hindawiorg

Share to Social Media

قصد الكاهن الملاك فوجده يطلُّ من النافذة وقد ارتدى ملابسه. كانصباحًا ناضرًا لم يزل
مرصَّعًا بحبات الندى، ثم نثرت أشعة شمس الشروق القادمة من وراء البيت دفئًا ولونًا
ذهبيٍّا على جانب التل. حامت الطيور بحماس بين الأسيجة الشجرية والشجيرات. وكان
محراثٌ يسير بطيئًا أعلى التل في ذلك اليوم من أواخر شهر أغسطس. أسند الملاك ذقنه على
يدَيه ولم يلتفت عندما اقترب منه الكاهن.
«؟ كيف حال جناحك » : سأل الكاهن
«؟ كنت قد نسيتُ أمره، هل هذا الذي هناك رجل » : رد الملاك
«. هذا مزارع » : أجابه الكاهن
«؟ لماذا لا يكفُّ عن السير ذهابًا وإيابًا هكذا » : سأل الملاك
«. إنه يحرث، هذا عمله » : رد الكاهن
«. عمله؟! لكن لماذا يفعل ذلك؟ هذاشيءٌ رتيب » : قال الملاك
هذا صحيح، لكن عليه أن يفعله لكسب عيشه، ليحصل على طعام » : وافقه الكاهن
«. ويأكل، وكل هذه الأمور
«؟ يا للغرابة! هل على كل الرجال فعل ذلك؟ هل تفعل أنت ذلك » : قال الملاك
«. كلا، إنه يفعل ذلك نيابة عني، يتكفَّل بنصيبي من الحرث » : رد الكاهن
«؟ لماذا » : سأل الملاك
في مقابل الأشياء التي أفعلها أنا نيابةً عنه، لدينا في هذا العالم ما يُسمى » : رد الكاهن
«. بتقسيم العمل، تبادل منفعة
الزيارة المدهشة
وعيناه لا تزالان معلقتَين بالمزارع وحركته الثقيلة. «. فهمت » : قال الملاك
«؟ وما الذي تفعله نيابةً عنه » : ثم سأل
قد يبدو ذلك لك سؤالًا سهلًا، لكنه صعب؛ فالترتيبات الاجتماعية لدينا » : رد الكاهن
معقَّدة بعض الشيء، يستحيل شرح هذه الأمور دفعةً واحدة، خاصة قبل الإفطار. ألست
«؟ جائعًا
ثم صاح فجأة: «. أعتقد أني جائع حقٍّا » : قال الملاك ببطء وهو لم يزل عند النافذة
«. لسببٍ ما لا يمكنني أن أكفَّ عن التفكير في أن الحراثة لا متعة فيها بكل تأكيد »
«؟ ربما، لكن الفطور جاهز، ألن تأتي » : قال الكاهن
ترك الملاك النافذة على مضض.
«. مجتمعنا منظومةٌ معقدة » : مضىالكاهن يشرح له وهما يهبطان الدرج
«؟ حقٍّا » : سأل الملاك
«. وهو منظم بحيث يتولى شخصٌعملًا ما، ويتولى آخر عملًا غيره » : تابع الكاهن
وهذا الرجل العجوز النحيل يضغط على تلك الأسنان الحديدية الثقيلة » : قال الملاك
«؟ التي يجرها الحصانان، في حين ننزل نحن لتناول الطعام
نعم، ستفهم أن هذا عادل تمامًا، الإفطار فُطر وبيض مسلوق! تفضَّل » : رد الكاهن
«. بالجلوس؛ ربما ظننت أن في هذا الترتيب ظلمًا
«. أنا متحير » : قال الملاك
هذا الشراب يسمى قهوة أما عن تقسيم العمل ذاك، فلا عجب أن تتحيَّر؛ » : قال الكاهن
فقد كنت متحيرًا مثلك عندما كنت شابٍّا. ثم اتسعت رؤيتي للأشياء (هذه الأشياء السوداء
تسمى الفطر، شكلها جميل)، بدلًا من أن أشرح لك هذا الأمر الآن (هذا لك)، سأعيرك كتابًا
«. صغيرًا لتقرأه (طعم الفطر لا يقل جمالًا عن منظره)، سيوضِّح لك الكتاب كلشيء
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.