{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}(){رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}().
زُرُتُ في أحد الأيام بيت الله الحرام [مكة المكرمة] فرأيتُ عجباً عُجابا, وكِدتُ بأخمصي أطأُ الثريّا من السعادة التي ملأت قلبي, ومن الفرح الذي ظهر على ملامح وجهي, فارتاحت جوارحي, وهدأت أنفاسي, وبردت أعصابي, واطمئنّ قلبي, فشرعت في قضاء العمرة وأنا أتلفت يمنة ويسرة ما هذه السكينة التي وجدتها في هذا المكان!, إنها والله الذي لا إله إلا هو حوّلتني من حياة إلى أُخرى, ومن دار إلى أُخرى, حياة شبيهة بما وصِفت به الجنة من النعيم الدائم والراحة التي لا تنتهي, ورأيتُ الكعبة ورأيت الصفاء والمروة, شيء لا يُصدّق, ثم نزلت لكي أتوضأ في الحمامات السفلية فشممت تلك الروائح الطيّبة.. وقلت في نفسي إن أهل مكة لفي سرور دائم,-على ظني- الحزن لا يقربهم, والهموم لا تريبهم, وأنهم في أمنٍ دائم, وفي فرح متواصل, وفي سعادة أبدية, وتمنيت لو أني أستقرّ هناك ولا أخرج, وصدق ربنا حين قال: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} فهو بصراحة أمنٌ من الأحزان ومن الهموم ومن الأكدار ومن الخوف ومن كل ما يُريب النفس ويغلقها ويُتعسها.
فنصيحتي لك -يا أخي- إن تاحت لك الفرصة اغتنم سعادة قلبك وانطلق إلى سعادتك كما ينطلق السهم إلى الرميّة, لتحلّق بقلبك في عالم الخيال من السعادة وستشعر حتما بما تجده من اللذة بجوار بيت الله الحرام وأنت تشاهد الكعبة مشاهدة حسيّة وتلمسها بيديك فهذه أعظم نعمة إن وفقت لها وحين تكون داخلها سيكون حالك: {لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}() وستقول من شدة السرور الذي شعرت به: فُزتُ وربّ الكعبة.