Tahani Muhsin

Share to Social Media

مشت ‘توليب’ طوال الطريق في صمت، وهي تردد في عقلها كلمات ‘جمال’..

‘توليب’ - لنفسها - … ” منك لله يا ‘حنان’ بسببك بقيت مهزلة قدام الكل. قولتي إن أخوكي طلب واحدة مش حلوة علشان يتجوزها وفكرت أنك كذبتي عليه أني مش حلوة حتى بس يقبل يتجوزني، وماصارحتنيش أنك فضحتي له بكل عيوبي !! ” …

مشت خطوات قليلة وفكرت مرة أخرى..

‘توليب’ - لنفسها - … ” وأخوكي خلاص قرر أنه يطلقني بعد ما عرفت مراته بجوازته ومابقاش لي أي لازمه. أنا دلوقتي حسيت بمعنى غياب الأب، لأنكم ماكنتوش هتقدروا تتجرأوا تخلوني لعبة بين إيديكم لو كان عايش. أنا غلطت لما وافقت على جوازي من أخوكي. كنت فاكره أني هقدر أقرب منه، ولو فشلت أكون راضية بأن اسمي ارتبط باسمه بقية حياتي !! ” …

احترمت ‘زهراء’ صمت ‘توليب’ لأنه من الصعب التحدث معها أثناء وجودهما في الطريق أمام الناس. وبعد ربع ساعة وصلتا للبيت. فتحت ‘زهراء’ الباب ودخلت مع ‘توليب’..

التفتت ‘توليب’ إلى ‘زهراء’ وتحدثت بعصبية..
‘توليب’ :- اسمعي، من بكرة أنا مش هروح للسيد ‘جمال’. فلو سمحتي بلغيه يشوف له ممرضة ثانية لأني هرجع القاهرة !!
‘زهراء’ :- مش وقته الكلام دا. أول حاجة ادخلي الحمام استحمي وانسي كل الكلام اللي سمعتيه منه !!

دخلت ‘توليب’ في نوبة من الضحك..
‘توليب’ :- ههههههه أنسى إيه ولا إيه؟ أنسى حقيقتي أني مابشوفش غير بعين واحدة؟ ولا أنسى رجلي اللي خلعها لي دكتور مستهتر بشغله ماعندوش ضمير؟ ولا أنسى أني بشعة زي ما بتقولوا عليا ؟!!
‘زهراء’ :- أنتي جميلة زي القمر ودا واضح للكل !!

هزت ‘توليب’ رأسها بعدم تصديق..
‘زهراء’ :- أنتي عارفة أن ‘حنان’ قالت كده علشان بس تقنع ‘عبد الحميد’ بجوازه منك !!

أنفجرت ‘توليب’ في البكاء وألقت بنفسها على أقرب كرسي..
‘توليب’ :- آه وأهم حاجة أنها فضحت له عيوبي قدامه وقالت له بكل الحقيقة !!
‘زهراء’ :- يعني ماكنتيش عايزه منها تقول له بالحقيقة؟  دا كان يبقى غش ؟!!
‘توليب’ :- الحقيقة بس أنه ماحدش بيقبل يتجوز من واحدة فيها عيوب خلقية ؟!!
‘زهراء’ :- أنتي شايفة اللي فيكي هم عيوب ؟!!
‘توليب’ :- أيوااا عيوب في مظهري وبنكسف منهم كل يوم !!!
‘زهراء’ :- لا يا ‘توليب’ أنتي غلطانة قوي، لأن دول مش عيوب، دول قوة، لأنك بتعيشي بيهم كل يوم وبتصبري على المشقة اللي بتعانيها منهم. ربنا هو اللي أختار لك تعيشي كدا، هل يعني هو بيظلمك؟ هل أنتي أقل من كل البشر اللي خلقهم؟ معاذ الله. هو أختارك أنتي مخصوص تكوني كدا لأنه بيحبك وعايز كل لحظة من عمرك بيعدي يكتب لك فيه أجر كبير. أجر الصبر على الإبتلاء (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) عايزه إيه بعد دا؟ ونبينا عليه أفضل الصلاة والسلام قال في المؤمن « حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» إذا كان ألم الشوكة لثواني فيها تكفير خطايا، فأنتي دلوقتي مع صبرك وشكرك لربنا على إبتلائك بتلاقي الحسنات نازلة عليكي، وفي نفس الوقت بيتكفر عنك السيئات في كل لحظة. دا أنتي يمكن تسبقينا وتدخلي الجنة وإحنا نفضل نتحاسب كثير. طبعاً علم الغيب عند ربنا لكن أنا بتكلم عن حاجة واضحة. ربنا مش ظالم، ربنا لما بيحب عبد يبتليه (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) الأنبياء هم أكثر البشر في الإبتلاء ثم الأمثل فالأمثل يعني أنتي قريبة من الأنبياء رضوان الله عليهم أنتي أفضل من كل الناس اللي هي معافاة، لأن الصبر من أفضل صفات المؤمن وأصعبها. وأنتي عارفة أنه مافيش إنسان من غير إمتحان، كل إنسان عنده حاجة ربنا بيبتليه بيها. ناس بتموت ولادها، وناس بتفقد أموالها، وناس بتعيش بين الحرب والخوف، وناس بتعيش وسط الفقر، وناس بتتألم من أمراض خطيرة، وناس بيحصل لهم حوادث وأصابات دائمة وعايشين، كل واحد بيكسب حسنات على قدر صبره. ربنا جعل الجنة هي الجزاء الوحيد للصابرين يوم القيامة (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) الفوز في الآخرة هو بشارة الصابرين !!

