قال أبو نصر الميكالي: تذاكرنا المنتزهات يومًا وابن دُرَيْد حاضر، فقال بعضُهم: أنزهُ الأماكن غُوطة دمشق. وقال آخرون: بل نهر الأُبلَّة. وقال آخرون: بل سُغْد سمرقند. وقال بعضُهم: نهروان بغداد. وقال بعضُهم: شِعب بوَّان. وقال بعضُهم: نوبهار بلخ.
فقال (أي ابن دريد): هذه منتزهات العيون فأين أنتم عن متنزهات القلوب؟ قلنا: وما هي يا أبا بكر؟ قال: ((عيون الأخبار)) للقتبي، و ((الزهرة)) لابن داود، و ((قلق المشتاق)) لابن أبي طاهر. ثم أنشأ يقول:
ومَن تكُ نزهتَهُ قينةٌ ... وكأسٌ تحثُّ وكأس تُصَبْ
فنزهتُنا واستراحَتُنا ... تلاقي العيون ودَرْس الكتبْ().
قال المأمون: لا نزهة ألذُّ من النظر في عقول الرجال().. يقصد كثرة المطالعة في كتب العلماء.
فيجب عليك الغوص في بحر العلماء الأفذاذ، واستخراج حُلي ومجوهرات علمهم في مطالعة كتبهم، والنظر في خط أقلامهم..
ﺧﻠﻴﻠﻲ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻻ ﻳﻌﺎﻑ ﻭﺻﺎﻟﻴﺎ ... ﻭﺇﻥ ﻗﻞ ﻟﻲ ﻣﺎﻝ ﻭﻭﻟﻰ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎ
ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻋﺸﻴﻘﻲ ﺣﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻌﺸﻖ ... ﺃﻏﺎﺯﻟﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺭﻱ ﻏﺰاﻟﻴﺎ
ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺟﻠﻴﺴﻲ ﻻ ﺃﺧﺎﻑ ﻣﻼﻟﻪ ... ﻣﺤﺪﺙ ﺻﺪﻕ ﻻ ﻳﺨﺎﻑ ﻣﻼﻟﻴﺎ
ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺑﺤﺮ ﻻ ﻳﻐﻴﺾ ﻋﻄﺎﺅﻩ ... ﻳﻔﻴﺾ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺎﻝ ﺇﻥ ﻏﺎﺽ ﻣﺎﻟﻴﺎ
ﻛﺘﺎﺑﻲ ﺩﻟﻴﻞ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ ﻏﺎﻳﺔ ... ﻓﻤﻦ ﺛﻢ اﺩﻻﻟﻲ ﻭﻣﻨﻪ ﺩﻻﻟﻴﺎ..
حتى أننا كنا في الكلية وكان بعض الأساتذة يعطينا ملازم من ورقة إلى عشر نذاكر منها، فكنت أسأم من قراءتها، وأتضايق من تقليب صفحاتها، حتى أنني أحصل على تقدير جيد بعد الامتحان، لكن بعض الأساتذة يعطينا المقرر كتابا كاملا فكنت أتبحر فيه، وأتلذذ بتقليب صفحاته وأحصل على فوائد غير الذي قرره علينا، وبعد الامتحان أجد درجتي عالية بتقديرات امتياز..
قراءة الكتب تعني أنك تقطف من حدائق العالم، وتطوف على عجائب الدنيا، وتدور الزمان والمكان، وتناجي ربك السموات والأرض، وتجالس الرسول -صلى عليه وسلم- وصحبه والتابعين والعلماء وكأنك في مجلس واحد بينهم.
وإن تعجب فعجب حال بعضهم يقضي حياته في اللهو واللعب, ولم يجهز لنفسه -ولا مرة-رحلة إلى هذا المنتزه، بهذا يكون قد أضاع نصف حياته.
كان ابن المبارك ﻳﻜﺜﺮ اﻟﺠﻠﻮﺱ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ، ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ: ﺃﻻ ﺗﺴﺘﻮﺣﺶ؟. ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﻴﻒ ﺃﺳﺘﻮﺣﺶ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ- ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ؟.
