°°°
وَقَفْت الأَمِيرَة فِي مُنْتَصَفِ القاعَة و بِجَانِبِهَا الْحَارِس لِأَيّ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، نَظَرْت لِأَخِيهَا الْوَاقِف هُنَاك بِجَانِب عَرْش الْمَلِك ، كَم تُؤَدّ الذَّهَاب و احْتِضانُه ، سُؤَالُهُ عَنْ حَالِهِ و عَنْ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي الْمُمَلَّكَةِ الْأُخْرَى . وَضَع الْمَلِك قَبَضَتْه عَلَى حَافَّةِ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ قَالَ : اسيشرح أَحَدٌ لِي مَا رَأَيْت أُمّ ازجكم فِي السِّجْنِ ؟ " نَظَرْت للاي ثُمّ تَنَهَّدْت و أَخَذَت نَفْسًا سَرِيعًا : أَبِي نَحْن نَتَوَاعَد "
: تواعدين مِن ؟ حارسك الشَّخْصِيّ ؟ "
صَمَتَت خَوْفًا مِنْهُ ، فَقَدْ كَانَ صَوْته خَشِنًا جِدًّا عَلَى غَيْرِ عادَتِهِ ، هَل سَيَقُوم بِقَطْع رَأْسِهَا ؟
: وَالِدِي ، لَيْسَ عَلَيْك الصُّرَاخ هَكَذَا ، لَمْ نَفْعَلْ شَيْئًا خَاطِئًا . . "
: تواعدين حَارِسٌ وَلَمْ تَفْعَلِي شَيْئًا خَاطِئًا ؟ أَلَم تفكري بسمعتك ، مِن سَيَرْضَى الزَّوَاج بِك بَعْدَ سَمَاعِ هَذَا ؟ "
ضرَبّ بِيَدِهِ عَلَى الطَّاوِلَةِ الَّتِي بِجَانِبِه ليهتز جَسَدِهَا مرعوبا
: لِمَا عَلِيّ الزَّوَاجَ مِنْ شَخْصٍ غَيْرُ لِأَيّ ؟ " إجَابَتُه مُسْتَغْرَبَةٌ مِنْ كَلَامِهِ الَّذِي بَدَأَ غَيْر مَنْطِقِي ، نَظَرَ لَهُ بِحُزَم و عَيْنَاه ترميان الشِّرَار نحوها : اتمزحين مَعِي ! أَنَّهُ حَتَّى لَيْس نَبِيلًا . . "
: مَا الْمُشْكِلَة ، لَقَد وَأَعَدْت و تَزَوَّجَت أُمِّي الَّتِي كَانَتْ مِنْ عَامِهِ الشَّعْب . " تَنَهُّدٌ ثُمَّ نَظَرَ لَهَا بعينتيه اللَّتَان أَصْبَحَتَا حمراوتان
: لَا تقارني بَيْنَنَا . . إنْ تَزَوَّجْتهَا فَقَدْ جَلَبَتْهَا إِلَى قَصْرٍ لِتَعَيُّش مِلْكِه مرفهة . . لَكِنْ أَنْتَ إنْ تزوجتي مِنْهُ أَيْنَ ستعيشين ؟ فِي مَخْزَنٍ ؟ مَاذَا ستأكلين خُبْز الافئران ؟ "
: أَبِي لَا تَكُنْ قَاسِيا عَلَيْهَا " قَالَ الْأَمِيرُ و هُو يَقْتَرِب مِنْ الْمِلْكِ لَكِنْ جُمْلَتِه دَفَعْته للوراء
: أَصْمَت أَنْت "
و قِف و اتَّجَه نَحْو الأَمِيرَة ، رَفَع لِأَيّ رَأْسَهُ قَلِيلًا بِرُؤْيَتِه يَقْتَرِب مِنْهَا ، لِمَاذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ ! لِمَاذَا لَمْ يُدَافِعُ عَنْ حَبَّةَ صَرَخ فِي دَاخِلِهِ مُعَاتِبًا نفسه
: سيتوجب عَلَيْك الْبَقَاءِ فِي غرفتك لِأَيَّام ، لَن تَقابُلِيَّة بَعْدَ الآنَ ، وَأَنْت أَخْرَجَ مِنْ الْقَصْرِ حَالًا " قَال جُمْلَتِه تِلْك لتفزع هِيَ مِنْ قَرَارِهِ : لَنْ أَفعَلَ و هُوَ أَيْضًا لَنْ يَفْعَل "
: اتعصين اوامري ؟ " صَرَخ فِي وَجْهِهَا و مَدَّ يَدَهُ ليصفعها وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى وَجْهِهَا ، حَيْث أَحْمَر مَكَان الصفعة
: أَنْت حَقًّا ظَالِم " همست و دُمُوعُهَا بَدَأَت بالانهمار
: مَاذَا ؟ " قَالَ وَ رَفَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى لضربها مُجَدَّدًا
°°°
أَسْرَع ليحضنها عِنْدَ رُؤْيَتِهِ يَدِ الْمَلِكِ تَرْتَفِع ، اِبْتَعَد الْمَلِك قَلِيلًا للوراء عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْحَارِس يَحْمِي الاميرة : أَنْت اسجنهم " صَرَخَ عَلَى الْحُرَّاس الَّذِين تُقَدِّمُوا
: أَبِي . . . لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ . . تَذْكُرُ أَنَّ هُنَاكَ ضُيُوف مهمون سيأتون غَدًا وَإِنْ لَمْ يَرَوْا الأَمِيرَة سيشكون بِالْأَمْر ، دَعْهُمَا الْآن سأتكلم مَعَهُمَا ، اذْهَب وارتح الْآن . " قَالَ الْأَمِيرُ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى كَتِفَيْ الْمِلْكِ الَّذِي مَشَى مُتَّجِهَةٌ نَحْوَ البَابِ ، لَكِن صَوْت لِأَيّ اوقفه
: انْتَظَر سَيِّدِي ، اريدك أَنْ تَعْلَمَ إنَّنِي لَن اُتْرُكْهَا أَبَدًا "
: لَا تَزِدْ الْأَمْرِ سَوَاءٌ " هَمَس الْأَمِير للاي الَّذِي اِبْتَعَد وَاقْتَرِب مِن الأَمِيرَة
°°°
أ
ُغْلِقَت سَتَائِر الغُرْفَة ثُمّ رُمْت نَفْسَهَا عَلَى السَّرِيرِ ، صَوْتَ ذَلِكَ الْكَفِّ مَازَال صَدَاه فِي عَقْلِهَا ، هَلْ هُوَ حَقًّا سَيَمْنَع حَبُّهَا ؟ هَلْ مَا قَالَهُ لِأَيّ سَابِقًا أَنَّهَا إنْ تَزَوَّجْت مِنْ فَقِيرٍ لَنْ تَجِدَ السَّعَادَة فِعْلِيًّا !
مَسَحَت الدُّمُوع بِيَدِهَا ثُمّ اِبتسَمَت لِتَذَكُّرِهَا حَضَن لِأَيّ ، هَلْ كَانَ دافئا هَكَذَا مِنْ قِبَلِ ؟ هِيَ قَدْ شَعَرْت أَنَّهَا مَحْمِيَة بَيْنَ جَبَلَيْنِ ، و عِنْدَمَا أَخْبَر الْمَلِكِ أَنَّهُ لَنْ يَتْرُكَهَا كَانَ هَذَا الْأَفْضَلُ . قَرَعَ الْبَابَ وَ دَخَل لتفاجأه ظَلَام الغُرْفَة ،
: آيَتِهَا الأَمِيرَة ، أَيْنَ أَنْتَ ؟ "
: أَخِي " قَالَتْ ثُمّ أَسْرَعَت نَحْوَه تعانقه بقوة
: اشْتَقْت لَك ، لَمَّا لَمْ تَأْتِي لتقابلني قَبْلَ أَنْ تُقَابَلَ الْمَلِك ؟ " قَالَتْ ثُمّ شِدَّتُه لِيَجْلِسَ عَلَى السَّرِيرِ بجانبها
: لَقَدْ حَدَّثَ الْأَمْر بِسُرْعَة ، أَيَا يَكُن ، أَخْبِرِينِي بِالْقِصَّة ، كَيْف احببتني شَخْصًا لَم تريديه كحارس فِي الْبِدَايَةِ ؟ هَل سِحْرُك أَوْ مَا شَابَهَ ؟ "
نَظَرْت لَهُ بتعمق ثُمَّ قَالَتْ بهمس : فِي الْبِدَايَةِ أَخْبَرَنِي ، أَنْت لَن تَقِف ضِدِّي صَحِيحٌ ؟ "
: لَنْ أَفعَلَ ، أَنَا سَأَفْعَل الشَّيْءُ الَّذِي سيسعدك فَقَط "
: أَنْت فِعْلًا أَخِي الَّذِي أَحَبَّه " قَالَتْ ثُمّ حَضَنَتْه مجددا
: أَخْبِرِينِي بِكُلِّ شَيْءٍ الْآن . . "