وكعادته قد تخطت الساعة العاشرة ليلاً وما زال بمكتبه رافعاً ساقيه يسندهما على الكرسي المجاور ويهزهما بينما بستمع لموسيقى صاخبة تجعل الأدرينالين يتدفق بغزارة في عروقه وهو يلوح بيده كقائد أوركسترا, ورن هاتفه للمرة الثالثة باسم إليسا التي تغلي وتفور وستطلق ألسنة اللهب ما إن يجيبها الآن ! ، أخفض الصوت ثم أجابها بعبث :
-أهلا بقلب مراد .
وكأن ثقبا أسود قام بامتصاص الحمم البركانية المتصاعدة من فوهة رأسها، بل قام بامتصاص البركان كله ليبتلعه بجوف الأرض : مرااد ألم نتفق أن أراك الليلة في الحفل مابك لا تجيب أحرجتني أمام عائلتي !.
-كنتُ مشغولاً "
-إذن لن تأتي ؟
-تعلمين أن حبك يتقافز فوق الحجرات الأربع لقلبي لذلك لا أستطيع أن أرفض لك طلبا أرنبتي "
صاحت به بغضب :
أولاً القلب له حجرتين وبطينان...ثانياً لا تنعتني بأرنبة مجددا هل ترا أذناي طويلتان !
قهقه مراد من أعماق قلبه ثم أجاب ليستفز تلك الصغيرة :أولاً لم أطلب منكِ تشريحاً لعضلة القلب... ثانياً لا أرى أذناكِ الطويلتان بل أرى قفزاتك حينما تحاولين تقبيلي .
ضربت اليسا الأرض بقدمها بسخط وأجابته وقت اعتلت تقاسيم وجهها الخجل : عيب مراد .
أنهت المكالمة لتنضم لأصدقائها أما هو فرمى جهازه على طاولة المكتب وتمنى هذه اللحظة أن يرى انقلاب لون وجهها للون الطماطم ! وسبح بتفكيره فيها، بل فيهن جميعًا ، لا ينكر أنه معجب بهذه الصغيرة، لكنه كأي رجل شرقي يفصل بين غرامياته وصولاته وجولاته ومسؤولياته تجاه تأسيس أسرة صغيرة مستقرة وهانئة ،
تربى منذ نعومة أظافره ..أن الأم كيان مقدس، طاهر عفيف فهو سيربي أجيالا ً لتربي الأجيال أجيالًا أخرى وأخرى ، لذلك اختار
( بنت ناس ) كما وصفتها والدته، لا ينكر أنها عنيدة ومجنونة لكنها مراهقة صغيرة لم تخطئ بعد، فما زالت صغيرة على الخطأ ، صغيرة وسيربيها على هواه ،سيرسم معتقداتها كما يحب هو، هذه كانت نظرياته بعدما ضاق ذرعاً بشخصيات البنات اللاتي قابلهن بحياته، وطبقها عملياً ما إن رآها لأول مرة حينما كانت ووالدتها في زيارة لأمه .
بذلك اليوم ... (منذ سنتين) دلفت وحيدة لتجلس بالصالة تنتظر نزول نور بعدما غادرت والدتها برفقة عبير ليحتسيا الشاي في حديقة الفيلا الخلفية . كان مراد يجري اتصالاً هاتفيًا مع أحد الموظفين في الشركة ويؤنبه على خطأ ارتكبه ذلك الاخير ، انتفضت واقفة عندما تعالى صوته يصرخ على الموظف، تعانقت عيناهما للحظات رمقته بخوف من ارتفاع صوته وحدق فيها باهتمام بالغ نسي للحظات أنه كان يوبخ الموظف وتاه بتفاصيل وجهها الناعم ،مراهقة جميلة لم تتجاوز الستة عشر عاماً تعقد شعرها الذي يميل للون الأحمر كضفيرتين، بعينين واسعتين كلون اللوز، شفاه ممتلئة ،وتقاسيم ناعمة ، بعملية حسابية دقيقة بعقله الهندسي الدقيق تأكد من أن هذه الصغيرة ستصبح صاروخا ًمتفجراً بعد سنتين على أقل تقدير، كانت حيذاك ترتدي فستاناً طويلاً وعلى صدره منقوش صورة لشخصية كرتونية لا يعرف حتى اسمها .
