{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}().
والبركات الإلهية لا يحصيها إلا الله .. منها البركة في العمر .. والبركة في الرزق .. والبركة في الوقت .. والبركة في الأهل والأولاد .. والبركة في الأموال .. والبركة في الأعمال, ومنها حصول الأموال بدون جهد، وحصول الأشياء بدون تعب، وحصول الأرزاق مباشرة من الرب.
أهل التقوى هم الفائزون والسعداء في الدنيا والآخرة, لا يخافون إذا خاف الناس, ولا يحزنون إذا حزن الناس, ولا يضيقون إذا ضاق الناس, هم في أمن وأمان, وخير واطمئنان{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}().
فيا أخي! ويا حبيبي! عليك بالتقوى فهي فرج كل ضيق, وكشف كل كرب, ويسر كل عسر, وسعادة كل حزن, وضحكة كل بكاء{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}() ويبارك له في نفسه وأهله والولد, ويرزقه سعادة الأبد. بالتقوى ترتقي, وبالتقوى ترتفع, يعلو شأنك, تبلغ الآفاق, ترتقي القمم, تعلو الدرجات.
حلّق بأجنحة التقوى في آفاق السماء, لترفرف بأجنحة التقوى مع الطير, ولِتَسْبح بالتقوى مع الملائكة .. إذا لبس الناس اللباس الجميل, فالبس لباس التقوى تصير أحلى منهم وأسعد, إن تزينوا بزينة الجمال, فتزين بالتقوى تكن أجمل منهم وأبسط{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر}().
إذا تنافس الناس على الدنيا, وتنافسوا على المال, وتنافسوا على الوظائف, وتنافسوا على القصور والفلل, وحب الرئاسة, فنافسهم على التقوى{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}().
إذا تسابق الناس إلى الدنيا, فأسبقهم إلى الخير وفعل الخير, لتنال رضاء الله –تعالى-{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}().
إذا سارع الناس في طلب العاجل, فسارع أنت في طلب الآجل, والزم تقوى الله, فهي خير زاد, وخير طعام, وخير شراب{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}()لتنال سعادة قلبك, وراحة صدرك, ومغفرة ذنوبك, وحط همومك وغمومك, وأحزانك{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}(). إنها العز والنسب والسبب والفخر والكرم.
ألا إنما التقوى هي العز والكرم ... فلا تترك التقوى اتكالا على النسب
فقد رفع الإسلام سلمان فارس ... وقد وضع الشركُ النَّسيب أبا لهب.
فالسعادة هي راحة النفس، وهدوء القلب، وسلامة الجسد، أين توجد هذه كلها؟ هذه لا توجد في المال، ولا في المناصب، ولا في الرتب، ولا عند الزوجات, ولا في الأولاد، وإنما توجد في شيء واحد وهو الإيمان والتقوى{لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}().
ولست أرى السعادة جــــمع مـــــال ... ولكن التـــــــــــــــقي هو الســـــــــــــعيد.
............................
من لم تكن حلل التقوى ملابسه ... عاراً وإن كان مغموراً من الحلل.
هذه التقوى من ينزل ويجلس فيها تشرق عليه إشراقات السعادة، وتكسوه لباس البهجة والسرور, وتضيء له شمس المسرّات, وتتوجه إليه الخيرات، وتقبل عليه الأنوار من كل جانب، ويسعد سعادة لا يحزن بعدها أبدا. والذي يحرم التقوى ويعيش بعيداً عنها, تشرق عليه الظلمات، وتحل عليه النكبات، ويعيش في الجهل والبعد عن الله، حتى يشقى في الدنيا والآخرة.
واتق الله فتقوى الله مـــــــا ... جاورت قلب امرئ إلا وصل
ليس من يقطع طرفاً بطلاً ... إنمــــــا من يتــــــق الله البـــــــطل.