الفصل الثاني
ارتقت شمس الصباح نحو السماء لتغزل من أشعتها الذهبية ثوباً دافئاً تحيط به جسد الفتاة المسكينة التي اتخذت من زاوية غرفتها ركناً لها تشتكي به من نفسها لنفسها لعلها تجد مخرجاً لأزمتها فهي لم تنم ولو دقيقة واحدة بقيت طوال الليل تفكر بما يمكن أن يكون قصد والدها في ذلك اليوم ولكن كيف لها أن تفهم لغزه وكانت صغيرة جداً.....
ضاقت بها الدنيا بما رحبت فذهبت متسللة نحو مكتب والدها المغلق كعادتها في كل مرة تشعر بالضيق، كانت عيناها تعانق أشياء والدها بلهفة وشوقها كبير لأحضانه الدافئة فكم هي الآن بحاجة أبويها أو أي أحدٍ يطبطب على كتفها ويبثها بعضاً من الطمأنينة لعلها تستطيع لملمت بقايا قوتها المتناثرة قُطع تأملها عندما لاحظت صوت فتح الباب من الخارج فركضت تختبئ تحت طاولة المكتب والخوف يتملكها من القادم فإذا أكتشف أحدهم أنها تملك نسخة عن مفتاح المكتب وتدخل إليه رغم تعليمات زوجة عمها الصارمة فسوف تتعرض لعقاب شديد جداً.
في الجهة الأخرى كانت أم حازم قد دلفت إلى المكتب ثم جلست على المقعد المقابل للطاولة مما جعل أنفاس رؤى تنقطع عندما رأتها عبر ثقب صغير أسفل الطاولة ولحسن حظها لم تطل أم حازم الجلوس بل تأملت مكتبة الكتب قليلاً ثم عاودت أدراجها إلى خارج المكتب لتقفله من جديد مما أثار الدهشة في نفس رؤى فهي تود أن تعرف ما وراء تصرفات هذه المرأة الغريبة، ارتخى جسدها من جديد ولكنها بقيت مكانها على الأرض ساندة رأسها على طاولة المكتب وعلى وجهها ترتسم ابتسامة رقيقة لمرة طلب منها والدها أن تحضر له قميصه فركضت لتلبي طلبه وبالفعل جاءت به ولكنها تعثرت قدمها عند بركة مياه كانت قد خلفتها الأمطار مما أدى لتلوث القمص بشكلٍ شنيع فخجلت من فعلتها وركضت نحو المكتب لتختبئ أسفل هذه الطاولة كفعلتها الآن، انتفض جسدها فجأة واختفت ابتسامتها عندما تكررت كلمات والدها في عقلها لتربطها بتلك الحادثة بما يعني ان من الممكن أن تكون هذه الطاولة ما قصده والدها عندما كان يوصيها قبل وفاته، فبدئت البحث في كل ميلي من الطاولة ولكن سرعان ما أصابها اليأس بعدما انتهت من البحث فوضعت يديها على رأسها لتضغط عليه بقوة لعلها تخفف من آلامه قليلاً فتستطيع التفكير بشكلٍ أفضل من هذا، عاد عقلها تلقائياً يربط بين كلام والدها وتلك الذكرى وفي الوقت نفسه كانت تبحث بعينيها بكل مكان حتى لاحظت اختلاف أحد بلاطات الأرضية عن الباقيات المرصوصات بدقة واحتراف فبدئت تفكر في اقتلاعها تارة وتتراجع تارة أخرى خوفاً من فشل آخر أملٍ لها ولكنها سرعان ماحسمت أمرها بأن تجرب حتى وإن كان الخذلان في انتظارها هذه المرة أيضاً اسرعت في البحث عن ما يساعدها على اقتلاع هذه البلاطة فسرعان ما وجدت آلة حادة في أحد دروج الطاولة وكأنها تُركت هنا لهذا الغرض بالتحديد
ازاحت بعض الإسمنت بواسطة الآلة الحادة التي في يدها لتتخلخل بأسرع مما كانت تتخيل فلم تبذل في ذالك جهداً يذكر، رفعت تلك البلاطة لتنصدم مما رأت..........
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
مرت ساعات النهار الأولى والجميع يستعد لهذا الزواج منهم من يهتم بالزينة ومنهم من تخصص للأشراف على الضيافة ومنهم من توكل بتجهيز غرفة الهيثم الجديدة ولا أحد منهم عابئٌ بقلب تلك الواقفة تراقب كل من حولها وتبتسم لرؤيتها لهم يجرون بكل ما أوتوا من قوة لإرضاء تلك الطاغية المجسدة بجسد امرأة فجميعهم يخشون بطشها....
