فزعت "حور" لرؤيتها ذلك الخبر المشئوم ؛ ماذا تفعل ولأين المفر من هذا الجحيم فهو لن يكتفي بأن يقوم بضربها بوحشية وعنف كتلك الليلة الغابرة المشئومة بل سيقتلها بلا رحمة لا محالة ؛ وتدفقت دموعها غزيرة كنصل سكين يمزق أخاديد وجهها بلا رحمة لتقضي ليلة هي الأطول بعمرها كم أفتقدت والدها الراحل وأشتاقت للأختباء داخل أحضانه حيث الأمان اللانهائي ؛ وزقزقت عصافير الصباح منذرة ببزوغ شروق جديد من فجر دموع "حور" المتدفقة كنبع سبيل لا ينضب .
ولم تجرؤ علي الخروج للعمل ليتصل بها "يزن" متسائلا عن عدم حضورها للمرة الأولي للعمل ليجدها باكية ليكفكف دمعها ويهديء روعها بأنه في الطريق إليها ولتقوم بتجهيز نفسها ؛ وعندما صف سيارته نزلت مسرعة متلفتة حولها لتسرع بألقاء نفسها بجواره بالسيارة وأنطلقا إلي مجهول ينسج من تلك الأحداث وتداعياتها.
وأصطحابها لأحدي المطاعم الصباحية ليتناولا وجبة أفطار شهية تمنحها الطاقة لأخراجها لحكي مطول من داخل جعبتها ؛ وحكت له عن الخبر المشئوم ورعبها من أنتقام هذا الوحش والفتك بها " أنتي فاكرة أني حتركه يمس شعرة منك أياك لا ورب الكعبة علي جثتي لا تخافي خيتي ليها حل بأذن المولي ... ليها حل .. ح ياجي الوكل دلوجيت عايزك تاكلي زين لبين ما افكر في حل وسبيل " وتراصت صحون الطعام أمامها ليجبرها علي تناول الطعام واعدا أياها بأنه سيحميها ؛ وظل يدخن علبة كاملة من سجائره المفضلة لترتسم بارقة أمل علي وجهه لتنير ملامحه وكاد يصيح "وجدتها" كصيحة أرشميدس والذي أطلق عليه أبو الهندسة عند فكه لطلاسم ظاهرة الطفو وأصدار أعظم قانون للبشرية وهو قانون الطفو؛ وليخبرها مهللا :" أحنا حنسافر الصعيد لبلدي وهناك حتكوني بأمان " لتجيب بذهول :" ازاي والشركة وبيتي وحاعيش هناك فين وأزاي أنا عمري ما خرجت من القاهرة "
“ يا بوي عليكي أسمع الحديت زين دلوجيت أول ما يخرج ولد المركوب من السجن حيدور عليكي كيف العجل المجنون علشان يغدر بيكي ومهما اتخبيتي هو عارف طريجك لكن الصعيد دي قلعة بمتاريس نحمو بيها كيف من كان أستجار بينا نجيره ولو علي رجبينا .. كملي واكل زين وارجعك لبيتك تلمي خلجاتك لحين أوضب أمورنا ونتوكل علي الله " وأصطحبها لمنزلها لتحزم حقيبتها وتنتظره لمجهول لا تعلمه ليصطحبها قرب العصر لينطلقا مرتحلين إلي بلدته بهنسا ببني مزار أرض الأجداد التي تحمل بين ذراتها عبق خطاهم العطرة .