استيقظت 'توليب' في الصباح، وايقظت 'حنان' و'زهراء' والأطفال ليذهب الجميع في نزهة. طلبت 'زهراء' من 'توليب' أن تدخل معها إلى الغرفة المجاورة لتتحدث معها على انفراد، وهناك اخبرتها بكل ما حدث في الليلة الماضية. نهضت 'توليب' بسرعة من مكانها، لكن 'زهراء' أمسكت بها..
'توليب' - بخوف - :- سيبني عايزه أروح أشوف 'عبد الحميد' !!
'زهراء' :- هتذلي نفسك له من ثاني ؟!!
'توليب' :- أرجوكي أسمح لي أشوفه ولو المرة دي بس، عايزه اطمن عليه ومايهمنيش لو شتمني !!
'زهراء' :- مش هتشوفيه غير لما يجي لك بنفسه ويعتذر لك !!
'توليب' :- حرام عليكي هو مصاب دلوقتي، يعني إزاي هيقدر يجي هنا !!
'زهراء' :- أنا قولت كلمتي مش هتخرجي يعني مش هتخرجي !!
جلست 'توليب' بحزن على قرار 'زهراء'..
'زهراء' :- سبحان الله شفتي إزاي أنقذك حبك لعمل الخير من مصير الحرق ؟!!
'توليب' :- مش قادرة أصدق أني كنت هموت بعد دقائق من وقوفي قدام ورود التوليب. اسمحي لي أسجد لله سجدة الشكر !!
سجدت 'توليب' لله، ودعته أن يشفي 'عبد الحميد'..
'زهراء' :- طب أنا هروح الفندق دلوقتي !!
'توليب' :- ليه؟ مش هتخرجي معانا ؟!!
'زهراء' - مازحة - :- لا، أنا هروح لخطيبي اطمن عليه، ونكتب كتابنا !!
'توليب' :- أيوة أنتي تنبسطي وأنا أموت بحسرتي على فراقي من 'عبد الحميد' ؟!!
'زهراء' :- هههههه كلامك نفس كلامه، أنا لازم أخلي بالي منكم !!
'توليب' - بلهفة - :- إيه قالك 'عبد الحميد'؟ خلاص تعالي مافيش خروج غير لما تقولي !!
'زهراء' :- مش ده وقته دلوقتي، خليكي هنا وخلي بالك من الأولاد، وخصوصاً أولاد 'عبد الحميد'. أنا هروح للفندق وأخذ معايا 'حنان' تجهزني لعريسي !!
'توليب' :- ماكنش دا عشمي فيكي. روحي وقلبي وقلب 'عبد الحميد' غضبانين عليكي !!
'زهراء' :- هههههه ماتدعوش عليا بعدين يبوظ جوازي !!
'توليب' - بابتسامة - :- ماتخافيش، أنا عارفه حبك ليا ومحافظتك لكرامتي !!
'زهراء' :- خلاص ادعيلي بالتوفيق !!
رفعت 'توليب' يديها ونظرت للأعلى..
'توليب' :- ربنا يوفقك ويشفي السيد 'جمال' وتعيشوا بسعادة طول العمر !!
'زهراء' :- آمين، ويا رب يجمع بينك أنتي و'عبد الحميد' ويسعدكم بعد طول أنتظار !!
༺༻
جلس 'عبد الحميد' بجانب 'جمال'، وحضر 'فادي' مع المأذون، وتم عقد قرآن 'جمال' و'زهراء'. اقترب 'عبد الحميد' من 'فادي' وتكلم بصوت منخفض..
'عبد الحميد' :- عايزك تروح دلوقتي وتمنع قرايبنا يسافروا وتطلب منهم يجتمعوا في الصالة بالليل !!
'فادي' :- ليه؟ هتعمل حفلة لـ 'زهراء' و'جمال' ؟!!
'عبد الحميد' :- لا، ماينفعش نعمل حفلة في الظروف دي. إحنا بس هنعمل اشهار لجوازهم !!
ابتسم 'عبد الحميد' وتابع..
'عبد الحميد' :- واشهار جوازي من 'توليب' !!
نظر 'فادي' إلى 'عبد الحميد' بفرحة وركض بسرعة ليمنع الأهل من السفر..
༺༻
بعد ساعة طرق 'عبد الحميد' باب ببت 'توليب'. فتح ابنه 'آدم' الباب ورأى ذراع والده معلقة على صدره..
'آدم' :- بابا؟ مين وجع إيدك ؟!!
'عبد الحميد' :- محدش، أنا بس اتزحلقت ووقعت !!
'آدم' :- وأنا كمان يا بابا، امبارح اتزحلقت ووقعت على ركبتي، وماما 'توليب' نظفت لي الجرح وباسته. بص إزاي بقى كويس النهارده؟ خليها كمان تنظف لك الجرح وتبوسه !!
'عبد الحميد' :- هاهاهاها ربنا يخليكم ليا أنت و'آيريس'.
قولي حبيت ماما 'توليب' ؟!!
'آدم' :- نمنا أنا و'آيريس' جنبها، ولما صحينا بقينا بناديها ماما، مش عارفين ليه ؟!!
دخل 'عبد الحميد' وجلس على كرسي..
'عبد الحميد' :- هي فعلاّ مامتكم وهتروح معانا لما نرجع القاهرة. دلوقتي روح نادي لها !!
صرخ 'آدم' بصوت عال..
'آدم' :- ماماااا !!
انزعج 'عبد الحميد' من إرتفاع صوت ابنه..
'عبد الحميد' :- مش كدا يا أبني روح نادي لها بهدوء زي ما علمتك !!
'آدم' :- البيت صغير يعني هي هتسمعني وتيجي بسرعة !!
خرجت 'توليب' إلى الصالة وقد عرفت بوجود 'عبد الحميد' من صوته..
'توليب' :- الحمدُلله على سلامتك !!
'عبد الحميد' :- الله يسلمك. كده تسيبي الفندق وأنا محتاج لك ؟!!
فرحت 'توليب' وركضت نحوه..
'توليب' :- والله ما كنت أعرف؟ النهارده الصبح بس عرفت !!
'عبد الحميد' :- وبعدين ؟!!
'توليب' :- كنت جايه لكن قولت مين هيخلي باله من الأولاد ؟!!
'عبد الحميد' :- يعني ماكنتيش تقدري تجيبيهم معاكي؟ ما أنا كنت عايز أشوفهم ؟!!
'توليب' :- الحقيقة فكرت وقولت لنفسي إزاي أجي أزورك وأنت عايز تطلقني ؟!!
'عبد الحميد' :- قولتي لنفسك ولا خالتي هي اللي قالت لك ؟!!
'توليب' :- 'زهراء' مالهاش دعوة !!
قام 'عبد الحميد' من مكانه..
'عبد الحميد' :- طيب عايزك تيجي معايا دلوقتي مع الأولاد وهريحك منهم !!
ارتعبت 'توليب' أنه يفكر في أخذ الأطفال ويطلقها..
'توليب' :- أنا ماشفتش إنسان قاسي زيك؟ أنا هجي معاك وهتشوف إزاي هتقبل الطلاق من غير ما أنزل عليك دمعة واحدة ؟!!
استغرب 'عبد الحميد' من كلامها لكنه واصل الحديث معها لتعلم كيف أنها دائما تظن السوء به..
'عبد الحميد' :- يعني مش خايفة تخسريني وتخسري فلوسي ؟!!
أخرجت 'توليب' صورة من صدرها واقتربت من 'عبد الحميد' لتريه صورة لوالدها يقف في الشارع..
'توليب' :- شايف البيت الكبير ده ؟!!
رأى 'عبد الحميد' منزلاً كبيراً يدل على مستوى معيشي مرتفع لأصحاب المنزل..
'عبد الحميد' :- آيوة !!
'توليب' :- بيتنا ده اللي جنبه !!
تفاجأ 'عبد الحميد' من إجابتها، وأنفجر ضاحكاً من دعابتها عندما رأى منزلاً صغيراً..
'عبد الحميد' :- بيتكم جميل !!
'توليب' :- مش مهم البيت وقيمته، المهم السعادة الموجودة داخل البيت. أنا عمري ما فكرت بفلوسك، ما أنا لو كنت واحدة من اللي بيحبوا الفلوس، ماكنتش هتأخر وأضيع من عمري 12 سنة حتى أقدر أقرب منك؟ أنا حبيتك من أيام ما كنت طالب لسه بتدرس في الجامعة !!
'عبد الحميد' :- أيوة، دلوقتي موعد الدرس الخصوصي ؟!!
خفضت 'توليب' رأسها وبدأت بالبكاء..
'توليب' :- أنت هتطلقني لأنك فاكر أني عايزه فلوسك. وأنا عارفه أنك مش هتقبل بيا علشان رجلي. أسفة، مش هتسمع مني أي دروس ثانية لأنه عندك حق تطلقني. أطمن أنا هجي وهسمع بأذني كلمة طالق منك !!
شعر 'عبد الحميد' أنه سيبكي معها، فغادر بسرعة خائفاً لو صدقت نفسها وتركته..
كيف سيستطيع العيش بدونها..
༺༻
في الليل أجتمع كل الأهل في القاعة. وجلسوا في انتظار وصول 'عبد الحميد'..
دخل 'عبد الحميد' فرأى 'توليب' جالسة على الطاولة مع 'زهراء' و'حنان' والأطفال. وأشار لها بالصعود إلى المنصة. نهضت 'توليب' بخجل، وفكرت في نفسها أن تطلب منه بصوت منخفض أن يطلقها بعيداً عن الناس. صعدت أول درجة ولم تصدق نفسها عندما سمعته يخبر الناس بأنها زوجته..
اقتربت منه 'توليب' واحتضن كتفها بحب وأخبر الناس بكل الأحداث التي حدثت بالأمس حتى لا تنتشر بينهم أي شائعات أو أخبار كذابة. وطبعاً أخبرهم عن زواج 'زهراء' و'جمال'. نهض الجميع ليهنئوا 'عبد الحميد' و'توليب' و'زهراء'. وتمنوا الشفاء لـ 'جمال' لأنه سيبدأ العلاج الكيميائي..
༺༻
بعد ثلاثة أسابيع في القاهرة..
'عبد الحميد' :- 'توليب' ؟!!
دخلت 'توليب' غرفه نومهما وهي سعيدة بحياتها معه. رأته واقفاً أمام المرآة يمشط شعره..
'توليب' :- أيوة يا روح قلبي ؟!!
تكلم 'عبد الحميد' وهو ينظر في المرآة..
'عبد الحميد' :- جه في بالي دلوقتي الكلام اللي سمعته منك وأنتي مع عمي !!
'توليب' :- كلام إيه ؟!!
'عبد الحميد' :- لما قولتي إنك بتشوفيني قدامك في الـ 12 سنة طول الوقت !!
نظر 'عبد الحميد' إلى 'توليب' وابتسم..
'عبد الحميد' :- قولي أنتي كنتي بتشوفيني معاكي بحاجة كده أو كده ؟!!
ضحكت 'توليب' بخجل ورفعت يدها لكتم ضحكتها..
'توليب' :- ماتكسفنيش يا 'عبد الحميد' !!
'عبد الحميد' :- عادي قولي أنا جوزك !!
'توليب' :- مش هقدر ؟!!
'عبد الحميد' :- أهو أنا هبص للمراية علشان ماتنكسفيش مني !!
اقتربت 'توليب' من ظهر 'عبد الحميد' ونظرت إلى صورته في المرآة..
'توليب' :- كنت بشوفك بطوق وفيونكات في شعرك، وحلق في ودانك وأشوف لو خلفت بنت شبهك الخالق الناطق إزاي هيكون شكلها ؟!!
نظر 'عبد الحميد' إلى صورته في المرآة فرأى أقراطاً في أذنيه وطوقاً في شعره، فغضب والتفت نحو 'توليب'..
'عبد الحميد' :- 'توليييب'
روحي وأ..!!
احتضنته 'توليب' بسرعة..
'توليب' :- روحي وأنفاسي وقلبي ودنيتي كلها !!
رفعت 'توليب' رأسها نحوه..
'توليب' :- لو تهددني بالطلاق ثاني مرة، والله لكون سيباك ومش هتشوفني ثاني !!
'عبد الحميد' :- ومين نطق كلمة طالق؟ أنتي ماسبتنيش أكمل كلامي كنت عايز أقولك روحي وأعملي لي قهوة !!
'توليب' :- هاه بجد، كنت عايز قهوة بس ؟!!
'عبد الحميد' :- طبعاً. بعد الكلام اللي سمعته منك محتاج قهوة تنشط عقلي حتى أنسى بيه صورتي وأنا بنت حلوة !!
'توليب' :- ههههههه بحبك يا أمورة !!
'عبد الحميد' :- مش أكتر مني يا أمولة !!
ضحك 'عبد الحميد' و'توليب' وعاشا في تبات ونبات، لكن لم ينجبا أي أولاد.. انجبا فقط ابنة واحدة جميلة تشبه القمر تشبهني تماماً.. أوه أقصد تشبه 'توليب' تماماً.. أطلقا عليها أسم 'أمل'..
.. تمت بحمد الله ..
قصة :- د / تهاني أحمد الأشول.
༺༻