Enasmhanna

Share to Social Media

صحى عابد وخرج من الغرفة ليرى مراد ممداً على الأريكة وآدم نائمٌ على الأريكة المجاورة، تبسم بعطفٍ وتقدم ناحية مراد ليقوم بتغطيته وكذلك فعل لآدم ليقوم بتغطية جسده جيداً، تنهد بعمق وهو يتأمل آدم وملامحه الهادئة وهو نائم، لامس قلادته الفضية التي تدلت من عنقه بأطراف أصابعه و دغدغت صدره ذكرياتٍ قديمة لاحت أمام ناظريه عندما كان آدم طفلاً صغيراً،

(( دلى السلسلة أمام رغد التي حدقت بها بفرح : إنها جميلة جداً" قالتها وهي تنتشل القلادة من يديه فقال مازحاً وهو يستند بذقنه على رأسها : ليست الهدية لكِ هذه المرة، إنها للصغيرين" قهقهت رغد وهي تتأمل القلادة التي اتخذت شكل الشمس ودون عليها اسما آدم و جمانة وتاريخ ميلادهما. تناولها من راحتها عابد قائلاً: صممتها خصيصاٍ لهما؛ مصنوعة من البلاتين .
,حدقت به رغد باستغراب وتسائلت : إنها غالية جداً!

فقال بحنو: ليست بأغلى من اجمل هديتين وهبهما الله لي"
فقالت بعتاب: هديتين فقط!
غمغم وهو يقبل جبهتها: هديتين ..من أعظم شيء حصل في حياتي كلها،"   ثم فصل القلادة بحركة من يده مردفاً : هاقد أضحت قلادتين ومبدئياً أسمح لك بارتداء قلادة جمانة لأنها ما تزال رضيعة" ثم قام بإلباسها القلادة وقبل رقبتها بهدوء، اعتدل بوقفته و نادى على آدم ليهرول الصغير ناحيته متسائلاً ماهذا؟ انحنى عابد تجاه آدم ليقول : هذه القلادة هدية مني إليك لا تخلعها أبداً اتفقنا يا بطل"
هز آدم رأسه ليحتضن القلادة بكفيه الصغيرتين ويهمس: جميلة ...شكراً بابا.))
*****
تنهد عابد وخطى تجاه المطبخ ليقوم بإعداد القهوة ولم ما تزال الذكريات تصر على مهاجمته هذا اليوم؟ تبسم بلا إرادةٍ منه وهو يراقب تراقص النار تحت إبريق القهوة وعادت به ذاكرته للعام (1981)

حينها كان رغد وعابد قد تجاوزا الحدود للدخول إلى الدولة المجاورة، استقبلهم هنالك أحد عملائه القدماء مستضيفاً إياهما...كانت رغد طيلة أسابيع تشعر بالألم والوحدة على ضياع مستقبلها، تشعر بالألم على موت والدها وبالحزن على عدم رؤيتها لشقيقتها عبير وتعرف انها لن تلتقيها في القريب.  وصلا إلى منزل العميل فارتمت رغد من فورها على السرير  بعد رحلةٍ شاقةٍ استنفذت طاقتها على الصبر, بعدما استحم عابد ونظف نفسه من آثار الطريق، ارتدى ملابسه وهي ما تزال متقوقعة على السرير مغطية وجهها باللحاف تنشج بألم، جلس أمامها على الأرض ليمسح على شعرها بلطف: رغد
نادى باسمها بخفوت لتهتف بألم: أنا بخير, إتركني عابد, إتركني.

تنهد بقلة حيلة وهو يرى الألم يطل من عينيها، وقال بصوتٍ خافت: استحمي لتريحي أعصابك ثم خذي قسطاً من الراحة وأنا سأخرج كيلا يزعجك أو يأسرك وجودي في هذا الجناح .
راقبته وهو يخطو خارجاً والإنهاك باديا عليه، جلت حلقها قليلاً لتقول بخفوت: لا تتركني وحيدة هنا أنا خائفة" ضربت كلماتها القليلة قلبه بعنف ليتنفس بعمق وشبح ابتسامة غزت محياه، اقسم بأنها ستصيبه بالجنون! لا تريده وتريده بآن معا، ترغب ببقائه ولا تريد منه البقاء!