مرت ساعات النهار بسرعة رهيبة وبدئت الساحة تمتلئ بالضيوف وكأنهم اجتمعوا جميعهم ليتشاركو في قتل براءتها وطفولتها فها هي تنظر نحو مرآتها لتجد امرأة ناضجة صاحبة خطوات ثابتة وموزونة لها الحق في أن تقرر مسار حياتها بالشكل الذي يرضيها هي ولن تسعى من اليوم نيل رضا تلك الامرأة بل ستقلب الموازين كلها رأساً على عقب ليصبحوا جميعهم يتمنون رضاها هي...
سارت نحو النافذة لتلقي نظرة أخيرة على مسار الحفل فوجدت الهيثم يتألق ببدلة سوداء وبجانبه عروسه، تبدو في نفس عمرها تقريباً تنهدت بحرقة ثم وقفت بشموخ عازمة على تنفيذ قرارها الأول في حياتها..........
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
كانت أجواء الحفل مليئة بالبهجة والسرور الذي لم يصل إلى قلب الهيثم فقلبه مقبوض بشدّة فلو كان يعلم أن احساساً كهذا سيراوده لما خطى خطوة الزواج من الأساس فكل ما كان يفكر به أن زوجةً جميلة كسُميّة ستغير حياته وتسعده سعادة لامثيل لها ولكن ما يحدث عكس هذا فكل ما يفكر به الآن هو رؤى وماذا يمكن لها أن تفعل هل هي جالسة في زاوية الغرفة تبكي كعادتها أم أنها في مكان ما تشاهده مع عروسه أم أنها ابتعدت كي لا تسمع ولا ترى شيئاً.
تنهد الهيثم ونظر نظرةً إلى السماء يناجي ربه في نفسه بقول: يارب السماء أعني فقد أشقاني ما أمر به فلم أكن أود أن أكون ظالماً ولكن هذا ما فُرض عليَّ، قطع عليه أفكاره صوت صديقه عندما قال له ألم تشاركنا في رقصتنا هذه طبع على ثغره ابتسامة ثم أومئ برأسه موافقاً ليخطف نظرة نحو والدته الجالسة على الطاولة بهيبتها المعهودة تملئ المكان من حولها رهبتاً فقال تحت انفاسه: سامحك الله ياأمي ثم تابع رقصته مع أصدقائه لينصدم بعد قليل ب رؤى أمامه مباشرةً فأدار وجهه للجهة الأخرى ليراها تقف أمامه مبتسمة أغمض عينيه بعد أن أيقن أن هذا طيفها لا أكثر فلا يمكن لها أن تتواجد في كل الجهات بوقتٍ واحدٍ وفي كل جهة تقف مرتدية ثياباً وهيئة مختلفة عن الجهات الأخرى، يا له من كابوس بدء ولا أحد يعلم متى سينتهي.....
لاحظت سُميّة تشتته فاقتربت منه وقالت
_ بصوتها الرقيق: ما خطبك يا هيثم هل هناك ما عكر صفوك في ليلةٍ كهذه؟ تصنع الابتسامة وقال بصوته الرجولي: لا ليس هنا ما يمكن له أن يعكر صفوا الهيثم ليلة زفافه ولكني أكره الضجيج والأصوات المرتفعة وأتمنى أن ينتهي الحفل بسرعة ...
_اطمئن حبيبي لن يطول هذا كثيراً
_ردد تحت انفاسه كلمتها <حبيبي> يالا جرأتها قطع حديثه مع نفسه صوت شقيقته شيماء عندما قالت: مباركٌ لك زواجك اسألك الله أن يكتب لك السعادة مع سُميّة
رد على شقيقته باختصار وطلب منها أن تسعى في انهاء الحفل سريعاً فطيف رؤى قد نال منه وانهك تفكيره
وبالفعل لم يطل الأمر حتى طلبت منه شيماء التوجه لغرفته التي جُهزت سابقاً لاستقبال العروسين ولكنه قبل أن يدخل غرفته ببضع خطوات انتفض قلبه بعنف عندما راوده طيف رؤى واقفتاً أمام باب غرفتها بهيئة يرثى لها ثيابٌ مقطعة وشعرٌ متشابك وعشوائي والكحل ذائبٌ فوق خديها، أغمض عينيه بقوة ثم فتحهم ليجد أن الطيف قد أختفى فهمّ للذهاب إلى غرفتها لولا أن أوقفه صوت والدته: إلى أين ياهيثم
_تلعثمت كلماته بقول: أريد أن.. أن... أريد أن _تريد ماذا الأفضل لك أن تدخل غرفتك مع عروسك قالت كلماتها ثم اقتربت منه لتكمل: اطمئن لن تمت فهي مثل الهرة بسبعة أرواح
وضع يده على رأسه ثم قال: لا يهمني وإن ماتت أنا فقط كنت أود أن اطمئن من أنها لن تسبب لي أي إزعاج بأحد تصرفاتها الطفولية
_ لا عليك يابني هي أضعف من هذا بكثير أومئ برأسه ثم دخل غرفته مع عروسه تحت نظرات والدته الراضية عنه فهو ليس كأشقائه فمنذ صغره يهابها وينفذ كل ما تطلبه منه حتى وإن كان على حساب سعادته......
