Tahani Muhsin

شارك على مواقع التواصل

دخلت ‘زهراء’ الغرفة فوجدت ‘توليب’ هادئة ترتب ملابسها في الحقيبة..
‘زهراء’ :- الحمدُلله، كنت خايفه لو تعملي بنفسك حاجة !!
‘توليب’ :- أطمني، ربنا دائماً بيساعد الإنسان كل ما يحصل له موقف صعب، يرجع له إحساسه بالأمل بعد الألم، زي رسم نبض القلب لما ينزل ويرجع لفوق، يقولنا أننا لسه عايشين، ولو أترسم خط واحد فدا معناه الموت !!
‘زهراء’ :- ربنا يكون معاكي دائماً ويسعدك دنيا وآخرة. طب أنتي إيه بتعملي دلوقتي ؟!!
‘توليب’ :- بلم هدومي، مش قادره أقعد في الفندق دقيقة واحدة، وبطلب منك تروحي لـ ‘عبد الحميد’ وتقولي له يسمح لي أرجع البيت اللي كنا ساكنين فيه، وأطمني هو هيفرح قوي بطلبي !!
‘زهراء’ :- وليه تسيبي الفندق وتروحي لبعيد ؟!!
‘توليب’ :- والدي علمني ماأذلش نفسي لحد، وأنا ذليت نفسي قوي لـ ‘عبد الحميد’، ودا كان بسبب حبي ليه، فعلاً الحب أعمى زي ما بيقولوا. وفي الحقيقة أنا بشكره لأنه فوقني من أني أفضل محبوسه داخل حلم من 12 سنة !!
‘زهراء’ :- ولو يا ‘توليب’ ماتفكريش تفقدي الأمل في ربنا مهما حصل !!
‘توليب’ :- ونعم بالله هو دائماً معانا. ودلوقتي أرجوكي روحي لـ ‘عبد الحميد’ واطلبي منه مفتاح البيت، عايزه أقعد فيه يومين أزور كل الأماكن في شرم الشيخ وبعدين هحجز تذكرة أرجع القاهرة !!
‘زهراء’ :- خلاص أنا هروح معاكي مش هسيبك وحدك !!
‘توليب’ :- يا ريت لو تعيشي معايا على طول !!
‘زهراء’ :- أنتي بقيتي من عيلتي، وإن شاء الله مش هنفترق !!

ابتسمت ‘توليب’ لكلمة "عائلة"..
‘توليب’ :- آمين يا رب !!
‘زهراء’ :- دلوقتي هجهز شنطتي وأطلب من ‘عبد الحميد’ يبعث لنا حد يجي يأخذ الشنط بتاعتنا ويوصلنا للبيت !!
‘توليب’ :- كويس، طب أنا هخرج وأستناكي في الحديقة وهسيب شنطتي هنا !!
‘زهراء’ :- حاضر !!

خرجت ‘توليب’ من الغرفة وهي لا تعلم أن مصيرها بالحرق..
سيتحدد عند ورد التوليب..

༈༈༈༈༈

دخلت ‘نرجس’ و‘إيزابيل’ غرفة نوم 'جمال' وهما تضحكان بسعادة..
‘جمال’ - باستغراب - :- أهلاً بنتي، أنتي بخير ؟!!
‘نرجس’ :- طبعاً بخير يا بابا، ليه بتسأل ؟!!
‘جمال’ :- يعني أنتي مش زعلانه لأنك شفتي ضرتك ؟!!
‘نرجس’ :- هههههه بالعكس، أنا فرحانه قوي لأنها جت بنفسها لحد عندي !!
‘جمال’ :- ليه ؟!!
‘إيزابيل’ :- هيكون ليه يعني؟ تتعرف على ضرتها هههههه !!
‘جمال’ - بتمتمة - :- الله يكون في عونها !!
‘نرجس’ :- أنت خايف عليها مني ؟!!
‘جمال’ :- في الحقيقة كنت في الأول خايف على مشاعرك، لكن دلوقتي بقيت خايف عليها. أسمعيني يا بنتي وخذيها نصيحة مني، حاولي تتقبلي فكرة وجود ضرة ليكي وعيشي معاها في بيت واحد بسلام. ماتخربيش بيتك أكثر، أنا أضمن لك أنها هتأخذ بالها على ولادك ومش هيحصل مشاكل بينك وبين ‘عبد الحميد’ بسبب تربيتهم !!
‘نرجس’ - يملل - :- طيب. خلينا دلوقتي في صحتك !!
'جمال' :- مالها ؟!!
'نرجس' :- أنا وماما قررنا إنك تسافر معانا لسويسرا !!
‘جمال’ - بفرحة - :- ليه؟ أنتم سمعتوا خبر عن علاج جديد للسرطان في سويسرا ؟!!
‘نرجس’ - بضجر - :- ماما هاتي موبايلك، يقرأ بابا الخبر !!

