Enasmhanna

Share to Social Media

دلفت جمانة إلى مكتب مراد وهي تحمل له قهوته الحلوة كالعسل بعد أن أوصلت قهوة رضوان المرة كالعلقم ! كان غارقاً بالعمل على المشروع على أصوات موسيقى عالية كعادته ولم يتنبه لوجودها مشت باتجاه طاولة العمل و اقتربت منه لتضعها على المنضدة الصغيرة بذات اللحظة التي استدار بها مراد ليجلب المسطرة اصتدم بها لتنقلب القهوة الساخنة على ساعده، من وجودها وصرخت هي بسبب الحرق
- هل أنتِ بخير ؟ جمانة ! .
قالها بجزع حقيقي وأمسك ساعدها ليرى آثار الحرق ليتصرف بينما هزت رأسها باكية : إنها تؤلمني ...ساعدي يحرقني
- اغسليه فورا ً"
دفعها من كتفها باتجاه حمام مكتبه الخاص فتح لها الصنبور فوضعت ساعدها تحت الماء المنهمر بينما اتصل هو مباشرة بفرح لتوكيل المستخدم لتأمين مرهم للحروق بسرعة .

استلمه مراد من المستخدم وما كادت تخرج من باب الحمام حتى قال لها اجلسي لنضع عليها المرهم .
-لا داع لذلك سيزول الألم بعد دقائق
تقدم ناحيتها وقال آمرا : اجلسي جمانة لا تكابري .
انصاعت له لأن الألم كان لا يطاق، انحنى أمامها وشرع يدهن لها مكان الحرق بهدوء شديد، طرق الباب ودخل آدم وتقدم أكثر قائلاً
: هل كل شيء على ما يرام ، قالت فرح بأن سكرتيرتك الخاصة أصيبت بحرق !

رفعت جمانة نظراتها تجاهه ليتطلع بها آدم مجدداً وشعر بانقباضةٍ غريبةٍ بصدره، اقترب بلا ارادة منه وسألها بقلق حقيقي وسط نظرات مراد الذي حدق فيه باستغراب خءا الاندفاع لفتاة يراها لمرة...او اثنتين وللحظات فقط! : هل تؤلمك يا آنسة ، هل تحتاج إلى عناية طبية ؟ أاصحبك إلى المستشفى ؟

كادت أن تجيبه فقاطعها مراد قائلاً وهو ينهض : -ستكون بخير ، جمانة بإمكانك العودة إلى عملك .
هزت رأسها وشكرته ثم غادرت من بينهما وسط نظرات آدم الذي لاحقها بعينيه بابتسامة لم يفهمها حتى اختفت خلف الباب .
حدق فيه مراد بجمود ثم لكزه على كتفه قائلاً :
-وبعدها ! .
-عفوًا !
قالها آدم بعدم فهم ليجيب مراد : لم تزح ببصرك عن الفتاة .

تنهد آدم وهو بواد آخر كلياً عن مراد وقال بلهفة : -إذن هي سكرتيرتك، ما اسمها ؟
رفع مراد حاجبيه وقال ساخطًا : هل تريد مني ان أسالها كذلك إن كانت مرتبطة أم لا .

جمدت ملامح آدم عليه وتسائل بعدم فهم : إلى أين ذهب تفكيرك ! ولما الحدة في حديثك ؟
-في الحفل التهمتها بعينيك والآن لم تزح ببصرك عنها أمشاعرك تجاه نور رخوة لهذه الدرجة كي ...

قاطعه آدم بحدة عندما استشف نهاية حديثه : مهلاً لحظة، ما هذه التخاريف التي تتفوه بها ، الموضوع أبداً ليس له علاقة بنظرة إعجاب أو أوما شابه .
فقال مراد ساخراً :آها... بما تترجم نظراتك ؟ نظرة أخوية !!.

