Hishamaryqy

Share to Social Media

الرضا آخذ بزمام مقامات الدين كلها, وهو روحها وحياتها, فإنه روح التوكل وحقيقته، وروح اليقين، وروح المحبة، وصحة المحب، ودليل صدق المحبة، وروح الشكر ودليله.
الراضي: هو الذي يعد نعم الله عليه فيما يكرهه، أكثر وأعظم من نعمه عليه فيما يحبه، كما قال بعض العارفين: يا ابن آدم نعمة الله عليك فيما تكره أعظم من نعمته عليك فيما تحب{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}()
وقال آخر: ارض عن الله في جميع ما يفعله بك, فإنه ما منعك إلا ليعطيك, ولا ابتلاك إلا ليعافيك, ولا أمرضك إلا ليشفيك, ولا أماتك إلا ليحييك, فإياك أن تفارق الرضا عنه طرفة عين, فتسقط من عينه.
وفي أثر مرفوع: خير ما أعطي العبد: الرضا بما قسم الله له.
وجاء في الأثر: من رضي من الله بالقليل من الرزق، رضي الله منه بالقليل من العمل.
وفي أثر آخر: إذا أحب الله عبدا ابتلاه, فإن صبر اجتباه، فإن رضي اصطفاه.
الرضا يثمر سرور القلب بالمقدور في جميع الأمور، وطيب النفس وسكونها في كل حال، وطمأنينة القلب عند كل مفزع مهلع من أمور الدنيا، وبرد القناعة، واغتباط العبد بقسمه من ربه، وفرحه بقيام مولاه عليه، واستسلامه لمولاه في كل شيء، ورضاه منه بما يجريه عليه، وتسليمه له الأحكام والقضايا، واعتقاد حسن تدبيره، وكمال حكمته، ويذهب عنه شكوى ربه إلى غيره وتبرمه بأقضيته, ولهذا سمى بعض العارفين الرضا: حسن الخلق مع الله, فإنه يوجب ترك الاعتراض عليه في ملكه، وحذف فضول الكلام التي تقدح في حسن خلقه, فلا يقول: ما أحوج الناس إلى مطر؟ ولا يقول: هذا يوم شديد الحر، أو شديد البرد, ولا يقول: الفقر بلاء، والعيال هم وغم، ولا يسمي شيئا قضاه الله وقدره باسم مذموم إذا لم يذمه الله -سبحانه وتعالى-, فإن هذا كله ينافي رضاه.
وقال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: أصبحت وما لي سرور إلا في مواقع القدر.
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: الفقر والغنى مطيتان ما أبالي أيهما ركبت، إن كان الفقر فإن فيه الصبر، وإن كان الغنى فإن فيه البذل.
وقال أيضا: الرضا يفرغ قلب العبد, ويقلل همه وغمه, فيتفرغ لعبادة ربه بقلب خفيف من أثقال الدنيا وهمومها وغمومها, كما ذكر ابن أبي الدنيا عن بشر بن بشار المجاشعي- وكان من العلماء- قال: قلت لعابد: أوصني, قال: ألق نفسك مع القدر حيث ألقاك, فهو أحرى أن يفرغ قلبك, ويقلل همك, وإياك أن تسخط ذلك، فيحل بك السخط وأنت عنه في غفلة لا تشعر به, فيلقيك مع الذي سخط الله عليهم.
وقال بعض السلف: ذروا التدبير والاختيار تكونوا في طيب من العيش, فإن التدبير والاختيار يكدر على الناس عيشهم.
وقال أبو العباس بن عطاء: الفرح في تدبير الله لنا, والشقاء كله في تدبيرنا.
وقال سفيان بن عيينة: من لم يصلح على تقدير الله لم يصلح على تقدير نفسه.
وقال أبو العباس الطوسي: من ترك التدبير عاش في راحة.
العبد ذو ضجر. والرب ذو قدر ... والدهر ذو دول. والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا ... وفي اختيار سواه اللوم والشوم().
والرضا يوجب له الطمأنينة، وبرد القلب، وسكونه وقراره وثباته عند اضطراب الشبه والتباس والقضايا وكثرة الوارد، فيثق هذا القلب بموعود الله وموعود رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويقول لسان الحال: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً}(). والسخط يوجب اضطراب قلبه، وريبته وانزعاجه، وعدم قراره، ومرضه وتمزقه، فيبقى قلقا ناقما ساخطا متمردا، فلسان حاله يقول: {مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً}(). فأصحاب هذه القلوب إن يكن لهم الحق، يأتوا إليه مذعنين، وإن طولبوا بالحق إذا هم يصدفون، وإن أصابهم خير اطمأنوا به، وإن أصابتهم فتنة انقلبوا على وجوههم، خسروا الدنيا والآخرة{ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}() كما أن الرضا ينزل عليه السكينة التي لا أنفع له منها، ومتى نزلت عليه السكينة، استقام وصلحت أحواله، وصلح باله، والسخط يبعده منها بحسب قلته وكثرته، وإذا ترحلت عنه السكينة، ترحل عنه السرور والأمن والراحة وطيب العيش, فمن أعظم نعم الله على عبده: تنزل السكينة عليه, ومن أعظم أسبابها: الرضا عنه في جميع الحالات.

