أحد الأخوة الذي أعرفهم كان يضع حالته على الواتس آب: كن جميلا ترى الوجود جميلا.
فكنت أنظر فيها فتزيدني جمالا وحبا للحياة الجميلة, فعزمت أن أجعلها عنوانا من عناوين دروب السعادة. وكيف لا أجعلها عنوانا وهي تحكي لك جمال الحياة إن كنت جميلا، وتحكي لك أناقة الحياة إن كنت أنيقا?، فبقدر جمالك تلقى كل ما حولك جميلا.
قال إيليا:
ﺃﻳﻬﺬا اﻟﺸﺎﻛﻲ ﻭﻣﺎ ﺑﻚ ﺩاء ... ﻛﻦ ﺟﻤﻴﻼ ﺗﺮﻯ اﻟﻮﺟﻮﺩ ﺟﻤﻴﻼ
ﺇﻥ ﺷﺮ اﻟﺠﻨﺎﺓ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻧﻔﺲ ... ﺗﺘﻤﻨﻰ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﺣﻴﻞ اﻟﺮﺣﻴﻼ
ﻓﺘﺮﻯ اﻟﺸﻮﻙ ﻓﻲ اﻟﻐﺼﻮﻥ ﻭﺗﻌﻤﻰ ... ﺃﻥ ﺗﺮﻯ اﻟﺰﻫﺮ ﻓﻮﻗﻪ ﺇﻛﻠﻴﻼ
ﻫﻮ ﻋﺐء ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﺛﻘﻴﻞ ... ﻣﻦ ﻳﻈﻦ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﺒﺌﺎ ﺛﻘﻴﻼ
ﺃﻋﻘﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻧﺎﺱ ... ﻋﻠﻠﻮﻫﺎ ﻓﺄﺣﺴﻨﻮا اﻟﺘﻌﻠﻴﻼ
ﻗﻞ ﻟﻘﻮﻡ ﻳﺴﺘﻨﺮﻓﻮﻥ اﻟﻤﺂﻗﻰ ... ﻫﻞ ﺷﻔﻴﺘﻢ ﻣﻊ اﻟﺒﻜﺎء ﻏﻠﻴﻼ
ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﻬﻤﻮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ... ﺃﺧﺬﺗﻪ اﻟﻬﻤﻮﻡ ﺃﺧﺬا ﻭﺑﻴﻼ
ﻛﻦ ﻣﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﻧﺴﻤﺔ ﺗﻮﺳﻊ اﻷﺯ ... ﻫﺎﺭ ﺷﻤﺎ ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺗﻘﺒﻴﻼ
ﻻ ﺳﻤﻮﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻮاﻓﻲ اﻟﻠﻮاﺗﻲ ... ﺗﻤﻸ اﻷﺭﺽ ﻓﻲ اﻟﻈﻼﻡ ﻋﻮﻳﻼ
ﻛﻦ ﺑﻠﺒﻼ ﻓﻲ ﻋﺸﻪ ﻳﺘﻐﻨﻰ ... ﻭﻣﻊ اﻟﻜﺒﻞ ﻻ ﻳﺒﺎﻟﻲ اﻟﻜﺒﻮﻻ
ﻻ ﻏﺮاﺑﺎ ﻳﻄﺎﺭﺩ اﻟﺠﻴﻒ ﻓﻲ اﻷﺭ ... ض ﻭﺑﻮﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻳﺒﻜﻲ اﻟﻄﻠﻮﻻ
ﺃﺩﺭﻛﺖ ﻛﻨﻬﻬﺎ ﻃﻴﻮﺭ اﻟﺮﻭاﺑﻲ ... ﻓﻤﻦ اﻟﻌﺎﺭ ﺃﻥ ﺗﻈﻞ ﺟﻬﻮﻻ
ﺗﺘﻐﻨﻰ ﻭﻋﻤﺮﻫﺎ ﺑﻌﺾ ﻋﺎﻡ ... ﺃﻓﺘﺒﻜﻲ ﻭﻗﺪ ﺗﻌﻴﺶ ﻃﻮﻳﻼ
ﻛﻠﻤﺎ ﺃﻣﺴﻚ اﻟﻐﺼﻮﻥ ﺳﻜﻮﻥ ... ﺻﻔﻘﺖ ﻟﻠﻐﺼﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻴﻼ
ﻓﺘﻌﻠﻢ ﺣﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻨﻬﺎ ... ﻭاﺗﺮﻙ اﻟﻘﺎﻝ ﻟﻠﻮﺭﻯ ﻭاﻟﻘﻴﻼ
ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺘﻘﻲ اﻟﻌﻮاﺫﻝ ﻳﻠﻘﻰ ... ﺩاﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻋﺬﻭﻻ
ﻓﺈﺫا ﻣﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻲ اﻟﺮﻭﺽ ﻇﻼ ... ﻓﺘﻔﻴﺄ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺤﻮﻻ
ﻭﻣﺼﻴﺮ اﻟﻮﺭﺩ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺽ ﺫﺑﻮﻝ ... ﻛﻦ ﺣﻜﻴﻤﺎ ﻭاﺳﺒﻖ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﺬﺑﻮﻻ
ﻭﺗﺮﻗﺐ ﺇﺫا اﻟﺴﻤﺎء اﻛﻔﻬﺮﺕ ... ﻣﻄﺮا ﻓﻲ اﻟﺴﻬﻮﻝ ﻳﺤﺒﻲ اﻟﺴﻬﻮﻻ
ﻛﻞ ﻧﺠﻢ ﺇﻟﻰ اﻷﻓﻮﻝ ﻭﻟﻜﻦ ... ﺁﻓﺔ اﻟﻨﺠﻢ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻑ اﻷﻓﻮﻻ
ﻣﺎ ﺃﺗﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻨﺸﻘﻰ ... ﻓﺄﺭﻳﺤﻮا ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻘﻮﻝ اﻟﻌﻘﻮﻻ..