- لن ابرح مكاني" قالها وارتمى على الأريكة لتقول بخفوت وهي تنهض ناحية الحمام: شكراً.
أومئ لها وأغمض عينيه لينال قسطاً من الراحة فقد استنفذت طاقته كذلك بينما هي خطت لداخل الحمام لتغتسل مزيحة عنها آثار الاتربة والغبار، جففت نفسها جيداً وارتدت ملابسها وخرجت من الحمام لتراه يغط بنوم عميق على الأريكة،.. اقتربت بهدوء منه وبدأ ت تتأمل تعابير جلادها وتخشى هذا الشعور الذي بدأ يتسلل إلى فؤادها .. زفرت بعصبيةٍ من ضعفها تجاهه ودثرته بلحافٍ ثم ارتمت على السرير ودثرت نفسها جيدا باللحاف وراحت بسبات ٍعميق كذلك.

بعد عدة أيام وحينما استطاع تأمين منزلٍ لكليهما, وهو يقوم بغلي قهوته الصباحية ثارت مجدداً لتتخلص منه، وبذات الوقت لم تكن تريد الابتعاد عنه، تناقض غريب عاشته بين شعورها بالأمان معه، إخلاصه لها واحترامه لها وعدم اقترابه منها.. وبين نفورها من ماضيه كمجرم وتاجر سلاح.

كان عابد قد استعاد قليلاً من توازن حياته بعد فترة من الزمن لكنها لم تستطع تقبل كونها زوجة مجرم ووالدها كان ضابطاً في الشرطة.. بعد شجاراتٍ متلاحقة ثار عليها حانقاً ليهتف:
كفى رغد...كفى لقد اكتفيت من محاربتك لي رغم حمايتي لك.. اكتفيت من كرهك رغم حبي تجاهك.. اكتفيت من مقاومة نفسي وكبحها دائماً على الرغم من أنك زوجتي كيلا أزعجك بقولٍ أو فعل وأنت لا تتفهمين ذلك..لا تفعلين شيئاً سوى البكاء وندب حظك التعس الذي أوقعك في طريقي.

هزها بعنف وهو يصرخ ملئ حنجرته : لماذا لم تهربي مني؟ كان أمامك مئات الفرص قبل زواجنا وبعده لكنك لم تفعليه  تبقين بقربي وتقولين لا أريدك ! تلتصقين بي وتقولين ابتعد ! تحديت الجميع لأجلك.. حاربتهم لأكون بجانبك فقط. تريدين المغادرة، غادري أنا لا أمنعك عن ذلك، لم اقفل الباب عليك لاحتجزك! كان اختطافك غلطة، لعنة حياتي الازلية أنت، التعاون مع السلاح رغم قسوته أسهل علي من التعامل معك .

تعالت وتيرة تنفسها، صارت ترتجف بين يديه وسالت دموعها بغزارة لتسحق روحه  رفع وجهها بأنامله ليقول بألم: غادري إن رغبت لكن تأكدي أن روحي لن تتحمل مفارقتك... أحبك رغد..أتنفس وجودك.. تحملت كل ما مر بي لأنك معي فقط ومستعدٌ لأن أتحمل المصائب أبد الدهر إن ظللتِ بجانبي لكن كفاكِ تحمليني ذنباً طالني وجعه، لم تلسعك النار وحدك ، بل احرقتني حرارتها كذلك.

