هذه الكلمات قالها عبد المطلب ردّاً على إبرَهة الأشرم حين أراد أن يهدم الكعبة.
فللبيت رباً يحميه, وللفقير رباً يُغنيه, وللحزين رباً يسعده, وللمظلوم رباً ينصره, وللمسافر رباً يعينه, وللضال رباً يهديه, وللحائر رباً يرشده, وللجبار رباً يقصمه, أنت! أنت! لك رباً يرزقك, لك رباً ينصرك, لك رباً يسعدك, لك رباً يحميك, لك رباً يفرج همومك وغمومك وأحزانك, لكن استعن بالله في جميع أمورك, ييسر لك أُمورك, ويفرج عنك همومك, ويرزقك من حيث لا تحتسب.
إذا سألت فأسال الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, وإذا عزمت فتوكل على الله, وإذا أحببت فحب في الله, وإذا بغضت فابغض في الله, توكل على الله وفوض الأمر إليه, وارض بحكمه, والجأ إليه, واعتمد عليه, فهو حسبك وكافيك ومُعينك وناصرك.
إذا أصابك همٌّ فألجأ إلى الله وتبتل إليه تبتيلا, إذا أصابك مكروه فادعو الله أن يفرج عنك, إذا شعرت بالفقر فاسأل الله الغني الحميد, إذا أردت سعادة قلبك وراحته وشعوره بالطمأنينة والوقار والأمن, توكل على الله ومن يتوكل على فهو حسبه.
كل ما تحتاجه اطلبه من الله, العبد بحاجة إلى إله، وفي ضرورة إلى مولى، ولابد في الإله من القدرة والنصرة، والحكم، والغنم، والغناء والقوة، والبقاء. والمتصف بذلك هو الواحد الأحد الملك المهيمن، -جل في علاه-.
فليس في الكائنات ما يسكن العبد إليه ويطمئن به، ويتنعم بالتوجه إليه إلا الله –سبحانه-، فهو ملاذ الخائفين، ومعاذ الملجئين، وغوث المستغيثين، وجار المستجيرين{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}(){وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ}(){لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ}() فعلم بالضرورة اضطرار العبد إلى إلهه ومولاه وكافيه وناصره، وهو اتصال الفاني بالباقي، والضعيف بالقوي، والفقير بالغني، وكل من لم يتخذ الله ربا وإلها، واتخذ غيره من الأشياء والصور والمحبوبات والمرغوبات، فصار عبدا لها وخادما؛ فنال ما ناله من الشقاء والتعب والفقر وفي الأثر: وعزتي وعظمتي وجلالي! ما من عبد آثر هواه على هواي, إلا كثرت همومه وفرقت عليه ضيعته, ونزعت الغنى من قلبه, وجعلت الفقر بين عينيه, ثم لم أبال في أي أوديتها هلك().
فالعبد بحاجة إلى رباً يعينه ويحميه أعظم من حاجة الجسد إلى الروح، والعين إلى نورها، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به، فالعبد لا بد له من إلهه الحق في كل حالة, وكل دقيقة, وكل طرفة عين، وضرورته وحاجته إليه لا تشبهها ضرورة ولا حاجة، بل هي فوق كل ضرورة وأعظم من كل حاجة..