#رواية_روز
#بقلمي_مي_الخليل
الفصل السابع
جودي
–كم مؤلِمةٌ تلكَ اللحظاتِ حينَ نكتشِفُ أنَّهم ما عادوا هنا ! أنَّهم صاروا ذكرياتٍ ، حينَ نكتشِفُ أنَّنا طوالَ الوقتِ كُنَّا نواسي أنفُسَنا بذريعةِ وجودِهِم معنا ، حينَ نبحثُ عنهم في زوايا الذاكرةِ ، تُعِيدنا إليهم تفاصيلَ صغيرةٍ ، تخذلُنا المفاجأةُ عندما نجِدهم مجرَّدَ حِكاياتٍ مضَت في الوقتِ الذي اعتقدناهُم ما غادرونا يوماً ، تُوجِعُنا مرارَةُ الخُذلانِ ، يغمرُنا شعورٌ عارِمٌ برغبَةِ النِّسيانِ . فالذي جمعَنا يوماً هو اليومُ يُفرِّقُنا .. هو القدرُ أقوى منَّا ومنهم . حقيقةٌ نأبى أن نُصَدِّقَها .
صغارًا كُنَّا نُسابِقُ السَّنواتِ لِنَكبُرَ ، مُقبلينَ على الحياةِ حاملينَ أحلامَنا على أجنِحةِ الرَّبيعِ ، بَاسِمينَ لِلصَّيفِ ، تارِكينَ أيَّامَنا تَرحَلُ حُرَّةً كأوراقِ الخريفِ ، ناسِجينَ حَكايانا بِحروفٍ من مطرٍ . صغارًا كُنَّا نستعجِلُ الأيَّامَ لِنُنشِدَ أُغنيةَ الحياةِ على مسرحِ الحياةِ ، صغاراً كُنَّا نرسمُ أحلامَنا بأجملِ حُلَّةٍ لا نُقيمُ حساباً لِلزَّمنِ ، ولا لما يُخبِّئهُ خلفَ طيَّاتِهِ .
عشرُ سنواتٍ كانَ عمرُها حينَ سمِعتُها لأوَّلِ مرَّةٍ تُغَنِّي على مسرحِ المدرسةِ ، سحرَني جمالُ صوتِها عندما غنَّت ، أذهلَتني رقَّةُ يديها الصَّغيرتَين وانسيابَهما بتلقائيَّةٍ ومرونةٍ بالِغَتَين في الرَّوعةِ ، حينَ تراقصَت أنامِلُها الصَّغيرةُ بقوسِ الكَمانِ كمُحترِفٍ أتقنَ العزفَ منذُ أزلٍ بعيدٍ ، رغمَ أنِّي كنتُ في نفسِ عُمْرِها غيرَ أنَّها أبهرَتني ، ولم أنسَ حتَّى اليومِ إحساسي حينَ غنَّت
.. دمعَت عيناي ، رجفةٌ سرَت في قلبي وروحي غنَّت أُمِّي َيا ملاكي للسَّيِّدةِ الكبيرةِ فيروز ، ببراعةٍ ومازالَ صدى صوتُها يتردَّدُ في ثنايا ذاكِرتي . هائلَةٌ شَجاعتُها جودي ، ورائعٌ هو عنفوانُ طلَّتِها ، أذهلَتِ الحاضرينَ بعزفِها وغنائها على حدٍّ سواء .
حينَ تنبعُ الموهِبَةُ من صميمِ الوجعِ ، أو رُبَّما من صميمِ الفرحِ .. فإنَّها تخرجُ لِلعالمِ استثنائيَّةً ، بالِغةً في صِدْقِها ، عميقةً بأحساسِها ، مُدْهِشَةً بِعَظَمَتِها .
وجودي كانَت .... إن فَرِحَت أبهجَت الدُّنيا بِفَرحَها ، وأهدَتْهُ لِكُلِّ مَن حولِها وكأنَّها يصعبُ عليها أن تَسعَدَ بمُفرَدِها . وإن حَزِنَت وتألَّمَت .... أبدعَت بتصويرِ حُزنِها
بفنِّها الرَّاقي .
