Rashasalem

شارك على مواقع التواصل

قام "يزن" بالأعداد المتقن لكل شيء ؛ ليصلا إلي بلدته قبل بزوغ فجر جديد ليستقبلهما بيت كأنه تم زراعته بأحضان الطبيعة والغيطان ليتلألأ ضي القمر المكتمل البهاء علي جنبات الترع والمصارف الصغيرة شريان الحياة .
وأدخلها إلي دار عائلته لتستقبلهما سيدة بالعقد الخامس من عمرها تدعي "أم الخير" وكأنما أخذت ملامحها الطيبة الخيرة من أسمها نصيب لتقودها لغرفتها وهي تحمل حقيبتها لتستدير "حور" متسائلة عندما وجدته يستدير للخارج علي وجهته " ح انام بالموندرة لا تخافي أنتي بأمان الله ثم بأمان أهل الصعيد حيخبوكي جوا عيونهم ويضللوا عليكي برمش العين نامي وارتاحي يا خيتي ولا تهابي شي"
وتركها وقلبها يرتجف من بهاء هيبته وبأنه كواحة أمان يحتمي به الغريق ولمن يبحث عن طريق وأمان ؛ وأستفاقت "حور" علي حوارات المارة باللهجة الصعيدية التي تختلف عن القصص الدرامية والمسلسلات ؛ فهي لهجة محببة للقلب كأصحابها ولم تفطن بأن النهار قد تجاوز صلاة العصر بكثير ويكاد يقترب من غروب شمس المغيب ؛ وأستغربت كيف أستغرقت في النوم للحين ؛ فهي لم تذق حلاوة النوم مثلما ذاقته تلك الليلة الصباحية .

وأخذت تبحث عن سبيل للأنتعاش وغسل وجهها لتجد ضالتها بجوار غرفتها لتغتسل لتدب الحياة بأوصالها وجسمها وأعضاءها ولترتدي عباءتها ذات اللون الكحلي تأدبا لهيبة المكان لتخرج تتلمس طريقها نحو أستكشاف المكان ؛ لتجد "أم الخير" مرحبة بها لتجد"حور" نفسها دون إرادة منها ترتمي بأحضانها لشعورها بأنها العوض عن أمها التي لفظتها لتتنعم بحياتها العابثة اللاهية تاركة أياها ليربيها غريب ؛ ودعتها لمأدبة شهية جدا من أكلات الصعيد اللذيذة مثل الكشك الصعيدي الذي يعد من القمح الكامل بعد تشكيله علي هيئة كرات تجفف ثم يطهي مع الحليب والمسلي البلدي ؛ وطاجن أو برام من الفخار تفوح رائحة المسقعة الشهية منه وبط وفريك " أش أش أيه الخير ده كله يا أمي .. انا أسفة بس أول ما شوفتك حسيتك بدل أمي " فأحتضنتها "أم الخير" قائلة :" ده يشرفني يا ست "حور" أكون أم لصبية متلك زي الجمر الله يديم فرحته عليكي يا بنيتي " لترتمي بأحضانها مرة آخري وتربت عليها بيديها الحانية وتدعوها لتناول الطعام قبل أن يبرد .
وتساءلت "حور" عن "يزن" : " سيدي "يزن" بيدور بالبلد من صباحية ربنا بيطمن علي خواته الاربعة في بيوتهم أصلهم اتوحشوه جوي جوي زي ما كل اللي فالبلد اتوحشته أصل سيدي "يزن" مافيش في حنيته أتنين وياما فتح بيوت وكمل سيرة ابوه سيدي "عبد الكريم" الله يرحمه والحاجة الكبيرة رحمة الله عليها مافيش صغيير ولا كابير الا يحبه ويدوب في حبه دوب ياما عيال يتيمة اتكفل بتربيتهم وعلامهم ده غير مساعدته للناس فالخفا الله يكرمه دنيا وآخرة بالك يا ست "حور" أمام الجامع كمل علامه بمساعدة سيدي "يزن" اتكفل بيه وكان دايما يقول أي عز أو ثروة تجيلي دي أمانة من ربنا بيحطها في يدي عشان اوصلها لأصحابها أخد من أبوه سيدي الكبير كل شي ربنا يحميه ويحفظه يارب كلي يا بنيتي سيدي وصاني اهتم فيكي " .
وهل الليل وأسبغ بظلمته الخافتة وليجتمع الرجال بمندرة الدار ليتصدرهم "يزن" بلهجته الصعيدية فهو كان نادرا ما يتحدث بلهجته الأم سوي في مواقف قليلة عندما تتملكه العصبية ؛ ومرت الأيام الأولي دون أن تراه وقامت بزيارتها أخواته البنات ؛ كم كن يحملن الكثير من اللطف والوداعة خاصة مع أصطحاب "هدي" شقيقته الصغري وليدتها "مليكة" فهي كانت مليكة للفؤاد والقلب لقد أسر حبها شغاف قلبها لرؤيتها وهي تغط في نوم عميق بين أحضان أمها لتتركها بين يدي "حور" التي أنبهرت بتلك اللحظة لتضمها إلي أحضانها ليدخل "يزن" يتفقدهم ويتوقف دون حراك أمام هذا المشهد البديع.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.