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
بدئت شمس الصباح تغزل خيوطها الذهبية بتأني لتصنع بها أجمل مشهدٍ في تاريخ البشرية فمن خلف الأفق البعيدة يبدئ الشروق ليمر سريعاً فوق مياه الجداول ليجعلها براقة كالألماس المنثور وسط حقلٍ رفرفة به أنواع الطيور وتمايلت به مختلف الزهور بنسيم صبحٍ تعهّد مداواة كل قلبٍ مجروح...
قد انتعش صدرها عندما استنشقت نسمات الصباح الباردة فاستأنفت سيرها من جديد لعلها تجد مأوى يؤويها في هذه المدينة الكبيرة التي تختلف كثراً عن قريتها التي أتت منها ولكنها ستحاول حتى تنتهي أنفاسها فهذا ما عزمت عليه في الأمس عندما كانت واقفة أمام شباك التذاكر تقطع تذكرتها لرحلة طويلة على متن القطار الذي لطالما سمعت صوته من بعيد وقتها مرّ في خيالها احتمالات المصاعب الكثيرة التي من الممكن أن تصادفها ومع هذا عزمت على كسر حاجز خوفها وتحدي المعلوم والمجهول بالنسبة لها كانت رحلة طويلة حقاً استغرقت الليل كله ولكنها بالنسبة لرؤى كانت مجرد غمضة عينٍ بدئت في المساء وانتهت عند تعالي صوت صافرة الوصول ابتسمت وهي تتذكر نفسها كيف صعدت إلى القطار منبهرة به تنظر لكل التفاصيل حولها حتى وصلت لمقعدها الذي أرشدها إليه موظف المحطة فجلست ساندة رأسها على النافذة تتأمل حزن الناس حولها ودموع الوداع في كل مكان مما أشعرها بحزنٍ جديد فوق حزنها فأغمضت عينيها لتهرب من تلك المشاهد ولم تكن تعلم أنها ستهرب من الواقع كله لدنيا الأحلام الجميلة ...
قطع شرودها قرقعت معدتها الفارغة فتوجت للمطعم الذي كان يعد الفطائر في الجهة الأخرى من الشارع وطلبت بعضاً منها ثم تابعت استكشافها للمدينة بعد أن التهمتها بتلذذ فهي لم تذق في حياتها ألذ من تلك الوجبة...
كانت تتلفت حولها وتقرأ كل اللافتات لعلها تجد ما يفدها فمر بعض الوقت ولم تلتقي حتى الآن بمكتبٍ عقاري ولكنها وجدت حديقة كبيرة منظمة ومرتبة بطريقة ملفته للنظر يجتمع بها الأطفال يلعبون ويرقصون بفرح غير عابئين بالحياة ولا ما فيها من الهموم قضت بعض الوقت وهي تراقبهم ثم تابعت بحثها لعلها تحظى بما تريد......
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
كان الآسر يتابع أعماله بحرفية عالية عندما وصل إلى آذانه صوت فتاةٍ تصرخ وعلى ما يبدو أنها تحطم شيء ما، فوضع يديه على رأسه ثم تنهد وهو متجه نحو مكتب فهد ليجد ميرا كما توقع تصرخ بهستيرية وتحطم كل ما طالته يديها أما فهد واقفاً مكانه دون حراك منتظر منها أن ترتمي بأحضانه كعادتها عندما تمر بهذه الحالة فهي مصابة بالوسواس القهري أثرى حادثٍ تعرضت له منذ فترة والفهد يعلم أنه سيعاني معها كثيراً خاصتاً أنها في كل مرة تتهمه بالخيانة وتبدء بنوبتها الهستيرية فكثيراً مِن مَن حوله اقترحوا عليه أن يطلقها ويرتاح فهو ليس مضطر لقضاء حياته مع زوجة لا يدري متى ستقتله من شدّة غيرتها المرضية ولكنه أبى أن يستمع لأحد فحبه لها تخطى جميع حدود المعقول وهو مؤمن أنه سيتخطى معها هذه المرحلة الصعبة من حياتهما خاصة بوجود أصدقائه بجانبه وأولهم الآسر فهو أول من اعترض على فكرة طلاقهما وأول من دعمهم معنوياً ليلحقه صديقه خالد في المرتبة الثانية وبعده القاسم لتأخره عن معرفة ما يمر به صديقه بسبب سفره خارج البلاد أثناء وقوع الحادث ولكنه لم يتوانى لحظة عن دعم صديقه بعد أن علم بما جرى...
