في زمنٍ لم يُروَ، كان هناك رجل لا يشبه غيره. لا في صمته، ولا في ألمه. لم يُرَ كقائد، لكنه كان مفتاح كل شيء.”
أنا… لا شيء.
ورأيت كل شيء.
رأيت ذلك الرجل. والد أيمن. لم يكن عبقريًا بالمعنى البراق، ولم يكن قويًا كأحد المصنفين من أصحاب القدرات، لكنه امتلك شيئًا نادرًا: العقل الهادئ وسط ضجيج النظام.
كان يعمل طبيبًا عصبيًا، باحثًا، لا يُحب الظهور. حياته بسيطة: زوجة، طفل صغير، وعدٌ قديم قطعه على نفسه بأن لا يسمح للقدرات أن تسحق الإنسان في ولده.
لكنّه فشل.
أول مرة دخل فيها قاعة المنظمة، لم يكن يريد النقاط… بل العلاج. كان يظن أن الأنظمة قد تساعده في فهم ما يحدث في دماغ طفله — أيمن — الذي لم يكن يتكلم، لكنه كان يحدّق أحيانًا وكأنه يرى عالمًا غير مرئي.
لم يعلم أن تلك النظرات كانت إشارات لما هو أسوأ من الصفر.
والده — لم أسمّه يومًا، لا أحب الأسماء — بدأ يلاحظ أن هناك “نمطًا” في القدرات. شيء لا يقاس بالقوة أو الذكاء فقط.
شيء يتغير عند القرب من الخوف، من الحب، من الكذب.
شيء يشبهني.
“الخداع.”
اكتشف نظرية غريبة: أن بعض القدرات ليست مولودة، بل “مُنتقلة”. وأن العقل البشري، تحت ظروف معينة… يمكنه “امتصاص” قدرة من يحتضر أمامه.
لم يصدقه أحد.
عندما بدأ التجريب، كان هدفه واضحًا: إنقاذ ابنه.
لكنّ الرجل الذي كان يعمل معه — الطبيب أحمد — لم يكن صادق النوايا. أراد الشهرة، أراد المال.
باع الأبحاث.
وفي إحدى الليالي… حدث ما لم يكن في الحسبان.
كان أيمن نائمًا.
الوالد خائف.
الطبيب يُجري تجربة تُقرب الدماغين.
النتيجة: قدرة نُقلت. ذكاء استثنائي بدأ يظهر على أيمن ببطء، لكن الثمن… كان موت الأب بطريقة غامضة.
أنا… رأيت كل هذا.
وأخفيته.
هل كنت مخطئًا؟ ربما.
لكنني كنت أنتظر من سيتحدّى النظام، من يحمل بداخله أكثر من قدرة، أكثر من ماضٍ.
ورأيت في أيمن شيئًا… لا يمكن نسخه.
الدموع التي لم يرها أحد.
نظرة أمه حين أنكرته.
وشيء آخر… لم يُخلق بعد.
لكن هذا… جزء فقط من الحقيقة.
والبقية؟
ربما تظهر… عندما يعود الماضي ليُطالب بحقه.
أنا لا شيء.
لكنني كنت هناك.
دائمًا