لم يتبقى سوى اسبوعان على بداية المسابقة , هل ترى بمقدورى اللحاق بهم أم أن الوقت المتبقى على وشك النفاذ ؟
ما دام قلبك ينبض فانت على قيد الحياة .
امتأكد من ذلك أم انك تفضل لعبة المواساة .
لماذا تقول ذلك ؟
ألا ترى جسدى المتهالك على الفراش بشعره الاشيب بفعل الزمن , وعينيه الغائرتين ووجهه الشاحب بواسطة الوهن , وجلده المتدلى كرقبة جاموس برى تبحث عن العشب وسط الصخور القاسية .
ولكنها لا تتعب ولا تمل , والامل عندها أجل , من أن تستكان أو تفل , إلى مرعى به الزاد أهل . انهض وانفض الغبار من وجهك , فكل ليل طويل خانق صباح يطبق عليه لتتنفس الخلائق .
استيقظ الكساندر كما لم يستيقظ من قبل , فنشاط غريب يتغلغل بعروقه ونسمة تفاؤل أحاطت بوجدانه , ليرى شعاع نور الفجر الأبيض وهو ينبثق عبر شقوق الجدران الجامدة , مضئ ليالى التراخى بنشاط وهمة الصباح الدافى .
بدأت انفاسه تتصارع ودمائه تغلى كبركان قابع فى جوف أرض لا تعرف التواضع , وظل غير مستكان يتبعه أينما ذهب أو مال , لحين السكون عندما يقطع النهار الكون , أو لفراق تنقشع له الاشفاق .
يستأنث بصحبته كأن الروح دبت بأفكاره , تجادله فهى أدرى بأسراره , فدار هذا الحوار بين روح وتابعها وفكر وقارئها .
اعلم انك انهكت وبمرور الوقت مليت .
لكننا الآن نحبو كالاطفال ويكاد أن يغشى على ,امازلت عند إصرارك إنى قادر على فعلها .
لا أحد يهلك من التعب فكل مرحلة قسوتها فتجلد , واعلم أن كل نقطة افرزت انما هى عطرك الذى سيتزين به جسدك .
يعجبنى تفاؤلك ونظرتك للحياة بوجه لم اعتاد عليه .
الحياة أقصر مما تتوقع , الماضى مات كالزفير الذى نخرجه بلا عودة , أما الحاضر نستقبله كشهيق يملأ صدورنا أمل نحيا به إلى المستقبل .
ومتى سيتحقق الأمل ؟
بعد إنتهاء الألم .
ظل واقفاً يتأمل بحذر ركوبته الجديدة بنظرات شاردة قلقة , فهو لا يريد أن يسقط من فوة الأمل إلى قاع الفشل , فلا يستطع تسلقها فيتكور بداخلها , إلى أن تجرأ وداعبت أنامله هيكلها عازفاً سمفونيته بارتباك مراقباً بشغف النظرات , ليستقل حينها قطار ماضيه البعيد ليحط على رصيف شبابه العنيد بحماسته وتهوره المميت , مع أول سيارة سرعة تخطت يده قوامها وحطت روحه قلبها .
هل أعجبتك أليكس ؟ سألها عامل قديم فى ورشة الصيانة وصديقه الذين لا يكتمل عددهم على اصابع اليد الواحدة , افاقته من لحظة شروده العذبة . محتسياً خمره الصافى العتيق متلززاً بماضيه الزاهى العتيق .
ليس المهم المظهر المهم الجوهر ... سام .
اعلم أنها ليست كسابقاتها من السيارات التى شرفت بركوبها .
اسعدتنى تلك الأيام كثيراً , فالمال والشهرة والشباب كانوا ملك يدى اقلبها كيف أشاء , ولكن لم تعلمنى إلا بعد أن نزعت منى كل هذا فى لمح البصر , فخسرت كل شئ أعتقدت أنه هو السبيل الوحيد للسعادة , ولكن بمرور الوقت ألفته وألفنى حتى اعتادت على مرافقتى .
لكنى انظر الآن إلى شخص آخر غير الذى اعتدنا عليه .
بابتسامة صغيرة ... وما الذى اعتادت رؤيتكم عليه صديقى العجوز ؟
نظر إليه سام بخجل ولم يجبه .
كأن القطة امسكت لسانك , ولكن لا عليك فأنا ادرى بما يعيركم ويشغل بالكم .
وما الذى يشغل بالك الآن وأنت تخطو نحو هذه الخطوة ؟
كالمنتظر مولود جديد , يشعر بالسعادة لما ينتظره , وبالقلق لما يخطط له , وبالترقب لما ينتج عنه . وهز رأسه مستفسراً ... ما الذى سيشعر بة الإنسان لو علم المستقبل ؟ هل سيرضى به ويرتاح أم سيجزع وينقبض ؟
الإنسان كائن طماع لن يرضى وإن ملك الدنيا .
وإن صده قدره .
غلب عليه أمره .