كَبُرَت جودي وكَبُرَ معها حُبُّها لِآلَةِ الكَمانِ ، كنتُ أشعرُ أنَّها من خِلالِهِ تَتَواصَلُ معَ
العالَمِ ، من خِلالِهِ تنسجُ حَكايا الحُبِّ والفرحِ ، حَكايا الأملِ والألَمِ ، تَبكي تضحَكُ تُغَنِّي ، تحكي مشاعِرَ وأحاسيسَ عَجِزَت أن تحكيها أبجدياتُ الأرضِ ، من خِلالِهِ تُتَرجِمُ ما اختلجَ في أعماقِها من كوامِنِ الشَّجَنِ ، بِبراءَةٍ وبراعَةٍ مَزَجَت حنانَها وحنينِها بِرِقَّةِ صوتِهِ الحنونِ ، وبِكُلِّ جوارِحِها أحسَّتهُ وأبدعتهُ ، وبأجملِ حُلَّةٍ رسَمَتْهُ لوحةً فنيَّةً تنطقُ بأسمى المَعاني ، وتُنْشِدُ بِأعظمِ الألحانِ أُنْشودَةَ الحياةِ .
دخلَت جودي عالمَ الموسيقا مُذ كانَت في الخامِسَةِ من عمرِها ، والذي شجَّعَها وشدَّ على يدِها ، وكانَ عوناً لها مُذ خطَت أوَّلَ خطوَةٍ في هذا الطَّريقِ ، ورافقَها لحظَةً بلحظةٍ ، بالإضافَةِ إلى والِدَيها الَّلذَين أولَياها وأخيها كُلَّ اهتمامٍ بهما وبتلبيَةِ كُل ما يحتاجانِهِ ويرغبانِ بهِ ليُحقِّقا ما يطمحانِ إليهِ ، جابر أخوها الذي يكبرُها بخمسِ سنوات . فعلى الرَّغمِ من أنَّهُ وقتَها كانَ لا يزالُ في العاشِرَةِ إلَّا أنَّهُ لم يَصعُبْ عليهِ مُلاحظةَ اهتِمامِها بما يفعلهُ هو من تدريباتٍ مُستمرَّةٍ على ذاكَ الشيءِ الذي تراهُ دوماً يحملهُ ، ويُصدِر تلكَ الأصواتِ التي تنامُ وتصحو على وقعِها ، وتطلُبُ منهُ أن يُعَلِّمَها كيفَ تستطيعُ هي أن تجعلَهُ يُغنِّي كما كانَت تُسَمِّي تلك الأصوات التي عَشِقَتها من قبلِ أن تُدرِكَ لها معنى .
- جابِر أَرجوكَ عَلِّمْني كيفَ تُغَنِّي لي بهذهِ التي تَحمِلُها ، إنِّي أُحِبُّها كثيراً ، وأُريدُ أن أُصبِحَ مِثْلكَ ، لو سَمَحْتَ علِّمْني .
وهو يَشرحُ لها ويُعَلِّمُها إنَّ هذا عزْف وليسَ غناءً يا ذكية ، برغمِ أنَّهُ كانَ لا يزالُ طفلاً إلَّا أنَّهُ شعرَ بِرَغبتِها الكبيرَةِ بتَعلُّمِ العزفِ على هذهِ الآلةِ التي بدأ هو بتعلُّمِها منذُ أربَعِ سنواتٍ ، صارَ يَصطَحِبُها معَهُ إلى دُروسِ الكمانِ ، مِمَّا جعلَها تَتعلَّقُ بهِ أكثرَ ، حتَّى لم تعُد ترضى إلَّا أن يُعلِّمَها الأستاذ وحدَها ومنَ البِدايةِ ، فبدأت بذلك رحلتَها مع الكَمانِ الذي ظلَّ رفيْقَها حتَّى كَبُرَت ما فارقَها أبداً .
قلتُ لها مرَّةً :
أوَدُّ لو أسمَعَكِ تَتَكلَّمينَ بقدرِ ما تعزفينَ .
ابتسمَت وقالَت :
عندما تتَكَلَّمُ الموسيقا يسكتُ الحرفُ إجلالاً واحتِراماً .
