وتوالت الأتصالات فيما بينهما بل تخطت أن يدعوها "حسام" للخروج معه للتنزه وتناول العشاء معه بعد أنتهاء عمله وعملها ؛ وكم أسرت الفرحة العارمة قلبها وفؤادها وأحست لأول مرة يبتسم لها النصيب ويعدها بحصولها علي بعض من حظوظ الدنيا السعيدة التي ضنت الدنيا أن تهبها نصيبها منها؛ وكم تلألأت عيونها ولمعت لرؤيته فهو شاب علي النقيض من "يزن" مرح ويلقي عليها الكثير من النكات التي تستخرج ضحكتها الصافية من محاجر قلبها الصلدة لكثرة ما عانته من قسوة الأيام عليها ؛ وكثرت الخروجات فيما بينهما ولاحظ " يزن" تغيير "حور" ظاهريا وداخليا فطريقة ملبسها تغيرت للأفضل بكثير لتصبح كأحدي عارضات الموضة وتلمست مساحيق التجميل ملامحها فأصبحت تكحل عيونها ورموشها لتبرز أتساع عينيها التي تحاكي جمال سواد الليل الحالك المضيء بضياء من قبس النجوم المخملي ؛ وبالرغم من ميل دفة قلبه لها لكنه كان يسعد لسعادتها ويدعو لها بأكتمالها وهناءها لنهاية الحياة والعمر.
وأطل "حسام" بزيارة مفاجئة لهما حيث تصادف وجود "يزن" ليعلن "حسام" قدومه لتواجده بالمنطقة وبالقرب من الشركة فأراد أن يجعل من زيارته مفاجأة بعد رؤيته لسيارته ؛ ودلف الأثنان لمكتب "يزن" وأستغرقا في حديث من القلب عن ذكريات طفولتهما سويا ببلدتهما ليتسائل "يزن" عن عدم زواج "حسام" للآن وكأن القدر ساق "حور" لتدلف بعد طرقات خفيفة بمشروبات لهما كترحيب بزيارته الحبيبة ليجيب "حسام" وهو يستدير بظهره لها ويقول :" دايما جلاب الخير يا بوي عليك يا خوي ... كانت تلك هي المرة الأولي التي تستمع "حور" لحبيب فؤادها وهي يتحدث باللهجة الصعيدية ..انت مخاوي ولا أيه ... واعر أنت يا أبو الزون كيف علمت انت أني جاي من شان تكون معايا في خطوبتي علي بنت اللواء شكري أبو العزم مديري ..أنما أيه بت لهطة قشطة بيضالي في القفص يا خوي " وأستغرق ضاحكا ليتوقف عند اصطدام الأكواب مرتطمة بالأرض لتحدث دوي لترتسم أمارات الالم علي وجه "يزن" حزنا علي صدمة "حور" بذلك الخبر والحديث الذي أدمي قلبها كلغم من أحدي الحروب السابقة أنفجر بفؤادها .
ليستدير "حسام " متفاجيء مما حدث ليلملم "يزن" جرحها ويضمده قائلا:" أتعاترتي في السجادة يا خيتي أنتي بخير ؟ تعلم يا حسام اني بتعتر بيها كتير فداكي يا خيتي مصنع كوبايات بحاله " واسرعت مرتبكة للخارج بعد سماعها هذا الخبر المدوي ؛ ولم تري "حسام " بالواقع مرة آخري فلقد رأت صور حفل خطبته وعروسه الجميلة للتحسر باكية لتنظر للسماء مناجية لقد صبرت يا الله علي وجع سنوات عدة آملة أن ألقي العوض الجميل منك يا الله ؛ وظهر لها خبر صادم آخر وهو حصول "منير" علي حكم بالبراءة لعدم كفاية الأدلة عليه ومجرد تغريمه مبلغ مالي فضحاياه من فتيات أسرها معدمة لا تجد قوت يومها وبالتالي عدم مقدرتها علي توكيل من يدافع عنهن وكذلك "حور" وحبال أجراءات النقض طويلة وبلا نهاية ليدب الرعب بقلبها من أحتمالية خروجه من السجن ليبحث عنها متمنيا الأنتقام منها علي فضح جرائمه وجرحه الغائر الذي ترك ندبة لا شفاء لها .