا لمساعدتك فى الطريق
صقر : على الله التوفيق
بيبرس : طلب أخير أعلم أن رحلتك تستغرق تقريبا أكثر من عشرة أيام ذهابا وعودة لذا أرجو أن تحاول العودة بأسرع وقت ممكن فأنا أحس بالخطر وقد لا يمر أسبوعا حتى نجد التتار فوق رؤوسنا هاهنا

صقر مسلما عليه : سأقوم بالمهمة بأسرع ما يمكن وسأعود بالبشارة إنشاء الله لكن ألم تقطعها في سبعة أيام حين هربت (أحس صقر بالحرج من الكلمة )عفوا مولاى أقصد حين خرجت من مصر.
بيبرس مبتسما: لا عليك أنا مشهور بسرعه قطع المسافات فى أقل مما يقوم به الناس من وقت
صقر:أن سارت الأمور كما نتمنى أعدك أن اكسر رقمك هذا

بيبرس ضاحكا :كم أرجو هذا بل وسيفرحني , صقر أعلم أن مهمتك قد تكون نقطه فاصله فى كل ما يجرى حولنا من أحداث
صقر : لا تقلق سأعود إليك بأسرع وقت وإن كانت آخر ما أقوم به فى حياتى استاذنك فى الرحيل
بيبرس : عند إنهائك المهمة سأكافئك بجزيل العطاء.
صقر :سيدى أنا لم أكن يوما باحثا عن مكافأة أو شيء من هذا القبيل همى كان دائما خدمة دينى وبلدى
بيبرس : لماذا ؟ أليس لك حلما شخصيا تتمنى تحقيقه؟

شرد صقر قليلا ثم التفت الى بيبرس مبتسما
صقر: ليس لمثلى أن يحلم فأحلامى بعيدة المنال بل هى المستحيل نفسه
تقدم بيبرس خطوتين حتى لامست يداه سور الشرفة ناظرا إلى البحر
بيبرس: فقد فرضت عليك العبودية والرق
دنا صقر من بيبرس ليقف بجواره شاردا : بلا عائلة يتيما فاقدا لطفولتي
بيبرس: مفتقدا حنان أمك ورعايتها وتدليلها
صقر مسهبا : بلا أب تخشاه وتشتاق الى عودته من العمل طفلا و ترتوي من حكمته شابا

بيبرس: أن تتحول من صغرك الى جندى كل ما عليك هو التدرب صغيرا وأن تقتل أو تقتل كبيرا
صقر : بلا أهل أو عمومه ليس لك سوى أشخاص تفرضها عليك حياتك الجديده
بيبرس : أن تتعايش معهم رغما عنك
صقر: ألا تحب و تعشق فتاة ما وتتزوجها
بيبرس: أن لا يكون لك بيتا وسط المروج الخضراء
صقر : فلا تصحو فجرا لتركب فرسك مقتحما به عباب الضباب.

بيبرس: ممنوع عليك أن ترتحل متى تشاء لتستمتع بحياتك.
صقر:أن تتحول إلى آداة في يد سيدك أو أميرك..عليه الأمر وعليك التنفيذ
بيبرس :أن تعيش برفقة الخوف والقلق من مؤامره قتل أو خيانة
صقر وقد ترقرقت عيناه بالدموع :أن لا يكون لك صديقا حقا أو أخا يحبك ويخاف عليك
شرد الفارسين لدقائق وساد الصمت شرفة القصر .

ثم قطع بيبرس الصمت بعدما مسح عبرات هربت من مقلتيه لافحة خده بسخونة عذاب سنوات الرق التي استعاد مرارتها.
بيبرس متنهدا : هيا كفانا أنطلق يا فتى (ممسكا بذراع صقر) على بركة الله
صقر: إلى اللقاء قريبا

انطلق صقر متجها للخروج من باب القاعه
بيبرس(بصوت خفيض) :صحبتك السلامة يا أخى
فوجئ صقر بما سمعه فارتد عائدا إلي بيبرس مرة أخرى
صقر: أخيك؟ (متلجلج) أنا….أخوك ؟
اندهش بيبرس من قدره صقر على سماع جملته المنخفضة النبره
بيبرس : نعم اخى
صقر : لو قلتها بوجهي لظننتك تتملقني لكنك قلتها من ورائي و بصوت خفيض متعمدا أن لا اسمعها
بيبرس بحنان : أنت أخى حقا، منذ سمعت عنك ثم رأيت وجهك و تشابه ملامحنا واستمعت لقصتك المشابهة لقصتي وأحلامك التي تقارب أحلامى فما يعيب بأن تكون أخا لى
عندها فقد صقر كل قدراته لمنع نزول دموعه
صقر: أشكرك يا أميرى وأرجو أن أنجح فيما طلبته مني

ما أن التفت صقر لينصرف حتى أمسك بيبرس بذراعه جاذبا إياه الى حضنه
بيبرس : فى حفظ الله وأمنه يا أخى
صقر مبتسما : السلام عليكم

بيبرس : صقر ...كن صقرى .....صقر بيبرس
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.