××××××××××××××××××××××××××××××××××××
تَوَقَّفَ عَنْ الْمَشْيِ عِنْدَمَا رَآهَا تَقِف أَمَامَ بَابِ غُرْفَتِهَا بإبتسامة لَطِيفَةٌ عَلَت وَجْهِهَا ، اِقْتَرَب مِنْهَا مُسْتَغْرَبًا ، هِيَ لَمْ تَخْرُجْ يَوْمًا لتقابله هَكَذَا . .
" سيدتي مَاذَا تَفْعَلِين خَارِجًا "
" أَنْتَظِرُك عَزِيزِي " ابْتَلَعَ رِيقَهُ بِصُعُوبَة ثُمَّ هَمَسَ لنفسه " سَوْف يَكُونُ الْأَمْرُ صَعْبًا "
°°°°°
مَشَت الأَمِيرَة إمَامَةُ نَحْوِ مَطْبَخ الْقَصْرُ حَيْثُ هُنَاك تَوَقَّفَت و صَفَّقَت بِيَدِهَا مَرَّتَيْن ، نَظَرٌ جَمِيع الطَّبَّاخِين نَحْوِهَا منحنيون
" سيدتي مَا الَّذِي أَتَى بِك إلَى هُنَا "
" سأستخدم الْمَطْبَخ قَلِيلًا ، أَخْرِجُوا "
جُحْر الطَّبَّاخِين أَعْيُنِهِم ، تُسْتَخْدَم الْمَطْبَخ ؟ الأَمِيرَة ستفعل ذَلِك ؟ هَذَا جُنُون هِيَ لَا تُعْرَفُ كَيْفَ تَصْنَعُ الشَّاي حتى
" لَكِن سيدتي هَل قصٓرنا بشي . . . " قاطعته بِصَوْت صارخ
" أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ تَخْرُجُوا " امْتَثَل الْجَمِيع لِأَوَامِرِهَا و خَرَجُوا بِسُرْعَة قَبْلَ أَنْ تُصَبْ كَامِل غضبها عَلَيْهِم . .
....
نَظَرْت للمطبخ الْكَبِير ، هِي تَدْخُلُه لأَوَّلِ مَرَّةٍ ، بَلْ رُبَّمَا هَذِهِ الثَّانِيَةُ دَخَلَتْه عِنْدَمَا كَانَتْ صَغِيرَةً ، أَمْرٌ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ ؟ كَانَت آنذاك لَطِيفَةٌ ، لَكِن الْأُمُورِ كُلِّهَا تَغَيَّرَت . . . نَظَرْت لَهُ وَ قَالَت بِصَوْت لَطِيفٌ جَعَلَتْه يَتَرَاجَع خُطُوَات للوراء
" مَا هِيَ اكلتك الْمُفَضّلَة عَزِيزِي ؟ " صُمْت و لَم يجبها " همم هَلْ عَلَيَّ أَنْ أَصْنَعَ شَيْءٌ مَا عَلَى ذُوقِي ؟ "
هَزّ بِرَأْسِهِ غَيْرُ مُصَدِّقًا ، بِسَبَب فَعَلَتْه الغبية هُو يُضْطَرّ أَن يَتَعامَلُ مَعَ هَذَا الْمَوْقِفُ الغبي
" أَتَعَلَّم أَنَا أَحَبّ طِبْق لَذِيذا جِدًّا ، لَكِنْ لَا أَحَدَ يَصْنَعُه لِي . . . " نَظَرَ لَهَا ، لنظراتها الحزينة تِلْك ، هَلْ تُمْلَكُ جَانِبًا حَزِينًا هِيَ الْأُخْرَى ؟ لَا أَحَدَ لَا يمتلك ذَلِكَ الْجَانِبِ . . أَرْدَفَت بنبرة حزينة
"
لَا أَحَدَ يَصْنَعُه كَمَا تَفْعَلُ أُمِّي . . لِذَا لَا أَطْلُبُ مِنَ أَحَدِ أَنْ يَصْنَعُه "
فَضْلَ الصَّمْتِ عَلَى أَنَّ يَتَكَلَّمَ مَعَهَا خَاصَّةً فِي هَذَا الْوَقْتِ . . اقْتَرَبَتْ مِنْ مقلاة كَبِيرَةٍ وَ وَضَعْتُهَا عَلَى النَّارِ ، ثُمَّ وَضَعَتْ الزَّيْت فِيهَا ، انْتَظَرْته ثَوَانِي لِتُصْبِح الْمِقْلَاة أَحْمَى ، أَخَذَت صَدْر دَجَاج و حَاوَلَت تَقْطِيعُه ، لَكِنَّهُ كَانَ لَزِجٌ جِدًّا ، فَعِنْدَمَا وُضِعَت السِّكِّين لتقطعه ، أَخَذَت السِّكِّين مُنْحَنَى آخَر و جُرِحَت أُصْبُع يَدِهَا ، صَرَخَت بِغَضَب ثُمّ رُمْت تِلْك السِّكِّينَ عَلَى الْأَرْضِ .