وقال ايضا:
ﻛﻦ ﺑﻠﺴﻤﺎ ﺇﻥ ﺻﺎﺭ ﻏﻴﺮﻙ ﺃﺭﻗﻤﺎ ... ﻭﺗﺮﺟﺔ ﺇﻥ ﺻﺎﺭ ﻏﻴﺮﻙ ﻋﻠﻘﻤﺎ().
فانظر في جمال الحياة، وجدّ السير نحوها بجمالك ترى أنها جميلة.
ﺿﻊ ﺃﻧﻔﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻏﺼﺎﻥ اﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻦ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺠﺪ ﺭﻭﺣﻚ ﺣﺮﺓ ﻃﻠﻴﻘﺔ، ﻛﺎﻟﻄﺎﺋﺮ اﻟﻐﺮﻳﺪ ﺗﺴﺒﺢ ﻓﻲ ﻓﻀﺎء اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، اﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻚ، ﺃﻟﻖ اﻟﻐﻄﺎء اﻷﺳﻮﺩ ﻋﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ، ﺛﻢ ﺳﺮ ﻓﻲ ﻓﺠﺎﺝ اﻟﻠﻪ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﺫاﻛﺮا ﻣﺴﺒﺤﺎ.
انظر في الطبيعة الجميلة كيف ﺗﻜﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎﺕ اﻟﻮﺟﻮﺩ ﺁﻳﺎﺕ اﻟﺠﻤﺎﻝ، ﻟﺘﺮﻯ ﺣﺪاﺋﻖ ﺫاﺕ ﺑﻬﺠﺔ، ﻭﺭﻳﺎﺿﺎ ﺃﻧﻴﻘﺔ ﻭﺟﻨﺎﺕ ﺃﻟﻔﺎ، وزهورا رواحة، جميلة المنظر، أنيقة المظهر، تدلك على عظمة الصانع، وحكمة المبدع -جلّ جلاله-..
كن جميلا بأخلاقك، وأنيقا بأسلوبك، ومترفعا بعلو همتك، وراقيا بتواضعك وحسن سيرتك، اعط الناس كلامك الجذاب، وأرهم بسماتك المشرقة، وأشرق عليهم نور شمس وجهك الباهية، وأهطل عليهم قطرات حروف كلماتك الصادقة، فإﻥ ﺳﻌﺔ اﻟﺨﻠﻖ، ولين الجانب، وإراخة الجناح، ﻭﺑﺴﻄ اﻟﺨﺎﻃﺮ: ﻧﻌﻴﻢ ﻋﺎﺟﻞ، ﻭﺳﺮﻭﺭ ﺣﺎﺿﺮ، ﻟﻤﻦ ﺃﺭاﺩ ﺑﻪ اﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮا، ﻭﺇﻥ ﺳﺮﻋﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻭاﻟﺤﺪﺓ، ﻭﺛﻮﺭﺓ اﻟﻐﻀﺐ: ﻧﻜﺪ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻭﻋﺬاﺏ ﻣﻘﻴﻢ{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}().كن جميلا وافعل الخير، وساعد المحتاج بقدر استطاعتك فإﻥ ﻓﻌﻞ اﻟﺨﻴﺮ ﻛﺎﻟﻄﻴﺐ ﻳﻨﻔﻊ ﺣﺎﻣﻠﻪ ﻭﺑﺎﺋﻌﻪ ﻭﻣﺸﺘﺮﻳﻪ، ﻭﻋﻮاﺋﺪ اﻟﺨﻴﺮ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻋﻘﺎﻗﻴﺮ ﻣﺒﺎﺭﻛﺔ ﺗﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺻﻴﺪﻟﻴﺔ اﻟﺬﻱ ﻋﻤﺮﺕ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﺮ ﻭاﻹﺣﺴﺎﻥ، واﻟﺠﻤﻴﻞ ﻛﺎﺳﻤﻪ، ﻭاﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻛﺮﺳﻤﻪ، ﻭاﻟﺨﻴﺮ ﻛﻄﻌﻤﻪ, وﺃﻭﻝ اﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺇﺳﻌﺎﺩ اﻟﻨﺎﺱ ﻫﻢ اﻟﻤﺘﻔﻀﻠﻮﻥ ﺑﻬﺬا اﻹﺳﻌﺎﺩ، ﻳﺠﻨﻮﻥ ﺛﻤﺮﺗﻪ ﻋﺎﺟﻼ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ، ﻭﺃﺧﻼﻗﻬﻢ، ﻭﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ، ﻓﻴﺠﺪﻭﻥ اﻻﻧﺸﺮاﺡ ﻭاﻻﻧﺒﺴﺎﻁ، ﻭاﻟﻬﺪﻭء ﻭاﻟﺴﻜﻴﻨﺔ.