ضَحَكنا يومَها لَكِنِّي أدركتُ فعلاً مدى حُبِّها وتقديسِها لِلموسيقا ، هي التي كانَ حلمها دوماً أن تَصيرَ عازِفةً مشهورةً .
جودي وجابر ثُنائيَّانِ رائعانِ أدهشاني بَل أدهَشَا جميعَ مَن حولَهما بِعلاقتِهما المُمَيَّزَةِ ، دائماً ما رأيتُ الأطفالَ بِعمرِهِما يتشاجرون ويتنافسون على كلِّ شيئٍ ، بَل ورُبَّما يتضارَبون ، ولعلَّهم يَكبُرون وتكْبُرُ معَهم خِلافاتُهم ، لكنَّ هذانِ الصغيرانِ ما رأيتُهما مرَّةً يتخاصمانِ ، ما رأيتُ جابر مرَّةً ولا هي حكَت لي قَط أنَّهُ لَعِبَ دورَ الأخِ الكبيرِ المسؤولِ عنها لا في طفولَتِها ولا عندما كَبُرَت ، ما اشتكَت من قسوةٍ أو تسلُّطٍ بدرَ منهُ أبداً ، كانا صديقَين أكثرَ منهما أخين ، أُعْجِبتُ بِعلاقتِهما كثيراً ، ولَطالَما رغِبتُ بزيارتِهما في بيتِهم الذي وجدتُ فيه راحةً وأُلفةً ومحبَّةً قلَّما رأيتهُم في مكانٍ آخرَ ، رأيتُ فيهم أُسرَةً مثاليةً في كُِّلِ شيئٍ ، أبٌ وأُمٌّ وثلاثة أطفالٍ .. جودي وجوري وجابر الثُلاثي المرِح ، أَلِفْتُ تلكَ العائلَةِ ، وكثيراً ما قضيتُ أيَّاماً بِضيافَتِهم حيثُ كانَ بيتُهم في الطَّرَفِ الآخرِ من المدينةِ ، شيئٌ غريبٌ رائعٌ ربطَني بهم جميعاً وليسَ بجودي فحسبُ ، أحاطَتني أُمَّها بحُبِّها وحنانِها كما لو كنتُ فرداً من العائلَةِ ، وكُلَّما كَبُرنا زادَ تعلُّقي بهذهِ الأُسرةِ حتَّى ما عدْتُ أعتبِرُها سوى أُسرَتي الثَّانيةِ ، أحبَبْتُ الحَكايا التي كانَت تحكيها لنا أُمُّ جابر كُلَّما اجتمَعْنا ، بِرَغمِ أنَّها لَم تَكُنْ كَبيرَةً في السِنِّ إلَّا أنَّها برَعَت في قَصِّ الحَكايا التي اعتَدْنا أن نَسمعَها من الجَدَّاتِ والأجدادِ ،والتي مَلَّتْها جودي ،
قالَت لي في أحدِ الأيَّامِ ، وكُنَّا نجتمِعُ حولَ مائدةِ العَشاءِ ، والوقتُ شتاءٌ ، البردُ قارِصٌ ، والغُيومُ السُّودُ افترَشَتِ السَّماءَ فأحالَت زُرْقتَها سواداً مُنذِرةً بِمطَرٍ غزيرٍ يُشِكُ أن يَلْثُمَ الأرضَ شلَّالَ دَمْعٍ
قالَت :
أتعرفين روز !؟ سَئِمتُ تلكَ الحِكاياتِ على حُبِّي لها ، فإنِّي أرى في هذا الكونِ كُلُّ شيئٍ يتَكَلَّمُ عن نفسِهِ ، انظُري هذا الشِّتاءُ حولَّنا ألَا تَسمَعينَ كم مِنَ الحِكاياتِ يَروي ! كم من الأقاصي صَ تَروي البُيوتُ والأشجارُ والشَّمسُ والبَحرُ والظُّلمَةُ والنُّورُ ! وحتَّى أصغَرُ قَطرةِ مَطَرٍ ، كُلٌّ يَحكي لنا قِصَّةَ الحُبِّ الأبَدِيِّ ، والحياةِ السَّرمَديَّةِ ، والكلِماتُ التي نُرَتِّبُها نحنُ البشرُ مُحاولينَ من خِلالِها رصفَ تلكَ المَعاني ، على جمالِها وانبِهارِنا بها فإنَّها في كثيرٍ مِنَ الأحيانِ تُحيلُ ذاكَ الصَّمتُ القُدسيُّ الذي يروي بِوقارٍ حَكايا الأبديَّةِ صخباً وضجيجاً ، وعلى حافَّةِ الكلِماتِ تضيعُ نصفُ الحقيقةِ ، أمَّا حينَ تَتَناغَمُ تلكَ العناصِرُ مع الموسيقى فإنَّها تُبهِجُ الطَّبيعةَ ، وتُصبِحُ أكثرَ قداسَةً ، فتُصِلُ رِسالَتَها إلى الكونِ بِرُمَّتِهِ دونَ أن تُضَيِّعَ ولا ذرَّةً من تلكَ الحقيقةِ .
