Tahani Muhsin

Share to Social Media

نظر ‘جمال’ إلى ‘توليب’ من الأعلى إلى الأسفل، وتفحصها بنظرة شاملة ورأى أنها امرأة عادية لا يوجد بها أي عيب. فهمت ‘توليب’ نظراته..
‘توليب’ :- اللي بتفكر فيه يا سيد ‘جمال’ حقيقي، لكن أنا بحاول على قد ما أقدر أكون طبيعية قدام الناس. ومش عايزه نتكلم في دا الموضوع، لأني مابحبش يسألني حد عنه !!

رأى ‘جمال’ أنه من غير اللائق أن يسألها عن العمى والعرج الذي تعاني منهما، لكنه شعر بالكراهية تجاهها رغماُ عنه لأنها ضرة ابنته..
‘جمال’ :- سامحيني، ماتفكريش أني ممكن أفرح لك أنك ضرة بنتي. أنا في الأول والأخير أب يهمه مصلحة بنته أكثر !!
‘توليب’ :- مش مهم تحبني أو تكرهني، لكن بحب أسمع منك وعد أنك مش هتقول لـ ‘عبد الحميد’ عن حقيقتي حتى أتأكد أنه عارف أو لسه !!
‘جمال’ :- أكيد سرك هيكون في بير، لكن أنا بحب أسالك أنا شايفك ست عادية وحلوة كمان ما شاء الله، فإيه اللي جبرك بجوازه زي دي ؟!!

فكرت ‘توليب’ في الرد عليه باختصار بعد أن علمت بكراهيته لها..
‘توليب’ :- مافيش حاجة تجبرني أعمل ضد موافقتي !!
‘جمال’ :- قصدي هتستفيدي إيه من جوازك من ‘عبد الحميد’؟ الفلوس ولا السمعة ولا الإثنين ؟!!
‘توليب’ :- لا ده ولا ده، الحمدُلله والدي ضمن لي أعيش حياة كريمة. وأخذت منه أسم عيله أفتخر بيه قدام كل الناس !!
‘جمال’ :- والدك مات بنفس مرضي صح ؟!!

خفضت ‘توليب’ رأسها..
‘توليب’ :- أيوة !!
‘جمال’ :- وأكيد دلوقتي بتقولي في نفسك هو ليه عايش ووالدي مات ؟!!

نظرت إليه ‘توليب’ بذهول من تفكيره..
‘توليب’ :- إزاي جاء في بالك أني ممكن أفكر بتفكير زي دا ؟!!
‘جمال’ :- لأني لو كنت مكانك كنت هفكر كده !!
‘توليب’ :- تقصد أنك دلوقتي بتتمنى ليا الموت ومايجراش حاجة لبنتك ؟!!
‘جمال’ :- مش بالطريقة دي، لكن كل الناس تفكيرها كده، يعني الخوف على عيلتهم بيخليهم يفكروا كده ويمكن أكثر كمان !!
‘توليب’ :- ماتخوفنيش دا يبقى تفكير أناني قاتل. إحنا مؤمنين بأن الموت والحياة والقدر بالخير أو الشر بإيد ربنا عز وجل بس. وأحب تعرف أني بدعي لك ربنا طول الوقت أنه يشفيك، ويفرح عيلتك بشفائك ؟!!
‘جمال’ :- أنا حاسس بده !!
‘توليب’ :- عايزة أقول لك على حاجة. والدتي ماتت وأنا عمري 5 سنين وعمر أخويا 11 سنة, لكن والدي رفض أنه يتجوز بعد وفاتها حتى يقدر يربينا أحسن تربية ويعوض غياب الأم في حياتنا. أنا تعلمت منه كل حاجة وأنا بشوفه إزاي بيتقي ربنا في كل خطوة وتصرف كان بيعمل بيه في حياته. والدي كان الأب والأم لينا. ولما مات أخويا من خمس سنين، مافكرتش لو حد ثاني كان مات بداله، لأني مؤمنة بقضاء الله ومطمئنة أن الأرواح بتروح للي خلقها. الخوف بس لو نموت وإحنا مقصرين أو عاصيين، وربنا غاضب علينا. ووالدي لما مات، كنت راضيه بوفاته لأنه قام بجميع واجباته معايا. وأنا قمت بواجبي معاه في حياته، ولسه بستمر أكمل واجبي بعد وفاته. ومطمنة أنه مات بوقته اللي كتبه ربنا ليه. فماتفكرش ولو لثانية واحدة أني ممكن أفكر بأي شر ليك. أنا دلوقتي خايفه أنه ممكن في ناس زيك بتفكر بالشر لغيرها !!

خجل ‘جمال’ أمامها من تفكيره الشرير وحاول تغيير حديثهما..
‘جمال’ :- طب ممكن أعرف إيه اللي جبرك تتجوزي ‘عبد الحميد’؟ خدمة لصحبتك ‘حنان’ ؟!!
‘توليب’ :- بتسمي جوازي من أخوها خدمة؟ الجواز هو ارتباط وثيق بين اثنين قدام ربنا. أنا مش هستخف برباط مقدس علشان أخدم حد !!!

أعجب ‘عبد الحميد’ بكلام ‘توليب’ وهو واقف بجانب الباب..

