Tahani Muhsin

شارك على مواقع التواصل

دخلت ‘توليب’ غرفة نوم ‘جمال’ وهي تدفعه بكرسيه المتحرك، وعندما اقتربت من السرير أدارت الكرسي حتى يتمكن من النهوض والصعود إلى سريره بسهولة..
حاول ‘جمال’ النهوض لكنه شعر  بثقل جسده ودوار في رأسه، فلم يستطع رفع نفسه، فكان على وشك السقوط، لكن ‘توليب’ سرعان ما أمسكت بذراعه ودعمته بقوة..
‘توليب’ :- خليني أساعدك !!

تمكن ‘جمال’ من الصعود إلى السرير والاستلقاء عليه. ركضت ‘توليب’ بسرعة إلى الثلاجة وفتحتها، فرأت زجاجة عصير من الفاكهة الطبيعية. سكبته في كوب زجاجي وعادت إليه..
‘توليب’ :- أول حاجة اشرب العصير حتى يرتفع مستوى السكر ويقوى جسمك !!

دعمت ‘توليب’ رأس ‘جمال’ بإحدى يديها، وأعطته العصير باليد الأخرى. وبعد أن شرب ركضت إلى الخزانة وأخذت منها ملفه الطبي. قرأت تقرير حالته والأدوية التي يتناولها..

‘توليب’ - لنفسها - … ” نفس مرض والدي الله يرحمه. دلوقتي أجيب له المحلول بسرعة أرفع ضغط دمه !! ” …

أخذت ‘توليب’ المحلول الوريدي وأمبولات الفيتامين وعادت بسرعة إلى ‘جمال’. ظل ‘جمال’ يراقبها بصمت وهي تعطيه الأدوية. وبعد دقائق شعر بالراحة ونام بهدوء. اطمأنت ‘توليب’ على حالته، فجلست وتذكرت والدها..
‘توليب’ :- يا ريت لو والدي كان قال لي عن حالته بدري قبل ما يتأخر علاجه. لكن قضاء ربنا لكل أجل كتاب !!

دخل ‘عبد الحميد’ بهدوء فرأى عمه نائماً على السرير و‘توليب’ تجلس بجانبه..
‘عبد الحميد’ :- إزاي صحة عمي دلوقتي؟ يحتاج نطلب له دكتور يجي يشوفه ؟!!

سمعت ’ توليب’ صوته قريباً منها، وشعرت بتوقف نبضات قلبها بسبب نبضة السريع، فرفعت رأسها ونظرت إليه، ونهضت عن الكرسي..
‘توليب’ - بارتباك - :- الحمدُلله صحته مستقرة دلوقتي !!
‘عبدالحميد’ :- مش عارف إيه اللي كان هيحصل لعمي لو أنتي مالحقتيهوش !!
‘توليب’ :- أنا ماعملتش معاه غير الواجب. وبعدين هو زي والدي وأنا مبسوطة دلوقتي لأن حالته تحسنت !!

أقترب منها ‘عبد الحميد’ فاستنشقت رائحة عطره وتمنت لو أن ترمي بنفسها بين ذراعيه لتروي ظمأ شوق روحها..
‘عبد الحميد’ :- أنا بشكرك جداً. أنتي ممرضة حنينة. أنتي ملاك !!

انطرب قلب ‘توليب’ وذاب عندما سمعت إطرائه، ففكرت في الهروب قبل أن يذوب قلبها أكثر، فغادرت غرفة نوم ‘جمال’ بسرعة دون استئذان، وركض ‘عبد الحميد’ خلفها..
‘عبد الحميد’ :- استنى ؟!!

وقفت ‘توليب’ في منتصف الصالة والتفتت ببطء نحو ‘عبد الحميد’..

‘توليب’ - لنفسها - … ” أرجوك أرحمني سبني أخرج، مش هقدر استحمل أكثر !! ” …

‘توليب’ :- ..؟!!
‘عبد الحميد’ - بابتسامة - :- ماقولتليش اسمك إيه ؟!!

نسيت ‘توليب’ نفسها عندما رأت ابتسامته الرقيقة وتزايد حبها له، ففكرت في الاعتراف له بحقيقتها من أجل التخلص من بُعدها عنه، لكن تذكرت كلام ‘حنان’ بتجاهله من أجل نجاح خطتهم، فأجابت عليه بطريقة جافة وسارت نحو الباب..
‘توليب’ :- مرة ثانية أنا مستعجلة، أتأخرت على ‘زهراء’. بعد إذنك !!

