الساعة : الواحدة ظهراً.
الشمس عمودية على رأس ذلك الرجل المسن وكأنها سهم أنزل في منتصف رأسه
اليدان ترتجفان وقدميه لا يحملانه وحتى ظله بدأ بمغادرته
دوام مستمر لساعات وهذا الجسد بالكاد يقوى على التنفس فكيف له أن يصمد في المشقات؟!
سقط على الأرض ولا أحد التفت لمساعدته ربما لأن الناس اعتادوا على السقوط فما عاد فرقاً بين سقوط المطر وأوراق الشجر وسقوط البشر
العم رأفت يبيع الخبز بعربته البسيطة فلم يسعفه إلا صبي يافع
وبعدها بلحظات أتت والدة الطفل لتجد يدي ابنها ملطختان بالزيت والتراب وقميصه كذلك فسألته : ما هذا وهمت بضربه
فأوقفها العم رأفت قائلاً : لقد ساعدني قبل قليل
فقامت الأم بصفع ابنها حتى سقط أرضاً وصرخت في العم رأفت :
ابتعد عن ابني و أحضر أبنائك لمساعدتك بدل التسول والتطفل على أبناء الآخرين ....وبعدها انصرفت مع ابنها
العم رأفت (يبتسم مواسياً نفسه وكيف فقد عائلته بأكملها في الحرب )
وفي اليوم التالي أراد العم رأفت أن يزرع شجرة قرب منزله فأتى أحد الأطفال لمساعدته فأوقفه العم رأفت قائلاً:
ابتعد يا بني لكي لا تغضب أمك
■ فأعرض الطفل وألح بالمساعدة فسمح له
وبعدها بلحظات أتت والدته
فقامت بالتصفيق لإبنها
تفاجئ العم رأفت في البداية من ردة فعلها ولكنه تذكر والدته كيف كانت تقوم بتشجيعهم على فعل الخير وأدرك أن الخير لا زال حياً رغم انتشار الوباء ....