لا زال ذلك الفتى يبحث عن أصدقاء والمزيد من الأصدقاء ليسد ذلك الفراغ في قلبه
لا يهمه مبادئهم أو تصرفاتهم أصدقاء سوء أم أصدقاء خير
كل ما يهمه فقط أن يقضوا معه الوقت دون أن يجرحوه
أن يكونوا مثل الطين يتشكلون كيفما أراد عندما يلقي كلمته
أن يستمعون ويصفقون .. يعجبون ويطبلون .. يمدحون ولا ينتقدون .. يحتفظون بالنصيحة في داخلهم كما الكنز المكنون
كل هذا العبث والتزييف لماذا ؟؟
فقط لتقليص ارتدادت تلك الفجوة العائلية وبصورة أكبر الأخوية
علاقته مع أخيه كما المفترس والفريسة
ومع أخته كما الطارد والطريدة
مشتت مبعثر ... لا يشعر بأدنى انتماء فقلبه بعد رحيل والده مدمر
يرى نفسه كقصاصة ورق وسط النيران
ظن أن الحل يكمن في الهروب .. في البحث عن السلام النفسي في العالم الخارجي
وقف البعض بجانبه لفترة وكانوا الداعم الرسمي ونقشوا كلمة السعادة على قلبه بماء الذهب
لم يكن يدرك أن تلك السعادة زائفة كسعادة المخمور بالهروب من الواقع لوهلة
جميع أصدقائه فرقتهم رياح الدهر ولم يتبقى بجانبه سوى الذكريات ومنهم من لم يترك له سوى الآلام والحسرات
إلى أن التقى بذلك البائع وتبادل معه الحديث فأخبره
أن السعادة تبدأ من داخلك بإصلاح ما أفسدته مع عائلتك
بأن البيت وطن والوطن لا يباع ولا يستبدل
وأن السلام الداخلي لن يشعر به ما لم يقم بسد تلك الشقوق والتصدعات بينه وبين أسرته حتى يتحرر من أسره
فهو أسير الحزن في سجن الوهم والمفتاح بيده والقرار يعود لنفسه ولا أحد غيره ..
أخبره أن الأخوة ليسوا كلهم رائعين ولا كل الأمهات رائعات
لكن كن أنت الزهرة وسط الصحراء كن طيباً مع الآخرين فالطيبة التي لا تحمل الحقد حتماً ستشق طريقها للقلوب كما يشق تصادم المياه المتكرر الصخر ....