جلست على الأريكة وهي تحرك ساقيها بطفولية مبالغٌ بها ثم اخرجت قطعة شوكولاه من حقيبتها وشرعت بتناولها دون اكتراث لعيني الصقر الحادتين اللتين تراقبانها، أنهى مكالمته حينها وفلتت منه ابتسامة عذبة : أهي لذيذة ؟
رفعت رأسها من على الأرض لترى هذا الكيان الضخم يقف قبالتها فابتعلت الشوكولاة بصعوبة وأجابت بعفوية: لا إنها بالفستق ، الشوكولاه بطعم البندق ألذ
اتسعت ابتسامته وجلس بجانبها يسأل مجدداً: إذا لمَ تأكلينها إن لم تعجبك ؟
ظهر الامتعاض على تقاسيمها مجيبة :
مع الأسف هي المتوفرة بحقيبتي حالياً فقد اكلتها بالبندق ونحن في الطريق اليكم .
أرجع رأسه الى الوراء وقد افلتت منه ضحكةٌ عالية بددت مزاجه المتعكر من غباء موظفه ، نظرت إليه متسائلة:عفواً..! لما تضحك يا عمي !
اخرست ضحكته تلك الكلمة كمن صفعه بعنف، شد قبضة يده وبداخله صاح محتجاً : عمى الدبب "
بينما نطقت شفاهه بتعجب : وهل ترينني عجوزًا يا صغيرة ؟
دخلت نور لترحب بصديقتها بفرح : أهلا اليسا كيف حالك "
لتهرول تلك الفتاة مجتازة -عمو - مراد وكانت ستقفز من فوقه حرفياً لولا ارجع بجذعه الى الخلف وهو يتبسم ببلاهة !، تقدمت نور وعانقتها بلهفة ليختفيا من أمامه بأقل من دقيقة صاعدتين عبر السلم لغرفة شقيقته، جلس لدقيقة كاملة فاغرًا فاه بصدمة، مسحورًا لتلك الدقائق القليلة التي عانق فيها روح تلك الفتاة ليخفق قلبه باضطراب لذيذ، اضطرابٌ بنكهة الشوكولاه بالبندق !
حينها لم يبالي بفارق السن الذي قد يتجاوز الخمسة عشر عاماً يكفيه أنها عفيفة وكما قال لآدم يوماً، البراءة تشرشر منها كصنبور مياه عذبة " وهذا الصنبور بات هو مالكه.
ببساطة اتجه الى الحديقة ليجلس برفقة السيدتين وبعد أسئلة متلاحقة للسيدة بهية والدة اليسا قال بابتسامة ٍ عذبة : سيكون لي الشرف يا سيدة بهية بطلب يد المحروسة ابنتك .
بصقت والدته الشاي بصدمة من فمها وهي تحدق فيه، اتسعت عينا بهية لتقول بغباء :
- أي محروسة مراد بك ؟
ابنتك اليسا، أليس هذا اسمها ؟
هزت بهية رأسها كمن أصابه الخرس، قرصته والدته من أسفل الطاولة على غباءه ليعض على شفاهه كيلا تنطلق صرخته المتألمة و تمتمت بهية بارتباك وفرح : لنا الشرف فيكم مراد بيك، ونعم النسب والله "
أردف متجاهلاً النظرات الحارقة التي تطلقها والدته كسهام من لهب : خذي وقتك بالتفكير سيدتي الجميلة وتشاوري مع السيد أسعد وأنا انتظر الجواب، عن اذنكم " وانسحب ببساطة بعدما فجر قنبلته التي فاجئته هو شخصياً، وعلى الرغم من رفض الجميع زواجه من قاصر إلا أنه كان مصراً وأقنع الجميع بأنه لن يتزوجها حتى تتم الثمانية عشر عاماً، ومع إصراره رضخ الجميع لمطلبه...وتقدموا لخطبتها.
تمت الخطبة وفكت ضفيرة الصغيرة لتكبر يوماً بعد يوم وتزداد أنوثة وجمالاً كما رسمها بمخيلته تماما ً لتستمر الخطبة لسنتين أرادها أن تكبر تحت ناظريه، ليعلم كل صغيرة وكبيرة في حياتها ليبرمجها كيفما يرغب، علمها أن الخطبة مرحلة ٌجميلة جدًا قبل شن حرب الزواج وتعلمت أن تتفهم وألا تعارضه، وفعلاً رسمها كيفما يرغب، كالعجينة أعاد تشكيل معظم أفكارها...