نفخ آدم بعصبيه ثم قال : بالمناسبة لن تفهم شعوري ، وذاتا ًهذا المكان ليس مناسباً للنقاش بتلك الأمور، سأغادر .
هز مراد رأسه مجيباً : نعم أهرب كعادتك "
ابتلع آدم حروفه متجاهلاً مراد من خلفه وغادر المكتب مغلقاً الباب خلفه وتطلع بجمانة التي تجلس خلف المكتب وتحاول أن تعمل، اتجه ناحيتها وسألها : هل زال الألم ؟ .
أومأت له بإيجاب قائلة : نعم شكراً لاهتمامك .
- أنا آدم خريج هندسة وأعمل الآن متدرباً هنا " حدقت فيه ..وبسسلسله الذي يظهر جزء بسيط منه من تحت ياقة قميصه وأجابت بارتباك:
- تشرفنا أستاذ آدم، أنا جمانة .
تشرفت بمعرفتك آنسة جمانة ،
ثم أردف بعدها : إن احتجت لأي شيء فأنا في الخدمة .
وهذا الحديث قد تطور فيما بعد ومشاعره كانت تتعمق تجاه هذه الفتاة مشاعر دافئة ...غريبة لا تشبه مشاعر عشقه لنور الواضحة وضوح الشمس...جمانه قد فتحت مشاعره لناحية أخرى ..كحاجتها للحماية وحاجته لاحتواء شيء يخصه ...لم يعرف كيف يوصف مشاعره ولمن سيوصفها ولم يقدر على تجاهل الحديث معها كلما سنحت له الفرصة...وجمانة كانت ترى في هذا الشاب جمالاً داخلياً أشعرها بالطمأنينة ...

كانت الأيام تتوالى ...ما بين عشق ينمو ..وإعجاب يطفوا على السطح وفرح لم يظن صاحبه أنه قد يغادره يوماً...هذه هي طبيعة النفس البشرية التي تتمسك بلحظات السعادة وكأنها ستدوم أبد الدهر...

كان كريم في عمله يتفقد تنسيق قطع الألبسة الواصلة حديثاً اختار قميصاً لوالدته أمينة هانم وسار بعينيه على الفساتين وانتقى فستاناً لرهف...يعرف ذوقها ويهديها كل حين ما يناسبها ...ثم توقف أمام فستان قرمزي طويل من الساتان حمله واتجه فيه إلى مكتبه وعلقه أمامه....ابتسم مغمضا عينيه يتخيل كيف سيكون على نور ... تلك التي تخيلها مراراً ترتدي كل قطعة أعجبته...فخبأها في خزانة خاصة على أمل أن يعطيها لها ذات يوم ..أن يراها ترتديهم له دونا عن غيره..

اندفعت الموظفة تسأله : تتصل العارضات أستاذ كريم هل أخبرهن بالمجيء ؟
اجفل من دخولها المفاجئ فانخلع بنظراته عن الفستان بضيق : يا ابنة الناس لو كنت أريد منهن الحضور لطلبت ذلك...عودي لعملك.
جلس خلف مكتبه يقلب في الصور...تلك الصور التي تسببت بفضح مشاعره لابنة عمه ذات يوم ليس بالبعيد...
طال تأمله لها.. لشعرها الحريري..لوجنتيها الشهيتين...ولعينيها اللتين لا تنتميان لهذا الزمان...لوحدهما حكاية !
وطرأت بباله هذه الفكرة التي طالما استدرجها من خلالها ...إنها تعشق التصوير ..فلتصور إذن ..
تشجع واتصل فيها...فقد كانت تجيبه بأحيان وبأحيان كثيرة لا تجيب... تعطيه الأمان في وقت ما وفي أوقات كثيرة تصده...تعطيه أملا في بناء المستقبل برفقتها وتعود لنقطة الصفر من جديد ....احتارت واحتار هو معها...ظل معلقاً بذات النقطة لا يتقدم خطوتين إلا وترجعه عشر خطوات إلى الوراء....
ضغط على زر الاتصال وهو يتلاعب بالقلم بين أصابعه و يطرقه على الطاولة ...
-كيف حالك .
-أهلاً كريم ...بخير وأنت ؟
- تعرفين اني لن أكون بخير حتى أعرف جوابك النهائي .
- كريم !
قالتها بارتباك فقال فوراً وهو ينهض من خلف المكتب ليقف أمام الواجهة الزجاجية للمتجر يراقب السوق المكتظ : اسمعي لن نتحادث على الهاتف حتمًا أريد ان أراكِ اليوم إن كنت لا تمانعين هناك شيء هام علينا التحدث به .
قالها بجدية وهو يعقد حاجبيه..يريد إنهاء المسألة قبل أن تفلت من بين يديه ...
-تعرف بأنه لا ينبغي أن أراكَ خارجًا .
تنهد كريم بقلة حيلة : كنا نخرج سابقاً .
ضحكت بخفوت فأضحكته : اسأل نفسك هذا السؤال....تعرف أنه تغير الكثير .. وربما تغير كل شيء.
- ما زلت كما أنا .. كريم ابن عمك ..اسمعي لن أطيل..كما أن المجموعة الجديدة قد وصلت وعليك أن تقومي بتصويرها كالعادة ...
ضربت نور وجهها على طاولة زينتها والهاتف ما يزال على أذنها ..أبعدت الهاتف لترى الساعة ثم غمغمت بيأس: الآن لما لم تخبرني من قبل؟!
أجاب بانزعاج : لأجل التصوير تحضرين ركضا أليس كذلك ؟
- إنه عمل ..بل وعمل أحبه.وأنت قدمته لي على طبق من ذهب أأرفضه! ..
تنهد كريم مغمغما: تعالي إذا فوالله هذا العمل يحبك وصاحب العمل يحبءءء