ما أن رأت الآسر حتى توجهت إليه تشكو له من بين شهقاتها خيانة فهد لها،
رسم بدوره قناع الجدية ثم قال: معك كل الحق إنني قد شاهدته بعيني
كادت عينا فهد أن تخرجا من مقلتيهما بعدما سمع كلمات الآسر فابتلع ريقه بغصة منتظر باقي كلمات صديقه لعله ينجو بحياته عند تكملة باقي الجملة
أما الآسر فقد نظر بطرف عينه لتعابير فهد المصدومة وأكمل: عندما شاهدته ظننت به السوء واتجهت إليه مسرعاً لكي أكسر عنقه كعقوبة على خيانته لكي
هنا فهد كاد أن يغمى عليه من الصدمة فبدأ يشك بأنه هو المريض بالانفصام في الشخصية ويفعل تلك الأمور بدون دراية منه
تقدم الآسر منه بضع خطوات ليكمل: ولكن ما أن اقتربت منه حتى سمعته يقول لها أغربي عن وجهي أيتها المعتوهة فأنا متزوج من أجمل امرأة على وجه هذا الكوكب ولن أقيم أي علاقة مع امرأة أخرى
تنهيدة ارتياح خرجت من أعماق فهد مصاحبة لدمعات التي ارتمت بأحضانه معتذرة للمرة الألف بعد المليون أما الآسر فقد توجه إلى مكتبه بعدما اتم مهمته الشبه يومية ولكنه قبل أن يصل شاهد خالد من خلف الزجاج الذي كان يطل على بهو الشركة وقد كان يخطو بخطواتٍ سريعة متلفت حوله بنظرات خاطفة فانتظره عند باب المصعد ليبتلع ريقه الأخر عندما وجده ينظر له تارة ولساعة يده تارة أخرى فرسم سريعاً ابتسامة مرحة على ثغره وقال: غداً عندما يبتليك الله بالزواج ستعلم حق العلم سبب تأخيري هذا
بقى الآسر كما هو ينظر لخالد نظرات تأنيب ليكمل الأخر: أنت تعلم أن منى في شهرها السابع من الحمل ويجب عليها مراجعة العيادة الطبية كل فترة وهي تأبى أن تذهب من غيري
انه كاذب، قالها القاسم من خلفه ليقترب ويكمل: في الأمس قال لي هذا العذر نفسه
رسم خالد ملامح البراءة على وجهه ثم قال: سأعترف بالحقيقة كاملة
زفر الآسر بقلة حيلة وقال: تفضل كلنا آذانٍ صاغية
منى تشعر بالآلام منذ فترة وأنا لا استطيع أن أتركها كل يوم قبل أن أعد لها الطعام واطمئن أنها تناولت دوائها
وقف قاسم بالقرب منه يتحسس صدقه أما الآسر قال باهتمام: هل أنت جاد فيما تقول
رد خالد: نعم بكل تأكيد
لماذا لم تقل هذا قبل الآن وكل يوم تخترع عذراً، قالها القاسم بنبرة عصبية
ليرد الآخر: ألا يكفيكما همكما لحال فهد ومرض زوجته
كاد قاسم أن يتكلم لولا أن سبقه آسر بقول: اعتبر نفسك في أجازه إلى حين أن تستعيد زوجتك صحتها، قال أخر كلماته وهو متجه نحو مكتبه وخلفه القاسم أما خالد فقد تبعه بعد أن أدرك معنى كلماته فماأن دخلوا المكتب حتى بدء خالد بالحديث: لا يمكن لهذا أن يحدث فلدي الكثير من الأعمال المهمة وبالنسبة إلى منى فشقيقتها تتولى رعايتها في غيابي إلى أن أعود من المساء
تنهد الآسر بيأس مِن مَن أمامه وقال: سأسمح لك أن تعمل من الساعة الثانية عشر وحتى الرابعة فقط وأي مخالفة لقراري ستكون عقوبتك قاسية جداً ولك أن تعرف ماهي عقوبتك منذ الآن، قال كلماته ثم سند ظهره للخلف ورفع يده مشيراً بها نحو القاسم واكمل: سأتركك للقاسم فلديه بطولة عما قريب ويحتاج للكثير من التدريب
شارك القاسم بقول: وإني لأنتظر ذالك اليوم بفارغ الصبر
ابتلع خالد ريقه بخوف مصطنع ثم قال بعد أن استحضر لهجته الفكاهية من جديد: لا أرجوك لا أود أن تنتهي حياتي بهذا الشكل المذري في ريعان شبابي
تعالت ضحكاتهم جميعاً فيما بينهم عقب كلمات خالد ثم انطلق كل منهم لمتابعة عمله فالعمل لاينتظر أحد .........