سأله آدم ذات يوم عندما كان ساهرا بشقته : كيف وافق والداها على الخطبة أنا لا أفهم حقاً يا مراد! ليسوا بالفقراء ليرموا ابنتهم لرجل يكبرها بخمسة عشر عامًا طمعا بالمال وآسف على فظاظة سؤالي، إنها بكافة المقاييس لا تناسبك "
قال بجدية وهو بخلع نظراته عن لعبة الفيديو التي كانا يلعبان بها : الطمع يا عزيزي.... الطمعُ ليس حكرًا على الفقراء فقط بل الأغنياء كذلك يرون بهذه الزيجات فرصة لا تعوض للاقتران باسم عائلة مشرف ولتنمية أموالهم، أسعد رآها صفقة رابحة حينما يزوج ابنته من وريث شركة (إعمار ) للهندسة ،أي - سيصاهر شركتنا - فهو ولنقل زواج مصلحة بكافة المقاييس.
- أنت مراد ما مصلحتك إذن ؟
تبسم مراد ببلاهة مجيبًا : لأتذوق الشوكولاه بالبندق فالحقير والدها يصنع أطيب شوكولاه في المدينة !.
حدق فيه حينها آدم بعدم فهم، وتمتم: زواج مصلحة والخاسرة فيه هي تلك الصغيرة
رمى مراد مقبض اللعب وحدق في آدم قائلاً بجمود: حتى أنت تراني مخطئ في زيجتي منها !؟
-وهل كان رأيي أو رأي أي أحد من عائلتك سيحدث فرقاً؟، لكن وبما أنك سألت اسأل نفسك أولا أتراه أمرا عاديا أن تتزوج بمن تصغرك بخمسة عشر عاماً!
اجابه مضيفا عينيه :
- لست الأول ...الكثيرون فعلوها ونجحت زيجاتهم. المهم التوافق .
- على من تضحك يا مراد!!! أي توافق وأنت تلعب فيها كالصلصال بين يديك..أنت تريد بنتا تربيها على هواك بعد الفظائع التي ارتكبتها والتي أشك أنك ما زلت ترتكبها حتى اللحظة.
نهض مراد كذلك محدقا بعيني آدم ببلادة وتمتم : -انتهت اللعبة... أيها الواعظ !
وخرج من منزله ليدخل شقتهم العابقة بسكون الثانية بعد منتصف الليل .
وظل يفكر ...صحيح أنه عانى معها وخاصة بالسنة الاولى من خطوبتهما نظراً لأنها ما تزال مراهقة أميل للطفولة لكن نقائها وبرائتها فتنته، عندما تضرب الأرض بقدمها بتذمر وتغادر حينما يتشاجران، عندما تقف أمام واجهات محال الألعاب بهيام وكأنها تطالع محل مجوهرات لا مجرد دباديب محشوة، صرختها الفرحة حينما يشتري لها اللعبة التي رغبت بها، أو الفستان الذي حلمت به !، وفمها الكرزي المحشو بالشوكولاه دائماً، حتى بات هو كذلك يتذوق الشوكولاه من بين يديها الناعمتين كلما التقاها.
إصرارها على الذهاب الى السينما لمشاهدة أفلام -'الأنمي - ومرافقته لها مرغماً أو جلساتهم والتي تتمحور غالباً حول أبطال المسلسلات التركية والهندية والكرتون! فيضع حينها كفه تحت ذقنه مستمعاً لتلك التقارير والأحداث التي لاتنضب !
أعادت إليسا لروحه حيوية المراهقة التي حرم منها باكرا نظرا لمكانة عائلته المرموقة، لانخراطه بالدراسة والالتحاق بشركة والده ليبني اسمًا ضخما لشركة الهندسة التي أسسها رضوان .
البستها الغبية التي تشيب شعر الرأس عندما يزورهم فتخرج لمقابلته بثوب أو بيجاما مليئة برسوم كرتونية وخفها على شكل أرنبٍ أو كلب أو قطة ! فيبدو شكله كمن يجالس طفلاً للعناية به لا أكثر، تحمل هذا الوضع لعدة زيارات ليقول لبهية ذات يوم بعدما فاض به الكيل : أصلحي هيئتها رجاءاً ستفقدني صوابي لم أعد أحتمل !!