أغلقت الخط في وجهه ففوجئ وانفجر ضاحكاً قبل أن ينهض من فوره ويصرخ بالموظفات : -بناات..بنااات
اتصلن بسرعة بالعارضة لتأتي...حالا..
هياا...
-واحدة سيد كريم؟!
سألته الموظفة باستغراب ليهز رأسه مؤكداً...
-واحدة .
امتقع وجه الموظفة وتمتمت:
-لكن...القطع كثيرة لن ننتهي حتى الفجر هكذا!
ولننتهي عند الفجر ...هل من مشكلة..اتصلي بشيخ الشباب زوجك ولينتظرك أمام المحل حتى ننتهي .
زاورته وهي تلوي شفاهها قبل أن تغادر وهي تبرطم بكلمات حتماً لم يسمعها كريم ...

****
انطلقت نور إلى المتجر كانت ترتدي بنطالا من الجيز مع كنزة سوداء...أما شعرها فكان معقودا لأعلى كذيل حصان وكأنها موظفة قد حضرت لمقر عملها....خطت بخفة فنهض من خلف المكتب مسرعاً متوجهاً ناحيتها...لتسأله على الفور: هل كل شيء جاهز؟
اومأ لها فسارت أمامه متجهة للزاوية التي خصصاها للتصوير
ومن خلفها شقت البسمة شدقيه وهو يشد بقبضتيه بانتصار ...
كانت العارضة تجلس بانتظارها بعد أن ارتدت أول الفساتين ..أخرجت نور الكاميرا التي اشتراها كريم للعمل وشرعت بتصوير العارضة ....لتتفاجئ بعد حين أنها العارضة الوحيدة اليوم بحجة أن جميعهن مشغولات ....وأدركت أن هذه الجلسة ستستمر طويلاً جداً!

