Siline-amir

شارك على مواقع التواصل

       _حتـى وإن كانتـا مـن المسـتوى العاشـر فسـتبقيان مجـرد خيـال أسـاطير، ... أنـا حقيقـي أيهـا المعلـم، ... أنـا الأقـوى.
_حسنا إذا، سيرافقك «السندباد» لمقر الجرايات الثلاثـة واللائـي سـيخبرنك بمقـر الأختيـن «سـثينو» و«يوريـال» وفـي الطريق إلى هناك سيخبرك «السندباد» بكل التفاصيل ربحا للوقت .
_نعم يا معلم، اعتمد علي سأكون عند حسن ظنكم.
_هذا أملنا ورجائنا فيك يا «سامي»

     يخـرج الفتـى مـن الكهـف بعـد أن أخـذ السـيف الأسـطوري والـرداء السّـحري مـن فـوق الطاولـة الكبيـرة، وفـي الخـارج يجـد «السـندباد» فـي انتظـاره رفقـة الأفتـار ..

« هيـا بنـا إلـى مقـر الجرايـات الثلاثة أيها «السـندباد» » يجيبه « حبا وكرامة يا «سـامي»، اصعد»

   يرتفـع البسـاط قبـل أن ينطلـق بقـوة قاطعـا عبـاب السـحاب، والفتى يفكر بهذه المهمة ويحاول إسترجاع كل ما آعتقد أنه يعرفه حول قصة «بيريسيوس» و «ميدوسـا» وكيف قضى عليها، فيسأله «السـندباد» بقوله « ألا تريد أن تسألني حول أي شيء يخص الجرايات الثلاثة ؟ فنحن على مشارف مكان إقامتهن » .

   ينتبه الفتى أنه أضاع وقتا طويلا في التفكير ، ليبادر قائلا  « بلى، أخبرنـي عـن أخْتَـيْ «ميدوسـا» يـا صديقـي، مـن هُمـا وماهـي قصتهمـا »
 
  يجيبه « فـي الحقيقـة يـا «سـامي» فـإن أخْتَـيْ «ميدوسـا» أكثـر رعبـا وشـرا وبشـاعة مما تتصور، لأن «ميدوسـا» على الأقل حافظت على ملامح وجههـا الجميـل، أمـا هاتـان الشـريرتان فـلا يمكـن تصـور بشـاعتهما وشـرهما، ... وفـوق هـذا جلدهـما منيـع مـن الاختـراق ومخالبهـما مـن نحـاس وقـد أقسـمت كلتاهمـا أن لا تنـام أو ترتـاح حتـى الانتقـام لمـوت أختهمـا، ... والآن جهـز نفسـك فقـد اقتربنـا مـن جبـل الجرايـات الثلاثـة وتذكـر أنهـن بشـعات للغايـة ، ولديهـن عيـن واحـدة يتشـاركنها للرؤيـة ، وهـذه نقطـة ضعفهـن الوحيـدة، ..  إذا حصلـت علـى تلـك العيـن البغيضـة سـتحصل منهـن مقابلهـا علـى مـا تريـد مـن معلومـات حـول من تريد، ... وتذكر أنه لا أحد يعلم بمكان إقامة الأختين إلا الجرايات البشـعات ...   
                                  
  يحـط البسـاط عنـد سـفح جبـل عظيـم يغطي الضباب قمته،  ينـزل «السـندباد» ثـم يشير بيده للفتى قائلا « والآن عليك تسلق هذا الجبل الكبير وستجد الكهف في آخر هذا الممر، وكن حذرا وأنت تتسلق، فالضباب كثيف فـي الأعلـى والرؤيـة شـبه منعدمـة »

    ينـزل الفتـى بـدوره عـن البسـاط وينظـر إلـى حيـث أشـار «السـندباد»  ثـم يجيبـه قائـلا « حسـنا يـا صديقـي، شـكرا لـك ولا تنسـى أن تنتظرنـي هنـا رفقـة أفتـار أبـي، وأنـا سـأتكفل بالباقـي، اعتمـدا علـي فـي ذلـك »
 