تلكَ هي فَلْسفَةُ جودي لِلحياةِ .. قليلَةُ الكلامِ ، كثيرَةُ التَّأمُّلِ ، دائمَةُ الشُّرودِ كأنَّها خلقَت لِنَفسِها عالماً خاصَّاً بها ليسَ فيهِ سِواها ، وأحلامَها التي عانقَتِ السَّحابَ ، ولَحنُ الحياةِ الذي تُنشِدهُ على مهلٍ .
قلتُ لها :
لَكِنَّكِ تستمتِعينَ بما تحكِيْهِ أُمُّكِ لنا بَل وتُطالِبِيْنها بالمزيدِ أحياناً ، كما أنَّكِ تَنتَقدينَ ما أَكتبُ سلباً وإيجاباً ، وتُحبِّينَ فَلْسفَةَ جُبران لِلحياةِ ، وتقرأينَ لِلكثيرين ، ولم أجدُك مرَّةً تَمَلِّينَ الكَلماتِ التي تُضيعُ نصفَ الحقيقةِ فكيفَ الآنَ أبدَعتي لي هذهِ الفَلْسفةِ العظيمةِ أيَّتُها الفَيلَسوفَةُ العظيمَةُ ؟!
ضَحِكَت وقالَت :
من وحيِ الطَّبيعةِ يا عزيزَتي فأنا وإن كنتُ أرى الموسيقى سرُّ الحياةِ والوجودِ ، وأعتبِرُها وسيلَتي لِلتَّناغُمِ مع هذا الوجودِ ، وإن كنتُ أعشَقُها وأحيا بها ، فهذا لا يعني أبداً أن لا أرى في الكلِماتِ رسماً جميلاً لِتَجَلِّيَاتِ هذا الكونِ العظيمِ .
نظرَ إلَينا جابر نظرةً حادَّةً مُتَصَنِّعاً الغضبَ ، وماذا بعدُ يا مَجْمَعَ الفلاسِفةِ العُظماءَ ؟ بماذا سَتُدحِفونَنا بعدُ ؟ وما هي نِتاجاتُ آخِرِ تأمُّلاتِكُم وبحوثِكم الفَلْسفيَّةِ ؟ بالمناسبَةِ هل انتهيتم من بحوثِكم المدرسيَّةِ قبلَ أن تنهمِكوا في هذا الخِضَمِّ الواسِعِ منَ العلمِ ؟ هيَّ كَفاكُما رغياً وانصَرِفا إلى الدِّراسَةِ فوراً ، وأدارَ وجهَهُ مُدارياً ضِحْكَتَهُ التي تَخْذُلُهُ دائماً ، فَرمتهُ جودي بالوِسادَةِ وقالَت بِسُخريةٍ :
لا يليقُ بكَ دَورُ الأخِ الكبيرِ على فكرة دعكَ من تَمثيلِ هذا الدَّورِ وأتْحِفْنا بمقطوعَةٍ من تلكَ التي تعزِفُها لِأجلِ ... وكتَمَت ضِحكةً خبيثةً دونَ أن تُكمِلَ جُملَتَها .