- معك ولاعة ؟
-عفواً !
-ولاعة ولاعة " وطقطق شيخ الباب بإصبعه ليفهم مراد مقصده فأخرج من جيب بذلته ولاعة وناولها للرجل الذي أبدى امتعاضه متذمرا: كل يوم وآخر يتأخرون بسبب تصوير المنتجات لتسويقها أيعقل أن نترك اشغالنا للانتظار!
كان مراد متكئ على سيارته ينتظر نور خارج المتجر .. منتظراً هوسها في التصوير الذي وظفه كريم بطريقة أفادته لزيادة تسويق بضاعته عبر نشرها عبر منصات التواصل...
دقائق وخرج كريم لينضم إليهم خارجاً بوجه ممتقع:
-خيراً ؟ تم طردك؟
قالها مراد متهكما ليبتسم كريم وهو يخرج سيجارا يدخنه وهنا يمشيان بشارع السوق الذي اقفلت متاجره ..مبتعدين عن شيخ الشباب الذي جلس القرفصاء على الرصيف بانزعاج ..
-اختك المصون قامت بطردي.. يبدو أنها فقدت تركيزها بسبب وجودي وثرثتي!
-وما الذي تصورونه هذه المرة ! شيء يستحق النظر ...
قالها مراد بخبث ليلطمه كريم على صدره : -عباءات حريمي نخب أول...نظف عقلك وتفكيرلك وإلا والله سيدق ذات يوم!
وفي الداخل كانت نور قد أطلقت العنان لموهبتها في التصوير ..وأبدعت في التقاط الصور للعارضة التي غيرت حتى اللحظة اكثر من عشرين فستاناً.. وعباءة.
انتهت من التقاط الصور فدخلت إلى مكتب كريم الذي يقع في الطابق العلوي.. لتنقل الصور مباشرة إلى حاسوبه...وباشرت بعملية النقل ثم تقدمت تلقائياً من ذلك الفستان القرمزي المعلق...وجمدت تحدق فيه.
-يا إلهي.. إنه ..جميل جداً.
تقدمت الموظفة مؤيدة ...رائع فعلاً ..اسمعي جربيه قبل أن يباع فتظل حسرة بقلبك...فهذه البضاعة يتم شراؤها بسرعة ... جربيه ريثما ألملم أنا الفساتين في الأسفل..
سألتها نور : هل ..صاحب المتجر ما يزال خارجاً..
أومأت الموظفة بنعم ...و التي لا تعرف حتى اللحظة أن نور تكون قريبة كريم ...
غادرت الموظفة فشردت نور في الفستان وهي تتلمس قماشه الناعم المنسدل وبرقت عيناها بافتتان ..
فانتشلته بعدما ثارت مشاعر الأنثى بداخلها ... خرجت من غرفة القياس وحدقت بنفسها في المرآة مطولاً..ثم توجهت ناحية المرآة الكبيرة في المكتب وتوقفت قبالتها ..كان النور ساطع بشكل أقوى ..مما زاد من جمال تفاصيله وتفصيله المتقن ..
ودخل فجأة آخر شخص تتمنى نور رؤيته هذه اللحظة ...دخل وتوقف في ذهول أمامها وهي ...تدور وتدور وتدور مغمضة عيناها وتبتسم ذات الابتسامة التي تومض بقلبه عواصف هوجاء لا يقدر على السيطرة عليها ...
وتوقفت فجأة تلهث بفرح قبل أن تفتح عيناها فجأة و تتلاقى معه وجها بوجه...كان واقفاً أمامها...مفتونا فيها. مبهوتا بجمال ما تخيله قبل ساعات ورآه واقعاً أمامه ...
- لا...يمكن... أن تكون....هنا .
قالتها بلعثمة وصدرها يعلو ويهبط وقد انتقل اللون القرمزي من الفستان لوجهها الذي اشتعل خجلاً وارتباكا فاقترب أكثر هامساً: هذا مكتبي...من البديهي أن أتواجد فيه...يا سمو الأميرة .
عضت نور شفاهها بحرج وقالت بهدوء محاولة السيطرة على أعصابها المشدودة : هل ..تسمح الآن بالمغادرة أريد أن أغيره لأغادر ..مراد ينتظرني منذ ..
كتم كلماتها بكفه : حتى أبسط أحلامي المتعلقة بك قد تحققت ..فحققي لي حلمي الأكبر.

كان قبالتها ..جامد المعالم ...مذهول العينين كمن حصلت أمامه معجزة انتظرها طويلاً جداً..
أزاح كفه عن شفاهها أخيراً ولم يحد ببصره عنها .قال راجياً: تزوجي بي.
هل أركع على ركبتي امامك لتتأكدي أني أريدك أن تكوني ملكي...ومعي ؟
اختلجت ضلوعها بعنف وقالت بمرح مفتعل لتخفف من وطئ ارتباكها: هل هل ازداد طولك أم تهيأ لي؟؟ ثم حتى وإن ركعت على ركبتك..ستصير بطولي"
استدارت عنه : هيا انزل...انزل يا ابن المنصور أريد أن أغير ملابسي ..
تشنج فكه وهو لم يعد يفهم شيئاً...لماذا ترفضه في كل مرة ... لماذا لا تلقي بالا لمشاعره العاصفة تجاهها...لماذا لا تحس بما يعانيه !
تراجع عنها ثم خرج وهبط درجات السلم مسرعاً..
وماهي إلا دقائق لحين استبدال ملابسها و غادرت تجاه مراد ..

