Enasmhanna

شارك على مواقع التواصل

دلفت نور إلى المنزل وقد تعالت وتيرة نبضات قلبها بعد عرض كريم المفاجئ بالزواج منها، لم تتوقع أن تؤول الأمور إلى هذا النحو...لم تنكر أنها استمتعت إلى حد ما باعترافاته سابقاً وبلهفته عليها ومساعدته بل واستغلتها على قدر استطاعتها...نوع من غرور أنثوي كونها مدللة العائلة، محاطة منذ صغرها بمن يقومون بتدليلها ومسنادتها ...
تواجهت مع والدتها في الصالة فألقت السلام بعجالة  لتهرب لكن عبير نادتها ...
-توقفي...ما الذي جرى.
تمهلت واستدارت ناحية والدتها واجابتها بتوتر: -لقد...أظن أنني أجبت على معظم الأسئلة .
كتفت عبير ساعديها وأكملت: وبعد....مع كريم ما الذي جرى.. أين جلستما وبماذا حدثك؟
امتقع وجهها وهمهمت باضطراب:لا..لاشيء  أوصلني إلى هنا فقط .
-نور!
هتفت فيها عبير وهي ترفع حاجبيها فهزت نور راسها برفض :
-انا..أنا متعبة واحتاج إلى الراحة أرجوك .
و هرعت من فورها ناحية غرفتها لتستلقي على السرير أغمضت عينيها باستسلام فهي حتى لا تقوى على التفكير بما قاله لها، هي سعيدة اليوم فقط لانتهاء فحوصات الثانوية ولاقتراب موعد زواج مراد واليسا ، تذكرتها فنهضت من على السرير فجأة واتصلت بها لتطلب منها الحضور..ربما كانت اليسا لا تفهم بهذه المواضيع وحتى لو أخبرتها نور عن حقيقة مشاعرها والتي حتى هي لا تعرف ماهي ..
اليسا لن تستوعب...حين يتعلق الأمر بالحب والزواج تصبح اليسا مبرمجة على أقوال مراد التي زرعها بداخها..
لبت اليسا الدعوة فعلاً و انشغلت الفتاتان بالثرثرة كعادتهما بالتجهيزات للحفل ...بعد صمت قصير أخبرتها عما قاله كريم، لتصفر اليسا بمرح وتجيب :
-اه جميل جداااا ، ما الذي فعلته انت ؟
زفرت نور وقلت بضيق : لا شيء ...طلبت منه أن ان يقلني الى المنزل .
عقدت اليسا حاجبيها وتسائلت : نعم !!! ألست سعيدة ؟ ما قرارك بشأنه هل ستوافقين ! إنه شاب رائع ...وسيم وقوي و...
ضحك نور وهي تشوح بيدها على حماس اليسا:
-لا لم أفعل اهدئي قليلاً... انا مرتبكة، ما زلت صغيرة  ًعلى الزواج ...أريد أن أعيش حياتي لحظة بلحظة ،الدراسة ..الجامعة .. العمل ثم الحب والزواج ومسؤولياته 
قهقهت اليسا وقالت بمرح : اه ما زلت صغيرة فعلاً على الزواج .
ضربتها نور على كتفها بانزعاج :
-اخرسي اليسا، انت حمقاء ذاتاً ولا أريد أن اتورط بالمسؤوليات من الآن كما فعلت انتِ..الزواج بحد ذاته ورطة...فما بالك بمن ستتزوج بمراد!
دارت عينا اليسا للطرف المقابل وابتسامة شاحبة ارتسمت على ثغرها ..

-ماما تقول أنه وقت مثالي للزواج وهو زوج لا يعوض....ومراد  يقول أنني لم أعد صغيرة إذن ما من مشكلة .
عقدت نور حاجبيها وحدقت فيها بتمعن:  وأنت...ماذا تقولين ...اكيدة بأنك لن تظلي تنجرين دائما لأقوال الماما ومراد ...أين شخصيتك أنت ..حاولي البحث عنها وسط هذه الفوضى اليسا ..انت فعلا لم تعودي صغيرة لكن ليس على الزواج بل على أن تكون لك شخصية مستقلة واعية ومدركة بأن حياتك لا يجب أن تسير على أفكار وتعليمات الآخرين .
انكست اليسا برأسها تبحث عن قرار واحد اتخذته هي ...من تلقاء نفسها..عدا العابها او ارتداء الفساتين التي تحبها..لكن حتى الفساتين  كانت بأحيان كثيرة تقيدها آراء والدتها ثم مراد .