أخذت ‘نرجس’ هاتف ‘ايزابيل’ الخلوي وأعطتها هاتفها..
‘نرجس’ :- أرجوك يا بابا حاول تتقبل الحقيقة !!
‘جمال’ :- حقيقة إيه ؟!!

ألقت ‘نرجس’ الهاتف في حضن والدها..
‘نرجس’ :- مافيش علاج لمرضك، أنت بس هتتعب نفسك أكثر بالعمليات والعلاج الكيميائي !!

أخذ ‘جمال’ الهاتف وقرأ مقالاً عن “القتل الرحيم” والدول التي تسمح للمريض بطلب إنهاء حياته. تحجرت الدموع في عينيه، ونظر إلى ‘نرجس' و‘إيزابيل’ فرآهما كأنهما شياطين خبيثة خرجت من الجحيم، وتذكر ‘توليب’ بحنانها وخوفها عليه ودعمها له بالكلمات والدعم النفسي لمساعدته على التعافي. وقارنها مع ابنته ‘نرجس’ وهي تعدمه دون أي رحمة ودون حتى أن تسأله عن أمنيته الأخيرة..

لم يستطع ‘جمال’ أن يتحمل أكثر، فانفجرت الدموع من عينيه..
‘جمال’ :- ‘نرجس’ أنا مايهمنيش والدتك لكن أنتي عايز أعرف أنا قصرت معاكي بإيه ؟!!

انزعجت ‘نرجس’ من دموع والدها وكلامه، فركضت نحوه بعصبية، وأمسكت بياقة قميصه، ورفعت كف يدها اليسرى وصفعت خده بكل قوتها. شعر ‘جمال’ بألم شديد ورأى دمه يقطر على هاتف ‘إيزابيل’. نظر إلى الخاتم في أصبع ‘نرجس’ وتذكر عندما ذهب مع ‘عبد الحميد’ ليشتري لها خاتم الخطوبة، وأختار بنفسه أغلى خاتم بحجر ألماس كبير، حتى يرى بعينيه سعادتها عندما يفاجئها به..

قربت ‘نرجس’ وجهها من والدها وعيناها تشتعل ناراً..
‘نرجس’ :- بعد كل دا لسه بتسأل قصرت معايا بإيه؟ سمحت لـ ‘عبد الحميد’ يتحكم في فلوسنا ورفضت تتنازل ليا عنهم. ليه شايفني مااستاهلش فلوس جدي؟ تعبنا أنا وماما حتى نأخذهم وأنت أخذتهم منا !!
‘إيزابيل’ :- إسكتي !!
‘جمال’ :- إيه فلوس جدك ؟!!

ندمت ‘نرجس’ لكشفها عن الجريمة التي ارتكبتها هي ووالدتها منذ عشرين عاماً..
‘نرجس’ :- اوووف تعبت منك هات الموبايل وسخته بدمك !!

انتزعت ‘نرجس’ الهاتف من يد والدها..
‘نرجس’ :- لعلمك ‘عبد الحميد’ مات من دقائق وأنت مش هتقدر تعيش من بعده !!
‘جمال’ - بدهشة - :- إنتي بتخرفي بتقولي إيه ؟!!

ذهبت ‘نرجس’ إلى الشرفة لتهدئ أعصابها، فرأت ‘توليب’ واقفة أمام الورود..
‘نرجس’ :- خرجت علشان أهدى شوية لكن هي دلوقتي زيدت عصبيتي. هنزل لها وأبهذلها حتى اشوفها قدامي مقهورة قبل ما أحرقها، وبعدها مااقدرش أشوف إنفعال ملامح وشها وهي محروقه !!

دخلت ‘نرجس’ من الشرفة ومشت بعصبية..
‘ايزابيل’ :- رايحه فين ؟!!

تجاهلت ‘نرجس’ سؤال والدتها من غضبها وخرجت..
‘ايزابيل’ :- هو إيه اللي زعلها في البلكونة ؟!!

خرجت ‘إيزابيل’ إلى الشرفة ورأت ‘توليب’ واقفة، وفي نفس الوقت رن هاتف ‘نرجس’ الخلوي..
‘إيزابيل’ :- دا موبايل ‘نرجس’ الجديد !!

فتحت ‘ايزابيل’ الاتصال..
‘ايزابيل’ :- آلووو !!
‘عادل’ :- أنا جاهز، فين الست اللي هحرقها ؟!!

سمعت ‘ازابيل’ كلمة "أحرقها" وفهمت وأجابته بعربية ركيكة..
‘إيزابيل’ :- البنت واقف.. جنب توليب وردة.. حديقة فندق !!
‘عادل’ :- أيوة فهمت. لكن هي لابسه إيه ؟!!

بحثت ‘إيزابيل’ عن شيء يميز 'توليب' حتى يتعرف عليها..
‘إبزابيل’ :- هي واقف حالها.. إيده شنطة.. لون أبيض مع ذهب !!
‘عادل’ :- خلاص دقيقتين وأوصلها، سلام !!