وكذلك تستحيل سلامة القلب من السخط وعدم الرضا، وكلما كان العبد أشد رضا، كان قلبه أسلم, فالخبث والدغل والغش: قرين السخط. وسلامة القلب وبره ونصحه: قرين الرضا. وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط. وسلامة القلب منه: من ثمرات الرضا. فالرضا شجرة طيبة، تسقى بماء الإخلاص في بستان التوحيد، أصلها الإيمان، وأغصانها الأعمال الصالحة، ولها ثمرة يانعة حلاوتها في الحديث: ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبحمد نبيا)) ()وفي الحديث أيضا: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان...)) ().
ومن ملأ قلبه من الرضا بالقدر، ملأ الله صدره غنى وأمنا وقناعة، وفرغ قلبه لمحبته والإنابة إليه، والتوكل عليه, ومن فاته حظه من الرضا، امتلأ قلبه بضد ذلك، واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه.
فالرضا يفرغ القلب لله، والسخط يفرغ القلب من الله، ولا عيش لساخط، ولا قرار لناقم، فهو في أمر مريج، يرى أن رزقه ناقص، وحظه باخس، وعطيته زهيدة، ومصائبه جمة، فيرى أنه يستحق أكثر من هذا، وأرفع وأجل، لكن ربه -في نظره- بخسه وحرمه ومنعه وابتلاه، وأضناه وأرهقه، فكيف يأنس وكيف يرتاح، وكيف يحيا؟{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}()().
اعلم أن كل مصيبة تنزل عليك فهي مقدرة لك من قبل أن يخلق الله السموات والأرض فلماذا تسخط ؟!{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا}() جف القلم، رفعت الصحف، قضي الأمر، كتبت المقادير{قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا}() ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
الاستسلام لقضاء الله وقدره عقيدة, وهذه العقيدة إذا رسخت في نفسك, وقرت في ضميرك, صارت البلية عطية، والمحنة منحة، وكل الوقائع جوائز وأوسمة ((ومن يرد الله به خيرا يصب منه)) () فلا يصيبك قلق من مرض أو موت قريب، أو خسارة مالية، أو احتراق بيت، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل، والاختيار هكذا، والخيرة لله، والأجر حصل، والذنب كفر, فهنيئا لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ، المعطي، القابض، الباسط{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}().
ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر، جف القلم بما أنت لاق, فلا تذهب نفسك حسرات، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار، وحبس الماء أن ينسكب، ومنع الريح أن تهب، وحفظ الزجاج أن ينكسر، هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك، وسوف يقع المقدور، وينفذ القضاء، ويحل المكتوب{فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}().
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

مقدمة الكتاب أين السعادة دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان حدد الهدف كن موحدا لله ولا تحزن. كن مؤمنا بالله. الهمة، الهمة الصدقة ضياء. لا تنتظر شكرا من أحد. املأ الدلو ماء ولا تملأه وحلاً. ومن الناس من يعبد الله على حرف. فنظر نظرة في النجوم. اغسل همومك بالنهر الجاري وقفة استراحة. البس لباس التقوى. السعداء لا يعلمون الغيب. دروب السعادة. نور على نور. لا تنسَ نصيبك من الميراث. إن للبيت ربا يحميه. كن صادقا مع الله. مشتقات السعادة. عندك دواء الأمراض. إياك والتسويف فهو مدمر السعادة. وقفة استراحة. لا تحزن إذا جهلك البشر. اغلق صفحة حزنك على الماضي. حقيقة الدنيا الحقيرة. كيف يكون اتصالك بالناس فعال. اشكر الله وتمتع بسعادة الشكر. اجبر خواطر الناس. تريض مع الحياة يطيب لك العيش. سعادتك في حسن خلقك. ولا تنسوا الفضل بينكم منتزهات القلوب. وقفة استراحة. لذة طلب العلم. من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. بادر ولا تقف مترددا. الفرج يأتي بعد الشدة، فلا تحزن!. خريطة السعادة. مفتاح السعادة. ابذل المعروف يتسع لك الكون. كن جميلا ترى الوجود جميلا. نادِ يا الله!. العلم نور، السعداء يهتدون به. وقفة