ولم ينسى كريم أمر ذلك الفستان...بل قام بوضعه بصندوق لائق وأوصله كهدية لنور بعد أيام برفقة رهف الذتي ذهبت لزيارتها ...كان منزل عمها محمد قربب من منزله... بذات الشارع.
وكان أمر كريم لرهف واضح ..أحضريها أريد أن نتحدث...
فهي منذ ذلك اليوم لم تجب على أي من اتصالاته ..ولم ترد على رسائله... ولم تكذب رهف بل أوصلت رسالة كريم كما هي لنور ...
فحسمت أمرها أخيرًا لعلها تضع نهاية لهذا الموضوع بعد تفكيرها لأيام ... وقالت باستسلام : - حسنًا كما يشاء سأراه .

و استقبلتها زوجة عمها أمينة هانم كما العادة بالقبلات والترحيبات الحارة ...
اقتادتها رهف بعد ذلك مباشرة إلى الحديقة حيث كان كريم ينتظر على أحر من الجمر :
لا تأخرها يا كريم فالعشاء سيجهز بعد دقائق فقط وكي لا تتأخر عن المنزل .
غادرت رهف وظلت نور برفقته....تلتمس هذا الفرح الذي يتملك منه ما إن يكون برفقتها ...
احتضنت كفيها ببعضهما وحدقت فيه...وحسمت أمرها بإخباره بعد تفكير عميق جداً امتد لأيام وأسابيع قبلها...
- لنتحدث رجاءً:
قالت تلك الكلمات وجلست على الكرسي فجلس قبالتها محاولا تكذيب عينيه...فما تود أن تبوح له فيه لن يكون كما يتمنى ...قال بتردد : أخبريني أنه أمر فيه الخير لنا سويا.
صمتت لبرهة قبل أن تقول وهي تقبض على كفيه : اسمعني جيداً...ولا تقاطعني....
تعرف أنك أغلى شخص على قلبي بعد مراد وآدم..تلك الأيام التي عشتها بطفولتي بينكم لن تمحى ...كبرت وأنا تحت حمايتك ومافي قلبي تجاهك كان عميقاً لدرجة أنني خشيت أن تتحول براءة علاقتي بك لمنحى سيفرقنا ...
-نور...لا أرى خيراً في نهاية حديثك!
قالها بعجز فأغمضت عينيها لثوان ثم فتحتهما لتحدق بهلعه الواضح ...كريم كان خائفاً..خائف حقا!
أردفت وهي تشد من القبض على كفيه ...
-أنا اعرف صدق مشاعرك وأحترم جدًا كونك حاولت جعل الأمور فيما بيننا رسمية إلى حد ما بطلبي للزواج، ولكني لست مستعدة الآن ...لا أريد ولا أقدر ..أرى مستقبلا أكبر من مجرد زواج ومسؤولية لا امتلكها وأنا بهذا العمر ..
فقال بروية :
- لقد قلت ذلك سابقاً وأخبرتك حينها أننا الآن سنعلن خطوبتنا فقط ، ولست مطالبة بأي شيء .
مال بجذعه أكثر ناحيتها وأردف : ما أحتاجه انا فقط هو أن تكوني بجانبي، معي، أن نتحادث بدون خوف من أحد، أن اخرج برفقتك متى أشاء بصفةٍ رسمية وليس كما نفعل الآن بالسر ، أتظنين بأنني سعيد الآن بهذا التصرف ؟ .
-أتفهم شعورك ...لكن ..
قاطعها مجدداً وهو يقلب يديه ليحتضن كفيها هو هذه المرة ..: لم أعد أتخيل أن أبعد لأيامٍ دون أن أراكِ فيهم، كنت كالمجنون طيلة الاسبوعين الماضيين ،حتى لم يعد باستطاعني السكوت عن تدخل آدم بك في كل شيء ، أريدك معي ، ملكي .

