Siline-amir

شارك على مواقع التواصل

        _حسـنا، ... الجبابـرة سـكنوا باطـن الأرض مهزوميـن ومرغمين وقـد مـات منهـم خلـق كثيـر، ومـن عـاش منهـم تكيّـف وتعـرض لتغيـرات كبيـرة فـي اللـون والحجـم ، وهـم معروفـون أكثـر باسـم ''الرمادييـن''.
_وماذا عن الأساطير ؟
      _نفس الشيء وبعضكم يطلق عليهم تسمية ''الأنوناكي'' .

   في هذه اللحظة يقول «السـندباد»  مقاطعا « والآن اسـتعد يـا «سـامي »  فقـد وصلنـا لجبـل ''اولمبـس'' »
     _حسنا، شكرا لك أيها السندباد .

       يتقدم الفتى في وسـط طريق صخرية فيسـمع موسـيقى هادئة ومريحـة فيتبـع مصـدر الصـوت إلـى غايـة الوصـول لمكان خلاب، هناك يجـد الكثيـر مـن الجـواري بأبهـى حلـة يتنافسـن علـى خدمـة إحداهـن، ويبـدوا أنهـا أميـرة مـن الأميـرات وتسـتمتع بوقتهـا.
    
      يقترب الفتى منهن فَيَنتَبِهنَ له ويتوقفن عن العزف ثم ينظرن إلـى واحـدة منهـن و التـي وقفـت مـن مكانها، فيعـرف «سـامي» فـورا أنهـا القائدة والتي كانت تنظر للفتى بمنظر الشك و الريبة قبل أن تبادره قائلة « من أنت أيها الفتى وكيف استطعت الوصول إلى منتجع «هيستيا»؟ »

يـرد عليهـا قائـلا « «هيسـتيا» !  أنـا متأكـد مـن سـماع هـذا الإسـم سـابقا » 

فتـرد عليـه مـرة أخـرى « أنـا «هيسـتيا» شـقيقة الملـك «ديونيسـيوس» وقد كنتُ سـابقا ملكة للنار قبل أن أتنازل عن ملكي لشـقيقي الأصغـر، والأن أخبرنـي من أنت ومـاذا تريـد؟ »

_إسـمحي لي أيتها الملكة «هيسـتيا» أن أقدم نفسـي، أنا «سـامي أمين».
      _ وماذا تريد يا سيد «سامي أمين» ؟
_أريد الحصول على صندوق «باندورا»؟
      _ ذلك الصندوق لا يمكن لمخلوق أن يحصل عليه ؟
_لماذا ؟
       _لأنـه مخبـئ عميقـا داخـل المغـارة الواقعة فـي الجزء الشـمالي من جبل ''أولمبس'' ، والمشـكلة أن «الجريفين» وهي كلاب «زيوس» تحرس تلك المغارة ولا يمكن لأَي أحـد أن يتجاوزهـا ، لأنهـا لا تتأثـر بِـأَي تعويـذة ولا يمكـن هزيمتهـا بِـأي سـلاح مهمـا كان .
_تلك مشكلة حقيقية.
      _ لكنـي سـمعت مـرة مـن أحـد ''القناطيـر'' أن أحدهـم تمكـن مـن تجـاوز الـكلاب والدخـول إلـى المغـارة والمبيـت فيهـا ثـم غـادر فـي اليـوم التالـي .
_كيف ؟ ... كيف فعل ذلك ؟
      _لا أدري، ... عليك أن تسأل القنطور «خيرلون».
_ وأين سأجده؟
      _عليـك عبـور الـوادي للوصـول إلـى الجبـل المقابـل، هنـاك تقـع ''مملكـة القناطيـر''، لكـن حـذاري فالقناطيـر خطـرة جـدا وهـي ليسـت ودودة، بالنسـبة لحكيمهـم «خيرلـون» سـتتعرف عليـه فـورا لأنـه الوحيـد بينهـا الـذي لـون شـعره أبيـض.
_شكرا لك أيتها الملكة «هيستيا»
      _بالتوفيق يا سيد «سامي أمين».

     يقطـع الفتـى الـوادي بسـرعة ويصعـد الجبـل المقابـل لجبـل «أولمبـس» حيـث تقـع مملكـة القناطيـر، وهـي مخلوقـات عبـارة عـن نصـف حصـان ونصـف إنسـان ومعـروف عنهـا عدائيتهـا لـكل مـن هـو غريـب، يضـع الفتـى غطـاء رأسـه ويختفـي وهـو يمشـي بحـذر داخـل المملكـة فيلتقـي بأربعـة منهـا عنـد المدخـل تبـدو عليهـم علامـات القـوة ويحملون رماحاً طويلة في أيديهم، والظاهر أنهم حُرّاس مدخل المملكة، يجتازهـم الفتـى بـكل سـهولة دون أن ينتبهـوا لـه،  ثـم يواصـل السـير بحـذر لغايـة الوصـول إلـى قصـر كبيـر فـي مدخلـه ثلاثـة مـن القناطيـر فيقـرّر الفتـى الظهـور العلنـي أمامهـم لكـن بمظهـر قنطـور مثلهـم ... يسـألهم عـن «خيرلـون» فيخبـره أحدهـم أنـه عاكـف فـوق قمـة الجبـل منـذ أن ظهـر المذنـب فـي السـماء مـن ثلاثـة أيـام.
   