      يتسـلق «سـامي» الجبـل صعـودا بهمـة كبيـرة حتـى يصـل إلـى الكهـف السّـري، ... يرتـدي غطـاء رأسـه فيختفـي تمامـا ويتسـلل ببـطء لمقر الجرايات الثلاثة، فيجدهن ملتفات حول نار مشتعلة عليها قدر كبيرة بداخلها شـيء يُطبخ يُحضرنه للعشـاء، ولا يجد بُدًّا من تطبيق خطـة سَـلَفه «بيريسـيوس» فـي الاختبـاء والانتظـار حتـى يتبادلـن تلـك العين الواحدة التي يستعملنها في الإبصار، قبل أن يتذكر أنه يرتدي الرداء السّحري وأنه مخفي عنهن تماما، فيقف أمامهن مباشرة بكل هـدوء وبعـد مـدة ليسـت بطويلـة و أثنـاء تبادلهـن لتلـك العيـن يقـوم بخطفهـا منهـن بـكل خفـة .
_حسـنا أيتهـا الجرايـات القبيحـات، والآن اسـمعنني جيـدا، إمـا أن تخبرننـي بمـا أريـد أو أقـوم بطبـخ هـذه العيـن البشـعة فـي تلـك القـدر السـاخنة، فمـا قولكـن ؟
        _من أنت ؟ وماذا تريد أيها الفتى الغريب ؟
_لا يهمكن من أكون، ... بل ما أريد ...
       _وماذا تريد أيها الغريب ؟
_أريـد معرفـة مـكان إقامـة أُخْتَـي «ميدوسـا»، وكيفيـة القضـاء عليهمـا أو علـى إحداهمـا علـى الأقـل .
      _لا يمكنك ذلك، ... فقد تعلمتا أن لا تنخدعا بالدرع العاكس ... لن تقعا في نفس غلطة أختهما .
      _وأين أحصل على درع مشابهة ؟
_لا توجد إلا تلك الدرع، وبالمناسبة هي لا تزال في مكانها داخل مدينة الحجارة .
      _ومـن أيـن أحصـل علـى حقيبـة لإِخفـاء رأس إحداهمـا بمجـرد قطعـه ؟
_لدينـا قربـة مـاء مصنوعـة مـن جلـد الخنزيـر البـرّي الـذي قضـى عليه «هرقل» سابقا، وهي تصلح تماما لحمل رأس إحداهما، خذها فلا حاجة لنا بها .
      _وأيـن تقـع مدينـة الحجـارة والتماثيـل ؟ وهـل مـن أفخـاخ داخلهـا ؟
_خلـف الجبـل الأول فـي مـا وراء حافـة العالـم حيـث الشـمس والقمـر لا يصـلان، ... هـي مدينـة كبيـرة متراميـة الأطـراف لهـا مدخـلان فقـط البوابـة الشـمالية والبوابـة الجنوبيـة، والـدرع العاكـس موجـود هنـاك ومرمـي عنـد مدخـل القصـر الملكـي، وإذا اختفـى أو تحـرك مـن مكانـه فسـتعلم الأختـان فـورا أن هنـاك مـن يحـاول القضـاء عليهمـا فأحـذر، ... وأيضـا فقـد تعلمتـا أن مـن سـيقضي عليهمـا سيسـتعمل زاويـة معينـة للاختبـاء وتحديـد مكانهمـا باسـتعمال تلـك الـدرع، أي أنهمـا إذا شـاهدتا الـدرع فـي مـكان أخـر غيـر مكانـه فإنهمـا سـتحددان مـكان اختبائـك بدقـة ولـن ينفعـك بعدهـا أي سـلاح .
_إذا كان الأمر كما تصفن فقد قضيت عليهما.
_كيف ستفعل ذلك ؟
_لا يهمكـن كيـف سـأفعل ذلـك، ستسـمعن لاحقـا،  خُـذنَ عينكـن اللعينـة، وبالمناسـبة أنتـن بشـعات جـدا ورائحتكـن كريهـة.

    يتوجـه الفتـى بعدهـا إلـى زاويـة الكهـف حيـث القربـة المعلقـة ويقـوم بإحـداث شـق كبيـر فيهـا بسـيفه لإفراغهـا مـن المـاء ثـم يحملهـا و يغـادر .
   فـي أسفل الجبل ، يجـد «السـندباد» والأفتـار فـي انتظـاره، ... يصعـد معهمـا علـى البسـاط السّـحري ثـم يقـول « والآن توجـه بنـا إلـى مدينـة الحجـارة والتماثيـل خلـف أول جبـل يقـع وراء حافـة العالـم »
يمتثل «السـندباد» وينطلق بسرعة في اتجاه أقصى الغرب ، بينما يحاول الفتى استجماع قواه المنهكة بسبب تسلقه للجبل الشاهق ثم النزول منه ، ...
 
  بعد مدة يعتقد الأفتار أن الفتى قد تمكن من استجماع قواه ثانية فيساله قائلا :
_هل أنت مستعد لقتال الأختين يا «سامي» ؟
       _نعـم يـا أبـي، لا تقلـق، ... لـدي خطـة محكمـة لذلـك، ... سـأبدأ أولا بتفريقهمـا عـن بعـض .
_وكيف ستفعل ذلك ؟
       _بواسطة الدرع السّحري لأنهما ستتبعانه و ستحددان مكان خصمهما بواسطته .
_لأول مرة أعترف أني لم أفهم شيئا يا «سامي».
      _لا عليـك يـا أبـي، لقـد وصلنـا، انتظرنـي هنـا رفقـة «السـندباد » لأن وجـودك سـيجذب انتبـاه الأختيـن، ... وكل مـا أحتاجـه الأن هـو هـذه القربـة المقطعـة والكثير من التركيز...

    يحـط «السـندباد» علـى الأرض، ينـزل «سـامي» ويضـع غطـاء رأسـه فيختفـي تمامـا، ويبـدأ فـي التجـول والبحـث بحـذر شـديد بيـن أركان وأزقة المدينة المرعبة فلا يجد إلا التماثيل الحجرية، ... وبعدها يتقـدم إلـى القصـر الملكـي فيشـاهد الـدرع السّـحرية مرميـة هنـاك عنـد المدخـل، يرفعهـا بلطـف وخفـة ويخفيهـا داخـل ردائـه فتختفـي معـه، تمـر لحظـات، ... وبعدهـا يصـرخ الفتـى بـكل قوتـه قائـلا « أيتهـا الأختـان البشـعتان، أنـا «سـامي» وجئـت للنيـل منكمـا، وقـد حصلـت علـى الـدرع السّـحرية »

     هـذه الصرخـة المدويـة وصلـت لـكل أرجـاء المدينـة حتـى انتبهـت لهـا الأختـان واللتـان نظرتـا إلـى بعضهمـا نظـرة واحـدة كانـت مفهومـة لكلتاهما، ثم افترقتا في اتجاهين مختلفين، واحدة للبوابة الشمالية والأخـرى للبوابـة الجنوبيـة بأقصـى سـرعتهما، تصـل «يوريـال» إلـى البوابة الشمالية وتقوم بسرعة بعملية بحث ومسح شاملة بحثا عن الفـارس الجديـد الـذي قـرر تحديهمـا، لكنهـا لا تجـد أحـدا ! فتخاطبـه قائلـة « أخـرج أيهـا الفـارس ولـك الأمـان، ... » لا شـيء...

تعيد الكرة مرة أخرى والنتيجة نفسها، ... لا شيء، ... لا أحد .
 
     هنـا اسـتنتجت «يوريـال»  أنهـا أمـام احتماليـن فقـط،  إمـا أن الفـارس الجديـد فـي الجهـة الأخـرى للمدينـة مـع شـقيقتها، أو أنـه مختفي بطريقة ما، فتقرر فورا تغيير الخطة والظهور العلني بمظهر فتـاة جميلـة وفاتنـة فـي محاولـة إغـواء مـن سـولت لـه نفسـه دخـول مدينـة الحجـارة والتماثيـل .
  
    فـي هـذه اللحظـة فـإن «يوريـال»  قـد تحولـت لفتـاة صغيـرة ترتـدي فسـتانا جميـلا ولديهـا شـعر ذهبـي اللـون بضفائـر طويلـة وهـي تمشـي و تُغنـي بصـوت ملائكـي قبـل أن تنتبـه أخيـرا لوجـود الـدرع السّـحرية واضحـة للعيـان، و موضوعـة فـوق جلمـود صخـري بزاويـة معينـة لتعكـس صورتهـا لمـن هـو مختبـئ خلـف العمـود الحجـري، ... تبتسـم الشـريرة بـكل خبـث وتهمـس فـي نفسـها « اممـم، أنـت مختبـئ خلـف ذلـك العمـود أيهـا الأحمـق، ... »
 
     هكـذا قالـت «يوريـال» قبـل أن تختفـي و تتحـول إلـى مـا يشـبه الحيـة الكبيـرة ، وتنـزل برأسـها ملتفـة مثـل الثعبـان علـى ذلـك العمـود لتـرى مـن يختبـئ خلفـه، وقبـل أن تـدرك الخدعـة وأن لا أحـد هنـاك فـإن سـيف «سـامي» قـد ظهـر مـن العـدم وقطـع رأسـها مـن الخلـف بضربـة واحـدة، ... تلـك الـرأس البشـعة تدحرجـت غيـر بعيـد عـن جسـدها الـذي بقـي يتلـوى ويضـخ كميـات كبيـرة مـن الدمـاء و بشـدة، ... بسـرعة كبيـرة يخـرج الفتـى القربـة ويضـع الـرأس المقطوعـة بداخلهـا عبـر الفتحـة التـي أحدثهـا بسـيفه سـابقا، ويلقـي نظـرة أخيـرة إلـى جسـدها فيلاحـظ أن الدمـاء المنهمرة بغزارة بدأت في التشكل و التحول إلى كيانين شِرّيرين، يغادر بسـرعة بعـد أن وضـع غطـاء رأسـه، يصـل إلـى «السـندباد» الـذي كان فـي انتظـاره يصعـدان علـى البسـاط وينطلقـان بسـرعة .