هزت نور رأسها بيأس ..لكنها انشغلت أيضاً  باضطرابها الداخلي وكلمات الجميع على أن كريم شاب لا يعوض.. ولا تعلم لما اقتحم آدم عقلها فجأة بكلماته الوقحة في أحيان كثيرة وبنظراته التي باتت تخجلها ..وبشعور غريب يتسلل الى قلبها ناحيته لكنها لم تفهم بعد ما هو ! وبلا إرادة منها تخيلت موقفه تجاه الأمر !
هل سيوافق وهو قد التحم مع كريم بعراك لمجرد قبلة على كفها!
وطرق باب غرفتها وهي ما تزال سارحة بتفكيرها، هزت نور رأسها برفض وضحكت بذهول وهي تتخيل عراكا أقوى وأعنف إن وافقت على كريم ...نهضت اليسا وفتحت الباب...
فألقى السلام عليها وتقدم خطوتين ناحية نور ليطمأن لكن نظراتها جمدت عليه بذهول وهي شاردة فيه تشكل امامها في لحظات، تبسم آدم باستغراب جراء نظراتها الغريبة ونادى : نور ...!!
فاتفضت نور فورًا من على السرير بعدما تنبهت لنفسها وهتفت بارتباك : آدم !
ضحك قائلاً : لا خالته !! بم كنت شاردة ؟
-لا شيء .
ضحكت أليسا وقالت بمكر : لا تكذبي واعترفي بأنك تفكرين بكلمات كءءءءءء .
قذفتها نور بالوسادة وهتفت :هيييييي !.
قطب آدم حاجبيه ونقل بصره بينهما لكن نور قالت بمرح : كيف حالك ..

ما زالت نظراته ترتكز عليها وقد شعر بارتباكها البادي وهو يعلم حق المعرفة انها كانت صباحاً بصحبة كريم، هز رأسه باقتضاب دون حتى أن يستمع لكلماتها قائلاً : بخير..نتحدث لاحقاً.
وخرج من الغرفة لتتقدم منها نور وترمي الوسادة عليها بحنق :أنتِ غبية !
فعاودت اليسا رميها بها و تعالت ضحكاتهن لتبتدأ حرب الوسائد بين الفتاتين ، أما آدم فصعد مباشرة الى شقته وفكره ما يزال معلقا بكلمات اليسا المبتورة ..

****

حل صباح اليوم التالي فتجهزت جمانة لمباشرة عملها في الشركة، ارتدت قميصاً أبيض عريض وبنطالا أسود ذا جيوب كثيرة وعقدت شعرها القصير بدبوسٍ بسيط واكتفت بالقليل من الكحل ثم توجهت ناحية الشركة..
دلفت الى الداخل تجول بعينها الموظفين حتى  التقت بالموظفة فرح التي حدجتها بنظرة استغراب على لباسها ثم اشرق وجهها بابتسامة صافية واقتادتها ناحية مكتبها  ...

اتسعت ابتسامة جمانة وهي ترى هذا المكتب الأسود الأنيق وتسائلت بينها وبين نفسها : إن كان مكتب السكرتيرة بهذا الجمال فكيف هو مكتب المدير !!
قاطعت فرح شرودها وأردفت : زميلتنا السابقة كانت حامل في شهورها الآخيرة فتركت العمل بعد شعورها بالتعب والإرهاق ..ستتخذين مكانها
سأعلمك الان أساسيات العمل، وانتبهي جيدًا  السيد يحب الدقة في المواعيد، والنظام و ..
صمتت تحدق فيها من اعلى إلى اسفل واردفت بتردد: و..وطريقة اللباس.
أجابتها جمانة باستنكار :
-أي أن ملابسي لا تليق..
تنحنحت فرح وأردفت : يشترط أن  نلتزم بنوعية ألبسة خاصة كما تعلمين.. شخصيات كبيرة وذات مكانة مرموقة يحضرون إلى هنا كل يوم عند المهندس رضوان .
أومأت لها جمانة على مضض وشرعت فرح في تعليمها أساسيات العمل  وتعريفها بملفات المشاريع وأماكنها ثم قالت : لديك الآن هذا الملف انسخيه على الحاسوب ،
وأردفت بحبور انتهينا الآن سيصل سيد رضوان في أية لحظة ويجب عليك تسليمه عند الساعة الحادية عشرة، بالتوفيق .

