لم أكن أرى الحياة بهذا السواد من قبل.
كنت أركض، أضحك، أقع وأقوم، لا يهم كم مرة أتعثر طالما أبي يمدّ يده.
كنا نأكل على الأرض، وندّعي أنها مائدة ملوك. أمي كانت تضحك، وكنت أصدق أنها تحبنا.
لم يكن لدينا نقاط… لكن كان لدينا قلب، وكان هذا يكفي.
كنا نُلام لأننا فقراء… نعم، لكن لم يكن أحدٌ يحسب قيمتنا من رقم يطفو في أعيننا.
تخيّل أن يُختصر كل شيء فيك برقم؟ ذكرياتك، وجعك، أحلامك، حتى خطاياك…
الآن، كل من ينظر إليك لا يرى شخصك، بل يقرأك كأنك سلعة:
ـ “ناقص ٨٩٠؟ يا إلهي، ما الجريمة التي ارتكبها؟”
وما ارتكبتُها… وما فعلتُ شيئًا.
أنا فقط كنت هناك.
عند جثة والدي.
وفي يدي السكين.
وبجانب قلبي، الصدمة.
هل كنت أحب والدي؟
أكثر مما أحب نفسي.
كان خصمي الوحيد في الشطرنج، ومصدر قوتي حين أضعف، وخصري المكسور الذي كنت أتكئ عليه دون أن يشعر.
وكان يبتسم… حتى وهو ينهزم أمامي في كل مباراة.
والآن، لا أحد ينهزم مني… فقط أنا من أخسر.
يقولون: النظام عادل.
لكن العدل لا يصنعه من يملك كل شيء.
العدل لا يُبنى على نقمة رجل فقير أصبح أغنى من أن يتذكر اسمه الأول.
قبل النظام، كنا أناسا.
كنا نحيا، نحب، نحلم.
الآن، نحن نُسجّل النقاط… أو نُنفى.
وأنا؟
اسمي أيمن.
ورقمي… ناقص ٨٩٠