كان السيد جون جوتش رجلًا صغير الحجم ذا شعرٍ مبعثر وأنفٍ رفيع يبرز من وجهه
المغطَّى بالتجاعيد، ينتعل حذاءً بُنيٍّا ضيقًا، ويحمل سوطًا. وبينما كانت السيدة هينيجر
«. ها قد أتيتُك » : تغلق الباب قال
«. شكرًا لك، أنا ممتنٌّ لك حقٍّا » : قال الكاهن
«. يسعدني أن أكون في خدمتك » :( قال السيد جوتش (بتكلُّف
هذا الأمر، هذا الأمر المؤسف الذي حدث للسلك الشائك، إنه حقٍّا، سيئ » : قال الكاهن
«. للغاية
«. حقٍّا » : رد السيد جون جوتش بمزيد من التكلف
«… كما أن استضافتي للسيد آنجيل ت » : قال الكاهن
«. لم يكن هناك سبب يجعله يقطع السلك » : قاطعه جوتش حازمًا
«. لم يكن هناك أي داعٍ » : رد الكاهن
هل لي أن أعرف من يكون السيد آنجيل » : توقف جوتش برهة يفكر ثم قال فجأة
«؟ هذا
اتجهت أصابع الكاهن لا إراديٍّا إلى ذقنه متفكرًا في جدوى الحديث عن الملائكة مع
رجل مثل السيد جون جوتش.
«. سأخبرك بالحقيقة كما هي، هناكسرٌّبسيط » : ثم قال
«. السيدة هامرجالو أخبرتني » : قاطعه جوتش
احمرَّ وجه الكاهن فجأة.
الزيارة المدهشة
«؟ أتعلم أنه يجول في القرية مروِّجًا للاشتراكية » : وواصل السيد جوتش
«! يا للعجب! مستحيل » : قال الكاهن
بلى، لا يترك أيٍّا من أجلاف القرية الذين يصادفهم بدون أن يكثر » : قال جوتش
الحديث معه عن ذلك، ويسأله لماذا يضطر للعمل في حين نظل نحن — أعني أنا وأنت —
بلا عمل. ويقول لهم إنه ينبغي أن يحصل الجميع على قسط من التعليم يكافئ تعليمي
وتعليمك، بدون أي منطق. كما يقول إننا — أنا وأنت — نقمع هؤلاء الناس، وننزع
«. أدمغتهم
«. يا للهول! لم أكن أعلم » : قال الكاهن
لم يكن قطعه للسلك إلا عملًا استعراضيٍّا، استعراضًا اشتراكيٍّا، إن لم » : قال جوتش
نضرب على يده بحزم وحسم، فستُهدم الأسوار وتزال الحواجز من فليندرز لين، ثم تشتعل
نار الفوضى، وستأتي النار على الأخضرواليابس (أتوسل إليك أيها الكاهن). سوف يتهشم
«. بيضكل طائر مبارك في الأبرشية
«. اشتراكي؟! لم يكن لديَّ علم بذلك » : قال الكاهن في صدمة
أترى الآن لماذا أريد الضغط على ذلك الرجل رغم أنه ضيفك، يبدو لي » : قال جوتش
«. أنه يستغل أبُوَّتك
«… أبُوَّة؟! كلا، الأمر ليس كذلك » : قال الكاهن
أستميحك عذرًا نيافة الكاهن) كانت زلة لسان، أقصد يستغل عطفك )» : قال جوتش
ليعيث في القرية فسادًا، ويؤلب إحدى طبقات مجتمعها على الأخرى، ويبغِّض الفقراء في
«. سبل عيشهم
كانت أصابع الكاهن لم تزل تعبث بذقنه.
هناك حلَّان لا ثالث لهما؛ إما أن يغادر ضيفك هذه » : وواصل السيد جون جوتش
«. الأبرشية، وإما أن أتدخل أنا وأفعل ما ينبغي فعله، وهذا كل ما لديَّ
استمع الكاهن في حين بدت دهشته في حركة فمه.
هذا موقفي من الأمر، ولولاك لتدخلت وفعلت اللازم » : قال السيد جون وهو ينهض
«؟ على الفور، هل لي أن أفعل اللازم أم لا
«! أنصت إلي » : قال الكاهن في ارتباكٍ شديد
«؟ أجل »
«. لا بد من القيام ببعضالترتيبات »
«. إنه عديم الفائدة ينشر الضرر، أعرف أمثاله، لكني سأمهلك أسبوعًا » : قال جوتش
«. شكرًا لك، أتفهَّم موقفك، وأعلم أن الوضع بدأ يتجاوز حدود ما يُطاق » : قال الكاهن
«. أعتذر عن إزعاجك » : قال السيد جون
«. أسبوع » : قال الكاهن يطمئنه
«. أسبوع » : رد السيد جون مؤكدًا وهو يغادر
ظل الكاهن جالسًا إلى مكتبه في الغرفة، وبعد صمتٍ مشوب بالتوتر خاطب نفسه:
أسبوع! ها هو ذلك الملاك العظيم الذي فتح في روحي نوافذ للجمال والبهاء، وفتح عينيَّ »
على أرضالعجائب، أو ما هو أعظم من أرضالعجائب، وها أنا قد تعهدت بالتخلصمنه
«؟ في غضون أسبوع! من أيشيء خُلقنا نحن البشر؟ وكيف لي أن أخبره
أخذ يذرع غرفة المكتب، ثم غادرها إلى غرفة الطعام ووقف يحدق في حقل الذرة
بدون أن يبدو على وجهه أي تعبير. كان طعام الغداء جاهزًا على الطاولة، التفت نحوه بعد
لحظات وهو لم يزل شارد الذهن، وأخذ كأسًا من الخمر بحركةٍ لا إرادية