إن تعجب فعجب حال بعضهم يشتري العبيد والمماليك بماله، ولا يستطيع أن يشتري الأحرار بمعروفه وإحسانه.
ﻗﺎﻝ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻟﻴﺰﻳﺪ: ﻳﺎ ﺑﻨﻲ اﺗﺨﺬ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻣﻨﺎﻻ ﻋﻨﺪ ﺫﻭﻱ اﻷﺣﺴﺎﺏ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﺑﻪ ﻣﻮﺩﺗﻬﻢ، ﻭﺗﻌﻈﻢ ﻓﻲ ﺃﻋﻴﻨﻬﻢ، ﻭﺗﻜﻒ ﺑﻪ ﻋﺎﺩﻳﻬﻢ، ﻭﺇﻳﺎﻙ ﻭاﻟﻤﻨﻊ، ﻓﺈﻧﻪ ﺿﺪ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ..
ﻣﻦ ﻳﻓﻌﻞ اﻟﺨﻴﺮ ﻻ ﻳﻌﺪﻡ ﺟﻮاﺯﻳﻪ ... ﻻ ﻳﺬﻫﺐ اﻟﻌﺮﻑ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻪ ﻭاﻟﻨﺎﺱ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺒﺎﺭﻙ -ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ-:
ﻳﺪ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻏﻨﻢ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ... ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ ﺷﻜﻮﺭ ﺃﻭ ﻛﻔﻮﺭ
ﻓﻔﻲ ﺷﻜﺮ اﻟﺸﻜﻮﺭ ﻟﻬﺎ ﺟﺰاء ... ﻭﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻛﻔﺮ اﻟﻜﻔﻮﺭ..
ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﺃﻭﻟﻴﺘﻪ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﺇﻻ ﺃﺿﺎء ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻨﻪ، ﻭﻻ ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻓﺮﻁ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﻲ ﺷﻲء ﺇﻻ ﺃﻇﻠﻢ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻨﻪ..
ﻗﺎﻝ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﺴﻴﻦ: ﻣﺎ ﺷﻲء ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻻ ﺛﻮاﺑﻪ ﻭﻻ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺭﻏﺐ ﻓﻴﻪ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ, ﻭﻻ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺆﺫﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ، ﻓﺈﺫا اﺟﺘﻤﻌﺖ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻭاﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭاﻹﺫﻥ ﺗﻤﺖ اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﻭاﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻣﻨﻪ..
وﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺃﻳﻤﻦ ﺯﺭﻉ، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻛﻨﺰ، ﻭﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﺑﺜﻼﺙ ﺧﺼﺎﻝ: ﺑﺘﻌﺠﻴﻠﻪ ﻭﺗﺼﻐﻴﺮﻩ ﻭﺳﺘﺮﻩ. ﻓﺈﺫا ﻋُﺠّﻞ ﻫﻨﻲ، ﻭﺇﺫا ﺻُﻐﺮ ﻓﻘﺪ ﻋﻈﻢ، ﻭﺇﺫا ﺳُﺘﺮ ﻓﻘﺪ ﺗﻤﻢ..
ﺇﻥ اﺑﺘﺪاء اﻟﻌﺮﻑ ﻣﺠﺪ ﺑﺎﺳﻖ ... ﻭاﻟﻤﺠﺪ ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺪ ﻓﻲ اﺳﺘﺘﻤﺎﻣﻪ
ﺇﻥ اﻟﻬﻼﻝ ﻳﺮﻭﻕ ﺃﺑﺼﺎﺭ اﻟﻮﺭﻯ ... ﺣﺴﻨﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺤﺴﻨﻪ ﻟﺘﻤﺎﻣﻪ..
ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺎﻝ: ﺣﺼﺎﺩ ﻣﻦ ﻳﺰﺭﻉ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ، اﻏﺘﺒﺎﻁ ﻓﻲ اﻵﺧﺮﺓ..
والله أحيانا إن الغيرة لتداهمني من أناس يوزعون البسمات على الناس مجانا، وأيديهم مبسوطة للإحسان ليلا ونهارا، وأقدامهم تجري لفعل الخير سراعا((ﻻ ﺣﺴﺪ ﺇﻻ ﻓﻲ اﺛﻨﺘﻴﻦ: ﺭﺟﻞ ﺁﺗﺎﻩ اﻟﻠﻪ ﻣﺎﻻ ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻔﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻖ، ﻭﺭﺟﻞ ﺃﺗﺎﻩ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻬﺎ ﻭﻳﻌﻠﻤﻬﺎ)) ().
ﻛﺘﺐ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻃﺎﻟﻴﺲ ﺇﻟﻰ اﻹﺳﻜﻨﺪﺭ: اﻣﻠﻚ اﻟﺮﻋﻴﺔ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺗﻈﻔﺮ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻃﻠﺒﻚ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ ﺃﺩﻭﻡ ﺑﻘﺎء ﻹﺣﺴﺎﻧﻚ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻋﺘﺴﺎﻓﻚ، ﻭﺃﻋﻠﻢ ﺃﻧﻚ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻤﻠﻚ اﻷﺑﺪاﻥ ﻓﺘﺨﻄﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭاﻋﻠﻢ ﺃﻥ اﻟﺮﻋﻴﺔ ﺇﺫا ﻗﺪﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ، ﻗﺪﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ، ﻓﺎﺟﻬﺪ ﺃﻻ ﺗﻘﻮﻝ ﺗﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ().
ﻭﻟﻢ ﺃﺭ ﻛﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺃﻣﺎ ﻣﺬاﻗﻪ ... ﻓﺤﻠﻮ ﻭﺃﻣﺎ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﺠﻤﻴﻞ..
إني وجدت في بذل المعروف للناس باب للسعادة، ومفتاح لكل خير، فإذا ضاقت بك أرض الوحشة، وخنقك هواء السأم والكدر، وطاف بك تلابيب الحزن، فقم حالا لزيارة صديق، أو إحسان إلى فقير، أو عيادة إلى مريض، أو امسح على رأس يتيم، أو أي خير افعله تجاه الناس تجد السرور يغمرك، والسعادة تشرق عليك، والناس يحبوك ويجلوك ويقدروك لأنك طرقت بابهم بإحسانك وبذل معروفك.
ﻓﺈﻥ الإﺣﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻃﺮﻳﻖ ﻭاﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻕ اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ((ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻌﺒﺪﻩ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺎﺳﺒﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ: ﻳﺎ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ، ﺟﻌﺖ ﻭﻟﻢ ﺗﻄﻌﻤﻨﻲ. ﻗﺎﻝ: ﻛﻴﻒ ﺃﻃﻌﻤﻚ ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ؟!. ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻋﺒﺪﻱ ﻓﻼﻥ اﺑﻦ ﻓﻼﻥ ﺟﺎﻉ ﻓﻤﺎ ﺃﻃﻌﻤﺘﻪ، ﺃﻣﺎ ﺇﻧﻚ ﻟﻮ ﺃﻃﻌﻤﺘﻪ ﻭﺟﺪﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻱ. ﻳﺎ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ، ﻇﻤﺌﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﺴﻘﻨﻲ. ﻗﺎﻝ: ﻛﻴﻒ ﺃﺳﻘﻴﻚ ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ!. ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻋﺒﺪﻱ ﻓﻼﻥ اﺑﻦ ﻓﻼﻥ ﻇﻤﺊ ﻓﻤﺎ ﺃﺳﻘﻴﺘﻪ، ﺃﻣﺎ ﺇﻧﻚ ﻟﻮ ﺃﺳﻘﻴﺘﻪ ﻭﺟﺪﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻱ. ﻳﺎ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ، ﻣﺮﺿﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪﻧﻲ. ﻗﺎﻝ: ﻛﻴﻒ ﺃﻋﻮﺩﻙ ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ؟!. ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻋﺒﺪﻱ ﻓﻼﻥ اﺑﻦ ﻓﻼﻥ ﻣﺮﺽ ﻓﻤﺎ ﻋﺪﺗﻪ، ﺃﻣﺎ ﺇﻧﻚ ﻟﻮ ﻋﺪﺗﻪ ﻭﺟﺪﺗﻨﻲ ﻋﻨﺪﻩ؟!))().
ﻫﻨﺎ ﻟﻔﺘﺔ ﻭﻫﻲ (ﻭﺟﺪﺗﻨﻲ ﻋﻨﺪﻩ)، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﻛﺎﻟﺴﺎﺑﻘﺘﻴﻦ: ﻭﺟﺪﺗﻪ ﻋﻨﺪﻱ؛ ﻷﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻨﻜﺴﺮﺓ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ، ﻛﺎﻟﻤﺮﻳﺾ. ﻭﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ: ((ﻓﻲ ﻛﻞ ﻛﺒﺪ ﺭﻃﺒﺔ ﺃﺟﺮ))().ﻭاﻋﻠﻢ ﺃﻥ الله ﺃﺩﺧﻞ اﻣﺮﺃﺓ ﺑﻐﻴﺎ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﺠﻨﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺳﻘﺖ ﻛﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻇﻤﺄ, ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﻦ ﺃﻃﻌﻢ ﻭﺳﻘﻰ، ﻭﺭﻓﻊ اﻟﻀﺎﺋﻘﺔ ﻭﻛﺸﻒ اﻟﻜﺮﺑﺔ؟!.
وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻀﻞ ﺯاﺩ ﻓﻠﻴﻌﺪ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﺯاﺩ ﻟﻪ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻀﻞ ﻇﻬﺮ ﻓﻠﻴﻌﺪ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻇﻬﺮ ﻟﻪ))(). أي ليس له مركوب().
أهل المعروف والجميل والإحسان، هم السعداء الأنقياء الأصفياء، لأنهم هم المستفيدون بإحسانهم، هم الرابحون يجنون ثمار معروفهم في الدنيا قبل الآخرة.
داوم على الإحسان في أي باب من أبوابه، أن تخفض الجناح, تبتسم, تعطي, تنفق, تزور، وإن عرض طريقك سوء من الناس فلا تتنازل عن جميلك ومعروفك فتتركه, بل يجب ﺃﻥ ﺗﻜﺮﻡ ﻣﻦ ﻳﺆﺫﻳﻚ، ﻭﺗﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﻳﻘﺼﻴﻚ، ﻭﺗﻌﺘﺬﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻚ، ﻭﺗﻌﻄﻲ ﻣﻦ ﺣﺮﻣﻚ ﺳﻤﺎﺣﺔ ﻻ ﻛﻈﻤﺎ، ﻭﻣﻮﺩﺓ ﻻ ﻣﺼﺎﺑﺮﺓ، ﻓﺘﺤﺴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺃﺳﺎء ﺇﻟﻴﻚ، ﻭﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﺑﻀﺪ ﻣﺎ ﻋﺎﻣﻠﻚ ﺑﻪ، ﻓﺘﻨﻘﻠﺐ ﻋﺪاﻭﺗﻪ ﻟﻚ ﺻﺪاﻗﺔ، ﻭﺑﻐﻀﻪ ﻣﺤﺒﺔ، ﻭﺃﺫاﻩ ﺇﺣﺴﺎﻧﺎ{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}().