شكرتها جمانة تلمست المكتب باصابعها وسارت عليها بابتسامة لم تقدر على كبحها..ثم  غرقت خلف المكتب الكبير  حين جلست ! ما كادت تباشر العمل حتى دلف رجل في منتصف الخمسينيات ذو هيبة ووقار ...شعرت باكماش جسدها وهبت واقفة أمامه والقت التحية ليردها في ابتسامة بشوشة: أنت إذن السكرتيرة الجديدة ..
نعم ..نعم سيد رضوان ..انت هو السيد رضوان صح؟
ازدادت ابتسامة رضوان وهز رأسه : نعم يا ابنتي ...أنا رضوان او بإمكانك مناداتي مهندس رضوان..فلم افني أكثر من عشرون عاماً من عمري كي يلقبونني بالسيد بدلا من المهندس .
كبحت بسمتها الخجلى وهزت رأسها : آشفة ...سيدي ..ال .. المهندس رضوان أعتذر .
تعالت ضحكاته وهو يدلف إلى مكتبه الذي يقع بالجهة اليمنى من مكتبها... وما يزال المكتب الذي يقع بالجهة اليسرى مغلقا ..
ولم تكد تعادو الجلوس حتى طلب منها رضوان فنجانا من القهوة المرة .

سلمتها له وبدأت تعيد قراءة الملف الذي أمامها على الطاولة ...السيد رضوان رائع رائع يا جمانة وقعت واقفة هذه المرة !
تمتمت بانشراح وشرعت بنسخ الملف
على الحاسوب حتى سمعت صوت خطوات رشيقة تقترب، تنحنح رجلٌ أمام المكتب لترفع وجهها رويدًا رويداً ، لتتأمل الجسد الرشيق و البنطال الأسود الأنيق وقميصٍ أبيض ناصع نظيف بطريقة تؤذي العين !  وربطة عنقٍ رمادية ..حدقت فيه وصولا إلى الرأس ...
عند الوجه الأسمر تحديداً هبت واقفة وقد اشتعل وجهها من الغيظ عندما استند بكفيه على الطاولة وقال بابتسامةٍ صافية وهو يميل ناحيتها بعينين تتوهجان :
- ابتسمي...لسنا في مقهى النكد النسائي ..
-أنت ماذا تفعل هنا؟!! .
نطقتها جمانة بدهشة لكن مراد تجاهلها وتوجه إلى مكتبه الذي يقع اليسرى ! فصرخت فيه بجزع وهي تنهض من خلف المكتب وتقبض على ساعده:
ما الذي تفعله هنا ...كيف تجرؤ !اخرج قبل أن تتسبب بطردي من هنا أيضاً أيها المتحرش المجنون.
توقف مكانه متفاجئا واستدار ناحيتها ليحدق بعينيها المرتعبتين بينما شهقت فرح من خلفهما بصدمة:
-جمانة ...ما الذي تفعلينه يا مجنونة إنه المهندس مؤ مؤ! تلعثمت فرح وهي تتقدم ناحية جمانة التي شحب وجهها وانتزعت مخالبها عن ساعده فهندم قميصة قائلاً:
-الابتسامة بوجه من تقابلينه من الأساسيات في شركتنا آنسة جمانة ....و ...والاحترام أيضاً.
ثم قال وهو يخطو داخل المكتب:  أنهي الملف وسلميه لي عند الحادية عشر بالضبط .
اغلق الباب من خلفه لتضربها فرح بعفوية : أأنت مجنونة؟!
لقد ..لقد رأيته يدخل ولم أعتقد ظننته أحد ال...
أمسكت فرح جبهتها وتنهدت: من سيجرؤ على الدخول بهذه الجرأة الى المكتب إن لم يكن المدير أو ابنه  ألا تفكرين! انهي الملف بسرعة أرجوك كنت ستتسببين بمصيبة من ساعتك الأولى في العمل   !
-هل...هل هذا الكائن الطفيلي ابن المهندس رضوان ؟
كائن طفيلي جمانة!!! كائن طفيلي !!
غادرت فرح وهي تمسك برأسها فضربت جمانة بكفها على الطاولة وهي تتمتم بسخط (هذا كثير فعلاً !!)
ارتمت على الكرسي  وكم تمنت أن تلكم وجه ذلك المتعجرف، تبسم مراد وهو يجلس على الكرسي متذكرا تعابير الصدمة التي احتلت وجه تلك الجنية !.
مسد ساعده وهو يضحك: جنية بمخالب طويلة !
طرقت جمانة  الباب بعدما انتهت من كتابة التقرير المكتوب بخط اليد و تنسيقه و طباعته تقدمت الى الداخل بتردد، كان واقفاً أمام الطاولة البلورية المضاءة و قد رفع أكمام قميصه وتساقطت شعيراته بعشوائية على جبهته  منهمكاً يرسم على الورق الخطوط الأولى للمشروع الجديد . تقدمت ناحيته وقالت بجدية : -الملف جاهز .
رفع وجهه عن المشرع وانفرجت تقطيبة حاجبيه : ضعيه على المكتب واحضري القهوة تتذكرين كيف اشربها صحيح.
اجابته بجمود: حلوة كالعسل.
- بل أشد حلاوة من العسل .
ثم أشار الى شفاهه : الابتسامة رجاء، أتشائم من الوجوه الأنثوية العابسة .