༻༻༻༻༻༻༻༻༻
كان الجميع ملتفين حول طاولة الطعام التي كانت تجلس في مقدمتها أم حازم وحولها أبناءها ونساءهم وأطفالهم ومن بينهم كان الهيثم وزوجته سُميّة أما رؤى فلا أحد قد يلاحظ غيابها لأنها ليس من المعتاد أن تتناول معهم الإفطار ففي مثل هذا الوقت يكون لديها أعمالٌ كثير في المزرعة ولكن اليوم استثنائي لهذا تعالى صوت أحمد بالسؤال: أين رؤى؟
ردت رهف زوجة أخيه حازم: لم يراها أحد منذ أمس
قال بعصبية مكبوتة: ولماذا لم يتفقد حالها أحد منذ الأمس
اجابته بتلعثم: عمتي هي من شدّدت تحذيرها لنا من أن نقترب من رؤى أو نكلمها
غصّة جرحة حلق الهيثم وهو يتخيلها تبكي وحيدة في ظلمة غرفتها أما أحمد فلم يضيف إي كلمة غير أنه قال تحت أنفاسه: هكذا نحن نقتل القتيل ثم نشيّد جنازته
انتهوا جميعاً من تناول فطورهم الذي كان بمسابة لقيمات السم بالنسبة إلى الهيثم الذي لم يكد ينتهي من تناوله حتى وقف متجه نحو غرفة رؤى لرؤيتها فطيفها لم يعد يفارقه لافي صحوه ولاحتى في منامه،
ما أن فتح باب الغرفة حتى وجدها فارغة فنظر بكل الاتجاهات ولم يجد لها أثر ولكنه لم ييأس وتابع البحث هنا وهناك حتى وقع نظره على ورقة مطوية وموضوعة على السرير ارتجف جسده عندما قرء ما كتب بها((سأعود يوماً لأخذ حقي وحق والدتي منكم جميعاً انتظروني لن يطول غيابي وعن المال الذي اخذته من خزانة الهيثم فسأعيده له عند عودتي)) ألجمته الصدمة وبدء يقنع عقله بأنها في مكان ما هنا وكتبت هذا فقط لتنتقم منه (كتبت)كيف لها أن تكتب وهي لم تتعلم أصول القراءة والكتابة من الأساس ، هذا يعني أن هناك من ساعدها، وهذا يعني أيضاً أن أحداً ما في هذا المنزل يعلم بخبر رحيلها هذا، كاد رأسه أن ينفجر عقب جميع الأفكار التي داهمت عقله دفعة واحدة فحمل الورقة بين أصابع يده وهبط للأسفل فوجد الجميع حول الطاولة كما تركهم منذ قليل فتقدم منهم بخطواتٍ ثابته منتظمة مما أثار حفيظة والدته لتخرج عن صمتها وتسأله: ما بك ياهيثم
لم يجيب ولكنه تابع إيقاع تقدمه الثابت نحوها حتى وصل إليها وعينيه لم تفارق عينيها إلى أن رفع الورقة القابعة بين أصابعه وقدمها لها ، لتقرئ بدورها ما كتب بصوتٍ عال وصل لمسامع الجميع، فالجميع في صدمة حقيقية عدا أحمد الذي كان في قمة فرحه بما سمع فتلك الصغيرة هي القشة التي ستقسم ظهر البعير وستنهي الظلم وتضع حداً للظالمين ، عاد إلى الواقع على صوت صرخات والدته التي وجهت الاتهامات للجميع بأنهم ساعدوها على الرحيل كاد عقلها أن ينفجر كيف لها أن ترحل قبل أن تبلغ العمر القانوني وتتنازل عن جميع أملاكها
قطع حديثها مع نفسها صوت أحمد وهو يقول رؤى تجيد القراءة والكتابة فعلاً وهي ليست بحاجة لأحدٍ أن يساعدها في هذا فيامن قام بتعليمها أصول اللغة العربية جميعها
وأنت كيف علمت بهذا قالتها أم حازم بأنفاسٍ متسارعة وعرقٍ متصببٍ من جبينها
ليجيبها ببساطة: كنت أراه أحياناً وهو يشرح لها دروس اللغة العربية بالسر بعدما منعتها من الذهاب إلى المدرسة
تباً ليامن وتباً لها وتباً للأفعى الأم والدتها وتباً لكم جميعاً تباً لكم جميعكم حمقى ظلت تردد تلك الكمات بعصبية حتى وصلت غرفتها فدخلت إليها وأغلقت خلفها الباب بإحكام ثم جلست على مقعدها المخصص تندب حظها العسر الذي توه أمرها وأوصلها إلي هنا فقد كان يجب عليها ان تنتظر بضع شهور حتى تُكمل سنتها الثامنة عشر ومن ثم تجبرها على التنازل عن كل أملاكها وبعدها كان يمكن لها أن تزوّج الهيثم لتذيقها من المرارة أكواب.......
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
كانت تسير مراقبة بعينيها جمال تفاصيل تلك المدينة وتبتسم في نفسها عندما تتذكر تهديد زوجة عمها لها بأن تدعها تعيش في الشارع فلو كانت تعلم أن الشارع جميلٌ إلى هذا الحد لسعت إليه وحدها منذ زمن قبل أن يحل بها كل ما حدث لها
ألتقت في طريقها ببائع للمثلجات وقفت عنده تطلب بعضاً منها بطعم الليمون فرحب بها بابتسامة ثم سألها إن كانت غريبة عن مدينته فردت عليه بالتأكيد كما أن بشاشة وجهه شجعتها لتطلب منه أن يرشدها إلى مكتبٍ عقاري لحاجتها الماسة لإكراء غرفةٍ تقيم بها
زاد الرجل الصبوح من ابتسامته لتظهر على وجنتيه خطوطاً حفرها الزمن بدقة ثم قال: دعك يا بنيتي من حديث المكاتب العقارية فإنه يطول بلا فائدة
لدي جارةٌ تعيش وحدها في منزلها ولديها ملحق للمنزل تود أن تأجره ولي الثواب لاختصار عليك عناء البحث إن ناسبك
ردت بحماس: أحقاً كيف لي أن ألتقي بجارتك تلك
ابتسم الرجل من جديد على حماسها الظاهر ثم قال: هدئي من روعك صغيرتي بعد القليل من الوقت سينتهي دوام الطلاب ويأتي أبني محمود ليستلم العمل عني عندها سأصحبك إلى أم مالك لكي تتفقي معها
هزت رأسها بموافقة ثم تابعت تناول المثلجات وهي تتلذذ بطعمها الذي لم تتمكن من تذوقه منذ زمنٍ بعيد وهنا لاحت على بالها ذكرى جديدة
فلاش باك:
في يومٍ حار كانت تلعب مع ابنت عمها ريما وهي الأخت الأصغر بين أبناء أم حازم
اتى بائع المثلجات فركضت إلى والدها ليشتري لها بعضاً منها بطعم الليمون كما تحب وكالعادة ابتسم عمير لصغيرته وتوجه نحو البائع يبتاع منه المثلجات لجميع الأطفال فعندما أتى دور رؤى أخذت مثلجاتها بفرحة كبيرة وركضت إلى البيت لكي تطعم والدتها معها ولكنها تعثرت في طريقها وكاد أن ينكسر عنقها لولا يد عمير التي حالت بينها وبين الأرض وفي هذه الأثناء أرتمت المثلجات على الأرض واختفت فرحة الفتاة ليحل محلها الحزن والدموع ولكن سرعان ما ضمها والدها إلى صدره وعاهدها بأن يعوضها عن تلك المثلجات بأحسن منها فعادت ملامحها للإشراق من جديد
الوقت الحالي:
اعادها للواقع صوت بائع المثلجات عندما اخبرها أنه أصبح بإمكانهم الذهاب إلى منزل أم مالك
وقفت بحماس ثم سارت خلفه حتى وصلا لوجهتهما.........
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
كاد ينفجر من الغيظ يمشي هنا وهناك وكفيه ترتطم ببعضهما وكأنه الملام الوحيد في ماحدث بقي الهيثم على هذا الحال حتى فقد صوابه وانطلق مسرعاً إلى حجرة والدته ليخبرها بقراره النهائي..
سمع أذنها للدخول بعد أن طرق الباب بخفة فدخل ليجدها جالسة مقابل الشرفة على المقعد الخشبي المحبب لها وقف أمامها وبدء حديثه بالرغم من أنها لم تلتفت إليه ولم تعيره إي اهتمام: أمي لقد قررت أن أبحث عنها في كل مكان حتى أجدها وأعيدها مهما كلفني هذا،، صمت قليلاً ولم يأته الرد فهمّا ليكرر ماقاله لولا أنها قاطعته بصوتها الحازم: لا عليك ستعود وحدها لايوجد لديها مكانٌ لتذهب إليه
_أجابها بصوتٍ مهتز لن انتظر أكثر سأذهب للبحث عنها
زادت من إضفاء طابع الحزم على صوتها ثم قالت: اذهب إلى عروسك واطمئن فماأن ينتهي المال الذي بحوزتها حتى تعود من جديد فلا تقلق
بقي الهيثم واقفاً مكانه بصمت يعيد كل الأحداث التي مرة به منذ زمن وحتى الآن فوجد أن كل قرار خاطئ في حياته كان بسبب طاعته العمياء لوالدته فقرر أن يتمرد على نفسه هذه المرة ويفعل ما يراه مناسب فرؤى ابنت عمه قبل أن تكون محسوبة عليه زوجة أمام الناس....
خرج من غرفة والدته ثم من المنزل بأكمله قاطع على نفسه عهداً أنه لن يعود قبل أن يجدها.......
༺༺༺༺༺༻༻༻༺༻
طال اجتماعهم حول الطاولة المخصصة لهم في مكتب الآسر فهناك بعض العقبات في كل قسم فكل منهم يعرض مشكلته وبعض الحلول على الآخرين لعلهم يصلون لأفضل نتيجة لصالح الشركة ففي النهاية كل منهم يعتبر هذه الشركة شركته بغض النظر عن المالك لها فهي بُنيت بجهودهم جميعاً فلولا ذكاء الآسر، وحنكت الخالد، وفطنة القاسم، ودهاء الفهد، لما أُنجز هذا الصرح الكبير بهذا الوقت القياسي....
بدء الفهد مدير قسم الموارد البشرية بعرض مشكلته مع نقص في عدد الموظفين بسبب طول فترة الدورة التدريبية التأهيلية المقررة من قبل
ثم بدء بعرض بعض الحلول التي يمكن أن يتجاوزوا بها هذه العقبة ومن هذه الحلول اتفقوا جميعاً على أن يحضر الفهد بعض الجلسات التدريبة ويختار من المنتسبين من يراه جدير لكل شاغر ثم أغلقوا هذا الملف
ليبدئ خالد مدير قسم البيع والتسويق بعرض مشكلته كما فعل فهد ولكن لم تكن مشكلة بقدر ماكان اقتراح إن صح التعبير فالتسويق داخل القطر لم يعد يكفي فعليه العمل على التسويق خارج القطر لعله يستطيع أن يحقق انتشاراً أوسع في عالم الأموال
اتفق معه الجميع لكن الآسر قد أصدر قراره النهائي في هذا الموضوع أن يطبق بعد عدة شهور وهذا لوضع خالد العائلي أما خالد فحاول أن يعترض لولا أن ساند قرار الآسر كل من فهد والقاسم فخضع لهم مرغم وهكذا قد أغلقوا الملف الآخر لكي يصلو للملف الأخير
عندما بدء قاسم مدير القسم المالي بعرض أكبر مشكلة في هذا الاجتماع وهي اختلاف الأرقام على الحاسب عن الأرقام الموجودة في الفواتير الورقية
_فسأله الآسر عن كيفية علمه بهذا الاختلاف قبل موعد الجرد الرسمي بشهور
_فرد القاسم معتزاً بنفسه ياصديقي إن المال الداشر يعلم الناس السرقة ولهذا كنت أدقق بعض الفواتير دائماً في أوقات فراغي فوجدت بعض الأخطاء فظننتها أنها أخطاء عابرة ولكني كثفت من عملي هذا حتى أني لم أعد أجد وقتاً لصنع قهوتي المفضلة
_قاطعه فهد بقول وهل ستحكي لنا قصة حياتك الآن
_ لا ولكن يجب عليكم معرفة جهدي المبذول لحماية أموالكم ومكافئتي على هذا الجهد
_فرغ صبر الآسر ليقول: أكمل في المهم أيها المعتوه قبل أن أقتلع عنقك هذه
_توسعت عينا القاسم ليقول بصدمة يدّعيها: وهل للمعتوهين أن يكتشفوا عمليات النصب
أكملللل ،قالها الآسر
ليسرع الآخر برسم ابتسامة على ثغره لا تليق إلا به ثم بدئ بشرح تفاصل ما اكتشفه من عملية تزوير للفواتير لكسب أحدهم المال بطريقة غير مشروعة
فانبهر ثلاثتهم من شدة ملاحظة من أمامهم ليقول الخالد بلهجته المرحة: الآن قد اكتشفت اكتشفاً يمكن له أن يغاير مسار البشرية
_رد عليه الفهد: وما هذا الاكتشاف المفاجئ
وقف خالد مبتعداً عن القاسم حفاظاً على سلامته ثم قال: اكتشفت أن الغذاء السليم وممارسة الرياضة بشكل دوري يساعدا على تنمية العقل البشري كما حدث مع هذا الأبله، أختتم كلماته وهو يجري نحو مكتبه مع قول :والسلام عليكم
أما الآسر فقد وضع يديه على رأسه بقلة حيلة فهو قد يأس من تغيّر أي منهم لهذا استسلم للأمر الواقع وتقبلهم كما هم...........
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
لم يطل الوقت حتى وصلا إلى باب منزل أم مالك ليطرق عليه بائع المثلجات وبجانبه تقف رؤى تنظر بتفحص على البناء فلم يكن متهالك كما صور لها عقلها وبعد القليل أطلت من خلف الباب امرأة يبدو أنها أنهت عقدها الرابع، لم يظهر عليها أنها لئيمة وشريرة كما تخيلتها أثناء عبور طريقهما إليها فقد كانت امرأة بشوشة تملك وجهاً منيرٌ كقمرٍ امتلك جاذبية تفوق التوقعات..
رحبت أم مالك بهم قائلة: أهلاً وسهلاً بك أبا يونس وبضيفتك تفضلا
قالت كلمتها وهي تشير بيدها إلى الداخل فردا التحية لها ودخلا...
كانت رؤى في صدمة من بساطة الفرش ورقيّه في نفس الوقت، فلم تكن تتوقع في حياتها أن تتمكن من العيش في منزلٍ كهذا بعيداً عن التعب والشقاء في المزرعة، لهذا قررت أن تقبل بشروط ام مالك حتى وإن كانت صعبة.
في هذا الوقت كان أبو يونس يتبادل الأخبار مع أم مالك ومن ثم قطع أفكار رؤى عندما توجه إليها بالحديث ليقول لها بأن أم مالك ليست فقط جارته فهي ابنت عمته أيضا
ابتسمت رؤى بعد قوله دون قول أي كلمة فهي الآن في حالة أرتباك شديد ففي حياتها لم تتعامل مع أي أحد خارج نطاق عائلتها ولاتعلم عن العالم خارج المزرعة إلا ما قرأت عنه في الكتب والروايات
قدمت أم مالك القهوة لهما ثم سألت رؤى عن سبب ترك عائلتها وأقامتها وحدها هل هي من أجل متابعة الدراسة أم من أجل العمل
ردت رؤى ببراءة لا تدعيها: أنا لم أترك عائلتي لأنه لا يوجد لدي عائلة من الأساس فوالدي متوفي ولا أعلم عن أمي شيئاً فقد انقطعت أخبارها عني منذ زمن، وأنا هنا لكي أحصل على فرصة عمل ففي هذه المدينة الكبير توجد أعمال مختلفة ولا بد أن أحصل على أحدها أن شاء الله
لامس حديثها قلب أم مالك وشفقت على حالها فقالت: يبدو أنك فتاة طيبة ويسرني أن تقيمي في الملحق أعلى بيتي
_نطقت رؤى بتلقائية: ألا يمكنني أن أقيم هنا
_أم مالك بصدمة:هناااا
_نعم هنا في هذا المنزل وأعدك أن لا أسبب لك أي ازعاج سألتزم بكل ما تقولينه لي
_ تبادلت أم مالك النظرات مع أبو يونس ثم قالت موجهة حديثها لرؤى ولماذا تريدين أن تقيمي في منزلي
افترشت رؤى الأرض بنظراتها ثم ابتلعت غصة حلقها بمرارة قبل ان تجيب ب: لعدّة أسباب منها أني شعرت بدفءٍ ينبعث من بين جدران هذا المنزل يذكرني بحضن والدي وهذا ما جعل الرعشة تسري في أوصالي عندما دخلت عتبته ، ثم إني التمست بك حنان أمٍ قد فقدته منذ زمنٍ فكيف لي أن لا أتمنى المكوث بين دفء الأب وحنان الأم ...
تجمعت الدموع بعيني أم مالك لتأثرها الشديد لحال الفتاة أما أبو يونس نطق بصوتٍ خافت (لا حول ولا قوة إلا بالله)قالها وهو يخفض رأسه متأثر بحال هذه الفتاة التي اعتقد أنها أتت لهذه المدينة لتلتحق بأحد الكليات ولم يخطر بباله أنها تحملت كل تلك الآهات بفقدانها والدها ووالدتها (تأثر لهذه الدرجة دون أن يعلم عن معاناتها شيءً فياله من رجل طيب)هذا ما كانت تفكر به رؤى عندما أعادها للواقع صوت أم مالك: لا أسمح بالنوم خارج المنزل ولا حتى التأخير غير أني سأدّعي أمام الجميع أنكِ ابنت أخي أتيت لتقيمي عندي لكي تلتحقي بوظيفة جيد وأنا أيضاً لا أحبذ كثرة الصديقات فلكِ أن تستقبلي صديقة أو اثنتين فقط وهذا بشرط أن تُعلميني مسبقاً
ابتسمت رؤى ثم اردفت: ليس لدي صديقات أنا وحيدة جداً
صمتت لبرهة ثم قالت: إني سعيدة حقاً لأنكِ سمحتي لي بالإقامة في منزلك لاأعلم مايجب عليّ قوله لكني أشعر بأني في حاجة لاحتضانك فهل تسمحي لي
ارتسمت على ثغر أم مالك ابتسامة عريضة عقب كلمات رؤى المتداخلة ثم رفعت يداها مشيرة لها بأن تقترب لاحتضانها
ومن هنا ستبدئ رؤى بأول خطوة في انعطاف حياتها الجديدة لترسم مستقبلها كما تريد هيا ليس كما يريد الآخرين.............
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