انزعج ‘عبد الحميد’ من ردها وأسلوبها، ففكر في رد كرامته قبل أن تخرج من الباب..
‘عبد الحميد’ :- ماتفكريش أني بسأل عن اسمك عايز أتعرف عليكي، أنا بسألك بس حتى أفتكرك لما تيجي مكتبي وأصرف لك على مبلغ مقابل مساعدتك لعمي !!

شعرت ‘توليب’ بالإهانة، فالتفتت إليه..
‘توليب’ :- أنت شايفني ساعدت عمك وانا بفكر هتدوا لي كام ؟!!

فرح ‘عبد الحميد’ من انزعاجها وأعاد له كرامته..
‘عبدالحميد’ - بسخرية - :- أنتي تعبتي نفسك مع عمي، اعتبريه تقدير مني !!
‘توليب’ - بحدة - :- هي حياة عمك عندك تقديرها بالفلوس ؟!!
‘عبد الحميد’ :- ماتفهمنيش غلط. أنتي بتشتغلي عند خالتي، فعتبريه شغل !!
‘توليب’ :- قولت لك هو زي والدي مش عايزة منك حاجة !!
‘عبد الحميد’ :- خلاص بكرة قدمي طلب لسكرتير عمي ‘أكرم’ تشتغلي عنده. وبكدا تقدري تاخذي فلوس وأنتي مش مكسوفة مني زي دلوقتي !!
‘توليب’ - بدهشة - :- يعني أنت شايفني دلوقتي مكسوفة منك لأني ساعدت عمتك ومااخذتش منك فلوس؟ إزاي أنت بتفكر ؟!!

نظر إليها ‘عبد الحميد’ بنظرات ساخرة، فهربت من نظراته إلى غرفة نوم ‘جمال’..
‘توليب’ :- سبحان الله ما جمع إلا ووفق، أنت شبه بنته !!

تفأجا ‘عبد الحميد’ من كلامها..
‘عبد الحميد’ - بحدة - :- تقصدي إيه بكلامك؟ أنتي بتعايريني بمراتي ؟!!

اقترب منها ليستفسر أكثر..
‘عبد الحميد’ :- تعرفي إيه عن مراتي؟ أختي وخالتي قالوا لك إيه عنها ؟!!

شعرت ‘توليب’ بالغيرة لأنه ينادي ‘نرجس’ بـ "زوجتي" وهي لن تسمعه يناديها بهذة الكلمة، وفي نفس الوقت شعرت بخطئها لأنها أهانته بزوجته وهي من خصوصياته..
‘توليب’ :- ماأقصدش حاجة، بس شفت مراتك لما سابت والدها يموت قدامها، وهي بتفكر بس في قيمة مجوهراتها وفساتينها. ودلوقتي أنت بتقدر ثمن مساعدتي. هو أنتم في كل خطوة لازم تحسبوا ثمنها ؟!!
‘عبد الحميد’ :- برافوا في دقائق قدرتي تقدري قيمتي أنا ومراتي !!

غضبت ‘توليب’ عندما قال "زوجتي" مرة أخرى..
‘توليب’ :- يوووه لو سمحت أنا ماشيه، زمان ‘زهراء’ بدور عليا !!
‘عبد الحميد’ :- المفروض تسهري جنب عمي وهتصل بخالتي أطمنها عليكي !!
‘توليب’ - باستهزاء - :- وأعمل لنفسي حرج أني ماأقدرش أخذ ثمن شغلي؟ متشكره أنا ماشيه، ولو عمك أحتاج لأي مساعدة اتصل بـ ‘زهراء’ وهي تقولي !!

خافت ‘توليب’ أن يحدث لـ ‘جمال’ مضاعفات تهدد حياته وتتحمل المسؤولية..
‘توليب’ :- ولو سمحت شوف لك ممرض فاهم شغله يجي يأخذ باله من عمك !!
‘عبد الحميد’ :- ليه؟ تقصدي أنك مش ممرضة ؟!!
‘توليب’ - بإرتباك - :- قصدي حالة عمك صعبة ومحتاج ممرض متمرس في شغله، وأنا أشتغلت ممرضة لحاجات بسيطة !!
‘عبد الحميد’ :- أه فهمت. شكراً للتحذير !!
‘توليب’ :- أنا بس خايفه عليه لو..!!
‘عبد الحميد’ - مقاطع - :- مع ألف سلامة !!