ضيقت عينيها أكثر ووضعت الأوراق على المكتب  همت لتغادر لكنها توقفت قائلة قبل أن تنفجر : -هل لنا أن نتحدث قليلاً .
اعتدل بوقفته ثم رمى القلم على الورقة قائلاً : -تفضلي .
ركزت ببصرها عليه وقالت بثبات : لا أتذكر أني اتصلت سابقاً بشركتكم ولم أضع معلومات عني في أي شركة اتصلت بها حتى للعمل، من أين حصلت على رقم هاتفي ومعلومات عن دراستي ؟
ثم ضحكت بتكهم وأردفت : أنا حتى لا أعرف اسمك !

تقدم أكثر ليجلس خلف المكتب وقال بجدية : اجلسي لنتحدث جمانة.
ترددت قليلاً ثم جلست على الكرسي الجلدي كان عاليا لدرجة انها حين استندت لظهره تعلقت قدماها بالهواء فانزلقت قليلاً إلى الأمام كي تثبتا على الأرض...كتم بسمته وهو يتأملها كطفلة متمردة تجلس أمام والديها! :
- أخذت الرقم ومعلومات عنك من صاحب المقهى الذي كنت تعملين فيه ...السيد خلدون
قطبت حاجبيها وتساءلت : لماذا !؟
-لنقل ....كتعويض عن المشكلة التي سببتها لك بدون قصد وأدت الى انقطاع رزقك، لم أكن راغباً بأن تتخذ الأمور هذا المنحى، هذا أولاً ، وثانيا لأنني فعلاً أحتاج لسكرتيرية وسبحان الله ... القدر أوقعك بطريقي بطريقة ما بعدما استقالت الموظفة   .
نهضت وقالت بهدوء :
-إن كان عملي هنا كتكفير عن ذنب فأنا لا أريده لا أحتاج شفقة من أحد.
هز رأسه نافياً وقال بتململ : أخبرتك أني احتاج لسكرتيرة لن أوظفك حتماً  كنوع من الشفقة لم ألملم أموالي من الشجر أنا ! .
ثبتت كفيها على طاولته واحنت جذعها للأمام قائلة بحدة :بإمكانك جلب سكرتيرة متمرسة ،
نهض بدوره وثبت كفيه على الطاولة واقترب كذلك منها قائلاً بخبث : وأنا أريدكِ أنتِ ..
وصححها بهدوء مستفز:  للعمل معي ،على الأقل لتحسين وضعك المادي .
-وضعي المادي جيد جداً بالمناسبة .
تبسم قائلا بتهكم وهو يتوجه نحوها : فعلاً !! إذن أبلغي سلامي للسيد مسعود .

جحظت عيناها  بسخط :مسعود!!! وصلت لمسعود أيضاً ..
قهقه وهو يرجع رأسه للوراء بتسلية: ووصلت لأم مسعود ولأب مسعود وحتى لمختار الحارة ...
لوحت بكفها امامه:
-كف عن العبث...ما الذي أخبرك عنه مسعود الزفت .
ضيق عينيه وطال تحديقه بها وهمس بصدق :
- سبحان الله ! جميلة حتى بفورة غضبك ! .
رمشت بعينيها بارتباك وهمهمت : أنت ....أنت فعلاً لا تطاق !
ليجيب ببساطة :
- تقولها أمي دائماً .

