لا شك أن التوحيد نور وسعادة, والصلاة نور وبرهان, والتقوى نور وهداية, والتوكل نور وسرور, وصلاة الليل نور وضياء, وتلاوة القرآن نور وبهاء.
فاجمع بين التوحيد, والصلاة, والتقوى, وتلاوة القرآن؛ ليكون لك نور على نور.
إذا صليت الفريضة فلا تقل أنا صليت وكفى, بل زد من النوافل ليزاد لك نور على نور.
قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: (( من أصبح منكم اليوم صائما؟. قال أبو بكر: أنا. قال: من أطعم اليوم مسكينا؟. قال أبو بكر: أنا. قال: من فمن تبع منكم اليوم جنازة؟. قال أبو بكر: أنا. قال: فمن عادَ منكم اليوم مريضا؟. قال أبو بكر: أنا ))().
وقال ابن الدغنة عن أبي بكر: أتخرجون رجلا يكسب المعدوم, ويصل الرحم, ويحمل الكل, ويقري الضيف, ويعين على نوائب الحق؟().
فجمع أبا بكر نور مع نور مع نور, وأسعد حياته, وعاش في النور -رضي الله عنه-.
وقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم–: (( من يحفر بئر رومة فله الجنة؟ )). فحفرها عثمان. وقال: (( من يجهز جيش العسرة فله الجنة؟ ))(). فجهزها عثمان. فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : (( ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم ))(). واشترى بقعة للمسجد وتزوج ابنتي رسول الله, فجمع عثمان نور إلى نور, وعاش عيشة سعيدة مليئة بالهناء والبهاء والضياء, ولُقب بذي النورين.
اعمل كل ما تجد فيه الخير, وكل ما فيه الحياة, وكل ما فيه السرور, لتجمع نور إلى نور.
هل جرّبت لذة الصلاة في الليل, مع لذة القرآن, مع حلاوة المناجاة؟. والله وربّ الكعبة سعادة لا يعدلها سعادة!, ولذة لا تعدلها لذة!, ومذاق خير من الطعام والشراب!, وحلاوة خير من حلاوة العسل والسكر!, ونور مع نور إلى نور.
عباد ابن بشر, وما أدراك ما عباد, قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من يكلؤنا الليلة؟))() فقام عباد بن بشر، وعمار بن ياسر. فقالا: نحن يا رسول الله!, ثم خرجا إلى فم الشعب، فقال عباد لـ عمار: أتنام أول الليل أم آخره؟. فقال عمار: بل أنام أوله، واضطجع عمار ونام. بقي عباد يحرس جند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، هدأت العيون، وسكنت الجفون، ولم يبقَ إلا الحي القيوم، عندها تاقت نفس عباد للعبادة، واشتاق قلبه للقرآن، فقام يصلي؛ ليجمع متعة الصلاة مع متعة التلاوة مع نور الطاعة، وطفق يقرأ سورة الكهف، يسبح مع آيات الله البينات. ويراه رجل من المشركين يصلي على فم الشعب، فعرف أنه حارس جيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: لئن ظفرت به لأظفرن بجيش رسول الله -صلى الله وسلم عليه- فوتر قوسه، وتناول سهماً من كنانته، ورماه به فوضعه فيه، فانتزعه عباد من جسده ورمى به، ومضى يتدفق في تلاوته، ورماه بالآخر فانتزعه، ومضى يتدفق في تلاوته، ورماه بالثالث فانتزعه، وإذا الدماء تنزف منه، فزحف إلى عمار وأيقظه قائلاً: لقد أثخنتني الجراح، عليك بثغر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ولَّى المشرك هارباً، وأمَّا عمار فنظر -ويا للهول! أثخنته الجراح-، فقال: رحمك الله هلّا أيقظتني من عند أول سهم رماك به؟. فقال عباد: كنت في سورة أقرؤها، فلم أحب أن أقطعها حتى أفرغ منها، وأيم الله؛ لولا خوفي أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحفظه؛ لكان قطع نفسي أحب إلي من قطعها.
سعادة ليس لها مثيل, نور مع نور, إلى نور.