سحبت كفها من بين يديه وأمالت برأسها إلى الأرض متنهدة .
- لماذا تقحم آدم في أحاديثنا دائماً؟
أجابها بنفور: لأنني أراه بيننا دائماً.
- أنت..أنت شاب رائع و تستحق من هي أفضل مني فعلاً ، أنا..لستُ مناسبة لك .
وقف قائلاً بانفعال بعدما استشعر رفضها له : وأنا أريدكِ أنت فقط، أتفهمين "
وقفت كذلك وأجابت : آسفة يا كريم لن أستطيع تحقيق مطلبك هذا، بداخلي شيء اقوى وأعمق من ارتباطي بك ..أنت...أنت شخصيتك مختلفة عني..طباعك..هواياتك القاسية العنيفة التي لا تناسبني...غضبك ...غضبك ونوباته التي أعرفها جيداً واخشاها..وسيطرتك على من حولك..
سحبها من كفها بعنف قبل أن تغادر وقال مكشرا :
-لست لعبة بيديك ترمينها متى شئت... تعطينني أملأ ثم تقومين بمحوه بضغطة زر ..
فصرخت فيه : ومن قال بأنك لعبة...كنت افكر ... افكر ألا يحق لي!!!
- هنالك أحد بحياتك !

انفرجت عيناها بصدمة وقالت : لا طبعاً ما هذه التخاريف .. أرأيت ما أحدثك عنك ..أرأيت مخاوفي! .
طال تحديقه بها ثم أفلتها ومسح وجهه بيديه قائلاً بجمود:
-على كل حال تحدثت مع والدك البارحة وأخبرته أن والداي مستعدان لزيارتكم للتحدث بشكل رسمي بموضوع الخطوبة بعد بضعة أيام ، فكري بشكلٍ عقلاني اكثر حتى ذلك الحين .
وغادرها لينهي النقاش لكنها هرولت تجاهه وأدارته بعنف ليواجهها:
-أخبرتك منذ لحظات أني لست مستعدة ولست موافقة ما بك ! .
اقترب منها أكثر وهو يزيح خصلة من شعرها من أمام وجهها وقال بتحد :
- لكن ربما يظن والدك أن ابن عمك أولى بكِ من الغريب مهمها طال تفكيرك .

شهقت نور بصدمة من طريقته في الكلام فقالت بحدة وهي تبعد يده :نصيحتي لك الا تحرج نفسك، ولا تحرج عمي، فلست موافقة على الزواج بك أتفهم ، لاتظن بأني صغيرة على اتخاذ القرار ، هذه حياتي وأنا التي تقرر فقط بمن سترتبط ومتى .

وتركته مغادرة ..ضرب بقبضته على الشجرة المقابلة ولحق بها مسرعاً ...
- نور انتظري ، لم ننتهي بعد .
حاول أن ان يمسكها ليوقفها لكنها افلتت نفسها منه وتابعت المسير بحنق : بل انتهينا ، أنا الحمقاء التي جئت لملاقاتك ، كان علي أن أرفض فأنا أعرف طباعك جيداً.
فقال : إلى اين تظنين نفسك ذاهبة بهذا الوقت المتأخر، سأقلك إلى المنزل .

- لا احتاجك سأتصل بأخي ، تقدمت رهف وقد رأتهما من بعيد يتشاجران فقالت باستغراب : ما الأمر ؟ .