استراحة. لا تحمل الجبال على ظهرك. لا تحزن إن كنت معلما. أعيذك بالله أن تكون حاسدا. قل كلمة طيبة، او اصمت، تسلم من الأحزان. السعادة سفينة الحياة الزوجية. لا تخف من المستقبل. ارضى بما كتبه الله لك وقضاه. وكذلك جعلناكم أمة وسطا. وجعل بينكم مودة ورحمة. إياك والاقتراب من العشق الممنوع. وقفة استراحة. اصنع من الليمون شرابا حلوا. البلايا تجلب العطايا. رحمات الله إليك تتنزل. لا تحزن. مناجاة. لا تيأس. لا تشتري القليل بالكثير. السعادة تحت أقدام الأمهات. اطرق باب السعادة برفق. اثنان.. وواحدة. وقفة استراحة. أيها المحزنون. كثير ما يكون وهما لا حقيقة. قل انظروا ماذا في السموات والأرض. المطعم الحرام يذهب السعادة. أوصل رسالتي لزوجتك. سيجعل الله بعد عسر يسرا. الذهب يبقى ذهب. ابتسم في حين رفعت الأقلام وجفت الصحف. لا بأس أن تستشير طبيبك. الحزن غير موجود. وقفة استراحة. اغتنم فرص السعادة. لست المصاب وحدك. هل تذوقت حلاوة الإيمان. فاصفح الصفح الجميل. كن سعيدا ولا تصنع الأحزان. لذة التلاوة وحلاوة القراءة. في ظلال القرآن. ولا تنسَ نصيبك من الدنيا. فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين. قليل دائم خير من كثير منقطع. وقفة استراحة. لا تحزن على الرزق فهو مضمون. استغل مواهبك ولا تقارن نفسك بالآخرين. تبسمك في وجه أخيك صدقة. احذر إذاعة[قالوا]. التمس العذر لإخوانك المسلمين. اتقوا فراسة المؤمن. هناك ما هو أحلى من العسل. اصنع السعادة بنفسك. وتلك الأيام نداولها بين الناس. اقطع جواز سفرك إلى الآخرة. وقفة استراحة. أكثر من قول: حسبنا الله ونعم الوكيل. ثلاثة وأربعة وخمسة وستة. الشرع أباح لك سرقة القلوب. ارضَ بالقليل يأتيك الكثير. عجائب الدعاء. ما ودعك ربك وما قلى. اطلق جناحي با اطير. هل جربت؟!!. كيف تحزن على الرزق وربنا يقول: رضاء الناس غاية لا تدرك. وقفة استراحة. لا تخاف مما يشاع. ابذل كل ما بوسعك لنيل السعادة. كن كالنحل، تمتص الرحيق برفق. لكل مقام مقال. لا تصطاد في الماء العكر. حب الصحابة لنبيهم عليه الصلاة والسلام. لا تقتل سعادتك باللحوم المسمومة. ما أعظم لذة حب الله. احذر سهام الليل المحزنة. تمهل ولا تستعجل. وقفة استراحة. كيف تجعل سريرتك نقية. لا تهدي سعادتك للآخرين. لا تحزن إن قيل لك: لا. تذوق لذة معرفة الله. فإن كل ذي نعمة محسود. وجعلنا الليل لباسا. النعيم لا يدرك بالنعيم. ألا بذكر الله تطمئن القلوب. أربعة أمراض تذهب سعادتك، أسال الله أن يشفيك منها. أمهات سطرهن التاريخ وقفة استراحة. سعادة الصالحين وأخبارهم في سعادتهم. ما أجمل رائحة حامل المسك. لا تحزن أيها المبتلى. هنيئا لك بهذه الزوجة. نصائح طبية تنفعك. احذر العقوق فيسلبك سعادتك. الملائكة تحفك والله يذكرك فيمن عنده. النظر في الصور قد يسلبك سعادتك تمتع بتقليب صفحات حياتك. يمشون على الأرض هونا. وقفة استراحة. يالها من مواعظ مثيرة للقلب. عمل الخير في يومه يدفع عنك الشر في يومه. لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. خمس جوائز في القرآن الكريم الفراغ أقوى أسباب الهموم، فاحذره. رفقا بالقوارير. أنيس القلب ورياض الجنة. ترتفع قيمتك وتسعد حياتك في حسن خلقك. وأعتزلكم وما تدعون من دون الله نعمة المصيبة وأجرها الوافر وقفة استراحة. الحق ضالة المؤمن. وصيتي لك في خمس لاءات. اغلق عينيك ثم انظر. انظر وطالع في جليسك. لا تكن أنت هو!!. لا تستخف بالحقير فقد يسلبك سعادتك. ومن دخله كان آمنا. أرحنا بها يا بلال. شجاعة الرعيل الأول في ميدان بدر. هل من سائل فأعطيه. وقفة استراحة. تلك عشرة كاملة. حسن المقصد. الهمة طريق القمة. المسارعة وعدم الإفراط. الشعور بالقوة والعزة. الشجاعة والتضحية مهما كلف الثمن. حب الخير للآخرين. وتعاونوا على البر والتقوى. حسن الظن بالآخرين. تأثير الحبل على الصخر ما أجمل الابتسامة. وقفة استراحة. حقيقة القرآن وأسراره وتأثيره على النفوس. حتى تكون سعيدا. السعادة الحقيقية الخاتمة.
Write and publish your own books and novels NOW, From Here.