‘عبد الحميد’ - لنفسه - … ” كويس خليه يشوف بنفسه الفرق بين تربيته لبنته وتربيتها. بتجيب له دروس في الصميم !! ” …

شعر ‘جمال’ وكأنه يصغر أمامها في كل لحظة..
‘جمال’ - بعصبية - :- طيب ردي على سؤالي بإجابة واضحة ؟!!
‘توليب’ :- أنا رديت عليك وقولت لك أني ماتجوزتش ‘عبد الحميد’ لأني عايزه فلوس ولا اسم أو سمعة، ولا زي ما بتقول حتى أخدم حد، أنا تجوزته لأني بحبه. حبيته من 12 سنة وماقدرتش أحب حد غيره رغم أني ماقابلتوش ولو مرة واحدة، وكتمت حبي ليه في قلبي لأني ماحبيتش تتأثر صداقتي مع ‘حنان’ !!
‘جمال’ :- بتتكلمي جد ؟!!

سرحت ‘توليب’ في ذكرياتها..
‘توليب’ :- قضيت 12 سنة من عمري أدعي ربنا أنه يجمعني بيه ولو لمرة واحدة أشوفه بس، وبعدها هكمل حياتي على ذكرى اليوم دا. أنا يا سيد ‘جمال’ بقيت مجنونة بيه لأني كنت بحس أنه جنبي وبشوفه قدامي وبتكلم معاه وبيساعدني أتحمل حزني على تعب والدي !!

ابتسم ‘عبد الحميد’ بغرور لحبها له..
‘عبد الحميد’ :- بتفكر فيا طول الوقت يعني أنا موجود في بالها 24 ساعة !!

‘جمال’ :- وإبه مستنيه من حبك الإفلاطوني دا؟ امتى هتعترفي له بحقيقتك ؟!!
‘توليب’ :- مش هعترف له خالص. أنا وافقت على شرطه أنه مايشوفنيش وراضية أكمل حياتي وإحنا متجوزين على الورق بس !!
‘جمال’ :- طب إيه اللي جابك هنا ؟!!
‘توليب’ :- نعم !!!
‘جمال’ :- قصدي ليه جيتي هنا وأنتي موافقة على شرط ‘عبد الحميد’ !!
‘توليب’ :- فكرت أن دي فرصتي الوحيدة اللي هقدر أحقق فيها رغبتي أني أشوفه عن قرب !!
‘جمال’ :- يعني مش هتدعي ربنا أنه يقبل بك ويحبك ؟!!
‘توليب’ :- أنت بتسخر مني! أكيد بدعي ربنا وهفضل أدعي، وربنا قادر على كل شيء، أنا كل أملي أن ‘عبد الحميد’ يحس بمقدار حبي ليه. والدعاء لله معناه أننا صابرين على قدره وراضيين بقضاءه !!
‘جمال’ :- عندك قدر كبير من الإيمان !!
‘توليب’ :- أتمني أني أكون زي ما بتقول !!
‘جمال’ :- يعني توعديني أنك مش هتقولي لـ ‘عبد الحميد’ بحقيقتك ؟!!
‘توليب’ :- من غير ما أوعدك، أنا عاهدت نفسي أني ماأقولش لـ ‘عبد الحميد’ بحقيقتي غير لو قال لي وسمعت أنه بيحبني !!
‘جمال’ :- يعني أنتي بجد مش عايزه تاخذي مكان بنتي وتتمتعي بفلوس والدها وجوزها ؟!!

نظرت إليه ‘توليب’ بحزن وفكرت في أعطائه درساً..
‘توليب’ :- أنا غصب عني أخذت مكان بنتك، بس مرة واحدة ومش ندمانة عليها، لما شفتك بتموت وهي واقفة تتفرج عليك بأعصاب باردة، أنا اضطريت أخذ مكانها لأني خفت عليك فجريت أنقذ حياتك. وأرجوك تسامحني على كلامي، لكن عايزاك تعرف أن والدي عمل علشاني كثير أكثر مما عملته لبنتك. والدي قضى كل وقته معايا وعرف يربيني وفضل جنبي يعلمني حتى كمل رسالته في الحياة وسابني. وأنت نسيت رسالتك وفكرتها بس تخطيط لمشاريع وزيادة فلوس، ونسيت بنتك وقصرت في حقها وحاولت تعوض غيابك بالفلوس والهدايا الغالية. خليتها تفهم أن سعادتها مابتجيش غير بالفلوس. بنتك بسببك بقت بتحب الفلوس أكثر منك وبتفكر إن مافيش حاجة في الدنيا أهم من الحاجات المادية !!

شعر ‘عبد الحميد’ برغبة قوية في التصفيق لـ ‘توليب’..
‘عبد الحميد’ :- بس كل ده مش هيرحمك مني. أستنى لدورك تأخذي الدرس مني !!

‘توليب’ :- ودلوقتي يا سيد ‘جمال’ عايزاك تفهم أني مش عايزه منك أي حاجة غير أنك تفتكر خدمتي ليك أنه جميل مني، وبطلب منك ترد الجميل، أنك تخبي حقيقتي عن ‘عبد الحميد’ وحتى لو كانت دي رغبتك كمان أني أبقى بعيدة عنه !!

هز ‘جمال’ رأسه بصمت وشعر بإحتقار لنفسه الأنانية..
لأنه نسي أهم جميل في حياته..
إنقاذ روحه الغالية..
من أي شيء في الدنيا..
من الموت..

༺♡༻
1 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.