_لقد أتممت المهمة بنجاح يا أبي .
       _أخبرني كيف يا «سامي».
_باستعمال نقطة ضعفهما يا أبي، لأن بعض المعارك لا يجب أن تكون الأقوى لتكسبها، بل يكفي أن تكون الأذكى .
     _أريد التفاصيل يا «سامي .»
_حسـنا لقـد سـرقت الـدرع الحقيقيـة منهمـا وقمـت بإخفائـه لإجبارهمـا علـى الافتـراق فتوجهـت إحداهمـا للبوابـة الشـمالية والأخـرى للبوابـة الجنوبيـة، وبعـد أن وصلـت الشـريرة بقيـت هادئـا وسـاكنا متخفيـا إلـى أن أجبرتهـا علـى الظهـور، ... وقـد ظَهَـرَت بِمَظهـرِ فتـاة صغيـرة فائقـة الجمـال، وكانـت تتجـول وتغنـي حتى شـَاهَدَت الدرع فاسـتنتجت المـكان الـذي اختبـئ فيـه حسـب الزاويـة التـي يعكسـها، وعندمـا نَظَـرت هـي إلـى تلـك الزاويـة بحثـا عنـي قمـت بقطـع رأسـها بسـرعة .
      _وأنت يا «سامي» أين كنت تختبئ ؟
_لم أكن مختبئا يا أبي، ... لقد كنت أنا الدرع العاكس والدرع الحقيقية وضعتها عند البوابة الجنوبية ظاهرة للعيان لإبقاء الأخت الأخرى منشغلة بها هناك .
     _خطة ذكية جدا يا «سامي» أنا فخور بك .
_لا وقـت للإطـراء الآن يـا أبـي، علينـا التوجـه بسـرعة إلـى مغـارة الأسـرار حيـث الوحـش ذو الـرؤوس الثلاثـة .

 المهمة التاسعة: الحصول على البذرة الأخيرة .

_نحن قريبون من المكان يا «سامي»، إنه غير بعيد من هنا ..
       _والآن أخبرنـي أيهـا «السـندباد» كيـف سـأعرف مـكان البـذرة الأخيـرة بعـد القضـاء علـى الوحـش لأن الأكيـد هـو أن هـذا الشـرير يحـرس الكثيـر مـن الأشـياء الثمينـة والسـرية ؟
_إسمعني جيدا يا «سامي» ، لقد اخبرنا الكاهن الـذي شارك في عملية صنـع وتحضير البـذور السّحرية أن البـذرة الأخيـرة داخـل زجاجـة صغيـرة بلـون شـفاف وبجانبهـا قـدر مصنوعـة مـن جمجمـة الضبـع المُشَـوّه، سـتتعرف إليهـا بمجـرد رؤيتهـا، والآن إسـتعد فقـد وصلنـا .

_حسنا انتظراني هنا .

     يدخـل «سـامي»  إلـى الكهـف كعادتـه بحـذر شـديد ويتسـلل حتـى الوصـول إلـى حيـث ينـام الوحـش، فيلاحـظ أن الـرؤوس الثلاثـة للوحـش لا تنـام معـا، فهنـاك دائمـا واحـدة مسـتيقظة « اممـم، أنتـم تحرسـون بالتنـاوب » هكـذا قـال الفتـى قبـل أن يلاحـظ أن نصـف الوحش المتمثل في جسمه وذيله الضخم يسد المغارة السرية بأكملها « هذه مشكلة أخرى، ... يجب إبعاد الوحش عن المغارة قبل القضاء عليه وإلا فإن الدخول إليها سيكون مستحيلا »
    في هذه الأثناء تنتبه الـرأس المسـتيقظة لوجـود شـيء مريـب فترتفـع عـن الأرض بعـد أن كانـت ممـدودة، فتسـتيقظ معهـا الرأسـان الأخريـان تلقائيـا .
  
تسـأل الـرأس التـي فـي الوسـط قائلـة « مـاذا هنـاك؟ »
فتجيبهـا الـرأس التـي كانـت تحـرس « حركـة غريبـة ورائحـة أغـرب »
فتنطق الرأس الوسطى مجددا « من أنت أيها المتسلل ؟»
الـرأس الثالثـة « نحـن نـراك مـن هنـا بـكل سـهولة، أنفاسـك تكشـف مكانـك أيهـا المتسـلل» ... وينظـر الوحـش برؤوسـه الثلاثـة إلـى حيـث يقـف «سـامي» بالضبـط، يلحـظ الفتـى ذلـك فـلا يجـد بُـدًا مـن كشـف أوراقـه، ينـزع غطـاء رأسـه فيصبـح ظاهـرا للعيـان ثـم يقـول « أنـا «سـامي أميـن»،

                                                   ... يتبع

1 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.