تنهرها والدتها وتسحبها على غرفتها لتزينها كامرأة يافعة بكثير من البهرجة والألوان والماكياج ومن ثم تعيدها ليجلسا سوياً، فييأس من ذوق والدتها التي حولت ابنتها بنجاح إلى غولة لعوب ممعجنة بالألوان ! فيشحب وجهه و ويتمنى إعادتها لبراءة هيئتها الطفولية التي فتنته ! وغيرها الكثير من المواقف الممتعة وحتى المحرجة حينما يصطحبها للخارج .
لكن ما يؤرقه بكل الموضوع طريقة معيشة أهلها الانفتاحية الفجة وحفلاتهم التي لا تنتهي .
حفلة عيد الميلاد ...وراء حفلة نجاح، بعدها حفلة عقدٍ جديد لابتكار صنف جديد من الشوكولاه، يليه حفلة افتتاح فرع آخر لمتاجره ،وهكذا حتى اضطر لحضور معظم الحفلات والتهرب من بعضها ...طبًعا إذا استطاع، لكن عقله ما يلبث أن يمثل سيناريوهات عن إليسا وتصرفاتها في الحفل، لذلك يقرر جاهدًا الحضور، أو أخذها خارجاً لحين انتهاء الحفل . ناهيك عن قائمة الممنوعات والمحظورات التي يمليها كل مرة يراها فيها ويختمها بقبلة على جبينها تكلل وجنتاها باحمرار شديد وكأنه يودع طفلته، ثم يذهب ببساطة لملاقاة امرأة ناضجة تنسيه إليسا وأم إليسا !
****
نفخ دخان ذكرياته وحاضره معها وتجهز للذهاب للحفل الذي نسي ما سببه أساسًا، لكن باقة زهور تكفي مهما كان السبب ولمن كان، لذلك تجهز وأغدق نفسه بعطره الفاخر قبل أن يرفع حاجبيه زهواً بنفسه أمام المرآة ويخرج .
كان آدم يهرول خارجاً على الطريق المؤدي لمنزله ونسيمات الليل الندية صارت أقرب للبرودة ، توقف مستنداً على ركبتيه يلهث ثم جلس على حافة الرصيف وتجرع من زجاجة الماء التي بين يديه وسرح بالقمر الذي يتوارى نصفه خلف السحاب ...رن هاتفه المحمول فأخرجه من جيب بنطاله الرياضي الرمادي وأجاب على خالته عبير :
-أما زلت تركض بني .
-نعم خالتي هل تريدين شيئاً من الخارج لأحضره معي ؟
اختطفت نور الهاتف من والدتها وقالت بلهفة :
-نعم نريد المثلجات رجاءاً.
لكن عسل اختطفته مجددا من نور وأكملت :
-مثلجات بالفراولة والليمون .
تعالت ضحكاته عندما سمع توبيخ عبير لابنتيها وهي تمسك بالهاتف مجدداً وقالت باسمة :
-لا بني لا تستمع لهن، اتصلت فقط لأطمأن عنك فلقد تأخرت .
-حسنًا خالتي سأعود فورا ً وسأحضر لهن المثلجات معي طلباتهن أوامر .
فسمع عسل وهي تهتف بحماس : بل سنأكلها خارجاً ماما "
دفعت عبير ابنتها وهي تنهرها فلمعت عينا آدم ببريق غريب وقال بابتسامة : قولي لهما أن تجهزا إذن أنا قادم .
أغلق الخط وعاد أدراجه إلى المنزل رأسه يسبق قدميه ! وما إن صعد درجات السلم حتى فتح باب الشقة وخرجت عسل صائحة باندفاع..تجهزنا هيا ننزل
ربت على رأسها ضاحكاً : أكنت تراقبين الطريق يا شهد العسل !
اطلت نور لتجلب شقيقتها فرفع بصره تجاهها قاطبًا حاجبيه وما زال يلهث، كانت شعيراته المبللة بالعرق تسقط على جبينه جراء هرولته والقميص الأسود يلتصق بصدره فقالت نور : أنت متعرق كثيراً ، لا بد وأنك متعب الآن لنؤجلها .
هز رأسه نافياً وقال وهو يصعد
سآخذ حمامًا سريعاً وأعود فوراً " ثم توقف عند آخر درجتين وأكمل وهو يشير إلى فستانها بعينيه المتوهجتين : وتكونين قد غيرت هذا الثوب فهو ضيق
أحنت نور رأسها تطالع فستانها الصيفي الطويل ثم حدجت آدم بامتعاض بينما أكمل صعوده ناحية الشقة ليأخذ حمامه .