جمدت ملامحها وهي تحدق به..عصفت كلماته بقلبها كسهمٍ حارقٍ أذاب العذاب الذي نهشها سابقاً..تعانقت عيناهما بحبٍ واضح  تشبثت بقميصه الأسود الذي يضيق على صدره راسماً عضلاته بشكلٍ جلي, وهو قابض على ساعديها وقد شل عقلها عن التفكير، هل تغادره لتبدأ حياةً جديدة ، أم هل تبقى بين ذراعيه أبد الدهر وكم كانت تتمنى ذلك هاتك اللحظة!  لأول مرةٍ تشعر بمقاومةٍ عنيفةٍ لعقلها الذي أصر على الرحيل صرخ قلبها بعنف إبقي بجانبه، إنه يحبك، إنه أمانك. وهو ما يزال يحدق بها يحاول استشفاف الأعاصير التي تنشب داخل صدرها، ولأول مرةٍ تغلبه عاطفته عن التعقل، ليقلص المسافة بينهما ويهمس برجاء : أريدك معي" ولم تبد أي مقاومة تذكر.. سحرها بعينيه العاشقتين لتغرق بهما وليغرق هو باستسلامها العذب بين يديه ليتجرأ على الاقتراب منها ويدفنها بداخل صدره  ))
****
-عمي ..... عم عماد القهوة !!
قالها آدم وهو يقترب من الموقد لإطفائه بعدما سالت القهوة على الموقد لينتشل عابد عن شروده، فتح عابد عينيه وقال بارتباك: اه عفواً شردت قليلاً، صباح الخير بني."
تبسم آدم قائلاً له : صباح النور ، لا بأس  أنا سأحضرها لك لنشربها جميعاً، استرح بالصالة " هز عابد رأسه بامتنان وغادر المطبخ بعد هذه الذكرى التي ضربت ذاكرته بعنف.

جلس عابد على الأريكة ولحق به آدم بعد فترة بعدما جهز القهوة ووضعها على المنضدة واتجه ناحية مراد وهزه صائحاً: هيا انهض أيها العريس، نهارك اسود بإذن الله .
تململ مراد على الأريكة قبل أن يفتح عينيه قائلاً وهو يفرك صدغه: آه رأسي يكاد ينفجر"
ضحك آدم قائلا بعبث: بحق الله ! ما الذي هببته البارحة حتى انطفأ محركك بهذا الشكل؟!

اعتدل مراد بجلسته ليتسائل بعدم فهم: وما الذي جاء بي لعندك؟ لا اذكر شيئا" ثم تنبه لعابد الذي يجلس على الأريكة المجاورة وقال : صباح الخير عم عااب...عماد،.

رفع عابد إحدى حاجبيه ليتبسم مراد بخجل وهو يخطو ناحية الحمام . ولم يكد يخرج منه بعدما شطف وجهه حتى تعالت طرقات عنيفة على الباب، نهض آدم ليفتحه فأزاحته نور وهي تقول بحدة : هل استيقظ ؟
كاد أن يجيب لولا أنها لمحت مراد وهو ما يزال يقف في الصالة ..
تعلقت عيناه بعيني شقيقته لتقول بلهجة آمرة وهي تدفعه داخل غرفة آدم: ادخل لنتحدث .
رفع مراد حاجبيه دهشةً من غضب نور الصغيرة لكنه انصاع لها وخطى إلى الداخل فاغلقت نور الباب من فورها فتسائل مراد: ما بك !

اقتربت منه مهددة وقالت بحنق : اسمعني يا مراد، اقسم بالله العظيم إن تكرر ذلك الموقف الذي وضعت نفسك به البارحة فلن أتوانى لحظةً واحدة عن إخبار أبي وإليسا عما تفعله كل ليلة، كفاك طيشاً لم تعد صغيرا على هذه الافعال .

فهتف بشقيقته :يا فتاح يا عليم ....ما بكِ منذ الصباح ؟!
وقال وهو يخطو ناحية الباب مجددًا ليغادر : لا تقحمي نفسك بأمور الكبار ما تزالين صغيرة على خوض هذه الأحاديث .
فقالت وهي تحدق به بازدراء بعيون دامعة: أمور الحلال والحرام لا دخل لها بالكبار والصغار يا أخي !
وقف بمكانه مبهوتاً من كلماتها لتردف بذات القسوة: - لكنك اعتدت على الضلال والانحلال .
-نووور كفي عن الوقاحة ! " هتف مراد بحدة وهو يستدير ناحيتها و يقبض على ساعدها لتجابهه بثبات وتردف بذات الألم : هل أمور الكبار
تقتصر على شرب الخمر وملاحقة النساء !  .

اتسعت عيناه بذهول على جرأتها الفظة فصفعها بعنف وهو يصرخ : تأدبي ! .
اضطرب تنفسها وتلمست مكان صفعته ليدخل آدم بعدها بجزع إلى الداخل ليصرخ بمراد : ما الذي فعلته بحق الله !!
قالت نور وهي باكية : أنا اكرهك يا مراد، أكرهك "

تجاوزتهما لتركض خارجاً بينما بقي مراد مضطرباً وهو يمسح وجهه بكلتا يديه ولم يتذكر شيئاً البتة بينما آدم ضرب الباب بقبضة يده بغضب ولحق بنور التي هربت ناحية السطح كيلا يشعر والديها بما جرى، لحق بها آدم مسرعها ليقول بجزع:ما الأمر؟ لما صفعك ؟

مسحت دموعها ولم تجبه، احتضن وجهها بيديه برجاء : ما الأمر حبيبتي اخبريني،
هزت راسها بألم رافضة الإفصاح ليدلف بعدها مراد ناحيتهما قائلاً بثبات: أتركنا آدم.
حدق فيه آدم وهتف بحدة : لن أفعل "
-آدم ...صرخ بها مراد بحدة وأردف بذات القسوة : أخرج ولا دخل لك في مسائلنا العائلية " جز آدم على اسنانه بغيظ ٍوقال مهدداً: سأفعل ، لكن وقسماً بذات الله إن تجرأت على ضربها مجددا سأكسر يديك .

تجاوزه مغادرًا ليجلس على أولى درجات السلم وهو يشد على قبضتي يديه بغضب، بينما اقترب مراد من شقيقته قائلا ًبخوف: اخبريني هل ..هل آذيتك بتصرف او بكلمة البارحة، أنا لا أذكر شيئاً، رجاءً اخبريني أكاد أجن.
أشاحت بوجهها عنه وما زالت دموعها تنهمر بألم
فقال مجددًا : نور أخبريني "
تعلقت عيناها به وقالت بصوت واهن:حينما .اوصل كريم بعد منتصف الليل  ن...ناديتني جمانة" ضيق عينيه يستمع وقال بخوف : وبعد !

أمسكت بحزام الدثار الذي يغطي ثوب منامتي وصرت تناديني جمانة....من هي جمانة!؟

ضرب الحائط بقبضة يده وهو يشتم نفسه والتف مجددًا ناحيتها قائلا بجزع: هذا ما حدث فقط ! تكلمي .
هزت رأسها بإيجاب ليحتضنها بأسفٍ حقيقي: أعتذر، اقسم لك بأني لم أكن واعيا أو مدركاً لما فعلت.
مسح دموعها بيديه وقبل جبهتها وهو خجلٌ من نفسه فقالت له: لا تشرب مجدداً مراد، أرجوك كف عن ذلك،كنت خائفةً جدًا البارحة، وإليسا ما ذنبها أن تتحمل خيانتك، بماذا آذتك لتفعل هذا بها أنت تؤلمها جدًا، لا تتفك تحتجز نفسها في غرفتها باكية .

وضع إصبعه على شفاهها قائلاً بألم: بغض النظر عن إليسا، سامحيني حبيبتي، سامحيني أقسم أني لن افعلها مجدداً، أنت شقيقتي الصغيرة، الموت أهون عندي من أن أؤذيك بقول أو فعل" احتضنها مجدداً وعينيه دامعتين وصار يمسح على شعرها بلطف متمتماً باعتذراتٍ متلاحقة وهو يستغر الله، فتح باب السطح ودلف آدم فلم يعد يقوى على الانتظار أكثر، ضيق عينيه عليهما ليتسائل : هل أنت بخير نور ؟

كان مراد يدير ظهره لآدم، مسح دموعه بسرعة ثم أفلت نور متجاوزًا آدم ليهبط درجات السلم وعينيه ما تزالان محتقنتان بدموع أسف حقيقية.

******

دلف مراد إلى غرفته، كانت إليسا تتجهز امام المرآة وتمشط شعرها الكستنائي الطويل، جلى حنجرته وناداها بصوت خفيض: حبيبتي .
تطلعت فيه نظرة انكسار فقال معتذراً: سهرنا البارحة أنا وكريم ثم...صعدت لشقة آدم وغفوت على الأريكة "
لوت جانب فمها بسخرية وقالت بجمود وهي تطالعه عبر المرآة : لم أسألك أين قضيت ليلتك، صدقًا لم يعد يهمني مراد.
ثم أخرجت قلم الكحل لترسم خطاً رفيعاً على جفنيها طالت نظراته مرتكزة عليها ثم خطى ناحية الحمام ليقول : سآخذ حماما وأذهب إلى الشركة .
فأجابت بلا مبالاة: افعل ما يحلو لك .
كبت غضبه وآلام صدغه تزداد فدخل حانقا ًوأغلق الباب خلف بعنف ليرتج الزجاج ، كتمت إليسا شهقاتها الباكية وهي تقول بألم :
-ليحرق الله فؤادك يا مراد كما تحرقني كل يوم.
تطلعت بنفسها في المرآة أخذت نفسا عميقاً ثم انتشلت حقيبتها لتغادر .
خرج مراد من الحمام وقام بتجفيف نفسه وارتداء بذلته، طرق الباب لتدلف والدته وهي تطالع بجمود:
-صباح الخير .
صباح النور أمي
قالها وتقدم ناحيتها مقبلًا جبينها فابعدته عنها قائلة بعتاب: إلى متى؟ أنت تلاحظ أننا لا نحادثك ولا نتدخل بشؤونك الخاصة لكن إلى هنا وكفى .
مسح على شعره بعصبية وهتف : ألا يكفيني ما جرى حتى الآن !! اعتقوني بحق الله .
تجاوز والدته ليغادر فهتفت به : ابقى كما أنت يا مراد، لكن ما ذنب تلك المسكينة؟ أتناسيت انها زوجتك ولها الحق في أن تهتم بها؟!
استدار ناحيتها ساخطا ً : وما بها ست الحسن والدلال؟؟ تعيش بقصر وكل طلباتها مجابة لا امنعها عن الذهاب لأي مكان ألا يكفيها ذلك .

انفرجت عينيها بصدمة لتهتف به : بلى يكفيها مراد، يكفيها فعلا! لكن ينقصها اهتمام وحب ....ينقصها رجل يا بني .
وهذه المرة هي من تجاوزت مراد لتغادر غرفته ،

*******
اقترب آدم منها فرفعت وجهها ناحيته قائلة بثبات: لا تقلق، كنت غاضبة منه لأنه بات يزعج أليسا كثيراً مؤخرا .
-فقط ؟
تسائل لتجيبه بذات الثبات: نعم، أنا من علي الاعتذار منه لأني تجاوزت حدود الأدب مع أخي الكبير "
فقال وهو يتبسم لها بحنو ليزيل غمامة الحزن عنها: - أتدركين تاريخ اليوم .
تنهدت بابتسامة شاحبة لتجيب: نتائج الثانوية مع الأسف لم أنسى "
اقترب منها أكثر وشبح ابتسامة ارتسم على محياه: - إذن ألا تريدين معرفة النتيجة نوارة ؟
أطرقت برأسها بخوف وهزت رأسها بنفي وهي تتمتم: اه يا آدم لا لا أريد  ....سأموت من القلق...وانشغلت بشجاري مع مراد!
ضحك وهو يبعثر شعرها بعشوائية لتضرب يده بسخط: كف عن ذلك يا ولد .
حاضر " قالها باسماً ثم اخرج هاتفه ليعبث به قليلاً قبل أن يقول بصوت هامس: إقرأي .

تطلعت فيه ثم بالهاتف وقد بدأت ضربات قلبها بالتصاعد وقرأت ليتزلزل كيانها بأكمله :
نور رضوان المنصور / ناجح .
اتسعت عيناها بذهول وهي ترى نتيجتها النهائية وعلاماتها المرتفعة وصرخت بفرح جنوني : -نااااااجح " حدقت به وصرخت مجدداً : نجحت، لقد نجحت !
هز رأسه باسماً لترتمي على صدره بعنف ليرتد إلى الوراء خطوتين ويتمتم بارتباك : يا مجنونة ستفضحيننا أمام خلق الله !! .
قهقهت بسعادة عامرة ثم تمسكت برقبته وطبعت على وجنته قبلة ً خاطفة و هربت تهرول درجات السلم وهي تصرخ بفرح : ماماااا، باباااا نجحت ، أنا نجحت أيها القوم أين أنتم ؟

بينما آدم بقي مكانه للحظات وقد تدلى فكه كالبلهاء واصابعه تتلمس مكان قبلتها الفجائية ليخفق قلبه باضطراب لذيذٍ جداً، بل بصدمة لذيذة ! يا ليتها تنجح كل يوم بل كل ساعة تلك الحمقاء التي سلبته عقله !

لحق بها إلى الأسفل حيث ارتمت نور على صدر والدتها وهي تضحك فقالت عبير باسمة : مبارك حبيبتي، مبارك نجاحك.
قبلت والدتها ثم ارتمت على رضوان لتقبل يديه بفرح ليربت على كتفها باعتزاز ..
ركضت كذلك ناحية مراد الذي نزل للتو للذهاب إلى الشركة فقالت بفرح جلي : نجحت، ظهرت نتائج الثانوية "
قبل مراد جبهتها بفرح ثم احتضنها قائلاً بصوت هامس: مبارك حبيبتي، وآسف مرة أخرى.
ابتعدت نور عنه قليلاً ورفعت كفه لتلثمها قبلة وهي تتمتم كذلك : وأنا آسفة أخي لم أقصد التطاول بحديثي معك.

ربت على كتفها بحب كبير فقالت إليسا موجهة حديثها لآدم: إن كنت جاهزاً لنغادر الآن "
أومئ لها آدم موافقاً، تعلقت عينا مراد على عليهما ليتسائل وقد قضب حاجبيه وقال بحدة : إلى أين ؟
تفدمت ناحية آدم وقالت بلا مبالاة : سيوصلني لمنزل صديقتي.
تقدم منها ليقبض على ساعدها زاجرًا : ألا يوجد لك زوجٌ لأخذ اذنه و لاصطحابك !؟ .
-مراد " هتف بها رضوان ليقول بثبات: أنا من اعطيتها الإذن للذهاب معه .
أفلتها ليتطلع بأبيه بغضبٍ مكبوت ليغادر الشقة صافقاً الباب خلفه.

ربتت نور على كتفها لتهدئتها بينما قال رضوان بغضب وهو يرتمي على المقعد خلفه : غبي ! سيقضي علي ابنك يا عبير "
قالت إليسا بخفوت وهي تحاول كبح دموعها من
الانهمار : آسفة بابا الخطأ خطأي.
هز رضوان رأسه بيأس وقال يخاطبها بحنو : لا عليك إليسا، اذهبي إلى صديقتك الآن .

هزت رأسها موافقة واستأذت بأدب لتغادر ولحق بها آدم وفكره ما يزال مشغولاً بمراد وتلك المدعوة جمانة والتي على ما يبدو السبب بكل تلك المشاكل .

********
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.