أنهت ‘إيزابيل’ المكالمة بفرحة باحتراق ‘توليب’..

༺༻

وقفت ‘توليب’ أمام حوض الورد تتذكر كل لحظاتها مع ‘عبد الحميد’..

‘توليب’ – لنفسها – … ” حتى لو طلقني مش هقدر أنزع حبي له من قلبي، لأنه كان بيكبر يوم وراء يوم حتى بقي غالي عليا كأنه ابن ليا عمره 12 سنة !! ” …

استيقظت ‘توليب’ من سرحانها على صوت صراخ ‘نرجس’..
‘نرجس’ :- يا حرامية خرجتي عندك تعملي إيه ؟!!

التفتت ‘توليب’ إلى ‘نرجس’..
‘توليب’ :- يعني مش كافي الزفة اللي جوه، فجيتي هنا تعملي زفة ثانية ؟!!
‘نرجس’ :- أصلك مريضة بالسرقة، سرقتي جوزي من قبل، ودلوقتي إيه سرقتي من الفندق بتاعي؟ هاتي شنطتك أفتشها يا حرامية !!

انتزعت ‘نرجس’ حقيبة ‘توليب’ من كتفها بالقوة، وحاولت ‘توليب’ استعادة حقيبتها، إلا أنها سمعت صوت طفل يبكي من الألم، فتركت حقيبتها وركضت نحو الطفل واحتضنته، وعرفت أنه ابن ‘عبد الحميد’..
‘توليب’ :- مالك يا حبيبي؟ إيه اللي وجعك ؟!!
‘آدم’ :- كنت بتزحلق ووقعت على ركبتي ودلوقتي بيوجعتي قوي !!
‘توليب’ :- وريني كدا؟ الحمدُلله مافيش حاجة ده جرح بسيط، تعال نروح الحمام ننظف الجرح ونعمل له مطهر !!

أخذت ‘توليب’ بيد ‘آدم’ وفكرت في تبادل الحديث معه حتى يعتاد عليها..
‘توليب’ :- أسمك إيه ؟!!
‘آدم’ :- ‘آدم’ !!
‘توليب’ :- ‘آدم’؟ اسمك حلو قوي !!

أتين بنات ‘حنان’ وشقيقته ‘آيريس’..
‘توليب’ :- وأنتم كمان تعالوا معانا ننظف الجرح. شايفين ‘آدم’ إزاي هو بطل مابيبكيش ؟!!

ذهبت ‘توليب’ إلى الحمام مع الأطفال. رأت ‘نرجس’ ابنها وتجاهلت آلامه..
‘نرجس’ :- يا حنينة، علشان ابني ماهمكيش تبقى شنطتك معايا؟ طيب خليني أشوف كم أخذتي من ‘عبد الحميد’ قبل ما يموت !!

فتحت ‘نرجس’ حقيبة ‘توليب’ واخرجت هاتفها الخلوي..
‘نرجس’ :- أنتي هتموتي، زي ما كسرت علبة مكياجك يا مشوهة، هكسر موبايلك دلوقتي ؟!!

رفعت ‘نرجس’ يدها لترمي هاتف ‘توليب’ على الأرض، لكن فجأة أحاط بها ظلام دامس كأن لونه أحمر. شعرت كأنها انتقلت من عالم الدنيا إلى عالم الجحيم. وأحست وكأنها ترى في الأحمر كل خلية من خلاياها تتفجر وتحترق وتخرج منها نار تحرق الخلية المجاروة لها. والآن كأنها تسمع أصواتهم وهم يصرخون بصوت عالٍ بألم لا يطاق، واحست أنها يجب أن تصرخ معهم، لكن لم تجد مكاناً تصرخ منه أو مكاناً تلتقط فيه الهواء لتتنفس. فسقطت على الأرض واختفى العالم من حولها..

وغرقت 'نرجس' في الظلام إلى الأبد..

༺༻

دخلت ‘توليب’ الحمام مع الأطفال، وغسلت ونظفت ركبة ‘آدم’، ووضعت عليها منديلاً معقماً..
‘آدم’ - بخوف - :- لا لا مش عايزه هيحرقني ؟!!
‘توليب’ :- بعد الشر عليك يا حبيبي، اطمن المعقم دا مش بيحرق !!

طهرت ‘توليب’ الجرح وفرح ‘آدم’ بنفسه لأنه لم يبكي، لكنه فجأة شعر بخوف داخلي وشعرت أخته بنفس الخوف، فركضا نحو ‘توليب’ واحتضناها..
‘توليب’ - بدهشة - :- مالكم خايفين؟ في إيه ؟!!

تشبثا الطفلان بـ 'توليب' أكثر فضمتهما بقوة بين ذراعيها..
‘توليب’ :- ماتخافوش من حاجة، مش هسيبكم !!

شعرا ‘آدم’ و‘آيريس’ بالراحة في أحضان ‘توليب’..
ولأول مرة عرفا شعور الأمان في حضن الأم..

♡•♡•♡
1 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.