اﻟﺰﻭاﺝ ﺁﻳﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺳﻨﺔ ﻧﺒﻮﻳﺔ، ﻭﻓﻄﺮﺓ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺳﻜﻦ ﻟﻠﻐﺮﻳﺰﺓ اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ، وبها يكمل الإنسان دينه، وبها يدفع همومه وأحزانه، ويجلب سروره وأفراحه، فإذا صلح البيت من ساسه، صلح الدين، وصلحت الحياة، وصلحت الذرية، وصلح العيش في أمن وأمان، وسعادة ووقار، وسكينة واطمئنان.
ﺃﻣﺎ ﺑﻴﺖ اﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﻓﻤﻤﻠﻜﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ وسفينة ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ، اﻟﺰﻭﺝ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﻭﺭﺑﺎﻧﻬﺎ، ﻭاﻟﻤﺴﻴّﺮ ﻟﺸﺌﻮﻧﻬﺎ ﻭﺃﻣﻮﺭﻫﺎ، ﺑﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﻮامة{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}()ﻭاﻟﺰﻭﺟﺔ ﻣﻠﻜﺔ ﻣﺘﻮّﺟﺔ ﻫﻲ اﻷﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ المملكة اﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺷﺮﻳﻜﺔ اﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺭﻓﻴﻘﺔ اﻟﺪﺭﺏ، ﻭﻗﺮﺓ اﻟﻌﻴﻦ، ﻭاﻟﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻤﻠﻜﻴﻦ اﻟﻜﺮﻳﻤﻴﻦ، ﻫﻢ ﺛﻤﺮﺓ اﻟﻔﺆاﺩ ﻭﻟﺐ اﻟﻜﺒﺪ، ﻭﺯﻫﺮﺓ اﻟﺤﻴﺎﺓ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻫﻢ اﻷﻭﻻﺩ{المَالُ وَالبَنُونَ زِينَة الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}().
ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ الكريمة، والسفينة الإيمانية، ﻟﻮ ﻇﻠﻞ ﺳﻤﺎءﻫﺎ ﻣﻨﻬﺞ ﺭﺏ اﻟﺒﺮﻳﺔ، ﻭﺳﻴﺪ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﻭﺭﻭﻱ ﻧﺒﺎﺗﻬﺎ ﺑﻤﺎء اﻟﻤﻮﺩﺓ ﻭاﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﻨﺪﻳﺔ، وقادها رجل مؤمن ووزيرة حياته امرأة مؤمنة، ﺁﺗﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺛﻤﺎﺭﻫﺎ ﻛﻞ ﺻﺒﺢ ﻭﻋﺸﻴﺔ، ﻭﺃﻧﺒﺘﺖ ﺃﺭﺽ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻛﻞ ﺯﻫﺮاﺕ اﻟﺤﺐ ﻭاﻟﻮﻓﺎء ﻭاﻷﺧﻼﻕ اﻟﻨﺪﻳﺔ اﻟﻌﻠﻴﺔ، ومشت السفينة في بحر الحياة لا يلطمها موج التعاسة والهموم والحزن، ولا تغير مسارها زوبعات الموج العابرة، ﻭﻟﻮ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ اﻷﻳﺎﻡ موج أمام هذه السفينة اﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ, وعصفت عليها ريح ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ, ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ترسو هذه السفينة في جزيرة الحوار الهادئ، والتفاهم الواقي؛ ﻷﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ الزوبعات الموجية ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺒﺘﺔ ﺃﻥ تدوﻡ أمام سفينة الإيمان التي تسير وفق المنهج الشرعي، والتي يقودها اثنين يحب بعضهما البعض، ويعطف الواحد على الآخر.