ولأول مرة ترى نفسها ضعيفة أمام أحدهم ولم تستطع الرد على كلماته وطريقته الاستفزازية..فاز هذا المراد بالجولة الأولى !.
اعتدلت بوقفتها بكبرياء واستدارت لتغادر فتراجع وارتمى على الكرسي من خلفه وعندما وصلت أمام الباب نادى وهو يشعل سيجارا ً: لا تنسي احضار القهوة .

تنفست بغضب دون حتى أن تستدير ناحيته وضربت الباب بعنف من خلفها ليقهقه بتسلية :
-يبدو أنني سأفكر  بالثانية قبل أن أتزوج بالأولى !
ثم تمتم وهو يرجع رأسه إلى الوراء : يا أجمل جنية رأيتها بحياتي !
بعد دقائق رن هاتفه معلنا وصول رسالة، قرأها ثم اتصل بإليسا من فوره ...
طرقت جمانة الباب وخطت إلى الداخل لتضع فنجان قهوته، تطلع فيها وهو يحادث اليسا :
-أخبروني أن فستانك أصبح جاهزاً... سيوصلونه بعد قليل جربيه وإن احتاج لتعديل سيقومون به فورًا .
أغلق الخط وقال فوراً لجمانة قبل أن تغادر :
-أخبريهم بأن الاجتماع سيتأجل إلى الساعة الثالثة .
أومأت له وضمت الصينية إلى صدرها وهمت بالانصراف لكنها توقفت فجأة : لكن من هم .
لوى شفاهه ساخرا : -أولاد الجيران !!
شوح بيده : لا عليك أخبري فرح وهي ستتولى الأمر .
- حاضر .
توجهت جمانة  ناحية الباب وهي تبتسم فبرغم كل مساوئه يبدو ظريفاً هذا المهندس الذي لم تعرف اسمه حتى الآن !
توقفت قبل أن تغلق الباب ورجعت ناحيته تتسائل .
-لا يبدو الأمر منطقياً لكني لم أعرف اسمك بعد .
وضع فنجان القهوة على الطاولة  وأجابها :
- مراد ..مراد المنصور"
أومأت له ثم غادرت وأغلقت الباب خلفها .
و اتجهت ناحية فرح لتخبرها بشان تأجيل اجتماع أولاد الجيران !!

بعد ليلتين ...تجهز رضوان وعائلته للذهاب لزيارة شقيقه محمد، عرض رضوان على آدم الذهاب معهم لتصفية الخلاف بينه وبين كريم لكنه رفض الذهاب بحجة أن أصدقائه سيقومون بزيارته هذه الليلة
وصلت العائلة إلى منزل محمد الذي استقبلهم بحفاوة أما زوجته فانهالت على وجنتي نور بسيل قبلات متلاحقة وهي تقول : بسم الله وماشاءالله ،تبدين كالقمررر..

فتلاقت نظرات رضوان و عبير ليفهما المقصد وكريم من الطرف الآخر يتأمل تعابير وجه نور الخجلة ويرحب بعمه كذلك ..
وجلس الجميع أمام الطاولة البلورية في الحديقة أمام حوض السباحة الكبير .
وبعدما اندمج الجميع في الأحاديث سحبت رهف نور من يدها لينزويا بعيداً عن الجميع . لتجلسا على الأرجوحة في الحديقة، كانت رهف شقيقة كريم تكبر نور بثلاثة أعوام تقريبًا ، ارتمت على الأريكة الأرجوحة وقالت ضاحكة : تصرف والدتي كان مبالغٌ فيه كثيراً أليس كذلك .

أشاحت نور بنظراتها عنها وقالت بارتباك : تصرفات الجميع باتت غريبة في الآونة الأخيرة !.
لكزتها رهف بخفة مجيبة :  أصبحتِ بسن الزواج فتحملي قبلات النساء العجائز ومدحهن من الآن وصاعداً ، مررت بتلك الحالة قبلك لكني تصديت لها بضراوة .

