أنا الآن خارج نظامكم، خارج قانونكم، خارج عالمكم المزيّف.
لكني لست خارج اللعب.
أنا الظل الذي يصمت طويلاً ليضرب بصوتٍ يصمّ الآذان.
اسمي أيمن… لكن ذاك الاسم مات في لحظة النفي، وولد من بعده شيء آخر… وجهٌ لا يعرف الرحمة… اسمه عمار.
◆
منذ أن وطأت قدماي أرض المنفى، لم أنم كنائمٍ يثق بالحياة.
كنت أنام كقاتل، نصف يقظ، نصف جنون.
ومع كل نفس أتنفسه، كانت قدرتي الثانية تستيقظ بي.
“الوجه الآخر”… لا أفكر فيه، لا أفعّله، هو يعمل من تلقاء نفسه، كما ينبض القلب.
وفي اللحظة التي وقفت فيها أمام أول قاتل حاول أن يسلبني حياتي… تكلمت شفتاي بأفكار لم أضعها، خدعته بخطة لم أرسمها،
وهو، ذلك القاتل المتمرس، خرّ أمامي يطلب أن يكون تحت أمري.
هكذا بدأت “مجموعة الخداع”.
◆
كنت أخبئ اسمي الجديد بعناية.
“عمار” كان قناعًا صنعه عقلي، ليس ليخفي وجهي فقط… بل ليصنع هوية تتفوق على أيمن.
أيمن كان الطفل الذي خانته أمه، التي طعنته أثينا بنظرتها، الذي وُصم بالخيانة.
أما عمار؟
فهو الذكاء المجرّد، بلا ضعف، بلا علاقات، بلا قلب.
قائد لفرقة من المنفيين، القتلة، النابذين، الذين ظنهم العالم مجرد حثالة.
لكنني حولتهم إلى أدوات دقيقة، كل منهم قطعة في خطتي.
◆
كنت أبحث عن خيط.
أي خيط.
من أسس النظام؟
من سلّمه للمجلس؟
من اختار أن تُقاس قيمة الإنسان من خلال بريقٍ في عينه؟
الجواب جاء من حيث لم أتوقع.
رجل نحيل، فقد إحدى عينيه، كان يهمس عن خفايا النظام.
“أنا من بدأت ذلك الجهاز،” قال. “كنتُ رجلاً فقيرًا، أردت فقط أن أساعد أولادي في اكتشاف قدراتهم.”
“لكنهم… العُلاء… سرقوه. أخذوه مني.”
حين سألته من هم “هم”، لم يرد أولاً. ثم، بابتسامة مكسورة، همس:
“أنجلو، أثينا، كاستياس.”
◆
كأنّ الدم تجمد.
كأنّ كل شيء توقف،
هل سمعت نبضي؟
لا، لأن قلبي توقف لوهلة.
أنجلو… قاتل والدي.
أثينا… من أحببتها وظننتها ضحية النظام.
كاستياس… الذي أقنع العالم أنه منقذ.
هم… هم من يُسيّر كل شيء.
من كانوا يجلسون في العُلى، يُقررون من يعيش ومن يُنفى، من يُكافأ ومن يُذل.
◆
في تلك اللحظة، علمت أن الحرب بدأت.
لم أعد أبحث عن نجاة.
أنا الآن من يُكتب عنه التاريخ.
أنا من سيعيد تشكيل العالَم، ليس كضحية، بل كيدٍ تُطيح بالعرش.
قدرتي؟ ليست فقط “الخداع”،
بل ذكاء يجعلني ألفّ العقول حول إصبعي،
أرى في الوجوه ملامح الكذب، أقرأ نبضات الكتف، أحلل كل همسة،
وأعيد ترتيبها في لحظة.
عقلي الثاني؟
يسكنني كما يسكن الظل في الضوء.
يعمل حين أنام، حين أحزن، حين أنفجر.
◆
أعدّ خطواتي الآن،
أنتظر اللحظة.
أسلّح “مجموعة الخداع” بالحقائق لا بالسكاكين.
نحن لا نقتل… نحن نكشف.
نحن لا نحرق… نحن نُعرّي القبح.
اسمي عمار…
وسأجعل اسمكم، أيها المجلس،
يرتعد من مجرد همس اسمي