إني أحذرك من التأخير والتسويف والمماطلة في أداء ما عزمت عليه, فإن التسويف ﺩاء ﻋﻀﺎﻝ، ﻭﻣﺮﺽ ﻗﺘﺎﻝ, وهو ﺟﻨﺪ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺩ ﺇﺑﻠﻴﺲ.
ﻭﻻ ﺃﺩﺧﺮ ﺷﻐﻞ اﻟﻴﻮﻡ ﻋﻦ ﻛﺴﻞ ... ﺇﻟﻰ ﻏﺪ ﺇﻥ ﻳﻮﻡ اﻟﻌﺎﺟﺰﻳﻦ ﻏﺪ..
اسمع إلى خبر(سوف) فهي تخبرك عن حروفها، تقول: حرفي الأول يعني: سمٌّ، والثاني: واقع، والثالث: فيك.
فاحذر التسويف فإنه سمٌّ واقع فيك، واستغل فرصة الحياة وجدّ واعزم في السير نحو السعادة.
ﺇﻳﺎﻙ ﻭاﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻓﺎﻟﻌﺎﻗﻞ ﻣﻦ ... ﻳﻨﺠﺰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎﺯﻣﺎ.
ﻭﺇﻳﺎﻙ ﺛﻢ ﺇﻳﺎﻙ ﻭاﻟﻜﺴﻞ ﻭاﻟﺘﻮاﻧﻲ ﻭاﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻭاﻷﻣﺎﻧﻲ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺭؤﻭﺱ ﺃﻣﻮاﻝ اﻟﻤﻔﺎﻟﻴﺲ، ﺭﺿﻮا ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻊ اﻟﺨﻮاﻟﻒ، واﻟﻠﻪ ﻳﺤﺐ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ، ﻭﻳﻜﺮﻩ اﻟﻌﺠﺰﺓ اﻟﻔﺎﺷﻠﻴﻦ.
ﻓﻤﻦ اﻟﻌﻨﺎء ﺭﻳﺎﺿﺔ اﻟﻬﺮﻡ، ﻭﻣﻦ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﺬﻳﺐ، ﻭاﻟﻘﻀﻴﺐ اﻟﺮﻃﺐ ﻳﻘﺒﻞ اﻻﻧﺤﻨﺎء، ﻓﺈﻥ ﺟﻒ ﻭﻃﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺰﻣﻦ ﺻﻌﺐ ﻭاﺳﺘﻌﺼﻰ، ﻭاﻟﻐﺼﻦ ﺃﻗﺮﺏ ﺗﻘﻮﻳﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ ﻭﻣﺎ ﻋﺠﺰﺕ ﻋﻨﻪ اﻟﻴﻮﻡ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﺪا ﺃﺷﺪ ﻋﺠﺰا.
اﻃﺮﺡ ﻟﻴﺘﺎ ﻭﺳﻮﻓﺎ ﻭﻟﻌــــــــــــﻞ ... ﻭاﻣﺾ ﻛﺎﻟﺴﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﻒ اﻟﺒﻄﻞ..
ﻓﺎﻟﻜﻴﺲ اﻟﻔﻄﻦ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ, ﻓﻴﻬﺘﻢ ﺑﻘﻄﻌﻬﺎ ﺳﺎﻟﻤﺎ ﻏﺎﻧﻤﺎ، ﻓﺈﺫا ﻗﻄﻌﻬﺎ ﺟﻌﻞ اﻷﺧﺮﻯ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ، ﻭﻻ ﻳﻄﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﺪ ﻓﻴﻘﺴﻮ ﻗﻠﺒﻪ، ﻭﻳﻤﺘﺪ ﺃﻣﻠﻪ، ﻭﻳﺤﻀﺮ ﺑاﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻭاﻟﻮﻋﺪ ﻭاﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ﻭاﻟﻤﻄﻞ، ﺑﻞ ﻳﻌﺪ ﻋﻤﺮﻩ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻮاﺣﺪﺓ ﻓﻴﺠﺘﻬﺪ ﻓي ﻗﻄﻌﻬﺎ من غير تسويف ولا تأجيل فيرتاح قلبه من هموم التفكير وغموم المماطلة.
وأما أصحاب العذاب الدائم، والسمّ القاتل: هم أصحاب الأماني, وطول الأمل, وانتظار المستقبل الغيبي, فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب.
ﻗﺎﻝ الحسن: ﺇﻳﺎﻙ ﻭاﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻓﺈﻧﻚ ﺑﻴﻮﻣﻚ ﻭﻟﺴﺖ ﺑﻐﺪﻙ، ﻓﺈﻥ ﻳﻜﻦ ﻏﺪ ﻟﻚ ﻓﻜﺲ ﻓﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻛﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﻴﻮﻡ، ﻭﺇﻻ ﻳﻜﻦ اﻟﻐﺪ ﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻨﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺮﻃﺖ ﻓﻲ اﻟﻴﻮﻡ.. وقال ابن القيم: التسويف رؤوس أموال المفاليس().
ﺃﻻ ﻓﺎﺭﺝ ﻋﻔﻮ اﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﻫﻔﻮاﺗﻜﺎ ... ﻭﺑﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ اﻟﺨﻴﺮاﺕ ﻗﺒﻞ ﻓﻮاﺗﻜﺎ
ﻭﻻ ﺗﻤﺾ ﺑاﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻋﻤﺮﻙ ﺇﻧﻨﻲ ... ﺭﺃﻳﺖ اﻟﻤﻨﺎﻳﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﻮﺱ ﻓﻮاﺗﻜﺎ..
قال ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺃﺳﺒﺎﻁ ﻗﺎﻝ: ﻛﺘﺐ ﺇﻟﻲّ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻤﺮﺓ اﻟﺴﺎﺋﺢ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ: ﺃﻱ -ﺃﺧﻲ-، ﺇﻳﺎﻙ ﻭﺗﺄﻣﻴﺮ اﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ، ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻚ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺤﻞ اﻟﻜﻼﻝ، ﻭﻣﻮﺋﻞ اﻟﺘﻠﻒ، ﻭﺑﻪ ﺗﻘﻄﻊ اﻵﻣﺎﻝ، ﻭﻓﻴﻪ ﺗﻨﻘﻄﻊ اﻵﺟﺎﻝ، ﻓﺈﻧﻚ ﺇﻥ ﻓﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﺃﺩﻟﺘﻪ ﻣﻦ ﻋﺰﻣﻚ ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﻭﻫﻮاﻙ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻐﻠﺒﺎك، ﻭاﺳﺘﺮﺟﻌﺎ ﻣﻦ ﺑﺪﻧﻚ ﻣﻦ اﻟﺴﺂﻣﺔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻭﻟﻲ ﻋﻨﻚ، ﻓﻌﻨﺪ ﻣﺮاﺟﻌﺘﻪ ﺇﻳﺎﻙ ﻻ ﺗﻨﺘﻔﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻦ ﺑﺪﻧﻚ ﺑﻨﺎﻓﻌﺔ، ﻭﺑﺎﺩﺭ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻓﺈﻧﻚ ﻣﺒﺎﺩﺭ ﺑﻚ، ﻭﺃﺳﺮﻉ ﻓﺈﻧﻚ ﻣﺴﺮﻭﻉ ﺑﻚ، ﻭﺟﺪ ﻓﺈﻥ اﻷﻣﺮ ﺟﺪ، ﻭﺗﻴﻘﻆ ﻣﻦ ﺭﻗﺪﺗﻚ ﻭاﻧﺘﺒﻪ ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺘﻚ، ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﺃﺳﻠﻔﺖ ﻭﻗﺼﺮﺕ، ﻭﺃﻓﺮﻃﺖ ﻭﺟﻨﻴﺖ ﻭﻋﻤﻠﺖ..().
ﻛﺆﻭﺱ اﻟﻤﻮﺕ ﺩاﺋﺮاﺕ ﻋﻠﻴﻨﺎ ... ﻭﻣﺎ ﻟﻠﻤﺮء ﺑﺪ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺐ
ﺇﻟﻰ ﻛﻢ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﺩﺃﺑﺎ ... ﺃﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻚ ﺃﻧﻮاﺭ اﻟﻤﺸﻴﺐ
ﺃﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻚ ﺃﻧﻚ ﻛﻞ ﺣــــــــــﻴﻦ ... ﺗﻤــــﺮ ﺑﻘﺒﺮ ﺧـــــﻞٍ ﺃﻭ ﺣﺒﻴﺐ
ﻛﺄﻧﻚ ﻗﺪ ﻟﺤﻘﺖ ﺑﻬﻢ ﻗﺮﻳﺒﺎ ... ﻭﻻ ﻳﻐﻨﻴﻚ ﺃﻓﺮاﺡ اﻟﻨﺤﻴﺐ..
فالمبادرة المبادرة قبل فوات الفرصة، والمسارعة المسارعة قبل وقوع البغتة، والمسابقة المسابقة قبل انتهاء المنحة، فإني رأيتُ أكثر المرضى بداء الهموم هم أصحاب الصفوف الأخيرة، وأكثر الفاشلين في الحياة هم أصحاب الساعات المتأخرة، وأكثر الرسوب في الدراسات هم أصحاب المماطلة في المذاكرة، وأكثر أمراض المعاصي هم أصحاب التسويف في التوبة، ورأيتُ السلع الرخيصة لا يأخذها إلا مرضى الكسل والتأنّي، وأكثر الناجحين في الحياة هم المتقدمون في سطور الحياة لا يتركون فرصة إلا وهم في الأمام، إن كانوا في الحراسة كانوا في الحراسة، وإن كانوا في الساقة كانوا في الساقة، فما رفع الله من شأن الصحابة إلا أنهم من السابقين في الإسلام، وما رفع من مكانة العلماء إلا لأنهم أول من أخذ العلم من الصحابة، ولم يرفع من قدر أئمة المساجد إلا لأنهم في مقدمة سطور المصلين.
ولم ينعت الله المنافقين والمتذبذبين؛ إلا لأنهم في الخلف ويكرهون الإمامة، وﻳﺼﻄﺤﺒﻮﻥ «ﻟﻮ» ﺩاﺋﻤﺎ، ﻭﻳﺤﺒﻮﻥ «ﻟﻴﺖ» ﻭﻳﻌﺸﻘﻮﻥ «ﻟﻌﻞ» ﻓﺤﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﻮﻳف، ﻭﻋﻠﻰ اﻹﻗﺪاﻡ ﻭاﻹﺣﺠﺎﻡ، ﻭﻋﻠﻰ اﻟﺘﺬﺑﺬﺏ{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}().