الهدوء بعد العاصفة…
الحرية التي حلم بها الجميع أصبحت واقعًا، وها هو ماركوس، القائد العادل، يحكم المدينة الجديدة. لا نقاط، لا طبقات، لا طرد، لا مجلس.
أنوس أصبحت مدينة من نور.
لكن في داخل ذلك النور… ظلٌ لا يُرى.
ظل يمشي في الأزقة، يجلس في الزوايا، يراقب العالم الجديد بنظرة خاوية.
عمار.
“لقد فزت.”
هكذا أخبروه.
“أنقذت العالم.”
هكذا كتبوا عنه.
لكن في داخله… كان الجدار يتشقق. كان الظلام يعود.
الذكاء… كان هبة.
والآن أصبح لعنة.
عمار لم يعد ينام. لم يعد يشعر بالجوع أو الراحة.
كل ثانية… هناك فكرة جديدة.
كل لحظة… هناك احتمال جديد، خطة جديدة، خطر قادم، سؤال آخر…
“من التالي؟”
“ماذا لو عاد النظام؟”
“من يدير ماركوس؟”
“هل الناس حقًا سعداء؟”
اسمه أصبح يهمس في الشوارع كـ”المنقذ”…
لكن في أعماقه، يسمع اسمًا آخر…
“الذي لن يهدأ.”
ثم بدأت نوبات الصمت.
ثم نوبات الصراخ.
ثم اللحظة التي نظر فيها إلى المرآة…
ولم يرَ وجهه.
في أحد الأيام، نهض فجأة من نومه، وقال لنفسه:
“العلاج في المكان الذي بدأ فيه كل شيء.”
“تحت الصفر.”
ترك كل شيء خلفه.
السلطة، الاحترام، حتى ذاته.
نزل إلى الأعماق.
أراد شيئًا واحدًا فقط:
أن يصبح إنسانًا من جديد.
لكن تحت الصفر… لم يجد السكون.
وجد العائلة، الحب، البداية الجديدة.
تزوج. أنجب.
ضحك لأول مرة… ربما كعمار، أو ربما كأيمن.
لكنه لم يكن مثل الجميع.
كان يعود إلى اللاوعي.
كان يرى كوابيس بلغة لا تُفهم.
كان يشعر أن جزءًا منه… مفقود.
وفي أحد الأيام، عندما كان يمشي في السوق، سمع صوتًا في رأسه:
“المرض لم يختفِ، بل انتظر.”
ومرة أخرى…
بدأت المشاكل
الفصل السادس – “عندما ينقلب النور”
من كان عمار؟
كان الفكرة.
كان العقل.
كان القائد المجهول.
كان “الظل” الذي فكك نظام النقاط، وأسقط مجلس الطبقة العليا، وأعاد للناس الحرية.
لكنه في الحقيقة…
كان آلة لا تتوقف.
عقله لا يرحم.
فكره لا يهدأ.
ونفسه… بدأت تتآكل.
تمر السنوات، ويكبر أطفاله.
تضحك زوجته.
الناس يعيشون في عالم بلا طبقات، لكن عمار لا يعيش معهم…
بل يعيش داخل شيء آخر.
في البداية، كان يرى كوابيس.
ثم بدأ يرى وجوهًا لا يعرفها.
ثم بدأ يسمع صوتًا مألوفًا:
“أنت السبب في كل هذا.”
لكن من؟
أيمن مات، أليس كذلك؟
فكيف يعود صوته؟
أصبح عمار لا يميز بين الواقع والذاكرة.
يستيقظ في أماكن لا يتذكر كيف دخلها.
يقول كلمات لا يفهم معناها.
ثم، في إحدى الليالي، ينظر إلى المرآة…
ويرى وجهًا قديمًا يعود.
وجهًا لا يُشبهه، لكنه يعرفه.
وجه أيمن.
“عمار، لقد صنعت الجنة… فماذا بعد؟”
“هل تُدرك أنك ألغيت الفوضى… فألغيت الحياة معها؟”
“العالم الآن بارد، هادئ… بلا صراع، بلا تحدي. بلا طعم.”
وهنا…
بدأ التحوّل.
عمار، الذي أسقط النظام…
بدأ يبحث عن نظامٍ جديد.
لكنه هذه المرة ليس نظام عدالة…
بل نظام السيطرة.
“ما الفائدة من الحرية… إذا لم يحسنوا استخدامها؟”
“ما الفائدة من الناس… إن لم يفكروا كما أفكر؟”
“سأعيد البناء… لكن على صورتي أنا.”
هكذا، عاد عمار للعالم،
لكنه ليس كالقائد القديم.
عاد كمن يريد تشكيل كل شيء من جديد.
ليس بالخداع فقط، بل بالحقيقة.
بدأ بجمع الأذكياء من كل المدن.
أنشأ مؤسسة بلا اسم.
تحتها: مراقبة، تحليل، إعادة هيكلة.
ما عاد هدفه الحرية.
بل:
“أن يصنع عالمًا لا يحتاج للبشر ليعمل.”
⸻
❖ التحوّل بدأ، والناس لم يعلموا.
❖ البطل سيصبح خصمًا.
❖ والحقيقة؟
الوحيد القادر على إيقاف عمار…
كان أيمن.
لكنه مات.
أو… هكذا ظنّ الجميع