غادرت ‘توليب’ جناح ‘جمال’ وهي حزينة ومتأكدة من أنها أفسدت الخطة أكثر. أخرج ‘عبد الحميد’ هاتفه من جيبه واتصل بـ ‘فادي’..
‘عبد الحميد’ :- ألو ‘فادي’ ؟!!
‘فادي’ :- أيوة يا ‘عبد الحميد’ !!
‘عبد الحميد’ :- أنت فين دلوقتي ؟!!
‘فادي’ :- واقف مستنيك في صالة الإستقبال !!
‘عبد الحميد’ :- طيب خذ بالك، ممرضة خالتي نازلة دلوقتي من الأسانسير، أرجوك وصلها بأمان لخالتي. قصدي ممكن تتوه وماتقدرش تخرج من الفندق !!
‘فادي’ - بابتسامة - :- حاضر ولا يهمك !!
‘عبد الحميد’ :- بالمناسبة. اسمها إيه ؟!!

تذكر ‘فادي’ الاسم الذي اتفقوا عليه..
‘فادي’ :- اسمها ‘أمل’ !!
‘عبد الحميد’ :- طيب مع السلامة !!

ابتسم ‘عبد الحميد’ وجلس على الأريكة يفكر فيها..
‘عبد الحميد’ :- ‘أمل’، اسم جميل. في حروفه طيبة وحنية !!

قرر أن يتبعها ليعتذر لها عن إهانته، ويحاول التعرف عليها. وقبل أن يغادر اتصل بـ ‘إكرم’ ليبقى بجوار ‘جمال’..

༺༻

فُتح باب المصعد وخرجت  ‘توليب’ حزينة ووجدت ‘فادي’ أمامها..
‘فادي’ - بمرح - :- شفتي إزاي ‘عبد الحميد’ انبسط منك ؟!!
‘توليب’ - بحزن - :- لا، ماانبسطش مني ولا حاجة، هو بس زعل مني وأحرجني بكلامه، وطردني من جناح عمه !!
‘فادي’ - بدهشة - :- طردك ؟!!

حكت ‘توليب’ لـ ‘فادي’ ما حدث والدموع تنهمر من عينيها..
‘توليب’ :- زعلانة من نفسي لأني مش عارفه إزاي أقرب منه !!
‘فادي’ :- بس هو اللي بدأ يقرب منك !!
‘توليب’ - بلهفة - :- تقصد إيه ؟!!
‘فادي’ :- أول حاجة امسحي دموعك !!

مسحت ‘توليب’ دموعها بسرعة وانتبهت إلى ‘فادي’ بكل حواسها..
‘فادي’ :- ‘عبد الحميد’ اتصل بيا بعد ما أنتي خرجتي من عنده وطلب مني آخلي بالي منك وأوصلك لمكان خالته بأمان !!
‘توليب’ :- بجد ؟!!
‘فادي’ :- والله بجد !!
‘توليب’ - بحزن - :- بس دا مش دليل أنه بيقرب مني !!
‘فادي’ :- صح، لكنه سألني كمان عن اسمك، وحسيت كدا من صوته أنك خلاص وقعتيه في حبك ومش هيقدر يهرب منك !!

قفزت ‘توليب’ من الفرح ونسيت نفسها، فعانقت ذراع ‘فادي’ بقوة..
‘توليب’ - بلهفة - :- حقيقي؟ أنت حاسس بكده ؟!!
‘فادي’ :- أيوة أنا راجل وأعرف شعور الراجل لما يبدأ يحب !!
‘توليب’ - بسعادة - :- يحب ؟!!

انفتح باب المصعد أمام ‘عبد الحميد’ ورأى ‘توليب’ ممسكه بذراع ‘فادي’. وفي عينيها نظرات حب. وعلى شفتيها ابتسامة عريضة..

‘عبد الحميد’ - لنفسه - … ” آاه دي طلعت بتوزع حنانها لكل واحد !! ” …

             ♡•♡•♡
1 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.