قال النهرواني: ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺻﻴﺖ ﻭﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﺎﺗﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺯﻣﺔ اﻟﻤﻨﺰﻝ، ﻭإﻏﺒﺎﺑﻲ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ، ﻭﺇﻗﻼﻟﻲ ﻣﺎ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﻣﻦ اﻹﻟﻤﺎﻡ ﺑﻪ ﻭﻏﺸﻴﺎﻥ ﺣﻀﺮﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ: ﺃﻣﺎ ﺗﺴﺘﻮﺣﺶ اﻟﻮﺣﺪﺓ؟ ﻭﻧﺤﻮ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ. ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ: ﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻲ ﺇﺫا ﺧﻠﻮﺕ ﻣﻦ ﺟﻠﻴﺲ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﺠﺎﻟﺴﺘﻲ، ﻭﻳﺆﺛﺮ ﻣﺴﺎﺟﻠﺘﻲ، ﻓﻲ ﺃﺣﺴﻦ ﺃﻧﺲ ﻭﺃﺟﻤﻠﻪ، ﻭﺃﻋﻼﻩ ﻭﺃﻧﺒﻠﻪ، ﻷﻧﻨﻲ ﺃﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺁﺛﺎﺭ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭاﻷﻧﺒﻴﺎء، ﻭاﻷﺋﻤﺔ ﻭاﻟﻌﻠﻤﺎء، ﻭﺧﻮاﺹ اﻷﻋﻼﻡ اﻟﺤﻜﻤﺎء، ﻭﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء ﻭاﻟﻮﺯﺭاء، ﻭاﻟﻤﻠﻮﻙ ﻭاﻟﻌﻈﻤﺎء، ﻭاﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭاﻷﺩﺑﺎء، ﻭاﻟﻜﺘّﺎﺏ ﻭاﻟﺒﻠﻐﺎء، ﻭاﻟﺮﺟّﺎﺯ ﻭاﻟﺸﻌﺮاء، ﻭﻛﺄﻧﻨﻲ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﻟﻬﻢ، ﻭﻣﺴﺘﺄﻧﺲ ﺑﻬﻢ، ﻭﻏﻴﺮ ﻧﺎء ﻋﻦ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻬﻢ، ﻟﻮﻗﻮﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺒﺎﺋﻬﻢ، ﻭﻧﻈﺮﻱ ﻓﻴﻤﺎ اﻧﺘﻬﻰ ﺇﻟﻲّ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﻭﺁﺭاﺋﻬﻢ().
ﻗﺎﻝ اﻟﺠﺎﺣﻆ: ﻭﻟﻘﺪ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺇﻣﺮﺗﻪ، ﻓﺮﺃﻳﺖ اﻟﺴﻤﺎﻃﻴﻦ ﻭاﻟﺮﺟﺎﻝ ﻣﺜﻮﻻ, ﻛﺄﻥ ﻋﻠﻰ ﺭءﻭﺳﻬﻢ اﻟﻄﻴﺮ، ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻓﺮﺷﺘﻪ ﻭﺑﺰﺗﻪ، ﺛﻢ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﻌﺰﻭﻝ، ﻭﺇﺫا ﻫﻮ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻛﺘﺒﻪ، ﻭﺣﻮاﻟﻴﻪ اﻷﺳﻔﺎﻁ ﻭاﻟﺮﻗﻮﻕ، ﻭاﻟﻘﻤﺎﻃﺮ ﻭاﻟﺪﻓﺎﺗﺮ ﻭاﻟﻤﺴﺎﻃﺮ ﻭاﻟﻤﺤﺎﺑﺮ، ﻓﻤﺎ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻗﻂ ﺃﻓﺨﻢ ﻭﻻ ﺃﻧﺒﻞ، ﻭﻻ ﺃﻫﻴﺐ ﻭﻻ ﺃﺟﺰﻝ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻴﻮﻡ، ﻷﻧﻪ ﺟﻤﻊ ﻣﻊ اﻟﻤﻬﺎﺑﺔ اﻟﻤﺤﺒﺔ، ﻭﻣﻊ اﻟﻔﺨﺎﻣﺔ اﻟﺤﻼﻭﺓ، ﻭﻣﻊ اﻟﺴﻮﺩﺩ اﻟﺤﻜﻤﺔ..