مسحت’توليب’ دموعها واستمعت إلى ‘زهراء’ بكل حواسها..
‘توليب’ :- يا رب أكون واحدة منهم !!
‘زهراء’ :- وأي حاجة في الجسد ماينفعش نقول عليه عيب لأنه خلقة ربنا، حتى لو حصلت له الحاجة بعد ولادته. العيب نقوله على إنسان لو شفنا منه صفة مذمومة، زي الحسد، النفاق، الطمع، النميمة وغيرهم، لأنه بيضر غيره طوال حياته. و“بعض” الناس فيها عيوب لكن من غير إردتهم، زي الكسل أو العصبية أو زي اللي بينسى كثير. فدول بيأذوا نفسهم أكثر ما بيأذوا غيرهم، فمحتاجين لحد قريب منهم يساعدهم أو دكتور حتى يتخلصوا من الصفة دي !!
‘توليب’ :- كلامك صح !!

اقتربت ‘زهراء’ من ’توليب’ أكثر..
‘زهراء’ :- ولو سابك ‘عبد الحميد’ هيجي إيه جنب رحمة ربنا. هو بشر لا بيقدم ولا بيأخر، هو عبد زي وزيك مستني تنزل رحمة ربنا عليه. عليكي بالصبر يا بنتي، الصبر، وإن شاء الله ربنا هيجازيكي خير الجزاء. الدنيا دي حلم وهيجي اليوم اللي نفوق منها بموتنا (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ) إختاري الاخرة لأنها الحياة الحقيقية !!
‘توليب’ :- حاسة دلوقتي برحمة ربنا علينا وضعف البشر قدامه. دلوقتي مابيهمنيش أي حاجة في جسمي !!
‘زهراء’ :- أيوة كدا عيشي حياتك بحلوها ومرها، كلنا ماشيين من دي الدنيا الصعبة وهنروح إن شاء الله للسعادة الأبدية في الأخرة !!

فكرت ‘توليب’ قليلاً..
‘توليب’ :- لكن ليه فضحتني ‘حنان’ قدامه؟ دي كانت أسرار بينا وكل اللي عرفوا منه أكيد دلوقتي بيضّحكوا عليا ؟!!
‘زهراء’ :- ‘توليب’ هنرجع من ثاني؟ أكيد ‘حنان’ ليها أسبابها لما صارحت ‘عبد الحميد’. ماينفعش تحكمي عليها من قبل ما تسمعي إيه هي مبرراتها. وأنتي تعرفيها من سنين طويلة، هل شفتي منها حاجة وحشة ؟!!
‘توليب’ :- عمري، هي دائماً واقفة جنبي !!
‘زهراء’ :- يعني هو يصح من موقف واحد تنسي كل الحاجات الحلوة اللي شفتيه منها ؟!!
‘توليب’ :- لا مايصحش !!
‘زهراء’ :- وبعدين قولي لي إيه كان هيكون شعورك لو قالت لك ‘حنان’  في وشك إنها قالت له فيكي كذا وكذا. مش ده كان يبقى قلة ذوق منها ؟!!
‘توليب’ :- أيوة. ‘حنان’ دائماً حنينة !!

ابتسمت ‘زهراء’ بعد أن رأت ابتسامة الرضا على وجه ‘توليب’..
‘زهراء’ :- ودلوقتي يلا روحي استحمي علشان تهدي نفسك، وصلي ركعتين لربنا، وأدعي وقلبك موقن بالإجابة، وإن شاء الله هتلاقي ‘عبد الحميد’ واقع بين إيديك.  ثقي بربنا دائماً وماتفقديش الأمل من روحك، وافتكري وأنتي بتدعي ربنا إن الله مع مين ؟!!
‘توليب’ :- (إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) !!
‘زهراء’ - بابتسامة - :- صدق الله العظيم !!

ابتسمت لها ‘توليب’ بسعادة وذهبت لتغتسل..
وصلت ودعت الله من أعماق قلبها..
أن يجعل لها نصيباً من الحب..
في قلب ‘عبد الحميد’..

              ♡•♡•♡
1 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.