  يتجـه الفتـى حيـث أشـار لـه القنطـور الحـارس فيجـد ضالتـه أخيـرا، ... يجـد قنطـورا أشـيب واقفـا وينظـر فـي اتجـاه النجـوم، وقبـل أن ينزع الفتى غطاء رأسه أو يقدم نفسه يقول له القنطور ودون أن يلتفـت أو أن ينـزل عينيـه مـن السـماء « مرحبـا يـا «سـامي» ... تفضـل »

      يندهش الفتى جدا وهو ينزع الغطاء عن رأسـه قائلا « كيف عرفت بإسمي وبِأَمْرِي يا سيد «خيرلون» ؟ »
يجيبه « أنا قنطور، هل نسيت! ...مهمتي هي قراءة السماء والنجوم ، ونجمك أخذ مني الكثير من الوقت لأنـه يـزداد سـطوعا منـذ دخولـك لعالـم الخيـال »
                                                
_ أريـد سـؤالك عـن كيفيـة التسـلل إلـى مغـارة «زيـوس» دون لفـت انتبـاه كلابـه.
       _تلك الوحوش خطرة جدا فكن حذرا ...
_لقـد سـمعت أن أحدهـم تمكـن ذات مـرة مـن اجتيازهـم وأريـد أن أعـرف مـن يكـون وكيـف فعـل ذلك؟
        _إنه «أرفيوس» عازف الغيتار السّحري ... أنغام ذلك الغيتار تسبب الهدوء والنوم لتلك الوحوش .
_وأين يمكنني العثور عليه ؟  
      _إنـه هنـاك منـذ آلاف السـنين عنـد مدخـل البوابـة السـفلى الواقعـة خلـف نفـس الجبـل.
_و ماذا يفعل هناك؟
      _يحاول حل اللغز الأبدي لكي تسمح له السيرانة بالدخول.
_ أي لغز ؟
     _ما هو الشـيء الذي يمشـي على أربعة في الصباح، ويمشـي على اثنين عند الظهر ، وعند العصر يمشي على ثلاث ؟
_ اه ذلك اللغز، ... نعم، ... سؤال أخير يا سيد «خيرلون» أريد معرفة ماذا يقابل صندوق «باندورا» من حيث القيمة؟
      _هل تريد أخذ ذلك الصندوق من مغارة «زيوس» يا «سامي»؟
_نعـم، وأنـا أعتقـد أنـي إن لـم أضـع مقابـلا لذلـك الصنـدوق فسـيغضب «زيـوس» جـدا وسـتكون العواقـب وخيمـة.
     _كلا، لن يغضب «زيوس»
_لماذا ؟
     _لأنه عليك أولا أن تحصل على الغيتار السّحري، ... قم بوضعه وخذ الصندوق.
_وهل يعادل ذلك الغيتار صندوق باندورا الأسطوري من حيث القيمة ؟
       _ صندوق «باندورا» يحتوي على الأمل ، وذاك الغيتار يحتـوي علـى الهـدوء والسـكينة وراحـة البـال، وهـي مرادفـة أو تفـوق الأمـل قيمـة، وأيضـا فـإن ذلـك الصنـدوق لـم يكـن يومـا مـن ممتلـكات «زيوس» ، لأنه بعد أن قام بإهدائه لـباندورا وعرفت ما يحتويه قررت أن تعيـده للمغـارة فهجمـت عليهـا كلاب «زيـوس» وقتلتهـا، ثـم قامـت تلـك الـكلاب بوضـع ذلـك الصنـدوق فـي الداخـل ، ونظريـا الصندوق هو مـن ممتلـكات الـكلاب وليـس مـن ممتلـكات «زيـوس»
_حسنا، شكرا لك أيها القنطور «خيرلون».