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﺠﻬﻢ: ﺇﺫا ﻏﺸﻴﻨﻲ اﻟﻨﻌﺎﺱ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻭﻗﺖ ﻧﻮﻡ -ﻭﺑﺌﺲ اﻟﺸﻲء اﻟﻨﻮﻡ اﻟﻔﺎﺿﻞ ﻋﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ- ﻗﺎﻝ: ﻓﺈﺫا اﻋﺘﺮاﻧﻲ ﺫﻟﻚ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺤﻜﻢ، ﻓﺄﺟﺪ اﻫﺘﺰاﺯﻱ ﻟﻠﻔﻮاﺋﺪ، ﻭاﻷﺭﻳﺤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮﻳﻨﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻈﻔﺮ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺬﻱ ﻳﻐﺸﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻦ ﺳﺮﻭﺭ اﻻﺳﺘﺒﺎﻧﺔ ﻭﻋﺰ اﻟﺘﺒﻴﻴﻦ ﺃﺷﺪ ﺇﻳﻘﺎﻇﺎ ﻣﻦ ﻧﻬﻴﻖ اﻟﺤﻤﻴﺮ ﻭﻫﺪﺓ اﻟﻬﺪم..
ﻓﻬﺬا ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻐﻒ ﻭاﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﻌﻠﻢ! ﻓﺈﺫا ﻏﻠﺒﻪ اﻟﻨﻌﺎﺱ ﻃﺮﺩﻩ ﺑﺎﺳﺘﺠﻼﺏ اﻟﻜﺘﺐ ﻭاﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻴﻬﺘﺰ ﻟﻔﻮاﺋﺪﻫﺎ، ﻭﻳﻄﺮﺏ ﻟﺤﻜﻤﻬﺎ().
المطالعة في كتب القدماء السعداء باب يفتح للنفس شهيتها، ويرد لها فاقتها، ومن حُرم ذلك فقد حرم نفسه ما تشتاق إليه.
قال الحافظ ابن عبد الهادي وهو يخبرنا عن لذة شيخه ابن تيمية في قراءة الكتب والتبحر فيها: ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺸﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻻ ﺗﺮﻭﻯ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ، ﻭﻻ ﺗﻤﻞّ ﻣﻦ اﻻﺷﺘﻐﺎﻝ، ﻭﻻ ﺗﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ، ﻭﻗﻞّ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮاﺑﻪ ﺇﻻ ﻭﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ اﻟﺒﺎﺏ ﺃﺑﻮاﺏ، ﻭﻳﺴﺘﺪﺭﻙ ﺃﺷﻴﺎء ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺬاﻕ ﺃﻫﻠﻪ()..
ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ اﻟﻬﺮاس: ﻛﺎﻥ ﻻﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺑﺼﺮ ﻧﺎﻓﺬ ﻭﻧﻔﺲ ﻃﻠﻌﺔ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺸﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻻ ﺗﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ، ﻭﻻ ﺗﺮﻭﻯ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ، ﻣﻊ اﻟﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﻗﻄﻊ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻪ ﻭﺻﺮﻑ اﻟﻬﻤﺔ ﻧﺤﻮﻩ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻭاﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎﻡ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ ﺃﻭ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ، ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻮﺟﻊ ﺃﻟﻤﺎ ﻭﺣﺴﺮﺓ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺃﺧﺮﺟﻮا اﻟﻜﺘﺐ ﻭاﻷﻭﺭاﻕ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﻲ ﺃﺧﺮﻳﺎﺕ ﺃﻳﺎﻣﻪ..