دخلت نور الى غرفتها وهي تتذمر لكن لا بد لها من الإنصياع لأوامره ،هي نفسها لا تفهم لما تطاوعه بكل مقولة يقولها ولما تمتنع عن نواهيه، أخرجت كنزة قطنية خفيفة ذات لون أخضر غامق وبنطالا ً من الجينز ارتدتهم ثم نزلت درجات السلم لتطالعها عبير باستغراب : - لما غيرتِ فستانك ؟
زمت شفتيها بامتعاض مجيبة : بابا آدم قال لي أنه ضيق ! .
تبسمت عبير وهي تحكم لف شرائط شعر عسل : -لا بأس هو محق .... كان ضيقاً قليلا ًعند صدره .
ضربت الأرض بقدمها وصاحت :
-طبعاً....بابا آدم محقٌ دائماً..سيدفن الثوب كغيره في مقبرة دولابي إذن كما العادة !
قطبت عسل حاجبيها وصاحت بشقيقتها بتحذير: -لا تتكلمي عن أندومي ثانيةً !!
ارتمت نور على الأريكة منزعجة: ليته كان فعلا طبقاً من الإندومي ...فأغليه بالماء ثم آكله وأرتاح من أوامره .
- والله سأخبره ... قالتها عسل محتجة
فضحكت عبير على جدال ابنتيها الذي لا ينتهي
وقاطعهم طرق باب المنزل فهرولت الفتاتان ناحية آدم الذي ارتدى بنطالاً من الجينز و قميصا ً غامقاً أخضر اللون كذلك ....تطلعا ببعضهما للحظات على تشابه ما ارتدياه ثم قال لنور بعدما أمسك بكف عسل :غيورة !! هيا بنا "
نزلا الى الطريق وصعدت عسل كعادتها أمامه على دراجته النارية أما نور فجلست على المقعد خلفه ، شغل الدراجة وانطلق ...
جلسوا على المقعد في الحديقة يتناولون المثلجات و عسل كعادتها ما إن انتهت حتى أراحت رأسها على حجر نور ظلت نور صامتة وهي تمسح على شعر شقيقتها بينما آدم اكتفى بالتحديق في نور بين فينة وأخرى، يشبع نظراته العاشقة منها، تنبهت لنور لنظراته الزائدة فقالت بارتباك : لنعود أدراجنا تأخر الوقت .
أرجع بظهره على المقعد وعقد ذراعية على صدره وقال وهو يطالعها بمكر :
-لما تتحاشينني بالآونة الأخيرة ؟
-أنا أتحاشاك ؟
هز رأسه مؤكداً فقالت معترضة : لو كنتُ كذلك لما خرجت معك الآن "
-خرجت لأن عسل هي من طلبت ذلك "
- نعم أنا طلبتُ ذلك"
قالتها عسل ليقهقه آدم حينما أجابتها نور : اخرسي أنتِ حشورة !
-أنا حشورة!!
ثم قفزت عسل من على حجرها وقالت : قالت نور أن ليتك طبقا من الاندومي فتغليك وتأكلك وترتااح منك ".
شقهت نور وهي تضرب كتف شقيقتها التي هرولت تلعب وارتفع حاجبي آدم دهشة قبل أن يعيد نظراته إليها وهو يقترب منها :
- كوني صريحة معي نوارة ما بك ؟
أشاحت ببصرها تتحاشى نظراته فقال باسماً : هااا أرأيتِ ما أعنيه، تتهربين من الإجابة .
هنا هتفت به : أنت السبب .... نظراتك باتت غريبة جداً في الآونة الأخيرة ، ولا تنفك تخجلني بكلماتك ،لا أفهم ما الذي جرى لك.
اقتربت عسل قائلة منهما صائحة: هيا تشاجرا كالعادة !
قهقه آدم عليهما فخاطبت نور شقيقتها : هيا تعالي سنعود إلى المنزل .
فاتجهت عسل تجاه الدراجة النارية ولحقت بها نور فأمسكها من كتفها ومال عليها هامسا ً:
- اخجلي مني ..لأن نظراتي لك لم تعد بريئة كما كانت يا ابنة خالتي .
اتسعت حدقتاها بصدمة فأرجعت بساعدها إلى الوراء بعنف لتضرب صدره وهي تتمتم : ماقلة التربية هذه !!
-أخ معدتي يا متوحشة، بالمناسبة أمك من ربتني !!
-
********