تعالت ضحكاتهن أكثر هذه المرة فتنحنح كريم غامزاً لشقيقته لتبتلع نور ضحكتها فجأة وهي ترفع وجهها ناحيته ، نهضت رهف قائلة :
-ياربي ....شعرت بعطش مفاجئ، سأجلب العصير ...
أمسكتها نور من طرف ثوبها كي لا تتركها بمفردها لكن الأخيرة سحبت ثوبها من يدي نور التي توعدتها، وبعد مغادرة رهف جلس كريم أمامها على الطاولة الصغيرة وقال هامساً : -كنت لا تجيبين على اتصالاتي طيلة الأيام الماضية ؟
أحادت بنظراتها عنه :لم أنتبه فكما تعلم نحن مشغولون بتجهيزات الفرح .
- لم ...يكن لقائنا السابق كما خططت له لكن الأيام قادم..سأقوم بتعويضك.
قالها برقةٍ لتتبسم مبعدةً نظراتها عنه ليردف مجدداً
-نور .

التفتت اليه فقال بحنو : أقدر خجلك مني خاصة بعدما بحت عن مشاعري ، لكني فعلا أتمنى أن تعودي كما السابق معي ، بعفويتك وضحكاتك ،أزيلي ذلك الحاجز، اشعر وكأن شيئاً ما كسر من ناحيتك تجاهي .
يا الله ! هذه هو حديث آدم يتكرر بصيغة أخرى!
نهضت عن الأريكة وقد دوختها ارجحتها المستمرة وقفت أمامه و رفعت وجهها ناحيته وقالت بجرأة: صحيح..كان التعامل معك أسهل كم
معاملتي وعفويتي مع الجميع والآن ....صرت أحسب الكلمة قبل أن انطقها.
أمسك بساعديها راجياً:
- لا نور.. إياك..لا تخجلي مني ..ابقي كما أنت..عشقتك كمان انت بعفويتك..ببراءتك ووضوحك.
رفعت حاجبيها بانزعاج فأفلتها رافعاً يديه باستسلام:
-وبالمناسبة ...الجميع باتوا يعرفون وينتظرون قرارك ولربما الآن هم يتحدثون بموضوعنا .
فقالت بعتاب وهي تسير  : موضوعنا! لما تسرعت بإخبارهم ، لست مستعدة الآن للتفكير بهذه الأمور .
جارى خطواتها مستغرباً:
-ماقصدك ؟
تنهدت مجيبة : أريد الآن استكمال دراستي كريم، لست مستعدة للارتباط بعد الموضوع ليس بهذه السرعة والسهولة التي تتصورها.
شد بقبضتيه على بعضهما متسائلا ً: لست مستعدة للارتباط أم أن اعتراضك عليّ تحديداً ؟ .

وبعيدا عنهما كانت والدة كريم تبتسم بسعادة وهي تهمس لعبير : أترين كم يلائمان بعضهما ، ماشاءالله وكأنهما خلقا لبعضهما فعلاً .
أومأت لها عبير وأجابت : لكن كما اتفقنا رجاءً لا أريد أن اضغط عليها الآن فهي تمر بمرحلة حرجةٍ جداً، خاصة وهي تنتظر نتائج امتحاناتها سأؤجل الكلام معها حول الموضوع لحين ظهور النتائج ، وكما تعلمين أيضاً حفل زفاف مراد وانشغاله كذلك ،لم يتسنى لنا الحديث معه لاخباره أيضاً .

- ليبارك الله لمراد زواجه ،وعلى الرغم من عدم اقتناعي لحديثك با عبير لكن سننتظر لحين تفرغكم من هذه الضغوطات وبعدها سنتحدث بشكل رسمي بموضوعنا
ثم أردفت ضاحكة : كريم مستعجل ،طيلة الأيام الماضية وهو لا يكف عن الحديث بشأن نور صدع رؤوسنا .
ضحكت عبير مجاوبة : اه من شباب هذه الأيام !

صمتت نور وهي تحدق بتعبيرات كريم المبهمة فقال مجددا ً: -هل إبداء رأيك بي صعبٌ إلى هذا الحد ؟
اضافت المرح لصوتها المهزوز: ألا ترى عضلاتك يا ابن عمي!! أخاف أن أغضبك بالمستقبل فتلكمني على فكي وترديني صريعة .
لتكسر هذه اليد إن مدت عليك بسوء .

*****
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.