ﻗﺎﻝ اﻹﻣﺎﻡ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ: ﻭﺣﺪﺛﻨﻲ ﺷﻴﺨﻨﺎ -ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ- ﻗﺎﻝ: اﺑﺘﺪﺃﻧﻲ ﻣﺮﺽ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ اﻟﻄﺒﻴﺐ: ﺇﻥ ﻣﻄﺎﻟﻌﺘﻚ ﻭﻛﻼﻣﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻤﺮﺽ. ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ: ﻻ ﺃﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺣﺎﻛﻤﻚ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻤﻚ، ﺃﻟﻴﺴﺖ اﻟﻨﻔﺲ ﺇﺫا ﻓﺮﺣﺖ ﻭﺳﺮﺕ ﻭﻗﻮﻳﺖ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﺪﻓﻌﺖ اﻟﻤﺮﺽ؟. ﻓﻘﺎﻝ: ﺑﻠﻰ. ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ: ﻓﺈﻥ ﻧﻔﺴﻲ ﺗﺴﺮ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻓﺘﻘﻮﻯ ﺑﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﺄﺟﺪ ﺭاﺣﺔ. ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﺬا ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﻋﻼﺟﻨﺎ()..
ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﺃﻳﻀﺎ عن شيخه ابن تيمية: ﻭﺃﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﻣﺮﺽ ﻣﻦ ﺻﺪاﻉ ﻭﺣﻤﻰ ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻨﺪ ﺭﺃﺳﻪ، ﻓﺈﺫا ﻭﺟﺪ ﺇﻓﺎﻗﺔ ﻗﺮﺃ ﻓﻴﻪ، ﻓﺈﺫا ﻏﻠﺐ ﻭﺿﻌﻪ، ﻓﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﻫﺬا ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻚ ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻔﻮﺕ ﻣﻄﻠﻮﺑﻚ().
أنشد الإمام الشافعي -رحمه الله-:
لمحبرة تجالسني نهاري... أحب إلى من أنس الصديق
ورزمة كاغد في البيت عندي... أحب إلي من عدل دقيق
ولطمة عالم في الخد مني... أحب إلي من شرب الرحيق.
وقال -رحمه الله- أيضا:
إن صحبنا الملوك تاهوا علينا... واستبدوا بالرأي دون الجليس
أو خدمناهم بقبض وبسط... كان أدعى إلى دخول الحبوس
أو صحبنا التجار عدنا إلى اللوم... وصرنا إلى حساب الفلوس
أو لزمنا السلاح نبغي به العز... تعدى إلى احترام النفوس
فلزمنا البيوت نتخذ الحبر... ونطلي به وجوه الطروس
ونناجي العلوم في كل فن... عوضا عن منادمات الكؤوس().
فإن أردت السعادة لنفسك فعليك: مطالعة الكتب والنظر فيها تتسع أمامك الأفاق، وينمو فيك رصيد المعرفة, فإن ﻫﺠﺮ اﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ، ﻭﺗﺮﻙ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ ﻭاﻻﻧﻔﺮاﺩ ﺑﻬﺎ، حبسة ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎﻥ، ﻭﺣﺼﺮ ﻟﻠﻄﺒﻊ، ﻭﺭﻛﻮﺩ ﻟﻠﺨﺎﻃﺮ، ﻭﻓﺘﻮﺭ ﻟﻠﻌﻘﻞ، ﻭﻣﻮﺕ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻭﺫﺑﻮﻝ ﻓﻲ ﺭﺻﻴﺪ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻭﺟﻔﺎﻑ ﻟﻠﻔﻜﺮ، ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺇﻻ ﻭﻓﻴﻪ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺃﻭ ﻣﺜﻞ، ﺃﻭ ﻃﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﺣﻜﺎﻳﺔ، ﺃﻭ ﺧﺎﻃﺮﺓ ﺃﻭ ﻧﺎﺩﺭﺓ.
ﻫﺬا ﻭﻓﻮاﺋﺪ اﻟﻘﺮاءﺓ ﻓﻮﻕ اﻟﺤﺼﺮ، ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺕ اﻟﻬﻤﻢ ﻭﺧﺴﺔ اﻟﻌﺰﻳﻤﺔ، ﻭﺑﺮﻭﺩ اﻟﺮﻣﺢ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻤﺼﺎﺋﺐ.