هذه خمس آيات في كتاب الله –تعالى- تمعّن فيها, وتفكّر فيها, واعمل بما فيها, فبعد كل آية جائزة لك, فما الذي يحزنك!؟ وما الذي يكربك!؟ وما الذي يوحشك!؟.
الجائزة الأولى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}() المصيبة نازلة مهما بكيت ومهما حزنت! ولكن الذكي الذي يريد الحياة السعيدة لقلبه ما أن يصاب ببلاء لا يضجر! ولا يسخط! ولكن بقلب رضي وقلب ساكن يرفع أصبع إيمانه إلى مولاه ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون, يأتيه الخير من ربه, ويسكن قلبه, ويقرُّ ويسعد بكونه من أهل الصبر الأشداء الأقوياء..
الجائزة الثانية: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}() في ساحة المعركة, وفي أنهار الدماء, وبين لمعان لمعان السيوف, إلا أن هؤلاء نظروا إلى ما حولهم فلم يجدوا لهم ناصرا ينصرهم إلا مولاهم -جلّ جلاله- فرفعوا أصابع الإيمان إلى مولاهم وقالوا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين, فجاهم المدد والعون ممن رفعوا إليه أيديهم..
الجائزة الثالثة: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}() بعد التخويف وإشاعة الخبر الكاذب بين المسلمين كاد المسلمون أن يضعفوا ويموتوا خشية الخوف؛ لولا أنهم رفعوا أصابع الإيمان إلى مولاهم وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل, فجاهم الفرج.
الجائزة الرابعة: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}() هذا عبد ضعيف في ظلمات ثلاث دعا, بهذه الكلمات القليلة ورفع شكواه إلى مولاه وقال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين, فجاه الفرج. وسبحان الله!. ربما أنت -يا أخي- تقول: هذا الدعاء خاص بيونس فقط! فلو دعينا به لربما ما استجاب لنا. قال الله جوابا عن قولك هذا في الآية نفسها: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}.
الجائزة الخامسة: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}() هذا رجل يخفي إيمانه خوفا من فرعون وملأه, فلما أظهر الإيمان عرف أن القوم سيتآمرون عليه ويقتلوه فرفع أصبع إيمانه إلى مولاه وقال: وأفوض أمري إلى الله, فجاه العون والمدد وحماه الله من تخطيط الأعداء ومؤامرتهم عليه.
فأنت -يا أخي- ليس عليك إلا الإخلاص بقلبك لله ورفع أصبع إيمانك إلى مولاك وهو –بإذنه- سيعطيك هذه الجوائز كما أعطاها لهم.