     يهـم الفتـى بالمغـادرة عندمـا يسـمع تلـك الكلمـات « سـيكون لـك شـأن عظيـم فـي المسـتقبل يـا «سـامي» »
يتوقف الفتى مكانه، ثم يلتفت للقنطور قائلا « ماذا ؟ ... ماذا تقول ؟ »
_ نعـم، كمـا سـمعت، ... سـطوع نجمـك تزامـن مـع مُـرور مُذَنَّـبِ القَـدَر وهـذه العلامـة لـم تحـدث منـذ ولادة «هرقـل» إلـى اليـوم، ... أنظـر هنـاك مجموعـة كواكـب تحـاول تغطيـة نجمـك لكنهـا تعجـز عـن ذلـك »...
       _ أنا أملك عدوا واحدا إسمه الغـول يا سيد «خيرلون» !
_الغـول لم ولن يكون مشكلة لك يا «سامي»
        _إذا ذلك النجم لا يخصني.
_النجوم لا تكذب والقناطير لا تخطئ قراءتها .
        _إذا حظا سعيدا في قراءتك للنجوم يا سيد «خيرلون». 

    هـذا مـا قالـه الفتـى وهـو يغـادر متجهـا للجهـة الجنوبية من جبل «أولمبس»، ... يصل بسرعة ويبدأ في البحث عن «أورفيوس» فيجده جالسـا يتظلل تحت شـجرة رمّان كبيرة وهو يأكل من ثمارها وبجانبه غيتاره السّحري .
  
    ينـزع غطـاء رأسـه ويقـدم نفسـه « مرحبـا سـيد «أورفيـوس ، » وآسمح لي أن أقدم نفسي، أنا «سـامي أميـن» »
 
    يـرد عليـه دون أن يرفـع رأسـه ومواصـلا أكلـه للرمّـان «  مـاذا تريـد منـي يـا سـيد «سـامي أميـن»؟ »
_أريـد منـك أن تسـاعدني فـي تهدئـة كلاب «زيـوس» مـن أجـل دخـول المغـارة بأمـان، أريـد منـك أن تعـزف لهـا حتـى تنـام يـا سـيد «أورفيـوس».
       _ولما علي ذلك يا سيد «سامي» ؟
_لأنـي فـي المقابـل سـأقدم لـك حـل اللغـز الأبـدي لكـي تسـمح لـك تلـك السـيرانة الشـريرة بالعبـور إلـى العالـم السـفلي ومقابلـة زوجتـك ثانية.

يقف بسرعة قائلا « ماذا ؟ ... ماذا تقول ؟! ... هل تعرف حل اللغز أيها الفتى؟ »
_ نعم سيدي، ... ذلك اللغز سهل جدا.
     _ سهل ؟! ... هل نتحدث كلانا عن نفس اللغز ؟
_نعم سـيدي، ... واللغز هو '' ما هو الشـيء الذي يمشـي صباحا على أربعة ويمشي ظهرا على اثنين وفي العصر يمشي على ثلاثة ؟ ''
     _ وما هو الحل؟
_هـو الإنسـان، ... لأنـه عندمـا يكـون رضيعـا يحبـو علـى أربعـة، وعندمـا يكبـر يمشـي علـى اثنيـن، وعندمـا يهـرم ويعجـز يسـتعين بعـكاز فيصيـر يمشـي علـى ثلاثـة.
      _نعـم، ... نعـم، ... أنـت محـق، ... إنـه الإنسـان، هـذا هـو الحـل ، ... الآن فقط أسـتطيع العبور لرؤية «اوريديس»

     يهـم «أورفيـوس» بالمغـادرة فيسـتوقفه الفتـى قائـلا « مهـلا يـا سـيد «أورفيـوس» عليـك بمرافقتـي لتهدئـة كلاب «زيـوس».
        _آه، ... تلك الكلاب، خذ أمسك هذا الغيتار السّحري وأعزف لهم وسيهدؤون فورا .
_ولكني لا أحسن العزف يا سيدي؟
       _لا يجـب أن تكـون عازفـا ماهـرا،  يكفـي أن تضـع أناملـك الصغيـرة علـى أوتـار الغيتـار وسـيتكفل هـو بالباقـي، ... السّـر فـي الغيتـار نفسـه وليـس فـي الأنامـل .
_حسنا ، شكرا يا سيد «أورفيوس» وبالتوفيق في مسعاك .

    يعـود «سامي»  أدراجـه حامـلا الغيثـار السّحري بينمـا يتقـدم «أورفيـوس» إلـى البوابـة التـي تحرسـها السـيرانة الشـريرة ، وهـي كائـن بشـع عبـارة عـن نسر عملاق بمخالب كبيرة وحادة مع رأس إمرأة قبيحة المظهر واقفة وتحـرس المدخـل بصرامة.

   يتقـدم منهـا «أورفيـوس» قائـلا « لقـد عرفـت حـل اللغـز أخيـرا أيتهـا السـيرانة »

ترد عليه ساخرة بقولها «وما هو ؟ »
_إنه الإنسان .
                                                .... يتبع

1 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.