زفر كريم بعصبية وذهب ليجلس على الكرسي مجددًا وما تزال رهف واقفة برفقة نور تحاول فهم ما بها فقالت نور بحنق : أخبريه أني لا أريد.. لا أريد الزواج ولا الارتباط حالياً ليتركني وشأني ، هل الزواج بالإكراه ؟
فأجابت رهف لتهدئة للموقف .
-يبدو انه متوترٌ قليلاً فقط .
-ليست مشكلتي ولن تكون مشكلتي ..
-حسنا حاضر اهدئي الآن قبل أن تشعر والدتي رجاءً ،
اخرجت نور الهاتف لتحادث راغب لكن هاتفه بدا وكأنه مغلق! اتصلت في مراد : أرسل لي راغب ليقلني لا أستطيع الوصول إليه
تطلع مراد بساعة يده وقال بأسف : ليس متواجداً طلب الإذن بالذهاب وغادر ..
زفرت بانزعاج فانتشل كريم الهاتف من يد نور وقال لمراد : سأوصلها انا لا تقلق .
- أنت بالمنزل!؟ هل كل شيء على ما يرام عندكم ؟ أأرسل موظفاً آخر ؟
-لا مراد كل شيء بخير سأوصلها حالاً إلى المنزل"
صرخت به نور بعدما أغلق الخط: أكل شيء عندك بالإكراه!
قبض على ساعدها بعنف وجرها ورائه قائلا ً:
- أرجو أن تبتلعي لسانك ..اتفقنا
قالت رهف بخوف فهي تعرف جيداً حينما يغضب كريم : أخي رجاءً ليس بهذه الطريقة ..سأ سأذهب معكما!! .
-لا تتدخلي أنتِ.. "
دفع نور لداخل السيارة واستقل المقعد بجانبها وقذف بالهاتف على حجرها فاحتضنته قائلة بنفور :لا يعقل ...حقا لا يعقل كيف تنقلب إن لم لم تحصل على ما تريد! .
حدجها بنظرة قوية وقال بعصبية وانطلق بسيارته مسرعًا : لا أريد أن اسمع صوتك هذه اللحظة ...لو سمحت "

أدارت وجهها ناحية النافذة ودمعت عينيها ..كان موقنة من أنها خسرته...خسرت عزيزها الأول بسبب مشاعر حب لم تستطع أن تبادلها إياها.. اتصل بها آدم لكنها لم تستطع أن تجيبه بل أغلقت الخط بأصابع ترتجف.

لكن الهاتف عاود بالرنين بعد دقائق ....ضغط كريم على الدواسة لتتوقف السيارة بجانب الطريق مصدرة صريراً عاليا فشهقت نور بخوف، اختطف الهاتف من يدها مجددًا وهتف بغضب ومن هذا الذي يتصل منذ ساعة ..
صرخت نور بكريم الذي أدرك اتصالات آدم ، وهو بين يديه اتصل مجددا ففتح الخط ليقول آدم فورًا : لماذا لا تجيبين على اتصالاتي أقلقتني حبيبتي"
شهقت نور وغطت فمها بيديها حينما استطاعت تمييز كلمات آدم.... قال كريم وهو يحدق بها : حبيبتك ! حبيبتك معي ، أتفهم يا آدم ما اعني ... معي ...معي .

أغلق الهاتف فضربته نور بقوة بغيظ وغضب وفتحت باب السيارة لتغادرها ..
عاود آدم الاتصال بها لكن هاتفها أصبح مقفلاً ، انتفض جسده بطريقة مروعة دفع الكرسي بعنف واتجه ناحية مكتب مراد مقتحماً إياه وهو يحاول الاتصال بكريم الذي لا يجيب كذلك .
هتف به آدم ..
-إنها مع كريم .
انتفض مراد باستغراب صراخ آدم : أتقصد نور ؟ نعم كانت عندهم وقال إنه سيوصلها .
-اللعنة يا مراد ..
قالها آدم وهرول خارجاً من مقر الشركة "

*********
قبض كريم على ساعديها وصار يهزها وهو يصرخ بعنف :
- منذ دقائق كنت تطربينني بشعارات عن احلامك ومستقبلك ودراستك التي سيمنعك الزواج عنها والآن يتصل حبيبك! كنت ترفضين حبي لأجله ! لأجل ذلك المدلل، ذلك العلقة الذي كسب تعاطف الجميع بحقارة ! ترفضين الزواج النظيف وتركضين وراء ستارة علاقة مقرفة والله أعلم ما الذي يدور بالخفاء
صفعته نور بعنف وقالت باكية : اخرس أيها الوقح لقد اكتفيت من جنونك "

وهل رأيت الجنون يا فاجرة !! هل رأيت الجنون بعد !

*********
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.