كن جميلا مع الخلق اعطهم وشاركهم وافعل الخير لهم، ولا تحزن حين ترى معروفك ضاع، وإحسانك محي، وجميلك اختفى, واﺟﻌﻞ ﻋﻤﻠﻚ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻟﻮﺟﻪ اﻟﻠﻪ، ﻭﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺷﻜﺮا ﻣﻦ ﺃﺣﺪ، ﻭﻻ ﺗﻬﺘﻢ ﻭﻻ ﺗﻐﺘﻢ ﺇﺫا ﺃﺣﺴﻨﺖ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻭﺟﺪﺗﻪ ﻟﺌﻴﻤﺎ، ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻫﺬﻩ اﻟﻴﺪ اﻟﺒﻴﻀﺎء، ﻭﻻ اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺃﺳﺪﻳﺘﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ، ولا تحزن حين ترى أحد الناس محتاجا إلى قلم فأعطيته قلمك وورقتك فأخذ القلم وكتب به عيوبك وأخطاءك في نفس الورقة التي منحتها إياه، فلا تحزن لأنك تعلم أن البشر مفطورة على نكران الجميل، وكفر المعروف، فاعمل الخير واﻃﻠﺐ ﺃﺟﺮﻙ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ وتذكر دائما عنوان السعداء، وعَلَم المرحين في الحياة{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا}().
كن جميلا في تجاهلك مساوئ الخلق إليك، وإن جاءك أحدهم بكوب ليمون حامض من الإساءة فأضف إليه حفنة من سكر الإحسان، وإن دفعك أحدهم في بحر المساوئ فاحمله وادفع به في بحر المحاسن العذب وأشربه من عذب ماء إحسانك إليه{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}().
فمن اﻟﻘﺼﺎﺹ اﻟﺒﺎﻫﻆ، ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻌﻪ اﻟﻤﻨﺘﻘﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ، واﻟﺤﺎﻗﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ: ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ، ﻭﻣﻦ ﻟﺤﻤﻪ ﻭﺩﻣﻪ، ﻣﻦ ﺃﻋﺼﺎﺑﻪ ﻭﻣﻦ ﺭاﺣﺘﻪ، ﻭﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻭﺳﺮﻭﺭﻩ، ﺇﺫا ﺃﺭاﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﺸﻔﻰ، ﺃﻭ ﻏﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻭ ﺣﻘﺪ. ﺇﻧﻪ اﻟﺨﺎﺳﺮ ﺑﻼ ﺷﻚ، والكئيب على كل حال، وتذكر دائما عنوان أهل السعادة الذين يجنون ثمرة إحسانهم في الدنيا قبل الآخرة{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} ().
فهنيئا ﻟﻤﻦ ﻋﺮﻑ ﺛﻤﻨﻪ فَعَلَا ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻫﻨﻴﺌﺎ ﻟﻤﻦ ﺃﺳﻌﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﻪ ﻭﺟﻬﺎﺩﻩ ﻭﻧﺒﻠﻪ، ﻭﻫﻨﻴﺌﺎ ﻟﻤﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﺮﺗﻴﻦ، ﻭﺳﻌﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﻦ، ﻭﺃﻓﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻜﺮﺗﻴﻦ، وحصل على جنتين، جنة السعادة في الدنيا، وجنة النعيم والخلود في الآخرة..
كن جميلا في كل شيء حتى في لباسك، وشكل مظهرك، ﻓﺈﻥ اﻟﺠﻤﺎﻝ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ؛ ﻓﻘﺪ ﺃﺟﻤﻌﺖ اﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﺘﻪ، ﻭﻓﻄﺮﺕ النفوس ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻪ، وأمر الشرع به{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ()((ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻞ ﻳﺤﺐ اﻟﺠﻤﺎﻝ)) ().