استَدارَت نحوي وهمسَت لي :
من أجلِ الحسناءَ إبنةُ الجيرانِ .
وضَحِكْنا بصوتٍ علٍ مِمَّا أثارَ غضبَ جابرٍ لكن هذهِ المرَّةُ دونَ تَصَنُّعٍ فَرَماني بنفسِ الوِسادَةِ التي ضربَتْهُ بها جودي :
ماذا همَسَت لكِ جودي ؟ أجيبيني روز أو ستكونُ هذه الوِسادةُ من نصيبِكِ أيضاً .
ضحِكتُ وركضتُ لِأَختبئَ في غُرفةِ جودي .
أمَّا هي فكالعادَةِ أسرَعَت لِترتمي في حُضْنِ أُمِّها التي تَتفاجَأُ بها دوماً على غَفلَةٍ منها فَتُفْزِعُها دونَ أن تَفهَمَ أُمُّها ما الذي يَحدثُ ، فَتَضْحَكُ وتَضُمُّها إلى صَدرِها .
وكما في كُلِّ مرَّةٍ كانَت الوِسادَةُ من نصيبِ جوري التي لا ذنبَ لَها في أيِّ شيءٍ يالَ المسكينةِ ، لم تَكُن تُشارِكْنا الأحاديثَ في أغلَبِ الأحيانِ ، فهي مُلَعَةٌ بالأفلامِ ومُشاهدَةِ التِّلْفازِ ، وبَينَما هي مُندَمِجَةٌ في مُشاهدَةِ فِلْمٍ أو مُسَلسَلٍ ما وتُحاوِلُ عبثاً إسكاتَنا لِأنَّنا نُشَوِّشُ عليها فلا تَستَمْتِعُ بالمُشاهَدَةِ ، تأتيها الوِسادَةُ المُوَجَّهَةُ نَحوي أو نَحوَ جودي من حيثُ لا تَدْري ، لَكِنَّها لن تُسامِحَنا طبعاً ، فنُعاقَبُ بغسلِ الأطباقِ وترتيبِ المطبَخِ بعدَ العشاءِ ، وهذا أكثَرُ ما نَضيقُ بهِ أنا وجودي لَكِنَّنا لن نَستَطيعَ التَّهَرُّبَ أبداً ، أمَّا جابر فيتوَعَّدُنا بِأشدِّ العِقاب وأقساهُ ، والذي لم نعرف ما هوَ حتَّى اليومَ .. حسناً سترَين ماذا سأفعلُ بكُما أيَّتُها الشَّقيَتَين ، وإلى الآنَ نحنُ نَنتظِرُ ماذا سيفعلُ بِنا .
جودي كانَت مُدَلَّلَةَ أُمِّها التي ما يوماً ميَّزَت بينَ أبنائها ، غيرَ أنَّ جودي هي التي فرضَت لِنَفسِها ذاكَ الاهتِمامَ المُبالَغَ بِحركاتِها العفويةِ ومرحِها الدَّائمِ
. مُتَعلِّقةٌ بِأمِّها حتَّى الجُنونِ ، قدوتُها في الحياةِ أُمُّها ، مَثَلُها الأعلى أمُّها ، المدام جِهان أُم جابر إمرأةٌ تَستَحِقُ الإجلالَ فعلاً ، هي مُعلِّمةٌ وتستَحِقُ هذا اللَّقبَ بِجدارة ، مُرَبيَّةُ أجيالٍ ربَّت أبناءَها على أحسنِ صورةٍ ، لم تُعامِلْهُم يوما على أنَّهم مُلْكٌ لها ويَحِقُّ لها أن تَفعَلَ ما تشاءُ معَهم في حينِ لا يَحقُّ لهم مُجرَّدَ اعتِراضٍ ، حرَّرَتْهُم من كُلِّ القيودِ ، أحاطَتْهُم بِهالَةٍ من نورٍ بِحُبِّها وحنانِها واهتِمامِها ، وذلكَ بِمُساعدَةِ زوجِها السَّيِد وائل الذي كانَ في نظري الأبُ المثاليُّ .
شاركَت جودي في جميعِ