WaleedFathy

شارك على مواقع التواصل

بدأ يساورها الشك اتجاه زوجها الذى تكررت سهراته فى الآونة الأخيرة مع من يدعى انهم اصدقائه , على الرغم أنها تعلم جيداً عدم وئامه الاجتماعى بانفراده الانعزالى , إلا أن الحاسة السابعة لدى السيدات وخصوصاً المتزوجات شديدة جداً لدرجة إنها يمكن أن تتعقب فريستها من على بعد أميال , هنا تظهر فجأة قرون الاستشعار , مثبتة كأنها رادار , تلتقط ذبذبات الاخطار , لتفتش به بين الامصار , فادركت أنه لابد الايقاع به إن كان مذنباً أو الاطمئنان على أحواله إن كان بريئاً , فكلا الحالتين سيلتقى عندها حبلى الشك باليقين .
أما بالنسبة للطرف الآخر الذى يعيش حالة من السعادة عندما رآى نفسه أمام مرآته , فاطيب حب هو حب النفس للنفس , هو حب مختار بإرادة لا حيلة فيها , يمكن أن تخطأ وعندما تراها تلوم نفسها تجد من يغفر لها  ويسامح دون وسيط أو شفيع يستعطفك أو يروى عليك محاسنك , فيذهلك هذا الحب الذى تجد فيه النقاء دون جدال , الطهارة دون انفعال , الترحاب دون   خصام .
ولكن ابنته كان بداخلها ريبة وحذر لما قيل عنه ولم يبدر منه , فولج الشك إلى قلبها الصغير جعل سعادتها تنقص بشكل كبير , ولكنها كانت حريصة أن لا تفقده حتى يزول الشك أو تتأكد من مقصده .
وهى على هذه الحالة من الانشغال , والتفكير بما قد يحدث على أى حال , تأتى الصدفة التى هى خير من ألف ميعاد , لتهديها من غفلة الشارد إلى يقظة المارد .
يتصل بها مجهول يحدثها بما يدور فى مطعم مشهور , بين زوجها المعروف وشخص آخر مألوف , لم ترد أن تفلت الفرصة من بين يديها , وإن جاءت من غريب له هدف مريب .
ركضت مسرعة إلى هدفها المنشود المرغوب بلا حدود , تجر فى ذهنها أفكار وخيالات رسمت من زمن فات , وها هى تضح وتنكشف , حتى وقع البصر واتضح الخبر , لتجده مع فتاة لم تتضح كامل هيئتها إلا عمرها فى سن إبنتها .
أخذت دقيقة صمت تراجع فعلتها , أكانت على صواب أم اشعلت النار غيرتها , وقبل أن يلاحظها أحد وهى واقفة كالتمثال متسمرة فى الارض دون حبال , انسحبت بهدوء رفقة روحها التى بدا وكأنها تترنح داخل كنف الأعياء , بعد أن رأته يتمادى فى نزواته دون حياء .
انزوت داخل غرفتها بعد أن أجهد التفكير عقلها , وقد اسندت ظهرها على زاوية حائط من الاركان , وهى تحمل ركبتيها بين ضلوعها لشعورها بعدم الأمان , فادركت إنها لن تهتدى إلا بمواجهة مع شريك الزمان .
مر الوقت كأنه دهر فى انتظار رفيق العمر , حتى وصل ما كنا بانتظاره ليتلقى ما سيصيبه من ليله ونهاره .
دخل عليها بكل تواضع وأدب , ولم يلقى فى نظراتها إلا كل حدة ودأب , فتخلله شعور غريب اخفاه حتى يعلم ما يكنه صدرها ويغوص داخل فكرها , فهو لا يدرى ما الذى فعله لها ؟ وسبب فى تعكير مزاجها !!
قدم لها تحياته وأثنى على ثوبها وذوقه الرفيع , وبدأ هو بالسؤال قبل أن يأتيه فجأة فيتعلثم ولا يقدر على الكلام ... فحدثها مداعباً قائلاً : أراك بلباس جديد , أمتأهبة للخروج أم وصلت من وقت قريب أم منتظرة حضور حبيب ؟
جاوبته بنفس تعابير وجهها لم تتبدل أو تتحرك كأن الماء ثابت تعكر قائلة : أتيت من المكان الذى كنت فيه , فلا تراوغنى وصدقنى القول , من هذه الفتاة التى كنت معها ؟
شعر بالقلق حيال هذا الأمر , أيخبرها بالحقيقة فيصيبها الغيرة أم يراوغها فيدركها الحيرة !!
فبدأ بالشئ الذى يعشقه معظم الرجال , ويعتبرون مبدعون فى هذا المجال , دون الشعور بغضض أو تعب ضمير , فهو محبب إليهم إذا كان فى الامر شئ خطير .
أنت متزوجة شخصية عامة فمن الطبيعى أن تجدين حوله جمهور يتزاحم كأنه اللؤلؤ المنثور , وهى من أحد المعجبين الذى أجبرت خاطرها وجلست معها فى مكان عام وسط العوام , وهذا شئ يجب أن تألفيه وتعتادى عليه , وأنت أكبر من أن يساورك الشك اتجاه زوجك مع هذه الفتاة .
بنفس تعابير وجهها المتحجرة الذى لم يجد لها فرشة فنان ليبدع وسط الكثبان , الذى يخرج من عيونها شرار , ومن انفها تنفث نار , ومن فمها يهب الاعصار , وعلى وجنتيها يغلى كالجمر فوق البركان .
متأسفة لسماع هذا الكلام , وكنت اتمنى أن لا تراوغنى أو يكون أداؤك اكثر إحكام , ولكن يا للحسرة ازدادت قناعتى بما تكنه سريرتى بفضل من اخرجنى من غفلتى .
ومن هذا الشخص الذى بفضله اهتديتى وأضاء بصيرتك ؟ قالها بشئ من السخرية ليهز ثقتها ويعزز موقفه .
لا أدرى , ولا أريد أن أعرف , لأن ما رأيته بأم عينى لا يدعو للشك أو يثير الجدل , غير أنك لا تعطى إسماً هو بالفعل معروف لكلانا .
إن كنت تريدين اسماً فهى "كارا" .
ظلا فترة من الصمت غير قصيرة ... هى تريد أن يكمل حديثه ويشرح أسبابه , وهو يرى أنه أجابها باستفاضة .
حتى بدأت الحديث عن امتعاض قائلة : وأنت تراه شئ عادى يحدث فى العموم , إن كانت بنت زوجتك هى أهم معجبة وأن تلتقو باستمرار كأن بينكم اسرار .
ما ترمى إليه ويدور بمخيلتك مجرد اوهام , لا تصبو إليه إلا فى الاحلام .
رجاء لا تعبث بى أكثر لتجعلنى أمِل أو أضجر , فقل لى الحقيقة لكى ننهى هذا الحوار .
تأكد من أن شباكها التفت حوله ولا مفر بأن يلقى بمناورته جانباً على قارعة الطريق , التى أصبحت لا جدوى لها فى ظل ما تعلق فى ذهنها وتريده أن يخبره بها .
إذن ... هى إبنتى .
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.