تمتع بروعة جمال الطبيعة المباحة، واكل مما أباح الله لك حلالا طيبا، ولا تهلك نفسك في الورع المهلك فتحرمها لذة ما أباح الله لك.
ﻭﺇﻥ ﺗﻌﺠﺐ، ﻓﻌﺠﺐ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻮاﺋﻒ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ! ﻓﻬﺬا ﻻ ﻳﺄﻛﻞ اﻟﺮﻃﺐ، ﻭﺫاﻙ ﻻ ﻳﻀﺤﻚ، ﻭﺁﺧﺮ ﻻ ﻳﺸﺮﺏ اﻟﻤﺎء اﻟﺒﺎﺭﺩ، ﻭﻛﺄﻧﻬﻢ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻮا ﺃﻥ ﻫﺬا ﺗﻌﺬﻳﺐ ﻟﻠﻨﻔﺲ، ﻭﻃﻤﺲ ﻹﺷﺮاﻗﻬﺎ{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} ().
وآخر قد حَرَم نفسه من لحم الدجاج المجمد بحجة أنها من أهل الكتابين، وهذا صحيح ولكنه قد خالف المنهج الربّاني، والخبر القرآني{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} () وسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن حكم لحم لا يعرف أنهم ذكروا اسم الله عليه فقال: ((سمّوا الله وكلوا)) (). وفي الآية: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} ().
وآخر قد عزم على العبادة لا يريد الزواج ولا النوم، ولا يريد شيء من بعض ملذات الدنيا..
ﺇﻥ اﻟﺰﻫﺪ اﻟﻘﺎﺗﻢ ﻭاﻟﻮﺭﻉ اﻟﻤﻈﻠﻢ، اﻟﺬﻱ ﺩﻟﻒ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺃﺭﺿﻴﺔ، ﻗﺪ ﺷﻮﻩ ﻣﺒﺎﻫﺞ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﺎ، ﻓﻌﺎﺷﻮا ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻫﻤﺎ ﻭﻏﻤﺎ ﻭﺟﻮﻋﺎ ﻭﺳﻬﺮا ﻭﺗﺒﺘﻼ، ﺑﻘﻮﻝ ﺭﺳﻮﻟﻨﺎ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ-: ((ﻟﻜﻨﻲ ﺃﺻﻮﻡ ﻭﺃﻓﻄﺮ، ﻭﺃﻗﻮﻡ ﻭﺃﻓﺘﺮ، ﻭﺃﺗﺰﻭﺝ اﻟﻨﺴﺎء، ﻭﺁﻛﻞ اﻟﻠﺤﻢ، ﻓﻤﻦ ﺭﻏﺐ ﻋﻦ ﺳﻨﺘﻲ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻨﻲ)) ().
ﻓﻬﻮ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ- ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺣﻖ اﻟﺮﻭﺡ ﻭﺣﻖ اﻟﺠﺴﺪ، ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ، ﻷﻧﻪ ﺑﻌﺚ ﺑﺪﻳﻦ اﻟﻔﻄﺮﺓ اﻟﺘﻲ ﻓﻄﺮ اﻟﻠﻪ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﺇﻥ ﻣﻦ ﺗﻤﺎﻡ ﺳﻌﺎﺩﺗﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﺒﺎﻫﺞ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺸﺮﻉ اﻟﻤﻘﺪﺱ، ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺃﻧﺒﺖ ﺣﺪاﺋﻖ ﺫاﺕ ﺑﻬﺠﺔ، ﻷﻧﻪ ﺟﻤﻴﻞ ﻳﺤﺐ اﻟﺠﻤﺎﻝ، ﻭﻟﺘﻘﺮﺃ ﺁﻳﺎت اﻟﻮﺣﺪاﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﻨﻊ اﻟﺒﻬﻴﺞ{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا}().ﻓﺎﻟﺮاﺋﺤﺔ اﻟﺰﻛﻴﺔ ﻭاﻟﻤﻄﻌﻢ اﻟﺸﻬﻲ ﻭاﻟﻤﻨﻈﺮ اﻟﺒﻬﻲ، في ما أباح الله ﺗﺰﻳﺪ اﻟﺼﺪﺭ اﻧﺸﺮاﺣﺎ ﻭاﻟﺮﻭﺡ ﻓﺮﺣﺎ{كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا}(). ﻭﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ: ((ﺣﺒﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﺩﻧﻴﺎﻛﻢ: اﻟﻄﻴﺐ، ﻭاﻟﻨﺴﺎء، ﻭﺟﻌﻠﺖ ﻗﺮﺓ ﻋﻴﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ)) ().