ولا يمكن للسفينة أن تبحر في بحر السعادة حتى يتم دفعها بدوافع هي:
ﺣﺴﻦ اﻟﺨﻠﻖ:
إﻥ ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺤﻴﺎﺓ اﻟﺰﻭﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻮﺽ ﺑﺤﺮ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﻬﺪﻭء ﻭاﺗﺰاﻥ ﻭﺳﻂ ﻫﺬﻩ اﻟﺮﻳﺎﺡ اﻟﻬﻮﺟﺎء, ﻭاﻷﻣﻮاﺝ اﻟﻤﺘﻼﻃﻤﺔ، ﻳﻘﻮﺩﻫﺎ ﺣﺘﻤﺎ ﻗﺎﺋﺪ ﻣﺴﻠﻢ ﺗﻘﻲ ﺃﻟﻤﻌﻲ ﺫﻛﻲ، ﻭﺗﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﺪﻓﺔ -ﻛﻠﻤﺎ اﻧﺤﺮﻓﺖ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ- ﺯﻭﺟﺔ ﺗﻘﻴﺔ ﺯﻛﻴﺔ, ﺃﻟﻤﻌﻴﺔ ﻧﻘﻴﺔ، بل إﻥ اﻟﻨﺠﺎﺡ ﻭاﻻﺳﺘﻤﺮاﺭ، ﻭاﻟﺴﻜﻦ ﻭاﻻﺳﺘﻘﺮاﺭ، ﻭﻫﺪﻭء اﻟﻨﻔﺲ ﻭﺭاﺣﺔ اﻟﺒﺎﻝ، ﻭﺭاءﻩ زوج صالح ذا خلق حسن يستطيع إن يجعل هموم الدنيا جنة عرضها السموات والأرض، لأن الزواج سعادة وراحة ولا تأتي السعادة من تلقاء نفسها بل لأبد من زوج حكيم الرأي، يخوض بحر هذه المهمة ليجعل البيت سعيدا عامرا بالسعادة، يرتاح إلى زوجته، ويأنس إليها، ويصنع ذرية صالحة تخوض البحر الذي خاضه والدهم.. وكذلك وراءه ﺯﻭﺟﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﺗﻘﻴﺔ ﺯﻛﻴﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﻛﻴﻒ ﺗﺴﻌﺪ ﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻭاﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻗﻠﺒﻪ، ﺑﻞ ﻭﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺗﺤﻮﻝ اﻟﺒﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺧﻀﺮاء، ﻳﺴﻌﺪ اﻟﺰﻭﺝ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺄﻭﻱ ﺇﻟﻰ ﻇﻼﻟﻪ اﻟﻮاﺭﻓﺔ، ﻭﺗﺘﺒﺪﺩ ﻛﻞ ﻫﻤﻮﻣﻪ ﻭﺃﺣﺰاﻧﻪ ﻭﺁﻻﻣﻪ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﻇﻼﻝ ﻫﺬﻩ اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺇﻟﻰ ﺟﻮاﺭﻩ ﺯﻭﺟﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﺗﻀﻤﺪ ﺟﺮاﺣﻪ، ﻭﺗﺴﻜﻦ ﺁﻻﻣﻪ ﺑﺤﺴﻦ ﺧﻠﻘﻬﺎ، ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻭﺭﻓﻴﻊ ﺃﺩﺑﻬﺎ.
فما أجمل حسن الخلق!! حينما يكون بين الزوجين يسكن كل منهما إلى الآخر سكن السعادة..
ﺇﻥ ﺣﺴﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﻣﻦ ﺃﺟﻤﻞ اﻟﺰﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻠﻰ ﺑﻪ اﻟﻤﺮﺃﺓ ﻟﺰﻭﺟﻬﺎ، والرجل لزوجته، ﻭﺇﻥ ﺣﺴﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﻫﻮ أقصر طريق لأسر القلوب، وجمع الصفوف، وتوحيد الرأي والكلمة, لاسيما بين الزوجين.
وحسن الخلق هو الذي جعل من الرجل رجلا، ولو كان قليل المال، رث الثياب، أظلم الوجه, فبحسن الخلق يتمّ له الأمر والسعادة مع زوجته .. واﻟﻤﺮﺃﺓ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺫاﺕ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﺎﻝ ﺃﻭ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﻝ ﺃﻭ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﺐ ﺃﻭ اﻟﻨﺴﺐ ﺃﻭ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺽ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺤﺴﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﻭاﻷﺩﺏ اﻟﺮﻓﻴﻊ اﻟﻌﺎﻟﻲ، ﻭﺇﻻ ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺠﻤﺎﻝ عند الزوجين؟ ﻭﻣﺎ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻤﺎﻝ؟ ﻭﻣﺎ ﻗﻴﻤﺔ الحسب والنسب؟ ﻭﻣﺎ ﻗﻴﻤﺔ الشهادات؟ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ المرأة ﺑﺬﻳﺌﺔ اﻟﻠﺴﺎﻥ ﺳﻴﺌﺔ اﻟﺨﻠﻖ، ﻻ ﺗﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻣﻊ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ اﻟﺮﻧﺎﻧﺔ، ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ اﻟﺮﻗﻴﻘﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ؟! ﺇﻥ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ، ﻭاﻟﺨﻠﻖ اﻟﻌﺎﻟﻲ، ﻭاﻷﺩﺏ اﻟﺮﻓﻴﻊ ﻫﻮ اﻟﺒﻠﺴﻢ اﻟﺸﺎﻓﻲ لجراحات الزوجين، ﻭﻫﻮ اﻟﻀﻤﺎﺩﺓ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻷﻛﻴﺪﺓ اﻟﺘﻲ تضمد به ﻛﻞ ﺟﺮاحات تنبت ﺃﻭ تظهر ﻣﻦ ﺁﻥ ﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺰﻭﺟﻴﺔ.
اﻟﺮﺿﺎ ﺑﻤﺎ ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻪ:
إﻥ اﻟﺮﺿﺎ ﺑﻤﺎ ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻪ ﻛﻨﺰ ﺛﻤﻴﻦ، ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﺟﻨﺔ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﺮا، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﺳﻌﺔ ﻭﺭﺧﺎء ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺿﻴﻘﺎ، ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﺰﻭﺝ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﺘﻮﺳﻄﻲ اﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﺸﻬﺎﺩاﺕ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﺐ ﻭاﻟﻨﺴﺐ ﻭاﻟﺠﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻈﻮﻅ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﺰﻭﺝ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﻘﻖ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺼﺒﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻓﺈﻥ ﺭﺃﻯ اﻟﺰﻭﺝ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺭاﺿﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻪ ﻟﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻀﺠﺮ ﻭﻻ ﺗﺘﺴﺨﻂ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ اﻟﻠﻪ، ﻭﻻ ﺗﺸﻜﻮ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻷﻫﻠﻬﺎ ﺑﻞ ﺗﺴﺘﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻴﺒﻪ، ﻭﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺃﻣﻦ ﻭﺃﻣﺎﻥ، ﻭﺭﺿﺎ ﻭاﻃﻤﺌﻨﺎﻥ.
ﺇﻥ ﺭﺃﻯ اﻟﺰﻭجين كل واحد منهما ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﺎﻝ ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻔﺔ ﻳﺴﻌﺪ ﻗﻠﺒﻪ، ﻭﻳﻨﺸﺮﺡ ﺻﺪﺭﻩ، ﻭﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭاﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ.
هذا ﻫﻮ اﻟﻐﻨﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، وفي الحديث: ((ﻟﻴﺲ اﻟﻐﻨﻰ ﻋﻦ ﻛﺜﺮﺓ اﻟﻌﺮﺽ -ﺃﻱ ﻋﻦ ﻛﺜﺮﺓ اﻟﻤﺎﻝ- ﻭﻟﻜﻦ اﻟﻐﻨﻰ ﻏﻨﻰ اﻟﻨﻔﺲ)) () ((ﻗﺪ ﺃﻓﻠﺢ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﻭﺭﺯﻕ ﻛﻔﺎﻓﺎ، ﻭﻗﻨﻌﻪ اﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﺁﺗﺎﻩ)) ().
فيا أخي ﻻ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻣﻦَّ اﻟﻠﻪ عليهما ﺑﺴﻴﺎﺭﺓ ﻓﺎﺭﻫﺔ، ﻭﺑﺄﺛﺎﺙ ﻓﺎﺧﺮة، وقصور شاهقة، ﻭﺇﻧﻤﺎ اﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﺎﻫﺎﺕ، اﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻷﻣﺮاﺽ ﻭاﻷﻋﺬاﺭ، اﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﻔﻘﺮاء ﻭاﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﻭاﻟﻤﺸﺮﺩﻳﻦ، ﻭاﻟﻤﻄﺮﻭﺩﻳﻦ ﻭاﻟﻤﺤﺮﻭﻣﻴﻦ! اﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺃﻗﻌﺪﻫﻢ اﻟﻤﺮﺽ ﻓﻲ اﻟﻔﺮاﺵ، ﻓﺎﺣﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻭاﺣﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻡ، ﻭاﺣﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، اﺣﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻣﻦّ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺰﻭجة ﺻﺎلحة، ﻭاﺣﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦّ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺄﻭﻻﺩ ﻃﻴﺒﻴﻦ، ﻭﺟﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﺑﻴﺘﺎ ﻳﺄﻭﻳﻚ، ﻭﻃﻌﺎﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻚ، ﻭﻟﺒﺎﺳﺎ ﻭﺛﻴﺎﺑﺎ ﺗﺴﺘﺮﻙ، ﻓﺎﺣﻤﺪ اﻟﻠﻪ, فإﻥ اﻟﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺯﻭاﻝ، ﻭﺃﻥ ﻣﺘﺎﻉ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﻨﺎء.
اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺠﺰﻉ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻘﻴﺮﺓ... ﻭاﻟﻔﻘﺮ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻏﻨﻰ ﻳﻄﻐﻴﻬﺎ
ﻭﻏﻨﻰ اﻟﻨﻔﻮﺱ ﻫﻮ اﻟﻜﻔﺎﻑ... ﻓﺈﻥ ﺃﺑﺖ ﻓﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻻ ﻳﻜﻔﻴﻬﺎ..
ﻫﻲ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻓﺎﻟﺰﻣﻬﺎ ﺗﻜﻦ... ﻣﻠﻜﺎ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻚ ﺇﻻ ﺭاﺣﺔ اﻟﺒﺪﻥ
ﻭاﻧﻈﺮ ﻟﻤﻦ ﻣﻠﻚ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺄﺟﻤﻌﻬﺎ... ﻫﻞ ﺭاﺡ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻐﻴﺮ اﻟﻄﻴﺐ ﻭاﻟﻜﻔﻦ..
فالرضاء بما قسم الله إذا تمكّن في قلب كلا من الزوجين تجاه بعضهما يجعل البيت عامرا بالسعادة، يرفرف بالسكينة، ويفوح بالمودة والرحمة حتى ولو كان البيت كوخا أو خيمة, فالسعادة محلها القلوب وليس الجدران والأبنية..
اﻟﻮﻓﺎء:
ﻣﺎ ﺃﺣﻼﻫﺎ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ! ﻭﻣﺎ ﺃﺭﻗﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﻠﺔ! ﻭﻣﺎ ﺃﺳﻤﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺻﻔﺔ! ﺇﻧﻬﺎ اﻟﻮﻓﺎء!! ﻓﺎﻟﻮﻓﺎء ﺧﻠﻖ ﺟﻤﻴﻞ، ﻭﻛﻨﺰ ﺛﻤﻴﻦ، ﻓﺎﻷﻳﺎﻡ ﺩﻭﻝ، ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻏﻨﻲ ﺃﺻﺒﺢ ﻓﻘﻴﺮا؟ ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻋﺰﻳﺰ ﺃﺻﺒﺢ ﺫﻟﻴﻼ؟ ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﺿﻌﻴﻔﺎ؟! وما أجمل الوفاء حين يأتي من الزوجة، ﻓﺎﻟﺰﻭﺝ ﻗﺪ ﺗﻨﺰﻝ ﺑﻪ اﻟﻤﺤﻦ ﻭاﻟﻤﺼﺎﺋﺐ، ﻓﺘﺘﺤﻮﻝ ﺻﺤﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺽ، ﻭﻳﺘﺤﻮﻝ ﻏﻨﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻓﻘﺮ، ﻭﺗﺘﺤﻮﻝ ﻗﻮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺿﻌﻒ، ﻭﻫﻨﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻌﺪﻥ اﻟﺰﻭﺟﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﻮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﺇﻟﻰ ﺟﻮاﺭ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺿﻴﻖ ﻭﻣﺼﻴﺒﺔ، ﻭﺗﺨﻔﻲ ﻋﻴﻮﺏ اﻟﺰﻭﺝ ﻭﺗﺴﺘﺮ ﺫﻧﻮﺑﻪ، ﻭﻻ ﺗﻨﺴﻰ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻐﻨﻰ، ﻭﺃﻳﺎﻡ اﻟﻘﻮﺓ ﻭاﻟﺼﺤﺔ ﻭاﻟﺴﻌﺔ{وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}()ﻭﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻧﻈﺮﺓ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﺃﺩﺏ، ﻭﻧﻈﺮﺓ ﺣﻨﺎﻥ ﻭﺗﻮاﺿﻊ، ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﺃﺑﺸﺮ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﺰﻭﺝ اﻟﺤﺒﻴﺐ! ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﻧﺴﻰ ﺃﻧﻚ ﻓﻌﻠﺖ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا, ﻭﻗﺪﻣﺖ ﻟﻲ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا{هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} ().
ﻓﻮاﻟﻠﻪ ﺇﻥ اﻟﺰﻭجين اﻟﻮفيين يأﺳﺮ كل منهما ﺑﻮﻓﺎئه ﻗﻠﺐ الآخر، وبالوفاء يتحول اﻟﻔﻘﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﻏﻨﻰ، ﻭاﻟﻤﺮﺽ ﺇﻟﻰ ﺻﺤﺔ، ﺑﻞ ﻭاﻟﻀﻴﻖ ﺇﻟﻰ ﺳﻌﺔ، ﺑﻞ ﻭاﻷﺯﻣﺎﺕ ﻭاﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺇﻟﻰ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻃﻴﺒﺔ ﻧﺪﻳﺔ.
ﻣﺎ ﺃﺣﻠﻰ اﻟﻮﻓﺎء! ﻭﻣﺎ ﺃﻗﺒﺢ اﻟﺠﺤﻮﺩ!.