هَزّ بِرَأْسِه عِنْدَمَا رَآهَا هَكَذَا ، اِقْتَرَب مِنْهَا وَ أَخْرَج مِنْدِيل مِنْ جَيْبِهِ و لَفَّ بِهِ جَرْحُهَا .
" مَا اسْمُ الطَّبَق الَّذِي كُنْت تُرِيدِين صَنَعَه ؟ "
" اللازانيا بالدَّجَاج " مِسْك يَدِهَا بِلُطْف و جَرُّهَا وَرَائِه ، اِقْتَرَبَ مِنْ الثَّلاجَة و أَخْرَج كُرْسِيّ قَرِيبٌ مِنْهَا ، طُلِبَ مِنْهَا الْجُلُوس هُنَاك دُون الْكَلَامِ أَوْ فِعْلٍ شَيْءٍ . . . .
أَخَذ يَقْطَع الدَّجَاج بمهارة هِي نَفْسِهَا تفاجأت مِنْه ، وَضَع الدَّجَاجُ فِي الْمِقْلَاةِ و أَخَذ يقلبها
" أَنْت مَاهِرٌ " قَالَتْ لَهُ لتستفسر عَن مَوْهِبَتِه لِيَرُدّ عَلَيْهَا
" لَقَد تَعَلَّمْتُ مِنَ أَكْبَرِ طهاة فِي مَمْلَكَتِي "
" هَذَا يُفَسَّر الْكَثِير " كَانَتْ تَنْظُرُ لتفاصيله الدَّقِيقَة ، لِمَا هُوَ يُعْجِبُهَا هَكَذَا لَمَّا هُوَ مَاهِرٌ ، قَلْبُهَا يَدُقّ بِسُرْعَة ، لَقَدْ كَانَتْ تَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَدَيْهَا حَبِيب يَصْنَعُ لَهَا مَا تُرِيدُ ، و يَفْعَل لَهَا الْمُسْتَحِيل ، الْمُسْتَحِيل ؟ هَذَا مَبَالِغ بِهِ بَعْضُ الشَّيْءِ ، هِيَ فَقَطْ تُرِيد فَعَلَ الْأُمُورَ الَّتِي لَمْ تَفْعَلُهَا مِنْ قِبَلِ ، هَل سَيَكُون لِأَيّ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي سَيُحَقِّق لَهَا كُلُّ شَيْءٍ تُرِيدُه ؟
" لِمَا أَنْتَ كَئِيبٌ هَكَذَا ؟ " نَظَرَ لَهَا وَ هُوَ فِي صَدَدِ تَقْطِيع الْبَصَل ليهز رأسه
" لَسْتُ كَذَلِكَ ، لَكِنَّك الشَّخْص الْكَئِيب هُنَا ، شخصيتي غَرِيبَةٌ فَأَنَا اتأقلم مَعَ الْوَضْعِ و الْأَشْخَاصُ الَّذِينَ أَكُونَ مَعَهُمْ فَإِنْ كَانُوا أَشْخَاص مرحين أَصْبَح كَذَلِك و الْعَكْس هُوَ صَحِيحٌ "
' ' هَلْ أَنَا كَئِيبَة جِدًّا ؟ "
" نَعَم "
" الظُّرُوف هِيَ السَّبَبُ . . " قاطعها و هُو يَقْتَرِب نَحْوَهَا ثُمَّ أَخَذَ يَخْلَع القفازات مِنْ يَدَيْهِ
" لَا تُلْقِي اللَّوْمُ عَلَى الظُّرُوف أَبَدًا ، فَهُنَاك الْكَثِيرِ فِي هَذَا الْعَالِمُ الَّذِين عانوا أَكْثَر مِنْك وَلَكِنَّهُم مَازالُوا يحتفظون بروحهم الْجَمِيلَة و ابْتِسَامَةٍ عَلَى وَجَّهَهُم "
تمعنت فِي كَلَامِهِ . . هُو مُحِقٌّ . . هِي حَقًّا تُشْعِر بالانجذاب لَه ، تُحِبّ الشُّعُور الَّذِي يخالجها عِنْدَمَا تَكُونُ مَعَهُ " ايمكنني أَن أَطْلُب مِنْك شَيْئَيْن اثْنَيْن "
تَعَجَّب مِنْهَا هَذِهِ الْمَرَّةِ الْأُولَى الَّذِي تَطْلُبُ مِنْهُ شَيْئًا بِطَرِيقِه لَطِيفَةٌ ' ' كُنّ مُعَلِّمًا لِي أَشْعَر إنَّنِي أَتَعَلَّم مِنْك الْكَثِير "
اِبْتَسَم لِطَلَبِهَا الْغَرِيب ، لَكِن أَيَا يَكُنْ هُوَ أَعْجَبَه ، تَتَعَلَّم بِسُرْعَة هَذِه الفَتَاة " وَمَا الْآخَر ؟ "
لعقت شَفَتَيْهَا بتلبك و هِي تُحَاوِل إخْرَاجَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ . . " ايمكنني تقبيلك ؟ "
اِبْتَعَد قَلِيلًا عَنْهَا ، لِمَا تُطْلَب هَذَا فَجْأَة ، الْأَمْر الْغَرِيب أَنَّهُ لَا يَشْعُرُ بالانزعاج . . كَعَادَتِه فَضْلَ الصَّمْتِ عَلَى إجَابَتِهَا ، لَكِنَّهَا هِيَ لَمْ تَنْتَظِر إجَابَتُه لتقترب و تَطَبَّع قَبْلَهُ عَلَى وَجْنَتَيْه ثُمّ تَبْتَعِد بِسُرْعَة . . ابْتَلَعَ رِيقَهُ بِمَهْل ثُمَّ عَادَ لِيُكَمِّل الطَّبَق الَّذِي يُرِيدُ صَنْعَةَ لَهَا .
===
بَعْدَ مَا يُقَارِبُ السَّاعَة كَانَت تَجْلِسُ فِي شَرَفِهِ غُرْفَتِهَا و أَمَامَهَا طَاوَلَه الطَّعَام مُجْهِزَة لِلطُّرُق الرَّئِيسِيّ الَّذِي سيحضره لِأَيّ لَهَا .
وَضَع الطَّبَق أَمَامَهَا ، كَان مَنْظَرُه شَهِيّا جِدًّا ، رَائِحَتُه كَانَت الْأَفْضَل ، حَمَلَت الْمِلْعَقَة بِيَدَيْهَا بِسُرْعَة و أَخَذَت قَضْمَة لتتذوقه ، سُرْعَانَ مَا ابْتَلَعَتْهَا و نَظَرْت لَهُ بِصَدْمَة .
" أَلَم يُعْجِبُك ؟ " قَال متسائلا و هُو يَقِف أَمَامَهَا لتهز رَأْسِهَا بالنفي
" هَذَا الطَّبَق هُوَ الْأَفْضَلُ ، أَنْت رَائِع حَقًّا " قَالَت و رُفِعَت إبْهَامِهَا لَه ، اِبْتَسَم لِرُؤْيَتِه تُحِبّ الطَّبَق الَّذِي أَعَدَّهُ لَهَا ، تُبْدُوا كَالْأَطْفَال و هِي تَأْكُل ، رُبَّمَا لَو حَاوَل قَلِيلًا ، ستعود مشعة كَمَا كَانَتْ فِي صِغَرِهَا .
^^
جَلَسَ فِي غُرْفَتِه عَلَى ذَلِكَ السَّرِيرِ الصَّغِير ، تَثَاؤُبٌ بِجُنُون و هُو يَنْظُر لِلْقَمَر ، هُو تَعَبا جِدًّا ، لَقَدْ كَانَ يَوْمًا شَاقًّا ، عِنْدَما يَكونُ مَعَ الأَمِيرَة يَكُونُ الْيَوْمَ مِثْل الْجَحِيمَ هِيَ لَا تَقِفُ عَنْ الْكَلَامِ أَوْ الطَّلِبَات ، لَوْ أَنَّهُ عَمَلٌ فِي سَفِينَةٍ شَحَن كَانَ الْأَمْرُ سَيَكُون أَفْضَل .
تَوَجَّهَ إلَى الدَّرَج الصَّغِير الْمَوْجُودِ فِي الْخِزَانَةِ لِيَفْتَحَه بِذَلِك الْقُفْل ، أَخْرَج قِلَادَةٌ دايموند الَّذِي كَانَ يرتديها مُسْبَقا و أَخَذ يَنْظُرَ لَهَا
" اشْتَقْت لَك ، كَم أَوَدّ حَقًّا رُؤْيَتِك اتسائل مَا الَّذِي تفعلينه ، كَيْف تبلين فِي هَذِهِ الْحَيَاةَ ؟ "
°°°