احمد الله الذي أعطاك فنّ المعرفة فبها تستطيع أن تسلك دروب السعادة وتكسر شوكة الأحزان، أرأيت الذي ينقّبُ على كنز! هل يستطيع الوصول إليه ما لم يكن لديه خريطة مرسومة؟، كذلك طالب السعادة لا يستطيع الوصول إليها إلا بالمعرفة, ليسهل له تجاوز عقبات الطريق, والعبور بسلام لنيل ما يشتهيه من السعادة{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً}().
ﺇﻥ اﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭاﻻﻧﺸﺮاﺡ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ، ﻷﻥ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﺜﻮﺭ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﻣﺾ، ﻭﺣﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﺎﻟﺔ، ﻭاﻛﺘﺸﺎﻑ ﻟﻠﻤﺴﺘﻮﺭ، ﻭاﻟﻨﻔﺲ ﻣﻮﻟﻌﺔ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻭاﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻄﺮﻑ.
ﻗﺎﻝ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ: ﺗﻌﻠﻤﻮا اﻟﻌﻠﻢ، ﻓﺈﻥ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻟﻠﻪ ﺧﺸﻴﺔ، ﻭﻃﻠﺒﻪ ﻋﺒﺎﺩﺓ، ﻭﻣﺬاﻛﺮﺗﻪ ﺗﺴﺒﻴﺢ، ﻭاﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﺟﻬﺎﺩ، ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺻﺪﻗﺔ، ﻭﺑﺬﻟﻪ ﻷﻫﻠﻪ ﻗﺮﺑﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﻼﻝ ﻭاﻟﺤﺮاﻡ، ﻭﻣﻨﺎﺭ ﺳﺒﻞ ﺃﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﻫﻮ اﻷﻧﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻮﺣﺸﺔ، ﻭاﻟﺼﺎﺣﺐ ﻓﻲ اﻟﻐﺮﺑﺔ، ﻭاﻟﻤﺤﺪﺙ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻮﺓ، ﻭاﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮاء ﻭاﻟﻀﺮاء، ﻭاﻟﺴﻼﺡ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺪاء، ﻭاﻟﺰﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﻷﺧﻼء، ﻳﺮﻓﻊ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺃﻗﻮاﻣﺎ، ﻓﻴﺠﻌﻠﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺮ ﻗﺎﺩﺓ، ﻭﺃﺋﻤﺔ ﺗﻘﺘﺺ ﺁﺛﺎﺭﻫﻢ، ﻭﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻬﻢ، ﻭﻳﻨﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﺭﺃﻳﻬﻢ، ﺗﺮﻏﺐ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﻲ ﺧﻠﺘﻬﻢ، ﻭﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻬﺎ ﺗﻤﺴﺤﻬﻢ، ﻳﺴﺘﻐﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﻛﻞ ﺭﻃﺐ ﻭﻳﺎﺑﺲ، ﻭﺣﻴﺘﺎﻥ اﻟﺒﺤﺮ ﻭﻫﻮاﻣﻪ، ﻭﺳﺒﺎﻉ اﻟﺒﺮ ﻭﺃﻧﻌﺎﻣﻪ؛ ﻷﻥ اﻟﻌﻠﻢ ﺣﻴﺎﺓ اﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﻞ، ﻭﻣﺼﺎﺑﻴﺢ اﻷﺑﺼﺎﺭ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻢ، ﻳﺒﻠﻎ اﻟﻌﺒﺪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﺎﺯﻝ اﻷﺧﻴﺎﺭ، ﻭاﻟﺪﺭﺟﺎﺕ اﻟﻌﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ, والتفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، وبه توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء().
ﻭاﻟﻌﻠﻢ ﻧﻮﺭ اﻟﺒﺼﻴﺮﺓ، ﻭﺣﻴﺎﺓ ﻟﻠﺮﻭﺡ، ﻭﻭﻗﻮﺩ ﻟﻠﻄﺒﻊ, به تسلك دروب السعادة في ظلمات الحياة{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}().
ﺃﺭﻯ اﻟﻌﻠﻢ ﺃﻋﻠﻰ ﺭﺗﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺗﺐ ... ﻭﻣﻦ ﺩﻭﻧﻪ ﻋﺰ اﻟﻌﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻛﺐ
ﻓﺬﻭ اﻟﻌﻠﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﺰﻩ ﻣﺘﻀﺎﻋﻔﺎ ... ﻭﺫﻭ اﻟﺠﻬﻞ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮﺕ ﺗﺤﺖ اﻟﺘﺮاﺋﺐ
ﻓﻬﻴﻬﺎﺕ ﻻ ﻳﺮﺟﻮ ﻣﺪاﻩ ﻣﻦ اﺭﺗﻘﻰ ... ﺭﻗﻲ ﻭﻟﻲ اﻟﻤﻠﻚ ﻭاﻟﻲ اﻟﻜﺘﺎﺋﺐ
ﺳﺄﻣﻠﻲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻓﺎﺳﻤﻌﻮا ... ﻓﺒﻲ ﺣﺼﺮ ﻋﻦ ﺫﻛﺮ ﻛﻞ اﻟﻤﻨﺎﻗﺐ
ﻫﻮ اﻟﻨﻮﺭ ﻛﻞ اﻟﻨﻮﺭ ﻳﻬﺪﻱ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻰ ... ﻭﺫﻭ اﻟﺠﻬﻞ ﻣﺮ اﻟﺪﻫﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻐﻴﺎﻫﺐ.
ﺃﻣﺎ اﻟﺠﻬﻞ ﻓﻬﻮ ﻣﻠﻞ ﻭﺣﺰﻥ، ﻷﻧﻪ ﺣﻴﺎﺓ ﻻ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﻃﺮﻳﻒ، ﻭﻻ ﻣﺴﺘﻌﺬﺑﺎ، ﺃﻣﺲ ﻛﺎﻟﻴﻮﻡ، ﻭاﻟﻴﻮﻡ ﻛﺎﻟﻐﺪ.
واﻟﺠﻬﻞ ﻣﻮﺕ ﻟﻠﻀﻤﻴﺮ ﻭﺫﺑﺢ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻣﺤﻖ ﻟﻠﻌﻤﺮ{إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}().
ﻭﻓﻲ اﻟﺠﻬﻞ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻮﺕ ﻣﻮﺕ ﻷﻫﻠﻪ ... ﻭﺃﺟﺴﺎﻣﻬﻢ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺒﻮﺭ ﻗﺒﻮﺭ
ﻭﺃﺭﻭاﺣﻬﻢ ﻓﻲ ﻭﺣﺸﺔ ﻣﻦ ﺟﺴﻮﻣﻬﻢ ... ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﺸﻮﺭ ﻧﺸﻮﺭ..
فاﻟﺠﺎﻫﻞ ﻣﻴﺖ اﻟﻘﻠﺐ ﻭاﻟﺮﻭﺡ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺣﻲ اﻟﺒﺪﻥ ﻓﺠﺴﺪﻩ ﻗﺒﺮ ﻳﻤﺸﻲ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ اﻷﺭﺽ، حياته ضنك، وتعب، همّ وغمّ.