تصاعد دخان المشواة لأعلى وباتجاه الريح المسيرة فى كل اتجاه , لتمتزج رائحتها برائحة نسيم الربيع المطل بهوائه العليل فى كل ارجاء حديقتهم الخلقية لمنزلهم الجديد .
استقبل اليكس المدعو الاخير لهذا الحفل الصغير , تقبل هديته بغبطة وسرور وذهبا للتعرف على المدعويين .
هذا صديقى ووكيل اعمالى سام وهذه زوجتى وحبيبتى انجلينا , واستطرد لتعريف المدعو قائلاً : وهذا هو النجم المعروف والمذيع المشهور صديقى دانيل .
غنى عن التعريف ... قالها سام وهو يقلب اللحم على وجهه الآخر .
شرفنا بقبول دعوتنا ... قالتها انجلينا بعد أن تركت ما بيديها لتمدها إلى اليد التى جاءت ترحب بها وتقبلها قبلة رقيقة قائلاً : الشرف لى أن أكون فى هذه المكانة من العائلة .
ابتسم اليكس وهو ينظر إلى منظما الحفلة قائلاً : اتريدان أى مساعدة .
العمل الجماعى فى بعض الحالات يفسد الاعمال ... قالها سام وهو منهك فى أداء عمله دون النظر إليه , وكأنه مركز الكون ولا يريد أن تفلت من بين يديه الامور .
حسناً .. حسناً .. قالها اليكس وهو يسحب كرسى لصديقه دانيل ليجلس عليه , وذهب لاحضار جعتين باردتين من الداخل وجلس بجواره .
تصادمت الزجاجتين بصخب ليشعلا حماستهما بالحفلة وتجديد الصداقة , تحدث دانيل بعد تناوله أول رشفة من الجعة قائلاً : تهانينا للبيت الجديد والذوق الرفيع .
هى من اختارته بعد أسبوع من التنقل من بيت لآخر , حتى أصبت بشد عضلى قالها اليكس مشيراً لزوجته بيده مهنئاً بذوقها الرفيع ومعاتبها بإصابته , إبتسمت له دون رد .
وحفلة الشواء هذه من اقتراحى للاحتفال بالسكن الجديد ... قالها سام وهو ما زال مشغولاً بدوران حركة الكواكب حتى لا تحترق بنار الفحم .
ابتسم الجميع ثم قال اليكس : انت الفكر المدبر لهذه المجموعة .
أنه ليوم واحد فقط هو اليوم المفتوح ... قالها سام وفى وجهه وصوته الجدية .
اليكس : بالتاكيد .
يالك من كريم ... قالها دانيل مازحاً واستطرد موجهاً كلامه لاليكس : الجميع علم بتوقيعك لفريقك الجديد ومندهش بهذا الاختيار .
أنت أم الآخرين !!
أنا منهم .
ولم الاندهاش ؟ سألها اليكس مستفسراً
على حد علمى أن فرق كبيرة فاوضتك وعرضت رعايتها ولكنك رفضتهم , وفى النهاية تلحق بفريق ليس على مستوى التطلعات ... اكان العرض مغرى ؟ سأله دانيل مستفسراً وهو يميل ناحيته بصوت ضعيف .
رشف رشقة من الجعة وحدثه : هناك فرق بين أن تكون مقتنع بى أو أن تستفيد منى , وهذا ما رأيته من جميع الفرق الكبرى , يريدون أكبر استفادة فى أقل وقت , كأنها صفقة مربحة لهم الآن وبعد فترة يقيمونك مرة أخرى , وإن لاقت لهم الفكرة من جديد اعادو صياغتها تارة بعد تارة .
وما المشكلة ؟
اجاب اليكس باندفاع : لست فأر تجارب .
لا تنسى عامل السن !
لذلك اخترت الامان .
أخذت انجلينا طبق اللحم من أمام المشواة ووضعتها على طاولة بيضاء كبيرة بها بعض المقبلات والسلطات , وبدأ سام بإخماد نار المشواة وغلقها بعد أن سكنت حركة الكواكب فى مساراتها , وما هى إلا دقائق حتى اصبح الجميع يتهيأ للأكل .
سأل دانيل وعليه علامات الدهشة : نحن فقط !! ألا يوجد غيرنا ؟
العدد بالكيف وليس الكم ... فشخص واحد قريب ينير بصيرتى افضل من ألف شمعة تذوب قبل نهاية الطريق .
بدأ الجميع مسرور فى تناغم سلس بسيط يعطى عذوبة واحساس رقيق , إلى أن جاء الهاتف من الداخل ليحول اللحن الخالد المشبع للبطون لنشاذ متواصل يفقد العقول .
سألت انجلينا بعفوية ... من المتصل ؟
اجاب اليكس وهو يقوم ليرد على الهاتف ... سنعرف الآن !!
العيون جميعاً موجه لاليكس مترقبين ما سيسرده عليهم من هذه المكالمة المجهولة , التى توحى إليهم من تعابير وجهه وثقل خطوته إنها ذو أهمية مدروسة .
يعلم أنهم فى شغف لمعرفة الطرف الآخر بعد اسبوع فقط من انتقالهم , وهذا ما يزيدهم حيرة وقلق لأن لا أحد يعلم رقم هاتفهم سوى من يجالسهم ومدربه الجديد , وليس بالبعيد أن يهاتفه شخص له علاقة بأصحاب البيت السابقين , ولكن لا أحد سيصدقه بهذا الأمر بسبب اضطراب قلبه الذى اوجم وجهه , فلا حيلة إلا أن يقحم مدربه بأى سبب لكى يعبر به ما يخفيه بين اضلاعه ولا يريد كشفه لأحد .